منظور عالمي قصص إنسانية

مسؤول أممي يصف الوضع في اليمن "بالمأساة الفظيعة" معربا عن مخاوفه من التدهور التدريجي في البلاد

يعيش إبراهيم عبد الله وعائلته في أحد المخيمات في اليمن بدون سقف وتساقط عليهم المطر.
© UNICEF/Saleh Hayyan
يعيش إبراهيم عبد الله وعائلته في أحد المخيمات في اليمن بدون سقف وتساقط عليهم المطر.

مسؤول أممي يصف الوضع في اليمن "بالمأساة الفظيعة" معربا عن مخاوفه من التدهور التدريجي في البلاد

المساعدات الإنسانية

أفاد المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، ديفيد غريسلي، بأن الصراع في اليمن الذي يدخل عامه السابع يشهد تكثيفا في المناطق الحدودية على الخطوط الأمامية، لا سيّما في الشرق في مأرب ومدن أخرى مثل تعز حتى الساحل على البحر الأحمر.

وقال غريسلي خلال إحاطة افتراضية للصحفيين في نيويورك، إن ذلك يتسبب في زيادة نزوح كبيرة للغاية للمجتمعات المحلية.

وقال: "بعضهم – وقد قابلتهم في الميدان – نزحوا مرتين وثلاث مرات وأربع مرات، نزحوا مرات عديدة مع تنقل جبهات القتال. الوضع صعب بالنسبة لهم، خاصة في هذا الوقت من العام ونحن ندخل الموسم البارد، كما أن لذلك تداعيات على قدرتهم على الاستمرار في البقاء على قيد الحياة."

وقد زار السيد غريسلي 14 محافظة من أصل 21 للاطلاع على الأوضاع عن قرب، وأشار إلى أن أكثر ما أذهله هو مدى الدمار الذي أحدثه الصراع. فقد شاهد مدارس مدمّرة، أو تُستخدم كمخازن للألغام الأرضية وغيرها، وشاهد مصانع وجسورا مدمرة، إضافة إلى عدم القدرة على الوصول إلى الحقول بسبب الألغام الأرضية.

وقال: "على سبيل المثال في مدينة تعز، تقع الشبكة المائية في الجزء الشمالي من المدينة الذي تسيطر عليه سلطات الأمر الواقع، فيما بقية المدينة في الجزء الجنوبي من خطوط المواجهة تخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها.

هذا يعني لا يمكن التنقل للحصول على الرعاية الطبية وتعطلت شبكات المياه. ذلك يتراكم مع الزمن، وهذه هي مخاوفي الأولية، ليس فقط المعاناة الإنسانية المباشرة التي يراها المرء، ولكن أيضا التدهور التدريجي في البلاد."

وحذر من أنه كلما طالت مدة الصراع، كلما تعمّق ذلك (الوضع).

انهيار الوضع الاقتصادي

أشار السيد غريسلي إلى أنه في نهاية المطاف، هذه أزمة سياسية بلا شك أدت إلى أزمة أمنية، وهذه الأزمة الأمنية نفسها أدت إلى انهيار في الاقتصاد حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد هو 50 في المائة مما كان عليه في السابق، ومئات الآلاف من الأشخاص فقدوا مصادر رزقهم، والوظائف لم تعد موجودة.

وقال: "حتى مصايد الأسماك، كانت ثالث أكبر عائد تصدير للبلاد على طول ساحل البحر الأحمر - (قطاع) انهار بالكامل، ولم يعد أي دخل يأتي منه."

مخاوفي الأولية، ليس فقط المعاناة الإنسانية المباشرة التي يراها المرء، ولكن أيضا التدهور التدريجي في البلاد

وأضاف أن انهيار الاقتصاد أدى إلى تخفيض كبير في الدخل لشراء الطعام، للأكثر تهميشا على وجه التحديد. وإذا تم جمع ذلك مع القيود المفروضة على الاقتصاد بسبب الصراع: التفتيش وإغلاق الموانئ، ونقاط التفتيش والضرائب المتعددة – كل ذلك يرفع أسعار السلع.

وشدد على أنه لإيجاد طريقة أفضل للمضي قدما بالنسبة للسكان، فيجب النظر إلى الجانب الاقتصادي إضافة للإنساني.

وركز غريسلي خلال زيارته إلى المحافظات اليمنية على خطوط المواجهة.

وقال: "ما شهدته هو مأساة فظيعة. لم تعد العائلات قادرة على الوصول إلى المدارس. الأمهات أمسكن بي وأردن أن يخبرنني ما حدث لأسرهن. ليس بالإمكان الوصول إلى المدارس أو الحصول على الرعاية الصحية لأنها على الجانب الآخر من خطوط النزاع، ولا التنقل في بعض المناطق لأنها ملوّثة بألغام أرضية. المشكلات التي يواجهونها شديدة."

أجبر الصراع في اليمن ملايين الأشخاص على الفرار من منازلهم إلى مخيمات مؤقتة.
© UNICEF/Hisham Al-Helali
أجبر الصراع في اليمن ملايين الأشخاص على الفرار من منازلهم إلى مخيمات مؤقتة.

الحاجة إلى التمويل

قال غريسلي إنه تمت الاستفادة من حوالي 2.2 مليار دولار لدعم شعب اليمن، ولكن هذا المبلغ أقل من 60 في المائة من المطلوب، ولا يزال يوجد نقص بقيمة 1.6 مليار دولار في هذه المرحلة. "نواجه أزمة مع دخول عام 2022."

وضرب مثالا على الوضع المزري بالنسبة للأشخاص إذا لم تحصل الوكالات على التمويل وقال: "على سبيل المثال، لدى برنامج الأغذية العالمي 30 في المائة فقط من التمويل المطلوب لتقديم المساعدات الغذائية بين كانون الأول/ديسمبر وأيار/مايو. قد يؤدي ذلك إلى تخفيض الحصص الغذائية إلى ثمانية ملايين شخص. من المهم سد فجوة التمويل."

وفيما يتعلق بالنزوح، قال غريسلي إن 45,000 شخص نزحوا في مأرب منذ أيلول/سبتمبر أكثر مرة - فقط 9 في المائة من التمويل المطلوب لتوفير المأوى متوفر، وقال: "هذا غير مقبول أيضا خاصة مع دخول موسم الشتاء."

ومن المقرر توفير مصادر تمويل كبيرة لمأرب - ما يكفي لـ 60 في المائة من الاحتياجات التي ستأتي في الأسابيع المقبلة - ولكن مع ذلك، أشار غريسلي إلى وجود فجوة كبيرة.

وقال: "ولا نزال بحاجة إلى مصادر مماثلة على طول الخطوط الأمامية."

أهمية الحفاظ على السلام

شدد غريسلي على أهمية الحفاظ على جهود السلام الجارية للمضي قدما. نركز على جهود خاصة فيما يتعلق بتوسيع نطاق الاستجابة على طول جميع الخطوط الأمامية. التحديات أمامنا هي قيود التمويل، ولكن الاستجابة جارية على قدم وساق.

واختتم كلمته بالقول: "أختتم بدعوة من أجل السلام. هذا ليس سويّا، ويجب وضع حد له في أسرع وقت ممكن كي لا ننزلق إلى دولة تغيّرت بالكامل وسيكون من الصعب الخروج (من الوضع).. نحتاج إلى سلام مستدام اليوم."

فتيات صغيرات يعبرن الطريق في مدينة تعز اليمنية.
© UNICEF/Ahmed Al-Basha
فتيات صغيرات يعبرن الطريق في مدينة تعز اليمنية.

ناقلة صافر

وردّا على سؤال يتعلق بآخر المستجدات المتعلقة بناقلة النفط "صافر" قال غريسلي: "إننا محظوظون أن فترة الشتاء هي فترة تحمل مخاطر أقل لأي تسرب أو أي انفجار، ولكن سيتغير ذلك في نيسان/أبريل وأيار/مايو، لذلك فإن العمل المبكر مطلوب إذا أردنا تخفيض مستوى المخاطر. لكننا ملتزمون في المضي قدما وأنا متفائل أن بإمكاننا القيام بذلك."

وأشار إلى أن الأمر ليس صعبا من الناحية التقنية، فهي ليست مشكلة تقنية، هي مشكلة سياسية أمنية بسبب الصراع نفسه على حد تعبيره.

وبحسب المسؤول الأممي، تمت مراجعة جميع المبادرات في السابق، وقد بحث على مستوى قيادي رفيع يوم أمس الأربعاء خطة تشغيلية مقترحة لمعرفة كيفية المضي قدما، وشدد على ضرورة مناقشة ذلك مع الأطراف المعنية والدول الأعضاء في المنطقة والمهتمين بهذه القضية، "ولكن مع دخول كانون الثاني/يناير يجب أن نحصل على وضوح أكبر بهذا الشأن."