منظور عالمي قصص إنسانية

يوم مكافحة التصحر: الأمم المتحدة تدعو إلى الاستثمار في "التربة الحية"

تظهر النجاحات التي تحققت مؤخرا أن حل المشاكل المتعلقة بالتصحر وتدهور الأراضي ليس  مستعصيا. من صور الفاو / جوليو نابوليتانو
تظهر النجاحات التي تحققت مؤخرا أن حل المشاكل المتعلقة بالتصحر وتدهور الأراضي ليس مستعصيا. من صور الفاو / جوليو نابوليتانو

يوم مكافحة التصحر: الأمم المتحدة تدعو إلى الاستثمار في "التربة الحية"

بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، دعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي يوم الأربعاء إلى التحرك بعجل لمحاربة هذه الآفة وللاستثمار في التربة السليمة للحفاظ على حقنا في الغذاء والمياه العذبة.

واختير موضوع هذا العام 2015 "تحقيق الأمن الغذائي للجميع من خلال النظم الغذائية المستدامة" لزيادة الوعي بشأن التكيف القائم على النظام الإيكولوجي باعتباره استراتيجية للتعامل مع آثار تغير المناخ، وبخاصة في المناطق الجافة. ويعني التكيف القائم على النظام الإيكولوجي تعزيز النظم الطبيعية لتخفيف أسوأ آثار تغير المناخ. وعندما تكون النظم الإيكولوجية سليمة، تقل مخاطر التغير المناخي وتأثيره فيها. وقال الأمين العام بان كي مون في رسالة بهذه المناسبة، "إن تدهور الأراضي والتصحر ينتقصان من حقوق الإنسان، بدءا بالحق في الغذاء. فنحو مليار شخص يعانون من نقص في التغذية، وأولئك الذين يعيشون في المناطق المتدهورة من أكثر المتضررين. وقد تزداد حالتهم سوءا إذا أدى تدهور الأراضي، كما هو متوقع، إلى تقلص الإنتاج الغذائي العالمي بنسبة 12 في المائة بحلول عام 2035." وأضاف أن الأمن الغذائي يتأثر أيضا بتناقص الموارد المائية. فبسبب تدهور الأراضي، لا يخزَّن إلا قدر قليل من المياه والثلوج تحت الأرض. وفي ظرف عشر سنوات، قد يعاني اثنان من كل ثلاثة أشخاص في العالم من ظروف مائية صعبة. "إننا نتسبب في تدهور 12 مليون هكتار من الأراضي المنتجة سنويا، وهي مساحة بحجم بنن أو هندوراس. وأكثر من نصف أراضينا الزراعية متدهورة، و 10 في المائة منها فقط آخذة في التحسن. ويمكن استصلاح حوالي 500 مليون هكتار من الأراضي بفعالية من حيث التكلفة، عوض التخلي عنها." وأوضح أنه من خلال تدهور الأراضي وغير ذلك من أوجه استخدام الأراضي بشكل غير لائق، نطلق نحو ربع غازات الدفيئة التي تسبب احترار الكوكب. ويسهم تغير المناخ واستخدام الأراضي بطريقة غير مستدامة، لا سيما في القطاع الزراعي، في تناقص موارد المياه العذبة في جميع مناطق العالم. ونتيجة لذلك، يتوقع أن ينخفض الإنتاج الغذائي العالمي بنسبة 2 في المائة كل عشر سنوات. "بيد أنه من الممكن إيجاد عالم يضمن فيه الأمن الغذائي والمائي والبشري. لكننا بحاجة إلى أن نغير المسار ونبدأ في تأمين كل هكتار من الأرض يمكن أن يوفر الغذاء أو المياه العذبة،" مؤكدا أن الأرض مورد متجدد، لكن بشرط أن نستثمر في تحقيق التعادل في تدهور الأراضي، الذي اقترحته الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في إطار خطة التنمية لما بعد عام 2015. وتابع السيد بان قائلا، "يجب ألا نتسبب في تدهور المزيد من الأراضي، وأن نقوم في الوقت ذاته باستصلاح قدر ما نستطيع من الأراضي المتدهورة. ومن ثم، سيكون بمقدورنا أيضا أن نخطو خطوات سريعة نحو التحكم في تغير المناخ."ومن جانبها تساءلت مونيك باربو الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، في رسالة بمناسبة اليوم عن الذي يتبادر إلى الذهن "عندما يوضع أمامك طبق الطعام؟ في الواقع قليلون منا من يفكرون بذلك بالرغم من أنها تعد آخر خطوة في عملية طويلة ومُركبة. فعندما نتناول الطعام، نادرًا ما نفكر في سيقان الأرز الموجودة بالحقول أو الحيوانات التي ترعى أو البطاطس المزروعة في الأرض. ولا تتسع آفاقنا للتفكر في الأرض التي تعزز وتحافظ على جميع معالم الحياة والصحة."وقالت، "إن الإدارة المستدامة للأراضي والإجراءات المتخذة لإصلاح الأراضي المتدهورة يمكن أن تؤدي إلى ترسيخ أساس الأمن الغذائي، حيث ستعمل على استعادة الأرض والتربة للكربون والماء والكائنات الحية والحفاظ عليها نظرًا لكونها عناصر أساسية لصحة النبات." ودعت إلى الانضمام إلى الأعمال التي تجريها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في اليوم العالمي لمكافحة التصحر لاسترداد جميع الأراضي المتدهورة التي يمكننا استردادها، مضيفة "نحن نتعاون مع مجتمعات ومنظمات غير حكومية وشركات وحكومات ذات قوة متزايدة وملتزمة بدورها كجيل من متعهدي الأراضي المستدامة. ففي مقابل كل وجبة، يجب أن تدفع الفاتورة، فدعونا نستثمر على النحو الملائم حتى يتوفر الطعام لنا جميعًا."كما رحبت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية العلم والثقافة، اليونسكو، إيرينا بوكوفا، في رسالة لها، بالتقدم المحرز منذ عام 2000 في القضاء على الفقر والجوع، وأقرت باستمرار هذه المشاكل في البلدان النامية القاحلة التي تعاني من قلة توفر المياه بسبب عمليات طبيعية وأنشطة بشرية. وقالت بوكوفا "الأمن الغذائي ليس مجرد مسألة إنتاج وتوزيع المواد الغذائية، إنه يتطلب نظم غذائية مستدامة، والتي تعتمد على إدارة مستدامة للنظم الإيكولوجية، التي تدعمها بحوث ومعرفة وتطبيق التكنولوجيات المناسبة".وأضافت أن اليونسكو تعمل على مكافحة هذه الظاهرة، من خلال مساعدة الحكومات على تعزيز مرونتها في جميع المجالات لآثار التصحر.وأشارت المديرة العامة إلى المبادرة الأخيرة التي قامت بها اليونسكو في حوض بحيرة تشاد من أجل تعزيز الإدارة المتكاملة للموارد الطبيعية واستعادة النظام الإيكولوجي.