منظور عالمي قصص إنسانية

الأمم المتحدة تؤكد أهمية العدالة والمساءلة في جرائم العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات

تتعافى الناجيات من العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية بمساعدة العاملين في الخطوط الأمامية لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
© UNFPA/Junior Mayindu
تتعافى الناجيات من العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية بمساعدة العاملين في الخطوط الأمامية لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

الأمم المتحدة تؤكد أهمية العدالة والمساءلة في جرائم العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات

السلم والأمن

شددت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات، براميلا باتن على أهمية تحويل ثقافة الإفلات من العقاب إلى ثقافة العدالة والمساءلة فيما يتعلق بجريمة العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة تزامنا مع اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع الذي يصادف 19 حزيران/يونيو، قالت باتن "علينا أن نرفع تكلفة ارتكاب هذه الجريمة". وأشارت إلى استمرار استخدام العنف الجنسي كتكتيك حربي وإرهابي وللقمع السياسي، مضيفة "مع كل صراع جديد نرى أعدادا متزايدة من حالات العنف الجنسي"

ونبهت إلى أنه لأسباب عديدة لا يتم الإبلاغ عن العنف الجنسي المرتبط بالصراعات بشكل كاف، والسبب الرئيسي هو الوصمة. وأضافت أن الناجيات غالبا ما يعانين من المأساة المزدوجة المتمثلة في "الاغتصاب والرفض"، حيث يتم رفضهن من قبل أسرهن ومجتمعاتهن.

وأشارت إلى أن العنف الجنسي هو "الجريمة الوحيدة التي يميل المجتمع إلى إلقاء اللوم فيها على الضحايا أكثر من الجناة الفعليين".

وأفادت بأن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات ترتكبه جهات فاعلة حكومية وغير حكومية، مضيفة "تخيلوا كيف يمكن الإبلاغ عن الجهات الفاعلة الحكومية عندما يكونون هم الجناة أنفسهم".

واقع محزن على الأرض

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، قال إن هذا النوع من العنف يدمر النسيج الاجتماعي للمجتمعات. وأضاف أنه على الرغم من الوعي والإدانة على نطاق واسع، تستمر هذه الجريمة البشعة في جميع أنحاء العالم. 

وشهد العام الماضي تقارير مروعة عن أعمال العنف الجنسي في بلدان منها السودان وهايتي وإسرائيل. وفي كثير من الأحيان، ينعم الجناة بالحرية بينما يقضي الضحايا حياتهم كلها في مخاض التعافي.

ويركز إحياء اليوم الدولي هذا العام على الرعاية الصحية. وقال الأمين العام في رسالته إن المستشفيات وغيرها من مرافق الرعاية الصحية يجب أن تكون ملاذات توفر الأمان وتكفل التعافي لجميع المصابين في النزاعات، بمن فيهم ضحايا العنف الجنسي.

المستشارة المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات قامت بعدد من الزيارات الميدانية العام الماضي حيث "كان من المحزن للغاية رؤية الواقع على الأرض".

وقالت باتن لأخبار الأمم المتحدة إنه في البلدان التي زارتها بما فيها جمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكولومبيا، كانت الرعاية الصحية الشاملة بما في ذلك الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية التي تحتاجها الناجيات من العنف الجنسي، "متاحة بالكاد".

وأضافت أن العديد منهن كن يعانين من اضطراب ما بعد الصدمة، كما أن الإسعافات الأولية النفسية الاجتماعية قلما وجدت.

يُقدر أن 6.7 مليون شخص معرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان، حيث تعتبر النساء والفتيات النازحات واللاجئات والمهاجرات معرضات للخطر بشكل خاص.
© UNICEF/Mohamed Zakaria

خطر كبير على الأطفال

الممثلة المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات شاركت اليوم الأربعاء في استضافة فعالية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك مع كل من فيرجينيا غامبا الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة، وبعثة الأرجنتين لدى الأمم المتحدة.

وأقيمت الفعالية تحت عنوان "الهجمات على الرعاية الصحية في المناطق المتضررة من النزاع: الآثار المترتبة على الناجين من العنف الجنسي المرتبط بالصراع".

ونبهت غامبا إلى أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق المتضررة من الصراع يتعرضون بشكل كبير لخطر العنف الجنسي، مستشهدة بالتقرير السنوي الأخير حول الأطفال والصراعات المسلحة لعام 2024 الذي أظهر زيادة قدرها 25 في المائة في العنف الجنسي ضد الأطفال عام 2023. 

وأضافت أنه في حين ارتكبت 90 في المائة من حالات العنف الجنسي ضد الفتيات، ارتفع عدد ضحايا الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي بين الأولاد بنسبة 25 في المائة. وأشارت إلى تأثر الأطفال والناجين من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع بشكل خاص من الهجمات على الرعاية الصحية التي "تعطل الخدمات الأساسية، وتحرم الأطفال من العلاج المنقذ للحياة".

وضربت عدة أمثلة لمناطق تشهد صراعات بما فيها السودان حيث إن ما بين 70 و80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة من الصراع إما لا يمكن الوصول إليها أو أنها غير عاملة، مضيفة أنه "من المرجح أن تكون تقارير العنف الجنسي قد انخفضت لاسيما أن الناجين لديهم فرص أقل لطلب الدعم".

ودعت غامبا الدول الأعضاء والمجتمع الدولي إلى دعم وتمويل برامج إعادة الإدماج الحساسة للنوع الاجتماعي للأطفال ضحايا الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك ضحايا العنف الجنسي. وشددت على أهمية التواصل المستمر مع أطراف الصراعات، وأن تكون المساءلة عن العنف الجنسي والهجمات ضد الرعاية الصحية أولوية.

كسر الصمت

العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، "هو جريمة يمكن الوقاية منها" كما أكدت المسؤولة الأممية المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات.

وقالت باتن إن الوقاية هي أولوية تفويض مكتبها، من خلال معالجة الأسباب الجذرية للعنف الجنسي. وأفادت بأنهم أصبحوا اليوم قادرين على الوصول إلى آلاف الناجين والناجيات "الذين كانوا غير مرئيين في السابق".

واستشهدت بأوكرانيا كنموذج في التعامل مع قضية العنف الجنسي أثناء الصراع، مذكرة بتحدث كل من رئيس الوزراء ووزير خارجية أوكرانيا عن أولى حالات العنف الجنسي، بدلا من تجاهلها، بعد أيام قليلة من الهجوم الروسي.

وختمت باتن حوارها مع أخبار الأمم المتحدة بتوجيه رسالة للناجيات والناجين من جريمة العنف الجنسي المرتبط بالصراعات قائلة إن "عليهم كسر الصمت، فصمتهم سيكون بمثابة تصريح للجناة لمواصلة هذه الجريمة. أريدهم أن يعرفوا أنني ملتزمة تماما بمحنتهم وسأعمل من أجلهم".