منظور عالمي قصص إنسانية

في وداي البقاع بلبنان.. ارتفاع عمالة الأطفال قد يخلق جيلا ضائعا

في وداي البقاع بلبنان.. ارتفاع عمالة الأطفال قد يخلق جيلا ضائعا

تنزيل

مع استضافة لبنان لمئات الآلاف من اللاجئين الذين فروا من الحرب في سوريا المجاورة، شهد البلد في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عمالة الأطفال، لا سيما في القطاع الزراعي الخطر.

وبعد وضع السلطات اللبنانية قيودا مشددة على حصول اللاجئين البالغين على رخص العمل والإقامة القانونية، أثر ذلك على قدرتهم على السفر في جميع أنحاء البلاد، مما يعني أن معظم اللاجئين البالغين لا يمكنهم تأمين لقمة العيش لأسرهم.

وادي البقاع، وهي منطقة زراعية، استقبلت أعدادا كبيرة من اللاجئين، حيث يعمل الأطفال في الزراعة.

مزيد من التفاصيل في التقرير التالي:

مع إطلالة الشمس فوق سلسلة جبال لبنان على الحدود مع سوريا، تكون كوثر إبراهيم، اللاجئة السورية ذات الاثني عشر ربيعا، تعمل بالفعل في حقول العنب، مقابل ستة آلاف ليرة لبنانية يوميا، حوالي أربعة دولارات.

ولكنها لن تأخذ هذا المبلغ كله إلى منزلها، فأحد المشرفين، المعروف محليا باسم "الشاويش"، يأخذ منها ألفي ليرة كعمولة، مثلها مثل الآلاف من الأطفال اللاجئين.

وسعيا من منظمة العمل الدولية لرفع الوعي بالمخاطر التي تحيق بالأطفال من عمالة الطفل، نظمت المنظمة يوما ترفيهيا للأطفال في بلدة "سعد نايل" في البقاع، تضمن أنشطة رسم وعروضا فنية من قبل الأطفال العاملين وأولياء أمورهم، لتوفر لهم وسيلة للترويح عن أنفسهم.

راما، لاجئة سورية أيضا تبلغ من العمر أربعة عشر عاما، شاركت في عمل مسرحي يسلط الضوء على عمالة الأطفال:

"قدمت مسرحية للتعبير عن أن الأطفال يجب ألاّ يعملوا. أردنا أن تكون هذه المسرحية كعائلات، كل بنت وأمها تعملان. أنا أعمل في معمل، وعندما أعود إلى البيت، أساعد أمي في تقشير الثوم. أنا صغيرة، ولكن ماذا عساي أن أفعل؟"

المستشارة في منظمة العمل الدولية بشأن عمالة الأطفال، حياة عسيران، قالت إن "الفقر يدفع العديد من الأسر إلى الاعتماد على أبنائهم للمساهمة في المعيشة". وهو ما أكدته السيدة زبيدة تسّون، والدة راما، حيث يجد معظم الأهل أنفسهم مغلوبين على أمرهم وليس لديهم العديد من الخيارات:

"مشاكل الأطفال كثيرة، وأحيانا يضطر الأهالي إلى الحصول على المساعدة من الأطفال. عندما أقوم بتقشير الثوم، راما (ابنتي) تقشر معي ثوم في البيت. أنا مضطرة. الوضع صعب، هناك إيجار ومصاريف علاج."

وتشير دراسة أجرتها اليونيسف حول عمالة الأطفال في لبنان إلى أن الأطفال العاملين ليسوا فقط سوريين، بل قد تأثر اللبنانيون أيضا خلال سنوات الحرب، حيث لوحظت زيادة في عدد الأطفال اللبنانيين العاملين، بمعدل ثلاث أضعاف عما قبل الحرب. وهذا أمر لا يمكن التغاضي عنه، بحسب لارس يوهانسون، من منظمة العمل الدولية:

"هذا الأمر مهم في البقاع لأن مئة مليون طفل يعملون في الزراعة من أصل 168 مليون طفل عامل عالميا. وهذا ينطبق على لبنان."

ناهيكم عن تعرض الأطفال العاملين في قطاع الزراعة إلى مخاطر صحية، مثل تعرضهم للمبيدات، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى التسمم ومشاكل صحية على المدى الطويل، حيث تؤكد منظمة العمل الدولية أن الزراعة هي واحدة من القطاعات الثلاثة الأكثر خطورة من حيث السلامة والصحة المهنية، بغض النظر عن عمر العامل.

وعلى الصعيد التعليمي، فالأمر أشد خطورة، كما تقول راما:

"أتمنى ألاّ يعمل الأطفال، لأن هذا بصراحة أمر متعب. كما أن الأطفال يجب أن يتعلموا. ماذا سيقول الطفل عندما يكبر لأولاده في المستقبل؟ كنت أعمل ولم أستطع تعليمكم. يجب أن نتعلم حتى نستطيع إعمار سوريا إذا عدنا."

فرانك هاغمان، المسؤول بمنظمة العمل الدولية، قال إنه "ما لم يتم التصدي لهذه المشكلة، فلسوف تسهم في خلق ’جيل ضائع‘ من حيث التعليم والتنمية البشرية".

والإحصائيات المحلية تشير إلى تسرب أعداد غفيرة من الطلاب من الدراسة، ففي العام الماضي تسرب نحو 10 آلاف طالب لبناني، بحسب سونيا خوري، مديرة مشروع "الوصول إلى جميع الأطفال بالتعليم" (RACE) بوزارة التربية والتعليم.

كما أن نسبة الأطفال اللاجئين السوريين المسجلين بالمدارس اللبنانية حاليا تصل فقط إلى 33% من أصل 482 ألف طفل في عمر الدراسة.

مصدر الصورة