منظور عالمي قصص إنسانية

في غزة، الأطفال يحتفلون برمضان رغم المأساة والحرمان من كل شيء

أطفال في غزة يحملون فوانيس احتفالا بشهر رمضان المبارك
© UNRWA
أطفال في غزة يحملون فوانيس احتفالا بشهر رمضان المبارك

في غزة، الأطفال يحتفلون برمضان رغم المأساة والحرمان من كل شيء

السلم والأمن

وسط خيام بسيطة صنعت مما تيسر من الأقمشة والبلاستيك والأخشاب، امتدت زينات رمضان وبعض المصابيح والفوانيس لتضيء المخيم المكتظ بالنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة، لتبث بصيصا من الأمل وسط ركام الحرب. ولسان حال الأطفال هناك هو تغيير أجواء الحرب وتزيين المخيم في شهر رمضان المبارك رغم كل المصاعب.

الطفلة شهد واحدة من الأطفال في المخيم الذين يمرحون حاملين الزينات وفوانيس رمضان الذي حل هذا العام بينما دخلت الحرب في غزة شهرها السادس، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 31,000 شخص أغلبهم من النساء والأطفال.

وقالت شهد لمراسلنا في غزة، زياد طالب الذي زار المخيم الموجود في دير البلح "كل سنة نستقبل رمضان في بيوتنا، ولكن هذه السنة مختلفة، فرمضان هلّ علينا ونحن في وسط الحرب".

وأضافت والابتسامة تعلو وجهها والحماس يملأ صوتها "اتفقنا أن نغير أجواء الحرب ونزين المخيم".

شهد، طفلة نازحة تعيش مع أسرتها في مخيم مؤقت للنازحين في مدينة دير البلح، وسط غزة.
UN News/Ziad Taleb
شهد، طفلة نازحة تعيش مع أسرتها في مخيم مؤقت للنازحين في مدينة دير البلح، وسط غزة.

وفي نفس المخيم، تتابع أميرة التي نزحت من أقصى شمال غزة إلى دير البلح "من بيوت مشيدة إلى خيام على التراب"، فرحة الأطفال وغناءهم في ساحة صغيرة بين خيام النزوح. 

وقالت أميرة "فرحة الأطفال من فرحتنا. رغم الحرب والمأساة التي نعيشها، نحب الفرحة، ونحب أن نغير من الوضع الذي نعيشه، ونرفع من معنوياتنا ومن معنويات شعبنا".

وأكدت أميرة أنهم قرروا الاحتفال برمضان رغم الأسى والفقدان والبعد عن الأهل والأحبة والعائلات.

أميرة، سيدة فلسطينية نزحت ما أسرتها من شمال غزة إلى مدينة دير البلح.
UN News/Ziad Taleb
أميرة، سيدة فلسطينية نزحت ما أسرتها من شمال غزة إلى مدينة دير البلح.

وضع مأساوي

يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الأعمال القتالية في غزة أدت إلى نزوح أكثر من 1.7 مليون شخص، وإنه مع تفاقم أزمة الجوع في غزة، بات جميع السكان تقريبا يعتمدون على المساعدات الغذائية التي لا تزال غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

وفي خضم هذا الوضع، يحاول الناس جاهدين إيجاد ما يسدون به رمق أسرهم وخصوصا في شهر رمضان ومنهم أحمد عبد ربه مصلح الذي نزح من بيت حانون شمالي قطاع غزة، إلى دير البلح في وسط القطاع.

أحمد مصلح نزح من مدينة بيت حانون شمالي غزة إلى مدينة دير البلح في الوسط.
UN News/Ziad Taleb
أحمد مصلح نزح من مدينة بيت حانون شمالي غزة إلى مدينة دير البلح في الوسط.

وقال مصلح لمراسلنا في غزة "حل رمضان علينا ونحن في أسوأ الحالات، فالأسعار تشكل مأساة صعبة". وأكد مصلح أنه يستطيع رغم الظروف توفير الأكل والشرب لعائلته، لكن "هناك من لا يقوون على تأمين حتى الخبز".

وقال إن وجبة بسيطة يمكن أن تكلف حوالي 40 شيكل (نحو 11 دولارا)، مضيفا "لا نقدر أن نعيش في ظل هذه الأسعار".

أحد النازحين الآخرين، فقال إنه لا يملك أي نقود الأمر الذي اضطره إلى الحصول على طعام الإفطار من إحدى التكيات، قائلا "الوضع في رمضان هذا مأساوي بشكل غير مسبوق"

غلاء وحرمان

سيدة نازحة أخرى من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، إلى دير البلح، قالت "حُرِم الأطفال من الأكل، حُرمنا من الشرب. حرمنا من كل شيء". وأكدت أن الوضع يزداد سوءا في كل يوم.

وأضافت "كنا نستطيع شراء خضروات تكفينا كل الأسبوع مقابل 20 شيكل (حوالي 5 دولارات). الآن هذا المبلغ لا يكفي شيئا".

أحد الأسواق في مدينة دير البلح وسط غزة.
UN News/Ziad Taleb
أحد الأسواق في مدينة دير البلح وسط غزة.

ويعاني من الأوضاع الصعبة النازحون وأبناء مدينة دير البلح على حد سواء، ومنهم أحمد ثابت الذي قال إن "رمضان هذه السنة مختلف عن أي رمضان عشناه على مر حياتنا كلها"، مشيرا كذلك إلى "الغلاء الفاحش"، وأن أحدا لا يقوى على تلك الأسعار المرتفعة.

تلك الأوضاع التي يعيشها الناس في غزة سلط عليها تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي صدر اليوم الاثنين. فقد أفاد التقرير بأن جميع سكان غزة يواجهون مستويات توصف بالأزمة في انعدام الأمن الغذائي أو أسوأ. وذكر أن نصف عدد السكان، 1.1 مليون شخص في غزة، قد استنفدوا بالكامل إمداداتهم الغذائية وقدراتهم على التكيف ويعانون من الجوع الكارثي (المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) والتضور جوعا.