منظور عالمي قصص إنسانية

نجاة رشدي تدعو الحكومة اللبنانية إلى النهوض بمسؤولياتها لحل أزمة الطاقة المستمرة في البلاد

توزيع مساعدات إنسانية للعائلات في بيروت بعد الانفجار.
© UNICEF/Fouad Choufany
توزيع مساعدات إنسانية للعائلات في بيروت بعد الانفجار.

نجاة رشدي تدعو الحكومة اللبنانية إلى النهوض بمسؤولياتها لحل أزمة الطاقة المستمرة في البلاد

التنمية الاقتصادية

ساهمت جهود المجتمع الإنساني والجهات المانحة في الأسابيع الماضية في درء مخاطر نقص الوقود في لبنان، عبر ضخ أكثر من مليون لتر من الوقود إلى مئات المنشآت التي تقدم الخدمات الصحية والحيوية. لكن، دعت نائبة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، نجاة رشدي، الحكومة اللبنانية إلى تحمل مسؤوليتها لمعالجة أزمة الطاقة المستمرة على نحو مستدام.

 

بهدف تكثيف المساعدة للسكان الأكثر ضعفا وتضررا من الأزمة، تم توفير حتى الآن 1.3 مليون لتر من الوقود إلى 515 منشأة أساسية تقدم خدمات حيوية، بما في ذلك إلى أكثر من 195 مرفقا صحيا و320 محطة ضخ مياه، وذلك كجزء من خطة الاستجابة للطوارئ قيمتها 383 مليون دولار أميركي أطلقتها الجهات الفاعلة في الشؤون الإنسانية في نهاية شهر أيلول/سبتمبر.

ويُعدّ توفير الوقود أساسيا لضمان استمرارية الخدمات الصحية وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في لبنان، لكن لا تزال أزمة الطاقة المستفحلة وغير المحلولة تهدد توفير تلك الخدمات في جميع أنحاء البلاد مما يهدد حياة آلاف العائلات.

وقالت نائبة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، الدكتورة نجاة رشدي، وهي أيضا المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية، ساهم هذا التوزيع الاستثنائي للوقود إلى مرافق الرعاية الصحية والمياه في جميع أنحاء لبنان في ضمان توفير الخدمات الصحية وخدمات المياه والصرف الصحي الضرورية للسكان الأكثر ضعفا وتضررا من أزمة الطاقة المستمرة.

وأضافت تقول: "كما ساهم في الحفاظ على استمرارية الأنشطة الإنسانية المنقذة للحياة في جميع المحافظات."

حلول مهمة ولكن غير مستدامة

وفي بيان، قالت نائبة المنسقة الخاصة في لبنان إن تطوير خطة توزيع الوقود تلك غطت جميع المحافظات اللبنانية، مما سمح للأشخاص الأكثر ضعفا وتضررا من الأزمة في لبنان باستمرار وصولهم إلى الخدمات الصحية الفاعلة وإلى مياه الشرب الآمنة. 

وتم تزويد ما يقرب من 300 محطة ضخ مياه بالوقود لتقليل اعتماد العائلات الأكثر ضعفا على البدائل الأكثر كلفة، مثل صهاريج المياه المعبأة أو المنقولة بالشاحنات. 

المنسقة الأممية، نجاة رشدي (في الوسط) تلتقي بالنساء في الكرنتينا، أحد الأحياء التي تضررت من انفجار مرفأ بيروت. (الأرشيف)
UN Lebanon/Nayla Hajjar

وعلى مدى الأسابيع الماضية، ساهمت عملية توفير الوقود في حالات الطوارئ في ضمان استمرار الأنشطة الصحية لمن هم في أمس الحاجة إليها. كما سمح ذلك ببقاء 24 مستشفى حكوميا مفتوحا، مما وفّر أكثر من 887 سريرا جاهزا في تلك المستشفيات، بما في ذلك رعاية مرضى فيروس كـوفيد-19

هذا وضمنت خطة الطوارئ تلك التشغيل المستمر لـ 12 موقعا من مواقع سلسلة التبريد التي تُعنى بحماية تخزين اللقاحات والأدوية الروتينية وتلك الخاصة بكوفيد-19 وبالأمراض المستعصية مثل علاج السرطان.

وقالت الدكتورة نجاة رشدي: "أتقدم بخالص الشكر لقيادة برنامج الأغذية العالمي في لبنان الذي يعمل جنبا إلى جنب مع قطاعي الصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في تولي الخدمات اللوجستية التي تتطلبها عمليات توفير الوقود ضمن خطة الاستجابة للطوارئ." 

وأشارت إلى أن التعبئة السريعة لهذه الموارد المالية مكنّت المجتمع الإنساني من الاستجابة بسرعة للاحتياجات الإنسانية الحرجة، لكنها دعت الحكومة "إلى تحمل مسؤوليتها من أجل ضمان حصول العائلات في البلاد على الخدمات الأساسية من دون أي عوائق، وتنفيذ التدابير اللازمة لمعالجة أزمة الطاقة المستمرة على نحو مستدام."

يعاني النظام الصحي في لبنان من ضغوط شديدة حيث يكافح البلد جراء أزمة سياسية واقتصادية وإنسانية.
© UNICEF Lebanon
يعاني النظام الصحي في لبنان من ضغوط شديدة حيث يكافح البلد جراء أزمة سياسية واقتصادية وإنسانية.

مرحلة انتقالية للخروج من الأزمة

وفي شأن متصل، أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ورقة بعنوان "الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية: خلاصات أولية ومقترحات للمعالجة" تتضمن عرضا مفصّلا لأبعاد الأزمة الاقتصادية، ومقترحات عملية لمعالجتها، وتقترح لأول مرة أن تكون هناك "مرحلة انتقالية" للخروج التدريجي من الأزمة، مُحددة ملامحها وخطواتها.

وقال كرم كرم، المستشار الإقليمي للقضايا الناشئة والحوكمة وتطوير المؤسسات في الإسكوا إنّ لبنان يعاني، إلى جانب أزمته السياسية، من أزمة اقتصادية هي "الأسوأ في تاريخه" مؤكدا أن الحل المستدام يحتاج إلى "إصلاحات جذرية تضمن الحوكمة الرشيدة والفعّالة والشفافة التي تساهم في إعادة بناء الثقة بالدولة ومؤسساتها، وبخاصة القضائية منها، وبالقطاع الخاص ومن ضمنه المصارف."

لبنان يعاني، إلى جانب أزمته السياسية، من أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه -- كرم كرم، الإسكوا

وأشار إلى أن الخروج من الأزمة لا يمكن أن يبدأ إلّا بتحديد الأطراف المعنية ودورها في المسؤولية عنها وعن تفاقمها، وباعتماد مبادئ العدالة القانونية والاجتماعية في إعداد الخطط والسياسات.

يُذكر أنه في مطلع أيلول/سبتمبر 2020، اقترحت الإسكوا تنظيم حوار لبناني-لبناني حول الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة التي تعصف بلبنان. وشهد الحوار مشاركة من مختلف الأطياف اللبنانية، ونتج عنه ورقتان أصدرتهما الإسكوا. الأولى صدرت في آذار/مارس الماضي وركزت على مسألة الحماية الاجتماعية والحقوق ووقف الهدر في الموارد وغيرها من القضايا، واليوم تصدر الإسكوا الورقة الثانية.

وتتطرق الورقة الثانية إلى الأسباب المتشابكة التي أدّت إلى هذا الواقع المتأزم، والتي تعود بشكل كبير إلى "غياب إرادة الإصلاح السياسي، وإلى فشل منظومة الحوكمة، وقصور السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية وتجزّؤها، ما جعلها غير عادلة وغير مستدامة، وغياب الرؤية التنموية" بحسب الإسكوا.