منظور عالمي قصص إنسانية

اليونسكو: ينبغي أن يشهد التعليم تغيرات جذرية لنتمكن من تحقيق أهدافنا الإنمائية العالمية

تطمح ساكيما أن تصبح معلمة. وترغب في تعليم الأطفال في الصف الثالث، وتقول: "لأنني فهمت كل شيء علمته لنا المعلمة." المصدر: فنسنت تيرماو
تطمح ساكيما أن تصبح معلمة. وترغب في تعليم الأطفال في الصف الثالث، وتقول: "لأنني فهمت كل شيء علمته لنا المعلمة." المصدر: فنسنت تيرماو

اليونسكو: ينبغي أن يشهد التعليم تغيرات جذرية لنتمكن من تحقيق أهدافنا الإنمائية العالمية

يظهر تقرير اليونسكو العالمي الجديد لرصد التعليم إمكانيّات مساهمة التعليم مساهمة فعّالة في دفع عجلة التقدّم في تحقيق كافة الأهداف العالميّة الواردة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030. كما يفيد التقرير بأنّ التعليم بحاجة إلى نقلة نوعيّة لتحقيق هذه الإمكانيّات ومواجهة التحديات التي تواجه الإنسانية والكوكب في الوقت الراهن.

هذا ويظهر تقرير "التعليم من أجل الناس والكوكب" الحاجة إلى تركيز النظم التعليميّة على القضايا البيئيّة. فمن فئة الطلاب البالغة أعمارهم 15 عاماً، بلغت نسبة الذين يمتلكون المعارف الأساسيّة بشأن البيئة في كل من الأردن وتركيا، 55% و62% على التوالي. هذا ويعدّ التعليم في معظم الدول، أفضل مؤشرات الوعي بالتغيرات المناخيّة، إلا أن نصف المناهج التعليميّة حول العالم لا تتطرّق تطرقاً مباشراً إلى التغيرات المناخيّة أو الاستدامة البيئيّة.

وفي هذا السياق، قالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا: "لا بدّ من تحقيق تغيير جذري في معتقداتنا بشأن دور التعليم في تحقيق التنمية العالمية لأنّ للتعليم تأثيرا كبيرا على رفاهية الأفراد من جهة ومستقبل مجتمعاتنا من جهة أخرى".

وأضافت قائلة: "يتحلى التعليم أكثر من أي وقت مضى بمسؤولية مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ومواكبة تطلعاته بالإضافة إلى تعزيز القيم والمهارات اللازمة من أجل تحقيق كل من النمو المستدام والشامل، والتعايش السلمي."

وأبرز التقرير مدي أهمية أن تركز المناهج التعليميّة على مسألة حماية الأقليات الثقافيّة واحترامها بالإضافة إلى لغات هذه الأقليات التي تحوي معلومات هامّة بشأن آلية عمل النظم البيئيّة. ولكن وفقاً للتقرير، هناك نحو 40 % من السكان في شتى أرجاء العالم لا يتلقون التعليم باللغة التي يتكلمونها أو يفهمونها.

ويؤكد التقرير على أهمية أن توفر المناهج الدراسية للناس المهارات والمعارف الهامة والتي ستدعمهم في التحول إلى الصناعات الخضراء، وإيجاد حلول جديدة للمشاكل البيئيّة، لافتا إلى أن هذا الأمر يتطلب أيضاً أن يتجاوز التعليم مقاعد الدراسة ليستمر في المجتمعات وأماكن العمل بين البالغين.

وفي الوقت الراهن، فإنّ ثلثي البالغين حول العالم يفتقرون إلى المهارات المالية والحسابيّة. وقد وصلت هذه النسبة في اليمن إلى 87%. كما أنّ 3% فقط من البالغين في إيران يجيدون العمليّات الحسابيّة. ويلتحق 6% فقط من البالغين في أفقر دول العالم ببرامج محو الأميّة.

ويقول مدير فريق التقرير العالمي لرصد التعليم، هارون بينافوت:"إذا ما أردنا الحصول على كوكب أكثر اخضراراً ومستقبل مستدام للجميع، علينا أن نطالب نظمنا التعليميّة بأكثر من نقل المعرفة. وإننا بحاجة إلى أن نركز في مدارسنا وجامعاتنا وبرامج التعليم مدى الحياة على آفاق اقتصاديّة بيئيّة واجتماعيّة تساعد على تكوين مواطنين يتمتعون بقدرات كبيرة وحس نقدي وكفاءة عالية."

ويشير التقرير إلى الحاجة الماسة إلى توفّير النظم التعليميّة ومهارات أفضل لتتوافق مع حاجات ومتطلبات الاقتصادات المتنامية التي تشهد تغيّراً سريعاً في المتطلبات الوظيفيّة ناهيك عن البدائل الآلية.

ويفيد التقرير أيضا بإن حالات عدم المساواة في التعليم والتفاوتات الواسعة بين شرائح المجتمع تسلّط الضوء على مخاطر الوقوع في براثن العنف والنزاعات التي تعد بدورها عائقاُ رئيساً أمام النمو في المنطقة حيث تحول دون وصول 19 مليون طفل إلى مقاعد الدراسة. وتفيد دراسة جديدة تستند إلى بيانات جمعت من 100 بلد تغطي فترة 50 سنة بأن البلدان التي تعاني من تفاوت واسع في الانتفاع من التعليم أكثر عرضة من غيرها للوقوع في براثن النزاع المسلح. وعليه يدعو التقرير الحكومات إلى تناول مسألة التفاوت في الانتفاع من التعليم بجديّة وتعقبها من خلال جمع المعلومات مباشرة من الأسر.

كما يؤكّد هذا التقرير أن الخطة الجديدة للتنمية المستدامة تدعو وزراء التعليم وغيرهم من الناشطين في هذا المجال إلى التعاون مع القطاعات الأخرى.

ومن بين الفوائد التي يمكن تحقيقها بفضل هذا التعاون، يلفت التقرير الانتباه إلى أن التعليم يقلّل النمو السكاني الذي يشكّل ضغطاً على البيئة: ففي مصر، على سبيل المثال، انخفض عدد الولادات لكل 1000 امرأة مراهقة إلى ما يقارب النصف للواتي أتممن تعليمهنّ الثانوي مقابل لا شيء للواتي لم يحصلن على التعليم.

كما أن سنة إضافيّة واحدة في تعليم الأمهات، في دول أفريقيا الشماليّة وشرق آسيا، كفيلة بخفض معدل الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة بسبب مرض الالتهاب الرئوي، بنسبة 23%.

وتساهم الفرص المتساوية في التعليم بين العاملين من الطبقات الفقيرة والغنية، في خفض معدّل العمالة الفقيرة بين الفقراء بنسبة 39%.

وتشير التقديرات إلى أن كلفة العلاجات البسيطة مثل حبوب المغذيات الدقيقة التي تقدمها المدارس تعادل عشر كلفة العلاج في الوحدات الطبية المتنقلة.