منظور عالمي قصص إنسانية

الخبيرة الحقوقية سوزان جبور: حماية الأمن لا يحتاج للتعذيب وسوء المعاملة

سوزان جبور رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب.
UN News
سوزان جبور رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب.

الخبيرة الحقوقية سوزان جبور: حماية الأمن لا يحتاج للتعذيب وسوء المعاملة

حقوق الإنسان

قالت سوزان جبور رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، وهي إحدى آليات المنظومة الأممية لحقوق الإنسان،  إن هناك "معوقات كبيرة" أمام طريق مناهضة التعذيب منها عدم وجود إطار قانوني يقي منه ويجرمه في عدد من الحالات. وأشارت إلى أن جهود مكافحة التعذيب "تزداد تعقيدا" في مناطق الصراعات والحروب.

وأضافت جبور في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، أن "التعذيب يحدث في الأماكن المغلقة. التعذيب يتم في الظلمة، في أماكن لا يمكن الولوج إليها"، وحيث لا توجد ضمانات أساسية قانونية للأشخاص الموقوفين وخاصة أن التعذيب يحدث في مراحل التوقيف الأولية.

ومن هنا تنبع أهمية البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما تؤكد جبور. فلجنتها تم إنشاؤها في الأساس عملا بأحكام البروتوكول الاختياري. 

وتضطلع اللجنة بولاية وقائية تركز على نهج ابتكاري ومستدام واستباقي لمنع التعذيب وسوء المعاملة. وبدأت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب عملها في شباط/ فبراير 2007.

وأكدت رئيسة اللجنة أن أهمية البروتوكول تكمن في أنه "يصل لتلك الأماكن المغلقة"، ويمكنه خلق وتيرة من الزيارات المتكررة والمفاجئة كي تكون هناك فعالية أكبر لجهود مناهضة التعذيب، و"أثرا رادعا حتى تتوقف الدول عن استخدام التعذيب".

ورصدت اللجنة خلال زياراتها، عددا من التجارب الناجحة التي يمكن أن تعطي أملا من خلال مشاركة الدول تجاربها والتعاون في مجال منع التعذيب كما قالت جبور.

Soundcloud

قيمة مضافة

وتحدثت رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب عن "القيمة المضافة" للجنة، لأنها تقوم بزيارات على الأرض وتجمع وجهات نظر عدة بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص.

وقالت سوزان جبور إن نتائج الزيارة الأخيرة التي قامت بها اللجنة لعدد من الدول بما فيها دولة فلسطين، قبل الأحداث الراهنة، كانت محور التقرير السنوي الذي استعرضت أهم ما ورد فيه أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بقضايا حقوق الإنسان.

سوزان جبور رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب أثناء مشاركتها في مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعد عرض تقرير اللجنة الأخير.
UN News
سوزان جبور رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب أثناء مشاركتها في مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعد عرض تقرير اللجنة الأخير.

وركزت جبور في تقريرها على "أهمية التعاون مع الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب" التي تلتزم الدول بعد مصادقتها على البروتوكول الاختياري، بإنشائها.

وقد أنشأت تلك الآليات بالفعل 70 دولة من أصل 93 دولة طرفا في البروتوكول الاختياري. ومن بين الدول الموقعة على البروتوكول الاختياري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لبنان، ودولة فلسطين، والمغرب، وتونس، وموريتانيا. 

وأشارت رئيسة اللجنة إلى أن التعاطي مع قضية التعذيب يتفاوت من منطقة لأخرى ومن بلد لآخر، مؤكدة أن "المشاكل الجوهرية التي تعاني منها أنظمة المؤسسات العقابية، هي أرض خصبة لتعزيز المخاطر لشتى أنواع سوء المعاملة".

وقالت إن هناك "مكاسب كبيرة" عندما تعمل الدول على الوقاية من التعذيب ومنعه، حيث تصبح الدول جزءا من المنظومة العالمية لمكافحة التعذيب، كما تعزز ثقة مواطنيها فيها كسلطة.

مناهضة التعذيب أثناء النزاعات

يزداد التحدي أمام جهود مناهضة التعذيب في مناطق الصراعات والحروب، كما توضح رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، حيث قالت إنه "ليس من السهل تطبيق ولاية اللجنة إذا كانت الحرب قائمة".

وفي الحوار الذي أجريناه مع سوزان جبور في أوائل تشرين الأول/أكتوبر، أضافت الخبيرة الدولية أن الأولويات تتبدل في ظل الحروب، وتصبح حقوق الإنسان والوقاية من التعذيب ومُساءلة مرتكبي تلك الجرائم "في الدرجة الأخيرة من سلم تلك الأولويات".

وأشارت إلى التراجع في الوقاية من التعذيب في المناطق التي تشهد صراعات، "ما يشكل مخاطر كبيرة على الإنسانية وخصوصا بالنسبة للأشخاص الذين يتم اعتقالهم وأسرهم".

ونصحت جبور بأن تستمر الآليات الوقائية الوطنية في عملها إذا كانت موجودة في المناطق التي تشهد صراعات، طالما كانت الزيارات التي يقوم بها أعضاؤها لأماكن الاحتجاز المختلفة لا تهدد حياتهم.

المحاسبة وبناء القدرات

وأبرزت رئيسة اللجنة الفرعية ضرورة المحاسبة في إطار جهود مكافحة التعذيب، قائلة "يجب ألا يكون هناك تسامح مطلقا مع الإفلات من العقاب والمساءلة".

وأكدت أن الدول مسؤولة عن الوفاء بالتزاماتها في هذه القضية، داعية إلى عدم تسييس مكافحة التعذيب واستغلاله.

وقالت إن "صنع الأمن لا يحتاج للتعذيب وسوء المعاملة، بل يقوم على الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة، وقضاء فاعل يمارس سلطته ويكون مستقلا ويحاسب مرتكبي جرائم التعذيب".

وشددت أيضا على أن إحدى أهم التوصيات التي تقدمها اللجنة الفرعية هي "بناء القدرات" لاسيما لمن يعملون في جهات إنفاذ القانون، ومن يديرون المؤسسات العقابية والسجون وغيرها من مؤسسات الاحتجاز الأخرى. 

وأضافت أنه لمواجهة التعذيب الذي يتم في المراحل الأولى من الاعتقال، "يجب الانتقال من الاعتماد على الاعترافات إلى الاعتماد على الأدلة"، عبر بدائل علمية دون استخدام القوة والتهديد.

ومن المسائل التي تركز عليها اللجنة الفرعية، تعريف أماكن الاحتجاز. وقالت جبور إن اللجنة تعكف على إعداد تعليق عام بشأن المادة الرابعة من البروتوكول الاختياري التي تفسر ما هي أماكن الاحتجاز.

وأشارت إلى أن تلك الأماكن قد تشمل المستشفيات العقلية ودور الأيتام والمسنين وذوي الإعاقة، والتي ترتفع فيها مخاطر التعذيب وسوء المعاملة.

حقوق الإنسان ليست رفاهية

وأعادت رئيسة اللجنة الفرعية لمنع التعذيب التأكيد على أن حظر التعذيب "هو شأن أساسي ضمن حقوق الإنسان".

وقالت لا يجوز تعريض أي شخص أيا كان الجرم الذي ارتكبه للتعذيب، مشيرة إلى أن للتعذيب آثارا مخيفة على المجتمعات، لأن هدفه هو إسكات الضحايا وعقابهم وتخويف الناس.

وأضافت أنه عندما يتم استخدام التعذيب فهذا مناف لمبدأ أساسي وهو أنه لا يجوز إخضاع أحد لأي شكل من أشكل التعذيب أو سوء المعاملة.

وشددت على أن "حقوق الإنسان ليست رفاه نقدمها لشعوبنا"، بل هي حقوق على الدول أن تسعى لأن توفرها كاحتياجات أساسية لمواطنيها.

وختمت الحوار بالقول "حقوق الإنسان هي الرئة الثانية التي من المفروض أن يتنفس الإنسان من خلالها".