منظور عالمي قصص إنسانية

ميادة عادل، طبيبة وناشطة سودانية تستخدم الفن للتعريف بأهداف التنمية المستدامة

ميادة عادل (الرابعة من اليسار) تم اختيارها ضمن قادة الأمم المتحدة الشباب الـ 17 من أجل أهداف التنمية المستدامة. صورة جماعية تجمع الشباب مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش ونائبته أمينة محمد.
UN Photo/Manuel Elías
ميادة عادل (الرابعة من اليسار) تم اختيارها ضمن قادة الأمم المتحدة الشباب الـ 17 من أجل أهداف التنمية المستدامة. صورة جماعية تجمع الشباب مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش ونائبته أمينة محمد.

ميادة عادل، طبيبة وناشطة سودانية تستخدم الفن للتعريف بأهداف التنمية المستدامة

أهداف التنمية المستدامة

الشباب قوة رئيسية للتنمية المستدامة وعوامل التغيير الاجتماعي والنمو الاقتصادي والابتكار التكنولوجي. وتقديرا لجهودهم في تحقيق مستقبل أكثر عدلا للناس والكوكب، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة "القادة الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة" بهدف تمكينهم من قيادة الجهود الرامية لمعالجة أكثر القضايا إلحاحا في العالم.

عام 2022، اختيرت الشابة السودانية ميادة عادل لتكون ضمن القادة الشباب الـ 17، وهي مبادرة رائدة لمكتب مبعوثة الأمين العام للشباب الذي يكرّم الشباب المتميّزين حول العالم.

التقتها أخبار الأمم المتحدة على هامش منتدى الشباب التابع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة وتحدثت معها حول عدد من القضايا من بينها الأوضاع الجارية حاليا في السودان.

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: أنت أول سودانية يتم اختيارها لتكون ضمن مجموعة الأمم المتحدة للشباب. أنت هنا في مقر الأمم المتحدة للمشاركة في منتدى الشباب. بداية حدثينا عن أهمية هذا المنتدى في دعم قضايا الشباب في العالم.

ميادة عادل: شكرا للاستضافة. أنا فخورة ومسرورة جدا بأن أكون أول شابة سودانية عربية وأفريقية بين مجموعة القادة الشباب لأهداف التنمية المستدامة لعام 2022 و2024.

يعكس وجودي في هذا المنتدى مجموعة من المسؤوليات تجاه الشباب العربي والشباب الأفريقي والشباب السوداني بالتحديد. تزامن الأحداث الجارية في السودان الآن مع انعقاد المنتدى منحني فرصة قوية لأتكلم عن القضية السودانية والشباب السوداني وما يفعلونه من عمل بطولي لحماية المواطنين الموجودين في السودان.

مجهوداتنا كشباب سواء في العالم العربي أو الأفريقي مجهودات موحدة. أرى أن الشباب متعاطفون للغاية مع قضيتنا (السودانية) ومتفاعلون مع أهـداف التنمية المستدامة.

كنا في اجتماع للشباب العربي (في إطار المنتدى) وكنا نتحدث عن كيفية تطوير اتحادات مع بعض الدول ذات المهارات المتطورة بهدف مساعدة بعض الدول غير المتطورة في بعض المشاريع المعنية بأهداف التنمية المستدامة. وجودنا هنا مع هؤلاء الشباب ملهم جدا ويفتح أبوابا كثيرة للتفكر في الكثير من القضايا والمشاكل وكيفية توحيد الصفوف. إنها مسؤولية أن أتسلم هذا المنصب الفخري وأنا أعتز بذلك.

أخبار الأمم المتحدة: حدثينا عن أهم الأنشطة التي تقومون بها بوصفكم قادة شبابا في الأمم المتحدة؟

ميادة عادل: نحن 17 شابة وشابا من جميع أنحاء العالم. تم اختيارنا لهذا المنصب اعترافا بالعمل الذي قمنا به فيما يتعلق بعدد من أهداف التنمية المستدامة.

في حالتي، أنا كنت طبيبة وأعمل في قضايا الصحة وتحديدا في قضية القضاء على ختان الإناث. وكنت قد عملت مع عدد من المؤسسات فيما يتعلق بحملات القضاء على ختان الإناث وفي قضايا المساواة بين الجنسين. كنت استخدم أدوات فنية مثل الأزياء والفنون للتوعية بالمشاكل وكيفية العمل على تقليل الفجوة بين الجنسين عن طريق الأزياء باعتبارها سياسات جسد وتحمل في طياتها قوة وخطابا.

ننشط فيما يتعلق بالهدف الـ 17 المعني بالشراكات في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. نحاول مع بعضنا كشباب تكوين اتحادات والعمل في مشروعات مشتركة في مناطق مختلفة مثل أفريقيا أو في الصين التي سينعقد فيها منتدى للشباب.

كل القضايا مترابطة مثل قضايا تغير المناخ وقضايا الهجرة. فأسباب الهجرة تعود جزئيا إلى تغير المناخ. نحاول أن نضع هذه الأمور في إطارات متقاربة ومتقاطعة كي يتسنى لنا العمل فيها بطريقة فعالة ومبتكرة.

نعمل أيضا على تجهيز برامج تدريبية للشباب حسب المنطقة، وتتم دعوتنا لإلقاء الخطابات والتفاعل مع الشباب لإلهامهم ولتبادل الآراء والأفكار.

 

ميادة عادل، طبيبة وناشطة سودانية مهتمة بقضايا التنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
UN News/Abdelmonem Makki
ميادة عادل، طبيبة وناشطة سودانية مهتمة بقضايا التنمية المستدامة وحقوق الإنسان.

 

أخبار الأمم المتحدة: أنت طبيبة ومصممة أزياء ومدافعة عن حقوق المرأة واللاجئين. كيف تجمعين بين كل هذه المهام؟

ميادة عادل: جاءت هذه المهام في فترات مختلفة من حياتي. كنت طبيبة في السودان وكنت أعمل في مشاكل الصحة هناك، وعند انتقالي إلى فرنسا عملت في مجال الأزياء، بالإضافة إلى نشاطي في محاربة ختان الإناث وقضايا اللاجئين.

برأيي أن كل هذه القضايا مترابطة مع بعضها البعض وتصب كلها في المجال الإنساني، سواء الطب أو الأزياء، كلها تعتبر دفاعا عن الحقوق وهي تساهم في الرؤية الفلسفية التي أعيش من أجلها والمتمثلة في تقديم الخير وما هو أفضل للناس، وأن استخدم أي إمكانية منحني إياها الله لفائدة العالم أجمع.

أخبار الأمم المتحدة: باعتبارك قيادية شابة في الأمم المتحدة وباعتبارك سودانية كيف تنظرين إلى الوضع في السودان هذه الأيام وخاصة في ظل الأحداث المؤسفة التي تشهدها البلاد؟

ميادة عادل: يصعب الحديث عن الوضع في السودان الآن، لأننا لا نعلم إلى أين ستأخذنا الأحداث، لكنني أريد أن أتحدث عن تجربة للشباب في السودان، وأعتقد أنها من أهم التجارب العالمية، وفيها مواقف بطولية حقيقية. إنها قضايا لجان المقاومة أو لجان الأحياء، وما تقوم به الآن من محاولات لحماية المواطنين والدفاع عنهم ومنع عمليات النهب والسلب التي تجري في الأحياء، وأهم نقطة هي تقديم العمل الإنساني من أدوات طبية وفتح غرف طوارئ صغيرة في الأحياء وعملية البناء القاعدي والتنظيم ومحاولات إخلاء المواطنين من مناطق الشدة والحرب.

أعتقد أنه إذا أرنا الحديث عن أهمية أهداف التنمية المستدامة، فإنها تتجسد جميعها حاليا في اللحظات الحالية في السودان. أعتقد أنها تجربة مهمة وملهمة للغاية في العالم العربي. أتمنى من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والعالم كله أن يساهم في دعم مجموعات الشباب الآن فيما تقوم به من عمل بطولي في السودان. أعتقد أنه إذا تم دعم هؤلاء الشباب والضغط على الجهات المسؤولة عن نشوب هذه الحرب، يمكننا الانتقال إلى مرحلة من السلام والديمقراطية.

أخبار الأمم المتحدة: شارك شباب السودان بفعالية في ثورة ديسمبر التي كان من أهم أهدافها المطالبة بالتغيير من أجل مستقبل أفضل للسودان، ولكن هناك محاذير من أن هذه الحرب ربما تجهض هذه المطالب بالتنمية والمساواة. ما رأيك في هذا الأمر؟

ميادة عادل: أنا واحدة من الشباب ممن تأثروا بشدة من هذه الحرب الأمر الذي دفعني بشدة إلى العمل من أجل إيصال صوتنا كشباب للناس في أي مكان. وأنا أتكلم في أي مكان تتم دعوتي إليه عن السودان وعن عمل الشباب، أقول إنه إذا لم نستطع إنقاذ السودان كبلد علينا- على الأقل- أن ننقذ المجموعات الشبابية وما تفعله لأجل السودان، لأنهم هم جيل المستقبل الذي سيكون له رؤية سياسية ستحدد مصير السودان.

برأيي لا نستطيع أن نتأمل حاليا لأننا لا نملك رفاهية الأمل الآن، لكن لدي قناعة بسيطة أنه من خلال العمل معا وإذا ساعدت الدول العربية والغربية السودانيين على تخطى هذه المحنة من خلال الضغط على الجهات المسؤولة أعتقد أن هناك إمكانية بتحقيق تقدم جيد والانتقال لمرحلة أكثر هدوء واستقرارا وبعدها نحاول أن نحقق أهـداف التنمية المستدامة. لكن الوضع جدا صعب الآن ونتمنى ألا يستمر ونحن سنفعل كل ما بوسعنا وسنتحدث مع جميع الناس وجميع الجهات المسؤولة كي لا يتدهور الوضع للأسوأ.

صراحة، هناك حالة من الإحباط وصدمة جماعية للناس سواء داخل السودان أو خارجه ولكن إذا بدأنا العمل مع اللجان داخل السودان والتواصل داخليا وخارجيا يمكن أن يمنحنا ذلك أملا بإمكانية حدوث شيء ما وتغيير الواقع للأفضل.  

 

شباب وشابات من المنطقة العربية شاركوا في منتدى الأمم المتحدة للشباب في مقر الأمم المتحدة للشباب.
UN News/Abdelmonem Makki
شباب وشابات من المنطقة العربية شاركوا في منتدى الأمم المتحدة للشباب في مقر الأمم المتحدة للشباب.

 

أخبار الأمم المتحدة: ما هدفك لعام 2030 الموعد المحدد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

ميادة عادل: أنا إنسانة واقعية. في رأيي أن هذه الأهداف وضعت لحماية الكوكب من التدهور، وليس ليتم تحقيقها بصرامة في عام 2030، ولكنها تمثل فرصة للعمل. نحن نحاول أن نلتزم بالجدول المحدد، ولكن الكثير من التقارير تشير إلى التأخر تجاه التزامنا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهنا يأتي دورنا كقادة لإعادة هذه الأهداف إلى مسارها الصحيح وأن تكون هناك حماية للمواطنين وأن يكون هناك سلام وحماية للبيئة. لا يمكن أن تتوفر الصحة إذا لم نتحدث عن تغير المناخ. ولا يمكن أن نتحدث عن تغيير المناخ بمعزل عن التعليم وتغيير المفاهيم والأفكار المجتمعية. كل هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض وتتطلب منا العمل.

أخبار الأمم المتحدة: من وجهة نظر الشباب، هل ترين أن تقدما قد طرأ فيما يتعلق بتحقيق هذه الأهداف وإذا كانت الإجابة بلا ما المطلوب لتحقيقها؟

ميادة عادل: خلال السنوات الثلاث الأولى، كانت أهداف التنمية المستدامة موجودة بلغة واحدة ولطبقة معينة من المجتمع وهي طبقة المثقفين، أو طبقة الناس الذين يعملون في مؤسسات مثل الأمم المتحدة والمؤسسات الكبرى، لكن خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدأت عملية تبسيط المعلومة بشأن أهداف التنمية المستدامة لجعلها أقرب لحياتنا اليومية.

ودورنا نحن كشباب أن نجعل هذه الأهداف في تعاملاتنا اليومية: مثلا كيفية إعادة تدوير المخلفات، وكيف أحافظ على نفسي وأسرتي وكيف أفكر بطريقة مبتكرة أتكلم فيها عن حملة تخص الصحة أو حملة تخص المساواة بين الجنسين. باتت طرق تحقيق هذه الأهداف سهلة وكلما حولنا هذه الأهداف إلى المستوى المحلي كانت أقرب للتحقق.

برأيي نحن نسير بصورة جيدة في سبيل إيصال فكرة هذه الأهداف إلى المواطن البسيط الموجود في أي مكان وأن أهداف التنمية المستدامة ليست أمرا صعبا وأنها لم توضع لطبقة أو فئة معينة من العالم.