منظور عالمي قصص إنسانية

تقرير أممي: العالم يخسر مليارات الدولارات سنويا بسبب التمييز على أساس السن

رجل يحيك الملابس، وإلى جانبه حفيدته، في ورشته بمنزل العائلة. جمهورية مقدونيا الشمالية.
UNICEF/Tomislav Georgiev
رجل يحيك الملابس، وإلى جانبه حفيدته، في ورشته بمنزل العائلة. جمهورية مقدونيا الشمالية.

تقرير أممي: العالم يخسر مليارات الدولارات سنويا بسبب التمييز على أساس السن

حقوق الإنسان

ذكر تقرير أممي أن شخصا من كل اثنين في أنحاء العالم يُعتقد أنه يتبع سلوكيات تمييزية على أساس السن، مما يُضعف الصحة البدنية والنفسية للمسنين ويؤدي إلى تراجع جودة حياتهم، كما أن ذلك يكلف المجتمعات مليارات الدولارات سنويا.

وذكر التقرير أن الاستجابة لجائحة كـوفيد-19 تكشف عن مدى انتشار التمييز على أساس السن، إذ انتشرت القوالب النمطية المتعلقة بالمسنين والشباب في الخطاب العام وعلى وسائل التوصل الاجتماعي، كما اُستخدم السن أحيانا كمعيار وحيد للحصول على الرعاية الطبية والعلاجات المنقذة للحياة والعزل الجسدي.

وفي بيان صحفي، قال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "في الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى التعافي وإعادة بناء ما أفسدته الجائحة، يجب عدم السماح للقوالب النمطية القائمة على السن والتحيز والتمييز بالحد من فرص ضمان صحة ورفاه وكرامة الناس في كل مكان".

أصدر تقرير التمييز على أساس السن، منظمة الصحة العالمية ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

ويدعو التقرير إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة التمييز على أساس السن وتحسين أساليب القياس والإبلاغ للكشف عن هذا التمييز بوصفه آفة ذميمة من آفات المجتمع. 

التمييز ضد المسنين والشباب

وفق التقرير يتسرب التمييز على أساس السن إلى العديد من مؤسسات المجتمع وقطاعاته، بما فيها تلك التي تقدم الرعاية الصحية والاجتماعية، وفي أماكن العمل ووسائط الإعلام والنظام القانوني. وينتشر تقنين الرعاية الصحية على أساس السن وحده انتشارا واسعا. وأظهر استعراض منهجي أجري عام 2020 أن السن كان العامل المحدد، في 85 في المائة من 149 دراسة، لمن تلقوا إجراءات أو علاجات طبية معينة. 

ويكون المسنون والشباب على حد سواء في الغالب محرومين من بعض الاستحقاقات في أماكن العمل، وتتدنى فرص الحصول على التدريب والتعليم المتخصصين كثيراً مع التقدم في السن. ويتجلى التمييز على أساس السن ضد الشباب في العديد من المجالات مثل التوظيف والصحة والإسكان والسياسة، حيث تُرفض أصوات الشباب في الغالب أو لا يُهتم بها. 

عواقب خطيرة على الصحة البدنية والنفسية

وتترتب على التمييز على أساس السن عواقب خطيرة وواسعة النطاق على صحة الناس ورفاههم. ويرتبط في صفوف المسنين بضعف الصحة البدنية والنفسية، وزيادة العزلة الاجتماعية والوحدة وانعدام الأمن المالي، وتدني جودة الحياة، والوفاة المبكرة. ويوجد، وفقاً للتقديرات، نحو 6.3 ملايين حالة اكتئاب في العالم تعزى إلى التمييز على أساس السن. 

وقالت ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان إن الجائحة كشفت بوضوح مواطن ضعف المسنين، ولا سيما أكثرهم تهميشاً، الذين يواجهون في الغالب مزيجاً متداخلاً من التمييز والعقبات – لأنهم إما فقراء، أو يعانون من إعاقات، أو لكونهم نساء يعشن بمفردهن، أو لانتمائهم إلى الأقليات.

ودعت إلى جعل هذه الأزمة نقطة تحول في الطريقة التي يُنظر بها إلى كبار السن ومعاملتهم والاستجابة لهم من أجل بناء عالم الصحة والرفاه والكرامة لجميع الأعمار.

وأظهرت دراسة أجريت عام 2020 في الولايات المتحدة الأمريكية أن التمييز على أساس السن، في شكل القوالب النمطية والصورة الذاتية السلبية،  أدى إلى زيادة التكاليف السنوية لمعالجة أكثر ثمانية ظروف صحية تكلفةً بمقدار 63 مليار دولار أمريكي. 

وتشير التقديرات في أستراليا إلى أن زيادة بنسبة 5% في عدد الأشخاص (ممن تبلغ أعمارهم 55 عاما فأكثر) الذين يتم توظيفهم ستؤدي إلى أثر اقتصادي إيجابي يُقدر بـ 48 مليار دولار أسترالي سنوياً على الاقتصاد الوطني. 

انتهاك لحقوق الإنسان

وقالت ميشيل باشليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان "إن التمييز على أساس السن يضر بالجميع - كباراً وصغاراً. ولكنه كثيراً ما يكون منتشراً ومقبولاً - في سلوكياتنا وسياساتنا وقوانيننا ومؤسساتنا - لدرجة أننا لا ندرك حتى تأثيره الضار على كرامتنا وحقوقنا". وشددت على ضرورة مكافحة التمييز على أساس السن باعتباره انتهاكاً عميقَ الجذور لحقوق الإنسان. 

يشير التقرير إلى أن السياسات والقوانين التي تعالج التمييز على أساس السن، والأنشطة التعليمية التي تعزز التعاطف وتبديد المفاهيم الخاطئة، والأنشطة المشتركة بين الأجيال التي تقلل من التحيز، تساعد جميعها على الحد من التمييز على أساس السن.

وشجع التقرير جميع البلدان وأصحاب المصلحة على استخدام استراتيجيات تستند إلى البيانات، وتحسين جمع المعلومات وإجراء البحوث، والعمل معاً من أجل بناء حركة تهدف إلى تغيير طريقة التفكير والشعور والتصرف حيال مسائل السن والشيخوخة، وإحراز تقدم في عقد الأمم المتحدة للتمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة.