منظور عالمي قصص إنسانية

الشرق الأوسط: منسق عملية السلام يحث على بذل جهود جماعية لمعالجة دوافع الصراع

تور وينسلاند، المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، يطلع مجلس الأمن (عبر دائرة تلفزيونية مغلقة) على الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
UN Photo/Mark Garten
تور وينسلاند، المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، يطلع مجلس الأمن (عبر دائرة تلفزيونية مغلقة) على الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.

الشرق الأوسط: منسق عملية السلام يحث على بذل جهود جماعية لمعالجة دوافع الصراع

السلم والأمن

حث المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط على الحفاظ على الهدوء حتى لا يتم تعطيل الاحتفال بالأسبوع الأخير من رمضان، وذلك بعد أن شهدت الفترة الأخيرة تصاعدا في العنف في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وهجمات في إسرائيل، قُتل وأصيب فيها العشرات من المدنيين.

وفي إحاطة افتراضية أمام مجلس الأمن صباح يوم الاثنين بتوقيت نيويورك، أشار المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، إلى أن أعمال العنف والتوترات المتصاعدة التي حدثت في الشهر الماضي تؤكد مرة أخرى أن الجهود المبذولة لإدارة الصراع ليست بديلا عن إحراز تقدم حقيقي نحو حله.

ودعا إلى العمل على الفور لخفض التوترات والحفاظ على الهدوء. وقال: "بالتوازي مع ذلك، هناك حاجة إلى بذل جهود جماعية لمعالجة دوافع الصراع."

وأكد على أهمية "ألا نغفل عن حتمية إنهاء الاحتلال والتقدّم نحو واقع حل الدولتين،" مشيرا إلى أن الهدف النهائي يظل واضحا وهو "دولتان تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي."

وأكد أن الأمم المتحدة تظل ملتزمة بدعم الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في المضي قدما نحو ذلك المستقبل حتى مع معالجتهما للاحتياجات والشواغل السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية.

وقال: "سنواصل العمل مع الأطراف ومع الشركاء الإقليميين والدوليين لتحقيق هذا الهدف."

وضع هادئ نسبيا في القدس

شمل بيان السيد وينسلاند الذي ألقاه افتراضيا أمام أعضاء مجلس الأمن آخر التطورات على الأرض.

وقال: "في القدس، لا يزال الوضع هادئا نسبيا على الرغم من الخطاب الملتهب والاشتباكات العنيفة بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية التي حدثت في الأماكن المقدسة."

أما في غزة، فيؤدي إطلاق الصواريخ إلى تقويض الاستقرار الهش الذي ساد منذ أيار/مايو الماضي.

قبة الصخرة المشرفة، القدس الشرقية، بعد يوم من المواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين يوم الجمعة 7 أيار/مايو 2021.
Yahya Arouri
قبة الصخرة المشرفة، القدس الشرقية، بعد يوم من المواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين يوم الجمعة 7 أيار/مايو 2021.

وتابع قائلا: "اسمحوا لي أن أكون واضحا: لا يوجد مبرر لأعمال الإرهاب أو العنف ضد المدنيين،" داعيا إلى أهمية أن يتوقف العنف والاستفزازات والتحريض على الفور وأن يدينها الجميع بشكل قاطع.

"كما أعيد التأكيد على أنه يجب على القادة السياسيين والدينيين والمجتمعيين من جميع الأطراف القيام بدورهم لتقليل التوترات ودعم الوضع الراهن في الأماكن المقدسة، وضمان احترام قدسيتها من قبل الجميع."

ورحب بالتصريحات التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون كبار بإعادة تأكيد التزام إسرائيل بالتمسك بالوضع الراهن وضمان عدم السماح إلا للمسلمين بالصلاة في الحرم الشريف.

وقال: "في هذه اللحظة الحساسة والمتقلبة، بذل القادة الإسرائيليون والفلسطينيون بعض الجهود الجديرة بالثناء لتخفيف التوترات وإدانة الهجمات وكبح جماح العنف." كما انخرط الشركاء الإقليميون والدوليون مثل الأمم المتحدة ومصر والأردن للمساعدة في استعادة الهدوء في الأماكن المقدسة وضمان استمرار وصول المصلين المسلمين. ودعا وينسلاند إلى مواصلة هذه الجهود.

تصاعد العنف بشكل حاد

تطرق وينسلاند إلى أعداد الفلسطينيين والإسرائيليين الذين تأثروا في أحداث العنف، قائلا إنه في الضفة الغربية المحتلة وإسرائيل، قُتل 23 فلسطينيا من بينهم ثلاث نساء وأربعة أطفال، على أيدي القوات الإسرائيلية خلال مظاهرات واشتباكات وعمليات مداهمة وتفتيش وهجمات ومزاعم بهجمات ضد إسرائيليين وغيرها من الحوادث، وأصيب 541 فلسطينيا من بينهم 30 سيدة و80 طفلا.

ونفّذ مستوطنون إسرائيليون أو غيرهم من المدنيين 66 هجوما ضد فلسطينيين مما تسبب بتسع إصابات و/أو أضرار في الممتلكات الفلسطينية.

أما على الجانب الإسرائيلي، فقد قُتل 12 إسرائيليا، بينهم سيّدتان وثلاثة أشخاص من الرعايا الأجانب، وأصيب 82 إسرائيليا بمن فيهم ستة أطفال وأربع نساء، وأجنبي واحد، بإطلاق رصاص فلسطيني وعمليات طعن ودهس واشتباكات وإلقاء حجارة وزجاجات مولوتوف وغيرها من الحوادث.

في الإجمالي، نفّذ الفلسطينيون 104 من الهجمات ضد مدنيين إسرائيليين مما تسبب بإصابات و/أو أضرار في الممتلكات الإسرائيلية.

لكنه أكد أنه على الرغم من التوترات، بشكل عام، تمكن مئات الآلاف من المسلمين واليهود والمسيحيين من الاحتفال بالأيام المقدسة في البلدة القديمة ومحيطها في أجواء سلمية نسبيا ودون مزيد من التصعيد.

وقال: "أعيد التأكيد على وجوب محاسبة مرتكبي جميع أعمال العنف وتقديمهم بسرعة إلى العدالة." وحث إسرائيل على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واستخدام القوة المميتة فقط عندما لا يمكن تجنبها من أجل حماية الأرواح.

وأشار إلى أن سلوك القوات الإسرائيلية يثير مخاوف بشأن الاستخدام المفرط للقوة.

"إنني مرعوب بشكل خاص من استمرار قتل الأطفال وإصابتهم. أحث السلطات الإسرائيلية على إجراء تحقيقات شاملة وشفافة في جميع حالات الاستخدام المفرط المحتمل للقوة."

المستوطنات غير شرعية

على خلفية الأنشطة الاستيطانية المستمرة والضغط على المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى التوترات المتزايدة، قال وينسلاند إن العنف المتصل بالمستوطنين ظل مرتفعا، لا سيّما في أعقاب الهجمات الإرهابية في إسرائيل.

وأشار إلى حادثة وقعت في 10 نيسان/أبريل، حيث قام عشرات الفلسطينيين بتخريب وإضرام النار في موقع مقدس لليهود يقع في المنطقة "أ" في مدينة نابلس بالضفة الغربية قبل تفريقهم من قبل قوات الأمن الفلسطينية.

وقال: "إن تخريب المواقع الدينية أمر غير مقبول ويمكن أن يؤدي إلى زيادة تصعيد الموقف."

وفي 27 آذار/مارس، استولى أعضاء في منظمة استيطانية إسرائيلية – مصحوبين بالشرطة الإسرائيلية – على الطابق الأول من بناية تاريخية في البلدة القديمة في القدس. "جاء استيلاء المستوطنين وسط إجراءات قانونية جارية بين منظمة المستوطنين وبطريركية الروم الأرثوذكس بشأن ملكية العقار." وفي بيان، وصفت البطريركية هذا الاستيلاء بأنه "تهديد لاستمرار بقاء الرُبع المسيحي في القدس."

ودعا وينسلاند جميع الأطراف إلى ضمان حماية أماكن العبادة.

كما أكد مجددا أن جميع المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة رئيسية في طريق السلام.

وفي سياق متصل، دعا السلطات الإسرائيلية إلى وقف سياسة هدم المنازل الفلسطينية وتشريد الفلسطينيين وإجلائهم، والمصادقة على خطط بناء إضافية تمكّن الفلسطينيين من البناء بشكل قانوني.

أوضاع مقلقة قطاع غزة

مدينة غزة.
Ziad Taleb
مدينة غزة.

وصف وينسلاند الحالة الأمنية والإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة بالمقلقة للغاية، حيث "لا يزال الفلسطينيون في غزة يعانون نتيجة سنوات من القيود الاقتصادية الشديدة والقيود المفروضة على الحركة الناتجة عن نظام الإغلاق الإسرائيلي، وطبيعة حكم حماس والتهديد المستمر بالعنف."

وبعد عدة أشهر من عدم إطلاق الصواريخ، أطلق نشطاء في غزة خمسة صواريخ باتجاه إسرائيل، سقط أحدها في بلدة سيديروت الإسرائيلية وألحق أضرارا بالممتلكات. واعترضت منظومة القبة الحديدية الصواريخ الأخرى.

وقال المسؤول الأممي: "أكرر أن الإطلاق العشوائي للصواريخ باتجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية ينتهك القانون الدولي ويجب أن يتوقف على الفور."

وحول الوضع المالي للسلطة الفلسطينية، قال وينسلاند إنه غير مستقر. فبينما ارتفعت إيرادات السلطة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، استمرت المصروفات في الازدياد مع عدم قدوم الدعم الكافي للميزانية من قبل المانحين، مما يجعل من الصعب على السلطة الفلسطينية بشكل متزايد الوفاء بالديون المستحقة والقيام باستثمارات مهمة في الاقتصاد والشعب.

Tweet URL

ومع اندلاع النزاع في أوكرانيا، ارتفعت الأسعار والاضطرابات في الأسواق مما يهدد مستويات الأمن الغذائي للعائلات الضعيفة، على حدّ قوله.

سقوط صواريخ من لبنان

أعرب وينسلاند عن قلقه من إطلاق صاروخ عبر الخط الأزرق باتجاه إسرائيل في الساعات الأولى من صباح اليوم (24 نيسان/أبريل). ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخ. وقد ردّ الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي على لبنان. ولم ترد أنباء عن إصابات، إلا أن وينسلاند حث على ضبط النفس.

وتواصل اليونيفيل انخراطها مع الجيش اللبناني لزيادة عملياتها المضادة لإطلاق الصواريخ لمنع وقوع المزيد من هذه الحوادث والمساهمة في الاستقرار على طول الخط الأزرق.

 

رياض منصور: إسرائيل تفلت من العقاب

ألقى مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، كلمة عقب السيد وينسلاند، وخاطب أعضاء مجلس الأمن منتقدا ما وصفه "بالمعايير المزدوجة والغضب الانتقائي والحرمان من العدالة" مشيرا إلى أن ذلك لا يؤدي سوى إلى تأجيج اليأس والغضب في وقت الحاجة إلى الأمل.

وقال مخاطبا الأعضاء إن إسرائيل لا تُحاسب على أفعالها: "يسألكم الشعب الفلسطيني: كيف يمكن لإسرائيل أن تفلت من العقاب؟ كيف تفلت من العقاب على القتل في وضح النهار، أمام مرأى الجميع، ربما في صراع هو الأكثر توثيقا في العالم؟".

كيف يمكن لإسرائيل أن تفلت من العقاب؟ كيف تفلت من العقاب على القتل في وضح النهار، أمام مرأى الجميع -- رياض منصور

وأضاف أن إسرائيل تقتل فلسطينيين كل يوم وتقمعهم كل يوم، وتقوم بتشريدهم كل يوم.

وأكد أن الفلسطينيين يسعون إلى طريق سلمي نحو الحرية، مشيرا إلى أنه تقع على المجتمع الدولي ومجلس الأمن المسؤولية للمساعدة في رسم هذا المسار، وعدم السماح لإسرائيل بتعطيله.

وقال: "لا يوجد ما يبرر الاستعمار والفصل العنصري، ولا شيء يبرر قمع أمة بأكملها وحرمانها من حقها في تقرير المصير." مشيرا إلى أن السلام يتحقق ويتراجع في الميدان: "أولئك الذين يريدون السلام يجب أن ينطلقوا من القدس. إذا تغيّر الواقع هناك، فسوف يتغيّر في كل مكان."

إسرائيل: اللوم يقع فقط على "الجماعات الإرهابية الفلسطينية"

من جانبه، قال مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، غلعاد إردان، إنه عندما تقرر جماعات إرهابية كحماس والجهاد الإسلامي أو الجبهة الشعبية خلق فوضى في الأماكن المقدسة، "تقرر إسرائيل اتخاذ إجراء."

وأضاف يقول: "لن تسمح إسرائيل لأي جماعة متطرفة بانتهاك الوضع القائم والتحريض على العنف. أيا كانت."

(المجتمع الدولي) كالنعامة، يدفن رأسه في التراب ويرفض أن تعترف بالواقع. يحبطني أن الهيئات الدولية يمكنها أن ترى الحقيقة بأم عينها، لكنّها تختار ألا تفعل ذلك -- غلعاد إردان

واتهم إردان الفلسطينيين بجمع الحجارة والقنابل النارية وتدنيس المواقع المقدسة بحواجز من القمامة وهدفهم إشعال فتيل الأزمة "من أجل ربح التأييد السياسي داخل المجتمع الفلسطيني."

وقال إن اللوم يقع فقط على "الجماعات الإرهابية الفلسطينية" التي تسببت بالعنف "فيما يجب أن يتم مدح الشرطة الإسرائيلية التي استعادت السلام."

وبسبب منعه من عرض مقاطع فيديو داخل قاعة مجلس الأمن، عرض إردان أمام الصحفيين خارج قاعة المجلس قبل افتتاح الجلسة مقاطع مصوّرة من داخل المسجد الأقصى، قائلا "إنها تقول الحقيقة" حول ما حدث هناك.

وفيما يتعلق بالمجتمع الدولي، قال السفير الإسرائيلي: "كالنعامة، يدفن رأسه في التراب ويرفض أن يعترف بالواقع. يحبطني أن الهيئات الدولية يمكنها أن ترى الحقيقة بأم عينها، لكنّها تختار ألا تفعل ذلك."