منظور عالمي قصص إنسانية

عمدة ماريوبول واصفا مدينته المحاصرة: إنها "بوتشا مضروبة بالمئة"

صور تظهر مدينة ماريوبول الأوكرانية قبل وبعد القصف المستمر.
Vitalii Falkovskyi
صور تظهر مدينة ماريوبول الأوكرانية قبل وبعد القصف المستمر.

عمدة ماريوبول واصفا مدينته المحاصرة: إنها "بوتشا مضروبة بالمئة"

المساعدات الإنسانية

هل رأيتم ما حدث في بوتشا؟ إذن، ماريوبول هي ’بوتشا‘ ولكن مضروبة بمئة"- هكذا وصف رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويشينكو الوضع في المدينة التي أصبحت أحد رموز هذه الحرب، في حوار حصري مع خدمة أخبار الأمم المتحدة. 

وفقا له، نتيجة للغزو الروسي وأكثر من أربعين يوما من الأعمال العدائية، توفي حوالي خمسة آلاف مدني من ماريوبول.


"جهنم على الأرض"


يَقول بويشينكو: "كان الوضع ولا يزال كما يسميه ’كارثة إنسانية‘. السكان الذين تمكنوا من الهروب يطلقون على الوضع في ماريوبول مسمى ’الجحيم‘. إذا كنتم قد تخيلتم يوما ما هو الجحيم، فهذا هو: إنه على الأرض، إنه مدينة ماريوبول."


ماريوبول، واحدة من أكبر عشر مدن في أوكرانيا، تقع في منطقة دونيتسك على شواطئ بحر آزوف. بلغ عدد سكانها اعتبارا من 1 كانون الثاني/يناير 2021 حوالي 450 ألف نسمة.
... ماريوبول محاطة بالجيش الروسي الذي يضربها بقسوة ويقصفها ويهاجمها. لماذا؟ فكما قال الأمين العام للأمم المتحدة في 22 آذار/ مارس، "حتى لو سقطت ماريوبول، لا يمكن احتلال أوكرانيا بهذه الطريقة، مدينة تلو الأخرى، شارعا بشارع، بيتا بيتا". منذ ذلك الحين، ازداد وضع سكان ماريوبول سوءا.


اليوم، في المدينة المدمرة بالكامل تقريبا، وفقا لرئيس البلدية فاديم بويشينكو، لا يزال هناك أكثر من مائة ألف، وربما 120 ألف مدني. 
يعرب العمدة عن امتنانه للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى على مساعدتها، ولكن، للأسف، من الصعب جدا إيصال المساعدات أو إخراج سكان ماريوبول الذين بقوا في خضم ذلك.

أُجبر ماكسيم البالغ من العمر سبع سنوات وعائلته على الفرار من ماريوبول في شرق أوكرانيا.
© UNICEF
أُجبر ماكسيم البالغ من العمر سبع سنوات وعائلته على الفرار من ماريوبول في شرق أوكرانيا.


الناس يبكون طلبا للمساعدة


يقول رئيس بلدية ماريوبول بمرارة: "الناس يطلبون، ويتوسلون إلينا من أجل إخلاء كامل". - من الواضح أن المدينة محتلة جزئياً من قبل القوات الروسية. منذ الأيام الأولى من شهر آذار/مارس، خططنا بشكل منهجي للإخلاء من ماريوبول، وخططنا لإخراج الناس بوسائل نقلنا العام الداخلية، وأعلنا المواقع، وجهزنا وسائل النقل، وزودناها بالوقود، ولكن للأسف، لم نحصل على الموافقة، ولم تتمكن أي حافلة من المغادرة. 
وبحسب فاديم بويشينكو، فقد استهدفت حافلات بضربات موجهة. "في البداية، من بين 150 حافلة، كان لدينا 100 حافلة، ثم 50، ثم 30، 20، 10، 9، 6، 0. وعندما فتح الممر المشروط، لم يعد لدينا حافلات. 


من 13 آذار/مارس حتى اليوم، وبنجاح متفاوت، في ظل انقطاعات، وتوقعات لمدة يومين أو ثلاثة أيام، أجلينا حوالي 100،000 شخص إلى الجزء الخاضع للسيطرة من أوكرانيا. في مكان ما حوالي 70 ألفا في قريتنا الساحلية ينتظرون الإخلاء، بما في ذلك في مدينة بيرديانسك. نحن نعمل حاليا على ذلك".
يوم الأربعاء، 6 نيسان/أبريل، أكد عمال الإغاثة التابعون للأمم المتحدة في أوكرانيا أن عدة مئات من سكان ماريوبول تمكنوا من الفرار من المدينة المحاصرة. رافق موظفو اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال يومي الثلاثاء والأربعاء 5 و6 أبريل / نيسان قافلة من الحافلات والسيارات تقل أكثر من 500 شخص من ماريوبول إلى زابوروجي. كما حذر الصليب الأحمر من أن آلاف المدنيين ما زالوا محاصرين في المدينة المدمرة.


يقول رئيس البلدية: "لقد دمرت البنية التحتية بأكملها - الناس هناك بدون تدفئة وبدون ماء وبدون اتصالات". وبحسب قوله، سلم الجيش الروسي مساعدات أعدها الجانب الأوكراني إلى ماريوبول. "الحمد لله أن الناس لديهم الفرصة للحصول على بعض الطعام على الأقل، إنه جيد." 


كل المحاولات التي قامت بها الأمم المتحدة وشركاؤها لتقديم المساعدة إلى ماريوبول باءت بالفشل. يقول فاديم بويشينكو: "المعارك مستمرة داخل المدينة، الحلبة تتقلص". - هل يمكنكم أن تتخيلوا كم هو صعب عليّ أن أتلقى رسائل قصيرة بالنص التالي: ’نحن في المستشفى الثالث، نصلي، نتوسل إليك، أنقذنا، هناك جرحى هنا، هناك أطفال نساء حوامل‘ ...وهذا يقتل من الداخل."
"أنتم تعرفون أنه يبدو أن هناك ممرات معلنة، رسائل مصدق عليها رسميا من قبل الاتحاد الروسي، ولكن لم يتم إطلاق أو إرسال حافلة واحدة. يمكنك المغادرة فقط بواسطة وسائل النقل الخاصة.


ماريوبول فقدت كل شيء

 

الأضرار الناجمة عن القصف في ماريوبول، جنوب شرق أوكرانيا.
© UNICEF/Evegeniy Maloletka
الأضرار الناجمة عن القصف في ماريوبول، جنوب شرق أوكرانيا.

يقول رئيس البلدية: "أول شيء أطلبه من المجتمع الدولي هو مساعدتنا في إخراج المدنيين من ماريوبول، على الأقل كبار السن والنساء والأطفال. ووفقا له، فإن سكان ماريوبول، حتى أولئك الذين تمكنوا من الفرار من "هذا الجحيم"، هم في وضع صعب للغاية، بما في ذلك معنوياتهم: "لقد تركوا بلا كل شيء، لقد تركتُ بلا أي شيء، عائلتي، ابني، الذي يخدم اليوم في القوات المسلحة لأوكرانيا.
أصبح فاديم بويشينكو رئيسا لبلدية ماريوبول في عام 2015. "كنا نبني مدينة أوروبية نابضة بالحياة وديمقراطية ومنفتحة"، على حد قوله. - لقد تغير كثيرا، حاولنا جاهدين. كانت ماريوبول تحت العلم الأوكراني، وكانت المدينة تتطور، حتى أننا خططنا لافتتاح ماكدونالدز هذا العام، والذي تم إغلاقه خلال الحرب [2014]. أردنا بناء مطعمي ماكدونالدز، وقد اخترنا بالفعل موقعا، وتم الانتهاء من العمل في المشروع، وتم اختيار المقاولين، وكان من المقرر أن يبدأ البناء في نهاية شهر آذار/مارس. أنشأنا مجتمعا كبيرا لتكنولوجيا المعلومات، ودعينا الشركات الدولية، وبنينا المدارس، والطرق، وجذبنا 200 مليون يورو من الاستثمارات إلى المدينة، وأصبحنا عاصمة ثقافية." الآن، يقول رئيس البلدية بأسف، "كل هذا قد دمر."


يدعو فاديم بويشينكو المجتمع الدولي إلى تقديم تقييم قانوني لما حدث، لكن هذا يستغرق وقتا، واليوم، حسب قوله، من المهم جدا تزويد الناس بمساعدة مادية لمرة واحدة. "خرج الناس في نفس البنطال وحقيبة واحدة ولا يعرفون ماذا سيحدث بعد ذلك. لقد فقدوا كل شيء، وعليهم إعادة بناء حياتهم كلها، فالأمر صعب للغاية. من الصعب تلقي الرسائل القصيرة التي يكتبون فيها "أنقذنا"، ومن ثم يصعب الإجابة على السؤال "ماذا بعد؟" – كما قال رئيس بلدية ماريوبول.


"أنقذنها الجيش السوفيتي، والآن دمر الجيش الروسي منزلها"


"تخيلوا، في ماريوبول، نصف السكان تقريبا من أصل روسي، ويتحدثون الروسية. لقد عشنا جميعا في صورة حرب 2014، وكنا نفكر "هيا، أطلق النار - وسينتهي كل شيء مثل ذلك الوقت." 
"وقد حاصروا ودمروا كل ما في وسعهم، وحلقوا بالطائرات، وقادوا السفن، ودمروا المدينة ببساطة،" كما يقول فاديم بويشينكو. – 


جدة رئيس بلدية ماريوبول عاشت خلال الحرب العالمية الثانية، كانت أسيرة في ألمانيا، "هي لا تفهم كيف أن الجيش السوفيتي أنقذها عام 1943، واليوم يطلق الروس النار على شقتها. إنها لا تفهم كيف يمكن تخيل ذلك".