منظور عالمي قصص إنسانية

أوكرانيا: وفق باشيليت مأساة ماريوبول لم تنته بعد، ولم تتضح الصورة الكاملة للدمار الذي حصل

 مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية التي تعرضت للقفص، بما في ذلك تعرض مستشفى المدينة لإطلاق النار باستمرار.
IOM/Diana Novikova
مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية التي تعرضت للقفص، بما في ذلك تعرض مستشفى المدينة لإطلاق النار باستمرار.

أوكرانيا: وفق باشيليت مأساة ماريوبول لم تنته بعد، ولم تتضح الصورة الكاملة للدمار الذي حصل

حقوق الإنسان

قالت ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن ماريوبول كانت على الأرجح "أكثر الأماكن دموية في أوكرانيا" في الفترة بين شباط /فبراير ونهاية نيسان /أبريل. وأضافت أن شدة ونطاق الأعمال العدائية والدمار والوفيات والإصابات "تشير بقوة إلى وقوع انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي وللقانون الدولي لحقوق الإنسان".

في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان اليوم الخميس، قالت باشيليت إن مكتبها لم يتمكن من الوصول إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة القوات الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها، بما في ذلك ماريوبول نفسها، بسبب الوضع الأمني. ولكنها قالت إن مكتبها يراقب الوضع ويوثقه من خلال التحدث مباشرة مع الأشخاص الذين غادروا المدينة، والتواصل عن بعد مع الأشخاص الذين بقوا في المدينة، وجمع وتحليل المعلومات المتاحة للعموم، وباستخدام صور الأقمار الصناعية.

مدينة تحت الحصار

كانت المدينة تحت الحصار لأكثر من شهر حتى تولت القوات الروسية السيطرة الكاملة عليها في 30 نيسان /أبريل، باستثناء منطقة مصنع آزوفستال.

وقالت المفوضة السامية إن ما يصل إلى 90 في المائة من المباني السكنية تضررت أو دمرت، وكذلك ما يصل إلى 60 في المائة من المنازل الخاصة. وأُجبر ما يقدر بنحو 350 ألف شخص على مغادرة المدينة.

وأضافت باشيليت أن "هجوماً جوياً روسياً على مسرح الدراما في ماريوبول في 16 آذار /مارس يبرز من بين أكثر الأمثلة دموية والأكثر رمزية للأضرار التي لحقت بالمدنيين. كان في المسرح مئات المدنيين المختبئين بالداخل مع وجود لافتات كتب عليها بوضوح "أطفال" يمكن رؤيتها من السماء".

وقالت المفوضة السامية إنه منذ الأسبوع الأول من آذار /مارس، اتسمت الأعمال العدائية في منطقة ماريوبول الحضرية "بالاستخدام المكثف للأسلحة ذات الآثار واسعة النطاق، بما في ذلك قصف الدبابات والمدفعية الثقيلة وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة والصواريخ والضربات الجوية. زادت معدلات الوفيات مع مرور الوقت وتزايد شدة عدوان".

أكدت باشيليت أن مكتبها تحقق من مقتل 1348 مدنيا بشكل مباشر في الأعمال العدائية في ماريوبول، من بينهم 70 طفلا. وأشارت إلى أنه "من المرجح أن يكون عدد القتلى الفعلي للأعمال العدائية على المدنيين أعلى بالآلاف،" حيث تم العثور على الجثث في مقابر مرتجلة فردية وجماعية وفي المنازل.

 طفل فر من ماريوبول ، أوكرانيا
© UNICEF/Olena Hrom
طفل فر من ماريوبول ، أوكرانيا, by © UNICEF/Olena Hrom

الخدمات الأساسية والبنية التحتية المدنية

وشددت المفوضة السامية على أن تدمير البنية التحتية المدنية وإلحاق الضرر بها في ماريوبول يثير مخاوف جدية بشأن الامتثال للقانون الإنساني الدولي، ولا سيما حظر الهجمات العشوائية ومتطلبات التناسب.

وقالت إن جميع المستشفيات القادرة على استقبال المدنيين المصابين تضررت أو دمرت واقترن ذلك بنقص الكهرباء والإمدادات الطبية، مما أدى عمليا إلى توقف المستشفيات عن العمل.

تم قطع إمدادات الكهرباء والغاز والمياه في ماريوبول في أوائل آذار /مارس، مما أجبر السكان على الانخراط في آليات تكيف شديدة، بما في ذلك مياه الشرب من السيارات وغيرها من المعدات والخروج أثناء القتال والقصف للطهي على نار مكشوفة.

وأضافت باشيليت أن أكثر من ألفي جندي أوكراني أسروا من ماريوبول منذ أوائل آذار / مارس، وسط مزاعم عن سوء المعاملة.

وشددت المفوضة السامية على أن الوضع الحالي في ماريوبول مروع، على الرغم من تلاشي القصف، وقالت إن السكان ما زالوا يعانون من محدودية الوصول إلى المرافق الأساسية والخدمات الاجتماعية بشكل يومي، مع الإبلاغ عن مخاطر الأمراض المعدية. وقالت إن الكثير من الناس يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية من القوات المسلحة الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها وليس لديهم وسائل للحفاظ على سبل عيشهم.

الأزمة لم تنته بعد

كما أثارت باشيليت مخاوف بشأن ما يسمى بعملية "تصفية" المدنيين الراغبين في العودة إلى المدينة، والتي ورد أنها تنطوي على قرارات تعسفية وترهيب وإهانة، قد تصل إلى حد سوء المعاملة.

ودعت المفوضة السامية إلى إزالة المتفجرات من مخلفات الحرب في المدينة، وإعطاء الأولوية القصوة لاستعادة الرفات وتحديد هويتها ودفنها بشكل لائق. وذكّرت روسيا بوجوب الوفاء بجميع التزاماتها بموجب القانون الدولي الساري بصفتها القوة القائمة بالاحتلال في ماريوبول.

بالإضافة إلى ذلك، قالت باشيليت إن فرق حقوق الإنسان يجب أن تتمتع بإمكانية الوصول الكامل ودون عوائق إلى ماريوبول وجميع المناطق المتضررة الأخرى في أوكرانيا، وكذلك الوصول الفعال إلى المعلومات ذات الصلة، لضمان أن تكون مراقبتها مستقلة ومحايدة.

وقالت المفوضة السامية: “مأساة ماريوبول لم تنته بعد، والصورة الكاملة للدمار الذي حصل لم تتضح بعد. يمكن إعادة بناء المدينة في نهاية المطاف، لكن الفظائع التي لحقت بالسكان المدنيين ستترك بصماتها التي لا تمحى، بما في ذلك على الأجيال القادمة؛ على الآباء الذين اضطروا إلى دفن أطفالهم، والأشخاص الذين شهدوا أصدقاءهم ينتحرون، والأسر الممزقة، وجميع أولئك الذين اضطروا إلى مغادرة مدينتهم العزيزة مع احتمالات غير مؤكدة برؤيتها مرة أخرى".