منظور عالمي قصص إنسانية

في تركيا، تدريب اللاجئات السوريات على الخياطة يساعدهن معنويا وماديا

في تركيا، تدريب اللاجئات السوريات على الخياطة يساعدهن معنويا وماديا

تنزيل

بينما تتابع أنظار العالم الجهود المبذولة في مختلف العواصم لدفع جهود العملية السياسية السورية، يبقى ملايين اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة يكافحون من أجل توفير حياة كريمة لأسرهم.

حتى وفي حال نجحت المحادثات، فلا يزال أمام هذه العائلات شوطا طويلا قبل العودة إلى ديارهم وحياتهم الأولى.

وفيما تقدم برامج الأمم المتحدة للاجئين والنازحين مساعدات فورية وقصيرة الأمد، يسعى عدد من البرامج المتخصصة إلى تأهيل اللاجئين وتزويدهم بما يلزم لتحسين وضعهم الراهن وشق مستقبل أفضل.

المزيد في التقرير التالي.

تستضيف تركيا حاليا نحو ثلاثة ملايين سوري فروا من الصراع في بلدهم. وبينما يعيش العديد منهم في مدن تركية جنبا إلى جنب مع السكان المحليين، يوجد أكثر من ربع مليون منهم في مخيمات اللاجئين.

ومنذ مطلع العام الماضي، حصل السوريون على حق العمل في تركيا ولكن ذلك ليس كافيا لوضع نهاية لمشاكلهم، فالكثير منهم يفتقد إلى المهارات المطلوبة التي تمكنهم من الالتحاق بسوق العمل.

ولذا أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في تركيا مشروعا تجريبيا في ثلاث مخيمات يهدف إلى منح اللاجئات السوريات في البلاد طريقا جديدا للاعتماد على الذات.

أوزغيه دورسون، المسؤولة بمنظمة اليونيدو، قالت إن المقصد من هذا البرنامج هو مساعدة قليلي أو عديمي المهارات المهنية في العثور على وظائف وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم في المستقبل:

"الكثير من المتدربات هنا يفتقرن إلى الخبرة في أي عمل. لم يكن لديهن من البداية ما يلزم من المهارات، لذلك تحتم علينا البدء من الصفر. في البداية كان علينا زيادة براعتهن من خلال تمارين بسيطة تزيد التنسيق بين اليدين والعينين. وبعد مرور شهرين، سيتعلمن كيفية تشغيل آلات الخياطة ونسج الملابس والمنسوجات الأساسية، ومن ثم يستطعن العمل في أحد المصانع. وأيضا سيحصلن على شهادة من وزارة التربية والتعليم في تركيا . إننا نحاول تأهيلهن للحصول على عمل مباشرة بعد الانتهاء من هذه الدورة التدريبية."

image
وقد تلقت أكثر من خمسمئة امرأة حتى الآن شهادات تدريبية. كما يتم تدريب نساء أخريات على صنع أنماط وتطريزات مختلفة، وبالإضافة إلى ذلك دربت اليونيدو أيضا مسؤولين من وزارة التربية والتعليم حتى يتمكنوا من تعليم الطرق الصحيحة لتشغيل هذه الآلات الحديثة.

ومن بين العديد من المتدربات نساء فقدن أزواجهن ويجب عليهن الآن إعالة أسرهن، مثل السيدة زكية بكير المتدربة بالبرنامج:

"من الناحية المعنوية شعرت بأنني أقدم شيئا وأقوم بصنع شيء، شعرت بأن وقتي ذو قيمة. هذا التدريب كان مفيدا جدا بالنسبة للنساء، استطعن العمل والاستفادة منه وتوفير ضروريات الحياة لأنفسهن ولأولادهن. من كانت بحالة نفسية سيئة ارتاحت نفسيا. تحسنت معنوياتنا التي تأثرت بسبب الحرب، هناك من فقدت أخاها وزجها وابنها. هذا التدريب روّح عن نفسيتنا."

image
مثال آخر، السيدة مرمور، التي فقدت زوجها في الصراع السوري:

"عندما توفي زوجي شعرت بأن كل شيء قد توقف، وأن جميع الأبواب قد أغلقت في وجهي. لم يكن هناك أي أمل في الاستمرار. عندما بدأت دورة الخياطة هذه أدركت أنني يمكنني أن أكسب قوتي إذا تعلمت شيئا، وأن حياتي العائلية ستمضي قدما ولن تتوقف."

ويوجد في تركيا أكثر من 50 ألف شركة نسيج وملابس، توظف حوالي مليوني شخص. ويتطلع هذا القطاع الضخم من الصناعة، على نحو متزايد، إلى استهداف عملاء أرقى وبالتالي تحتاج شركات المنسوجات إلى عمال مهرة وموظفين على درجة عالية من التدريب.

image
ولكن أرباب العمل لا يستطيعون دائما توفير التدريب اللازم لعمالهم، أو ربما لا يريدون، كما قال صالح أزاك مدير أحد مصانع الملابس:

"اذا لم نتمكن من العثور على عمال مؤهلين، يتقلص إنتاجنا وتعاني أعمالنا. وإذا اضطررنا إلى تدريب العمال، فإن ذلك سيكلفنا الوقت والموارد."

وبما أن مخيمات اللاجئين في كثير من الأحيان توجد في المناطق النائية القريبة من الحدود، يصبح من الصعب الحصول على وظيفة في أحد المصانع لبعدها عن المخيمات.

وضع البرنامج التدريبي خطة مبتكرة في مخيم "إصلاحية" لاستهلاك منتجات التدريب محليا، حيث أنتجت المتدربات هناك أكثر من ألفي قميص لأطفال المدارس في المخيم. كما أن ساعات العمل مرنة وتتيح للنساء تحقيق توازن بين العمل ورعاية الأطفال.

image
وتشير دورسون المسؤولة بمنظمة اليونيدو في تركيا إلى أن ما أظهرته المتدربات من إقبال وحماسة على العمل يشجع المنظمة على التوسع في مخيمات أخرى وتكرار البرنامج:

"إنهن شغوفات جدا لبدء العمل. بعضهن يتطلعن إلى بدء مشاريعهن الخاصة. بطبيعة الحال هن في تركيا في الوقت الراهن، لكنهن يحلمن أيضا بالعودة إلى سوريا وفعل الشيء نفسه، دعم أسرهن وأن يكن مستقلات ويقمن أعمال تجارية للعائلة. إننا نرى استجابة حماسية جدا."

مصدر الصورة