منظور عالمي قصص إنسانية

مسؤول أممي: التطورات في اليمن تحركت في الاتجاه الخاطئ، والبعد الإقليمي للصراع أصبح أكثر وضوحا

تصاعد الدخان والنيران من موقع في الحديدة باليمن في 20 تموز/يوليو 2024.
© UNOCHA
تصاعد الدخان والنيران من موقع في الحديدة باليمن في 20 تموز/يوليو 2024.

مسؤول أممي: التطورات في اليمن تحركت في الاتجاه الخاطئ، والبعد الإقليمي للصراع أصبح أكثر وضوحا

السلم والأمن

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ إن مسار التطورات في اليمن منذ مطلع العام تحرك في الاتجاه الخاطئ، وإنه إذا تُرك دون معالجة فقد يصل إلى نقطة حرجة. 

وفي إحاطته أمام جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع في اليمن عقدت اليوم الثلاثاء، حذر غروندبرغ من أن "البعد الإقليمي للصراع أصبح أكثر وضوحا في اليمن. وتُرجم التصعيد في المجال الاقتصادي إلى تهديدات علنية بالعودة إلى الحرب الكاملة".

وأشار إلى أنه رغم أن الأطراف أبدت استعدادها للمشاركة في الحوار في المجال الاقتصادي، "فإنني أكرر تحذيري للمجلس من أننا نخاطر بالعودة إلى الحرب الشاملة وكل المعاناة الإنسانية المتوقعة والعواقب الإقليمية المترتبة على ذلك".

وعبر المسؤول الأممي عن القلق العميق إزاء الأنشطة العسكرية الأخيرة في المنطقة، بما في ذلك هجوم بطائرة مُسيرة على تل أبيب من قِبل أنصار الله في 19 تموز/يوليو والهجمات الإسرائيلية "الانتقامية" اللاحقة على ميناء الحديدة ومنشآت النفط والطاقة في 20 تموز/يوليو.

وأبدى القلق العميق كذلك بشأن الاستهداف المستمر للملاحة الدولية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة به. وقال غروندبرغ "من المثير للقلق عدم وجود أي علامات على خفض التصعيد، ناهيك عن الحل. وتُظهر هذه التطورات الأخيرة الخطر الحقيقي المتمثل في تصعيد مدمر على مستوى المنطقة".

الدعوة للإفراج عن موظفي الإغاثة

وتحدث المبعوث الخاص لليمن عن احتجاز جماعة أنصار الله تعسفيا ثلاثة عشر زميلا من الأمم المتحدة وعشرات موظفي المنظمات الدولية والوطنية والمجتمع المدني وكيانات القطاع الخاص منذ شهرين تقريبا، بمن فيهم أربع نساء على الأقل.

وكرر طلبه لجماعة أنصار الله بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم والامتناع عن احتجاز أي موظفين إضافيين من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني. وقال غروندبرغ "جميع الموظفين المعتقلين هم أشخاص يعملون يوميا من أجل بلدهم، من أجل اليمن. إنهم يقدمون المساعدة الإنسانية للمحتاجين".

مسار الحوار

ونبه المسؤول الأممي إلى أن الوضع على طول خطوط المواجهة لا يزال يشكل مصدر قلق.

وأشار إلى زيادة الاستعدادات العسكرية والتعزيزات، والإبلاغ هذا الشهر عن اشتباكات على طول خطوط المواجهة العديدة، بما في ذلك الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وتعز.

وأضاف "في حين أشعر بالقلق إزاء المسار العام الذي يسلكه اليمن، إلا أنني أشعر بالتشجيع لأن الطرفين أبلغاني الليلة الماضية أنهما اتفقا على مسار لتهدئة دورة التدابير والتدابير المضادة التي كانت ترمي إلى إحكام قبضتهما على قطاعي البنوك والنقل".

ورحب غروندبرغ بقرار الأطراف اختيار مسار الحوار، لكنه أشار إلى أن التدابير المؤقتة قد تكون بمثابة حل مؤقت، ولكنها لن توفر حلولا مستدامة ولن تمهد الطريق بشكل معقول لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني وعملية سياسية دون حوار مستدام.

وقال "إن الانخراط في حوار بحسن نية هو الحد الأدنى المطلوب للوفاء بمسؤولياتهم تجاه الشعب اليمني، واختبار حقيقي لنيتهم ​​الحقيقية في اتباع مسار حل النزاع سلميا".

مزيد من التشرذم والمعاناة

وأشار المسؤول الأممي أيضا إلى أنهم يتطلعون لإطلاق سراح الآلاف من المعتقلين المرتبطين بالصراع. ووصف اجتماع الأطراف ومناقشة إطلاق سراح المعتقلين المرتبطين بالصراع على أساس مبدأ الكل مقابل الكل كما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم في عام 2018، بأنه "علامة إيجابية".

وقال غروندبرغ إن التحديات التي تطرق إليها في إحاطته تجعل من الواضح أن السبيل الوحيد للمضي قدما في اليمن هو إيجاد حلول مقبولة للطرفين من خلال الحوار والتفاوض. وأضاف أن "البديل هو المزيد من التشرذم والمزيد من المعاناة". ودعا المبعوث الخاص الأطراف إلى "الانخراط بحسن نية مع مكتبي، والانخراط في نهج طويل الأجل لخفض التصعيد وإعطاء الأولوية لرفاه اليمنيين".

"انتشار الخوف والقلق"

جويس مسويا، القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ قدمت إحاطة أمام الجلسة عبرت فيها عن القلق البالغ بشأن الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة التي قالت إنها "تزيد من مخاطر امتداد الصراع الإقليمي والعودة إلى الصراع الكامل في اليمن".

وتطرقت مسويا إلى الضربات على ميناء الحديدة يوم السبت والذي يعد "شريان حياة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء اليمن" إذ تصل عبره أغلب واردات اليمن من المواد الأساسية بما فيها المواد الغذائية، مشددة على أنه "يجب أن يظل ميناء الحديدة مفتوحا وعاملا. ويجب الحفاظ على البنية الأساسية التي تلعب مثل هذا الدور الذي لا غنى عنه".

وتحدثت عن احتجاز موظفي الإغاثة الأمميين والعشرات من موظفي المنظمات الدولية والوطنية والمجتمع المدني وكيانات القطاع الخاص، قائلة إن تلك الأحداث "تركت أثرا بالغا على زملائنا في اليمن".

وأضافت مسويا "إن هذه الأحداث تقوض الوصول الإنساني والبرامج، وقدرتنا على مساعدة ملايين الأشخاص المحتاجين في جميع أنحاء اليمن. وإلى جانب انتشار المعلومات المضللة بسرعة والتي تستهدف المجتمع الدولي، تسببت الاعتقالات في انتشار الخوف والقلق على نطاق واسع بين العاملين في المجال الإنساني".

وشددت على أنه بدون الضمانات اللازمة لسلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة واحترام العمل الإنساني المبدئي، فلا يمكن العمل على النطاق المطلوب.

انعدام الأمن الغذائي

وحذرت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية من استمرار ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في جميع أنحاء البلاد. وقالت إن التقديرات تشير إلى أن واحدا من كل طفلين دون سن الخامسة يعاني الآن من سوء التغذية المزمن أو التقزم، وأن مستويات الحرمان من الغذاء ارتفعت بنسبة 14 في المائة منذ بداية العام، من 51 في المائة إلى 58 في المائة من السكان.

وأضافت أنه في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تعتمد ما يقرب من أسرة من كل 10 أسر على الصدقات للحصول على الغذاء. وأفادت مسويا بأن هذا التدهور في الأمن الغذائي ومعدلات الجوع فاقمه التوقف المطول لتوزيع الغذاء من قبل برنامج الأغذية العالمي في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، إلى جانب التدهور الاقتصادي المستمر في جميع أنحاء البلاد.

عمل يزداد صعوبة

وتطرقت المسؤولة الأممية إلى نقص التمويل قائلة إنه في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، كان نقص التمويل يعني أن الشركاء الإنسانيين الذين يقدمون المساعدة الغذائية لم يصلوا إلا إلى 315,000 شخص من أصل مليوني شخص مستهدفين، وأن متوسط ​​عدد الأشخاص الذين تلقوا مساعدات غذائية شهريا بلغ 2.9 مليون شخص فقط من أصل 12.8 مليون شخص مستهدف.

وشددت على أن "استقرار معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن، وتحسين الظروف الإنسانية في جميع المجالات، يعتمد على تحسن واضح في الوضع الاقتصادي". وأشارت إلى أنه على مدار الصراع، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في اليمن بأكثر من النصف.

وأكدت مسويا أن "المجتمع الإنساني ملتزم بالبقاء وتقديم المساعدات في اليمن بأفضل ما في وسعه، وأطول فترة ممكنة. ولكن في خضم الأعمال العدائية المتزايدة، وبيئة التهديد المتصاعدة، وتقلص مساحة العمل الإنساني، أصبح هذا العمل أكثر صعوبة".