منظور عالمي قصص إنسانية

الصومال: مع تفاقم تأثير الجفاف على السكان الضعفاء، يتزايد خطر المجاعة

أم وطفلها يمرون بالقرب من جيف الماعز والأغنام في لوق بالصومال في 21 آذار/مارس 2022.
UN Photo/Fardosa Hussein
أم وطفلها يمرون بالقرب من جيف الماعز والأغنام في لوق بالصومال في 21 آذار/مارس 2022.

الصومال: مع تفاقم تأثير الجفاف على السكان الضعفاء، يتزايد خطر المجاعة

المناخ والبيئة

وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يُعدّ الصومال حاليا واحدا من أكثر البلدان تضررا من الجفاف في القرن الأفريقي. وتأثر حوالي 4.5 مليون صومالي بشكل مباشر من الجفاف ونزح حوالي 700,000 شخص، تركوا ديارهم بحثا عن الطعام والماء والمأوى.

مقاطعة لوق في ولاية جوبالاند بإقليم جدو، تتقاطع مع نهر جوبا. لأكثر من ثلاثة أشهر حتى الآن، تراجع منسوب النهر بشكل مطرد ولم يتبق سوى طين.

ومع تبخر المياه، تبخرت كذلك آمال المجتمعات المحلية – المكوّنة أساسا من المزارعين والرعاة – الذين يعتمدون على النهر في كسب عيشهم.

يقول أحد السكان ويُدعى أحمد حسن يارو: "من بين كل سنوات الجفاف التي عايشتها في أعوامي الـ 70، لم أرَ أمرا مثل هذا من قبل."

وتحت أشعة الشمس الحارقة، ذبلت محاصيل السكان ونفقت مواشيهم، ومثل العديد من الصوماليين الآخرين في جميع أنحاء البلاد، اقتربت المجتمعات من المجاعة.

تقول مَدير مرسال (28 عاما) وأم لطفل لجأت إلى أحد مخيمات النازحين: "فقدنا كل شيء بسبب الجفاف. نحتاج إلى الطعام والمأوى والماء وغيرها من الاحتياجات الإنسانية الأساسية."

أحمد حسن يارو، 70 عاما، يتحدث في مخيم للنازحين داخليا في لوق، الصومال في 21 آذار/مارس 2022.
UN Photo/Fardosa Hussein
أحمد حسن يارو، 70 عاما، يتحدث في مخيم للنازحين داخليا في لوق، الصومال في 21 آذار/مارس 2022.

خطر المجاعة

مع عقود من الصراع والصدمات المناخية المتكررة وتفشي الأمراض، بما في ذلك آثار جائحة كـوفيد-19، كان الوضع الإنساني في الصومال خطيرا بالفعل. حتى قبل الجفاف الحالي، قُدّر عدد الصوماليين الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية هذا العام بـ 7.7 مليون شخص – زيادة بنسبة 30 في المائة عن عام واحد.

وتدهور الوضع، حيث أدّى الجفاف الحالي إلى القضاء على المحاصيل الزراعية ونفوق الماشية بسبب نقص المياه والمراعي، مما حرم العديد من المجتمعات الرعوية من مصدر دخلها الوحيد.

وقال منسق الشؤون الإنسانية والمنسق المقيم في الصومال، آدم عبد المولى: "شهدت البلاد احتجاب الأمطار طوال ثلاثة مواسم متتالية. ومن المتوقع أن يكون الرابع، الذي من المفترض أن يبدأ في نيسان/أبريل ويستمر حتى حزيران/يونيو، أيضا أقل من معدله. إذا حدث ذلك، فإن خطر المجاعة على مرمى البصر."

المساعدات الإنسانية متواصلة

شاركت الأمم المتحدة وشركاؤها بشكل كبير في تقديم الدعم الإنساني. ففي شباط/فبراير، وصلوا بشكل جماعي إلى 1.6 مليون شخص بالمساعدة.

والأطفال في وضع هش على وجه التحديد.

يقول عبد المولى، وهو أيضا نائب الممثل الخاص للأمين العام في الصومال: "في هذا الوقت الذي نتحدث خلاله، 1.4 مليون طفل هم دون سن الخامسة ويعانون من سوء التغذية الحاد، وإذا لم نرفع من تدخلاتنا، من المتوقع أن 350,000 منهم سيموتون مع حلول صيف هذا العام. لا يمكن للوضع أن يكون أكثر خطورة من ذلك."

ودعا المسؤول الأممي جميع أولئك القادرين على المساهمة، بما في ذلك المغتربون الصوماليون ومجتمع الأعمال والمانحون التقليديون وغير التقليديين، والجميع، إلى التحرك الآن وبصوت واحد.

في خطة الاستجابة الإنسانية للصومال لعام 2022، تسعى الأمم المتحدة للحصول على ما يقرب من 1.5 مليار دولار لتقديم المساعدة الإنسانية إلى 5.5 مليون من الأشخاص الأكثر ضعفا في البلاد، من بينهم 1.6 مليون نازح داخليا، و3.9 مليون شخص من غير النازحين داخليا، وأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة.

إلا أنه تم تلقي 4 في المائة فقط – 56.1 مليون دولار.

أم وأطفالها الخمسة داخل مأواهم المؤقت في مخيم للنازحين داخليًا في لوق، الصومال في 21 آذار/مارس 2022.
UN Photo/Fardosa Hussein
أم وأطفالها الخمسة داخل مأواهم المؤقت في مخيم للنازحين داخليًا في لوق، الصومال في 21 آذار/مارس 2022.

البحث عن المأوى والأمان

في مخيمات لوق، هناك مزيج ملموس من الراحة والخنوع لدى النازحين. مخيم "بويل" هو واحد من المخيمات المنتشرة في الريف مع تنقّل الأشخاص اليائسين إلى مناطق يأملون في الحصول على المساعدة فيها.

يقول علي قاضي محمد، المفوض المحلي لمقاطعة لوق: "إنه أمر خطير، ومن أكبر المآسي التي يواجهها الصومال اليوم. مجتمعات النازحين ليس لديها مأوى أو ماء أو دواء أو حتى طعام، ويعتمد السكان على المساعدات. قضى الجفاف على كل شيء، وإذا لم يحصل الناجون على مساعدة إنسانية عاجلة، فمن المحتمل أن يموتوا أيضا."

قضى الجفاف على كل شيء، وإذا لم يحصل الناجون على مساعدة إنسانية عاجلة، فمن المحتمل أن يموتوا -- علي قاضي محمد

تعمل الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة بشكل وثيق مع الشركاء على الأرض لتخفيف الوضع. حيث تقوم المنظمة الدولية للهجرة بنقل المياه بالشاحنات إلى المخيمات، مثل مخيم بويل للنازحين داخليا، فضلا عن بناء خزانات المياه والحفر لاستخدامها كمراحيض للمساعدة في تحسين ظروف الصرف الصحي.

وفي أحد مستشفيات مقاطعة لوق الممول جزئيا من اليونيسف، تعمل وكالة الأمم المتحدة مع وكالة خيرية أيرلندية (تروكير) لعلاج وتغذية ودعم الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد.

يقول الممرض في المستشفى، عبد الرحمن محمد قاسم: "في كانون الثاني/يناير، تم إدخال 62 طفلا إلى المستشفى لأنهم يعانون من سوء التغذية. في شباط/فبراير، ارتفع العدد إلى 100، واعتبارا من 21 آذار/مارس، أصبح العدد 114."

وأضاف أنه يتم تقديم الحليب للأطفال في المراحل الأولية والثانوية من سوء التغذية، وبعد شفائهم يتم نقلهم إلى مراكز تغذية حيث يحصلون على البسكويت المقوّي ويتلقون العلاج من أي أمراض أخرى.

وفي أماكن أخرى من لوق، يقوم برنامج الأغذية العالمي بتنفيذ برامج النقد والقسائم الغذائية للفئات الضعيفة في الصومال، ويقدّم الدعم الغذائي الوقائي والعلاجي للنساء والأطفال.

وتعمل الوكالة الأممية على توسيع نطاق تدخلاتها، بهدف دعم 2.5 مليون شخص بالإغاثة الغذائية في النصف الأول من هذا العام، ولكن – مثل العديد من وكالات الأمم المتحدة الأخرى – لا يمكنها القيام بذلك إلا إذا تلقت مزيدا من التمويل، وفي هذه الحالة، يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى 203 مليون دولار لسد فجوة التمويل.