منظور عالمي قصص إنسانية

حوار- دمار يخلف أيتاما وجروحا عميقة: مسؤولة أممية ترسم صورة عن الوضع في غزة والضفة الغربية

حوار- دمار يخلف أيتاما وجروحا عميقة: مسؤولة أممية ترسم صورة عن الوضع في غزة والضفة الغربية

قالت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط إن أمام المنظمة مشوارا طويلا من أجل إيجاد الطرق لمساعدة الجرحى والمصابين من الحرب في غزة. وأضافت أن الوضع في الضفة الغربية يزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب الاقتحامات وصعوبة التنقل من منطقة لأخرى.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة عبر الفيديو من القدس، تحدثت المسؤولة الأممية عن تأثير الدمار الذي سببته الحرب على الشعب الفلسطيني والأجيال القادمة، مشيرة إلى أن الحرب الحالية أدت إلى "عدد كبير من الأيتام ممن فقدوا الأم أو الأب، أو الأم والأب معا".

وأضافت "نتكلم عن أطفال ليست لديهم فرص للتعليم، وسنوات وشهور من عدم الاندماج في تعليم منتظم. هذه كلها تؤثر على قدرتهم على العمل في المستقبل".

الدكتورة حنان بلخي تحدثت معنا عن زيارتها لعدد من المناطق في الضفة الغربية، وقالت: "خلال زيارتي للمستشفيات سواء في رام الله أو في جنين وفي مخيم جنين بالذات، شهدت تدميرا للمرافق الصحية بشكل كبير جدا".

وذكرت كذلك بأنه في غزة هناك 16 مستشفى من أصل 36 تعمل بشكل جزئي "12 من بين الـ 16 مستشفى، لا يستطيع المرضى الوصول إليها بسبب التدمير في الطرق".

وقالت المديرة الإقليمية لإقليم شرق المتوسط إن منظمة الصحة العالمية تشدد على الاحتياجات الخاصة للفتيات والسيدات في غزة، مؤكدة أن الموضوع "من أساسيات الكرامة الإنسانية". وتحدثت الدكتورة بلخي عن حالات البتر والجروح العميقة التي تؤثر على قدرة الشخص على أن يدرس ويتعلم ويكون عنصرا فعالا ليخدم نفسه وعائلته.

فيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجريناه مع الدكتورة حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط.

أخبار الأمم المتحدة: من خلال الحديث مع الناس هناك ومشاهداتك للواقع على الأرض. هل يمكنكِ أن ترسمي لنا صورة عن الوضع هناك؟

الدكتورة حنان بلخي: أتحدث معكم من القدس اليوم. بدأت زيارتي هذه من تقريبا أربعة أو خمسة أيام لزيارة الضفة الغربية والمواقع الصحية بالذات والاطلاع على المشاكل الصحية، وأيضا للاطلاع على أعمال المكتب القُطري لمنظمة الصحة العالمية.

وكانت هناك خطة للدخول إلى غزة، ولكن للأسف تم تأجيل هذه الرحلة إلى عدة أيام. وإن شاء الله سيتسنى لي الدخول إلى غزة للاطلاع على الوضع الصحي بنفسي والمجهودات القائمة سواء من منظمة الصحة العالمية والشركاء من المنظمات الدولية والمشاركين الآخرين.

لكن باختصار، الوضع الصحي في الضفة الغربية وفي غزة معروف وما رأيته خلال زيارتي للمستشفيات سواء في رام الله أو في جنين وفي مخيم جنين بالذات، أن هناك تدميرا للمرافق الصحية بشكل كبير جدا. وليست فقط المرافق الصحية، لكن الدخول إلى مخيم جنين منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى الآن، زاد عن أكثر من 70 اقتحاما لمخيم جنين مما أدى إلى تدمير في عدة مرافق صحية وتدمير في الأجهزة الطبية. وأصبح الوضع أكثر خطورة بسبب تدمير بعض المناطق من ناحية الخدمات الصحية والخدمات الأساسية للمجتمع نفسه.

فزادت حالات الإسهال، وحالات الأوبئة بدأت تنتشر بشكل أكثر، إضافة طبعا إلى الضغط النفسي على أهل الضفة، وبلا شك طبعا الوضع في غزة أكثر سوءا كما تعلمون.

أخبار الأمم المتحدة: إذا تحدثنا عن وضع المستشفيات في غزة تحديدا، تدمرت معظم هذه المستشفيات بسبب الحرب المستمرة. كيف تسعى منظمة الصحة العالمية إلى دعم المستشفيات المتبقية العاملة في القطاع في ظل هذا الوضع الصعب؟

الدكتورة حنان بلخي: طبعا بالنسبة لغزة بالذات، المشكلة تكمن في عدة أشياء. أولا، المستشفيات نفسها تدمرت بشكل كبير، هناك أكثر من 450 عملية تدمير للمستشفيات، وهناك تقريبا أكثر من 740 وفاة بين العاملين الصحيين، والإصابات أكثر من 960 مصابا.

لذلك فقط 16 مستشفى من أصل 36 مستشفى تعمل بشكل جزئي. 12 من بين الـ 16 مستشفى، لا يستطيع المرضى الوصول إليها بسبب التدمير في الطرق فالوصول إليها صعب.

جزء من الخدمات التي تقوم فيها المنظمة وبدأنا فيها مع الهلال الأحمر الفلسطيني هو إيجاد مركبات الإسعاف التي ممكن أن تدخل إلى المناطق التي تزداد صعوبة الوصول إليها للإسعاف الأولي. والتدريب هذا مستمر من البداية وحتى من قبل الوضع الحالي الذي بدأ في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

هذه التدريبات والاستعدادات سواء من منظمة الصحة العالمية أو الهلال الأحمر الفلسطيني بالتعاون طبعا مع وزارة الصحة الفلسطينية سيكون لها أثر كبير جدا في مساعدة المرضى ووصول الإسعافات إلى المرضى في غزة.

الوضع في الضفة الغربية طبعا يزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب الاقتحامات، وعدم سهولة الانتقال من منطقة إلى أخرى، وهذه كلها عقوبات حقيقية وواقعية.

أزيد على موضوع غزة عدم دخول الوقود الذي تحتاجه المستشفيات وجميع الخدمات الأساسية من ضخ مياه وخدمة المجاري وخدمة المستشفيات. فهذه كلها تؤثر على الحياة اليومية لأهل فلسطين.

أخبار الأمم المتحدة: بالنسبة للضفة الغربية كما ذكرت هناك مشهد يبدو مقلقا بالنسبة للهجمات على المنشآت الصحية، ما هو حجم تضرر المنشآت الصحية بشكل إجمالي في الضفة الغربية؟

الدكتورة حنان بلخي: بالنسبة للضفة الغربية بالذات، أكثر من خمسمئة من الهجمات أدت إلى 23 وفاة و89 جريحا، إضافة إلى أكثر من 54 هجمة على الرعاية الصحية و20 هجمة على العيادات المتنقلة و350 على الإسعافات.

أثناء هذه الهجمات، هناك كثير من منع الحركة السهلة للوصول إلى الرعاية الصحية والإسعافات للوصول إلى الأماكن التي يحتاجها المرضى بشكل كبير جدا. فهذه كلها تترك أثرا كبيرا في القدرة على الوصول للمرضى وقدرتهم هم على التعافي بطريقة أسهل.

كلما تأخر علاج الإصابات والجرحى كلما أصبحت الحالات أكثر تعقيدا في التعافي. وهذه كلها أشياء تولي لها المنظمة اهتماما كبيرا. ونحن قلقون جدا من تداعيات هذا الشيء سواء في الوقت الحالي أو في الأسابيع والشهور، بل والسنوات القادمة إذ سيكون لها أثر كبير.

عدد الأطفال والجرحى الذين صار لهم مثلا جروح عميقة جدا في الأطراف وكثير منها تم الاضطرار إلى البتر. عمليات البتر كبيرة جدا. هذا سيكون له تأثير كبير على الشباب والشابات والأطفال بالذات في المستقبل. ووصول العلاج والرعاية الصحية لهم الآن فيه تحديات كبيرة.

أخبار الأمم المتحدة: تحد آخر يتعلق بالنساء في غزة تحديدا، وهن من بين أكثر الفئات تأثرا بالحرب المستمرة هناك. كيف تعمل منظمة الصحة العالمية على دعم الاحتياجات الفريدة للنساء في غزة؟

الدكتورة حنان بلخي: طبعا الاحتياجات الفريدة تدخل فيها أولا عوامل وصول الأشياء الخاصة بأمور البنات والسيدات من المواد التي يحتجن إليها من النظافة العامة والشخصية والدورة الشهرية للسيدات والبنات. هذه تحتاج إلى خصوصية معينة، وتحتاج إلى أماكن للنظافة. تضع ضغطا نفسيا كبيرا على البنات والسيدات الحوامل وما بعد الولادة؛ النفساء عندها مشاكل كبيرة من ناحية الحفاظ على النظافة العامة، وهذا يضع عليهن ضغطا نفسيا أيضا.

لذلك المنظمة تدعو بقوة لإيجاد سلاسة أكبر في إدخال المساعدات إلى غزة، ومن ضمن هذه المساعدات نؤكد على الأمور الخاصة بالبنات والسيدات. نرفع صوتنا في هذا الموضوع بكل شفافية وليس فيها أي حياء وليس فيها أي خجل في هذا الموضوع لأنه هو من أساسيات الكرامة الإنسانية.

أخبار الأمم المتحدة: وفقا أيضا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، حتى قبل التصعيد الحالي في غزة، كان ما يقرب من نصف مليون شخص هناك يعانون من اضطرابات في الصحة النفسية. هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن الجهود التي تبذلها المنظمة للمساعدة في هذا الصدد؟

الدكتورة حنان بلخي: طبعا نحن تخوفنا كمنظمة الصحة العالمية أن الصحة العقلية والذهنية والضغط النفسي كانت متأثرة من قبل الحرب القائمة اليوم. فهذه الضغوطات تنتقل من الأب والأم إلى الأطفال، من جيل إلى جيل، وتحتاج إلى رعاية متخصصة.

طبعا الرعاية المتخصصة قبل اندلاع الحرب الحالية كانت موجودة بشكل جيد، لا أقول ممتازة ولا أقول كانت منعدمة لأنها كانت مشكلة من الأساس من قبل الحرب الحالية.

لكن الآن تدمرت تماما، ولا توجد مساعدات للصحة النفسية، هي غير موجودة بالشكل المطلوب. بل والآن ليست فقط مطلوب منا نرجع لما كنا عليه قبل تشرين الأول/أكتوبر، ولكن علينا أن ندعم هذا المجال الصحي وسيكون هناك بالتعاون مع الشركاء والداعمين مسعى لإيجاد البرامج بحول الله لتكون موجودة على الشكل المطلوب لمساعدة أهل غزة وأهل فلسطين بشكل عام في هذه المحنة الموجودة الآن.

أخبار الأمم المتحدة: كيف يمكن أن يؤثر هذا الدمار المتزايد على الصحة النفسية ويمتد لأجيال؟

الدكتورة حنان بلخي: طبعا في ظل الدمار الحاصل، نتكلم عن الصحة النفسية، ونتكلم عن أجيال وأيتام. الوفيات الحاصلة في الحرب القائمة الآن أدت إلى إيجاد عدد كبير من الأيتام من فاقدي الأم أو الأب، أو الأم والأب.

نتكلم أيضا عن دمار المدارس، فنتكلم عن أطفال ليست لديهم فرص للتعليم وسنوات وشهور من عدم الاندماج في تعليم منتظم. هذه كلها تؤثر على قدرتهم على العمل في المستقبل. لذلك، الضغوط النفسية التي ستواجه الشعب الفلسطيني مما يحصل الآن، سوف تكون لها تداعيات على قدرتهم على الاكتفاء الذاتي على سبيل المثال ودعم عوائلهم.

طبعا هذه المشكلة كانت موجودة بشكل أقل قبل الحرب، والآن سوف تكون أكبر بكثير. وعلينا أن ننتبه لها ونتحدث عنها بشفافية.

هناك شيء آخر - ليس فقط الأطفال وعدم ذهابهم إلى المدرسة - نتكلم عن الجرحى وفقدانهم أطرافهم، البتر الذي تكلمنا عنه. بعض منهم عندهم تشوهات كبيرة. كثير منهم صار عندهم جروح عميقة جدا، والتهابات مزمنة وغيرها من المشاكل الصحية التي تؤثر على قدرة الشخص على أن يدرس ويتعلم ويكون عنصرا فعالا، أولا لأن يخدم نفسه، ثم يخدم عائلته.

أمامنا مشوار طويل من أجل إيجاد الطرق لمساعدة الجرحى والمصابين من هذه الحرب.

تنزيل

قالت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط إن أمام المنظمة مشوارا طويلا من أجل إيجاد الطرق لمساعدة الجرحى والمصابين من الحرب في غزة. وأضافت أن الوضع في الضفة الغربية يزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب الاقتحامات وصعوبة التنقل من منطقة لأخرى.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة عبر الفيديو من القدس، تحدثت المسؤولة الأممية عن تأثير الدمار الذي سببته الحرب على الشعب الفلسطيني والأجيال القادمة، مشيرة إلى أن الحرب الحالية أدت إلى "عدد كبير من الأيتام ممن فقدوا الأم أو الأب، أو الأم والأب معا".

وأضافت "نتكلم عن أطفال ليست لديهم فرص للتعليم، وسنوات وشهور من عدم الاندماج في تعليم منتظم. هذه كلها تؤثر على قدرتهم على العمل في المستقبل".

الدكتورة حنان بلخي تحدثت معنا عن زيارتها لعدد من المناطق في الضفة الغربية، وقالت: "خلال زيارتي للمستشفيات سواء في رام الله أو في جنين وفي مخيم جنين بالذات، شهدت تدميرا للمرافق الصحية بشكل كبير جدا".

وذكرت كذلك بأنه في غزة هناك 16 مستشفى من أصل 36 تعمل بشكل جزئي "12 من بين الـ 16 مستشفى، لا يستطيع المرضى الوصول إليها بسبب التدمير في الطرق".

وقالت المديرة الإقليمية لإقليم شرق المتوسط إن منظمة الصحة العالمية تشدد على الاحتياجات الخاصة للفتيات والسيدات في غزة، مؤكدة أن الموضوع "من أساسيات الكرامة الإنسانية". وتحدثت الدكتورة بلخي عن حالات البتر والجروح العميقة التي تؤثر على قدرة الشخص على أن يدرس ويتعلم ويكون عنصرا فعالا ليخدم نفسه وعائلته.

مدة الملف
13'28"
مصدر الصورة
UN News