الفاو: مصر في طريقها إلى تقليص هدر وتلف الأغذية بنسبة 50% خلال 5 سنوات
الفاو: مصر في طريقها إلى تقليص هدر وتلف الأغذية بنسبة 50% خلال 5 سنوات
تضيع أو تهدر حوالي ثلث جميع المواد الغذائية التي تزرع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو). وفي مصر يقدر هدر الغذاء بنحو 50 كيلو غراما لكل شخص في السنة، حيث يتم فقدان معظم هذا الطعام في المزرعة.
وتشير الفاو إلى أن هذا الفقدان "ينذر بالخطر بالنسبة لدولة تواجه مستويات مرتفعة من سوء التغذية بالفعل".
وتعهدت حكومات المنطقة بتخفيض خسائر وفقدان الغذاء بنسبة 50% بحلول عام 2024، وتقوم منظمة الفاو، إلى جانب الحكومة الإيطالية، بتدريب المزارعين وتجار الجملة على الحد من فقد الأغذية وضمان قدر أكبر من الأمن الغذائي.
مقابل كل 1000 كيلوغرام من الطماطم المنتجة والموزعة في مصر، يضيع 560 كيلوغراما أو يهدر. ويمثل هذا أكثر من نصف الإنتاج.
ينطبق هذا الأمر على الطماطم والعنب على حد سواء. فمصر برغم أنها تعد منتجا رئيسيا للطماطم والعنب، إلا أن الكثير من هذا الطعام لا يصل أبدا إلى الأسواق أو المستهلكين.
تحدث معظم عمليات الفقد أو الهدر خلال مراحل الإنتاج وما بعد الحصاد والتجهيز والتوزيع. والأسباب الكامنة وراء هذه الخسائر الهائلة عديدة ومتنوعة أهمها نظم إنتاج الأغذية غير الفعالة، وأنظمة التوزيع والتسويق، والتقنيات والبنى التحتية غير الكافية، حسبما يقول يحيى صلاح مصطفى الخبير الفني لدى منظمة الفاو في مصر الذي تحدث عن أهمية التدريب لتجنب هدر الغذاء:
"عدم تدريب العمال الذين يقومون بعمليات الجمع والتعبئة قد يؤدي إلى هدر وفقد عناقيد العنب أثناء عمليات الجمع، حيث قد يؤدي التأخير في عمليات الحصاد إلى هدر يقدر بنحو 30-40% من الإنتاج."
وقد ساعدت منظمة الفاو في بناء وحدتي تجهيز الأغذية في شمال مصر، في بنجر السكر والطيبة، حيث يتم تدريب التعاونيات على ممارسات معالجة وتجهيز وتوزيع العنب، فضلا عن الأساليب الزراعية الأخرى:
"تركزت الأنشطة الخاصة بالمشروع حول دراسة أسباب الفقد لكشف مواطن الضعف الموجودة في سلسلة القيمة بالنسبة لمحصول العنب، كي نتمكن من توجيه أنشطة المشروع بحيث يجعلنا مدركين من أن أي نشاط سيقلل من الفقد في سلسلة القيمة بالنسبة لمحصول العنب. وهذا يمكننا من معرفة أسباب الفقد في كل خطوة."
وأشار صلاح إلى أهم التوصيات التي تم التوصل إليها في مشروع تدريب المزارعين:
"التوصية التي خرجنا بها نتيجة هذا التدريب هي ضرورة الاستمرار في إيصال المعلومة لأكبر قدر من المزارعين. تلا ذلك نشاط آخر هو تدريب المدربين، حيث دربنا مجموعة قوامها 25 مدربا من مهندسي الإرشاد الموجودين في المنطقة بهدف تغطية جميع المساحة في المنطقة والمواصلة في تقديم النصح للمزارعين حتى بعد انتهاء المشروع."
وتحدث المزارع مبروك خميس أحد المستفيدين من برامج تدريب منظمة الفاو عما تعلمه من برامج التدريب:
"تعلمت من المشروع كيفية التسميد والكميات المناسبة لاستخدامها بهدف تجنب الأضرار التي قد تنتج من عدم الاستخدام الصحيح للأسمدة. التسميد الزائد عن الحاجة لا تستفيد منه الأشجار وبالتالي يذهب هدرا."
وأعرب مبروك خميس عن تفاؤله بتحسن الإنتاج وانخفاض الهدر في المحصولات الزراعية خلال السنين القادمة، قائلا إن السنوات الماضية شهد فيها المزارعون "خسائر كبيرة".
محمود طه يدير أعمالا زراعية ناجحة متخصصة في إدارة واستغلال النفايات الزراعية. يشتري محمود الطماطم من تعاونية الطماطم المجففة التي أنشأتها الفاو. ويرى محمود أن طرق إنتاج الطعام ليست السبب الوحيد لفقدان الطعام في مصر فعدم استقرار أسعار المنتجات الزراعية يمثل أحد أسباب فقد المزارعين لمنتجاتهم:
"أكثر من 30% من إنتاج الطماطم يمثل فاقد نسبة لتقلبات الأسعار. لأن انخفاض الأسعار يضطر المزارعين إلى عدم حصاد الطماطم وبالتالي نخسر كميات كبيرة من الطماطم. نحاول تجنيب المزارعين الخسارة بأن نخبرهم بإمكانية تجفيف الطماطم في حال انخفاض الأسعار. وبالتالي فتحديد الأسعار ضروري ليطمئن المزارعون ويتجنبوا الخسائر."
ولتقلبات الأسعار هذه تأثير كبير على المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يهيمنون على إنتاج الغذاء في مصر، ويمثلون في الوقت ذاته نسبة كبيرة من فقراء البلد، إذ يشكلون 35% من السكان.
وتعتزم منظمة الأغذية والزراعة بناء وحدة طماطم مجففة بالشمس في بنجر السكر، في حين يجري حاليا إنشاء مرفق آخر متخصص في تجفيف منتجات العنب وغيرها من منتجات البستنة في منطقة النوبارية بمحافظة البحيرة.
من المأمول أنه مع هذه الوحدات، يمكن لعدد أكبر من المزارعين مثل مزارعي العنب تقليل الفاقد من الطعام في مصر، وفي الوقت نفسه تعزيز سبل عيشهم ودخولهم.
كتب التقرير: أناييس أوتين
وأعده باللغة العربية: عبد المنعم مكي