منظور عالمي قصص إنسانية

حوار مع سحر يوسف القواسمة، المديرة العامة لمؤسسة "دوار" في فلسطين، بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني

حوار مع سحر يوسف القواسمة، المديرة العامة لمؤسسة "دوار" في فلسطين، بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني

الدكتورة سحر يوسف القواسمي، هي المديرة العامة لمؤسسة "أدوار" التي تتخذ من محافظة الخليل بفلسطين مقرا لها.  

تأسست أدوار منذ عام 2010 للعمل على تغيير النوع الاجتماعي في الواقع الفلسطيني من خلال تمكين النساء والفتيات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما شرحت الدكتورة سحر في حوار هاتفي مع الزميلة مي يعقوب بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني.

من أهداف هذه المؤسسة الأهلية غير الربحية بناء مجتمع فلسطيني مدني ديمقراطي، يضمن الرفاهية والإنصاف للنساء والفتيات والرجال.

الإطار العام لأدوار هو الجندر والتنمية. نعمل ضمن ثلاثة برامج: الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. منهجنا هو الجندر والتنمية. تحت بند البرنامج الاجتماعي نقدم الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدة القانونية ونعمل على تأسيس لجان لتلعب النساء والفتيات فيها دورا قياديا. نحن استهدفنا النساء والفتيات من منطلق إيمانينا بفجوة النوع الاجتماعي هنا. وهذا يظهر في نسبة مشاركة النساء ومدى قدرتها وسيطرتها على الموارد والمصادر.

عملنا الإنساني يندرج تحت بند العمل الاجتماعي.

حسنا كيف دخلت أدوار في العمل الاجتماعي؟

أدوار منذ بداية تأسيسها تعمل في التنمية. نعمل على الجندر والتنمية تحت الاحتلال. لا داعي لنستخف ببعض حتى ولو قال لك مكتب الأوتشا في فلسطين إننا في المناطق المصنفة "جيم". هذه المناطق عرضة للهدم وممارسات الاحتلال والمستوطنين. بالتالي من الصعب أن نتكلم عن تنمية في دولة تقع تحت الاحتلال وتستنزف كافة مواردها ومصادرها. ولكن نحن نقول، ضمن الإمكانيات المتاحة والمتوفرة لنا، تكمن التنمية الحقية في الاستثمار في النساء والفتيات. فمن خلال هذا الإطار العام تعمل "أدوار".

برامجنا الثلاثة تخدم جميعها الجندر والتنمية تحت الاحتلال على أساس أن نمكن النساء والفتيات ونساعدهن على أن يصبحن فاعلات، قويات، متمكنات، ونخدم بالنهاية رسلتنا، ألا وهي المساواة.

تمام، ولكن أنت من الذي دفعك إلى العمل الإنساني؟

الذي حدث هو أن المؤسسة تأسست في محافظة الخليل ولكننا نعمل أيضا في الضفة الغربية -وأنت تعلمين كيف هو الوضع السياسي والتقسيم الجغرافي في فلسطين؛ نحن نعمل في الضفة الغربية، في القدس الشرقية لأنه ليس مسموحا لنا أن ندخل القدس كلها ونعمل فيها، كما أنه ليس مسموحا لنا دخول غزة نتيجة الاحتلال والحواجز الموجودة وعدم منح التصاريح-، إذا نحن نعمل في الضفة الغربية، و80% من الفئة المستهدفة موجودة في المناطق المصنفة جيم أي التي تقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي الكامل، أي أمنيا وجغرافيا. وهناك نسبة كبيرة من النساء والفتيات والتجمعات التي تعيش في هذه المناطق. في أثناء تجربتنا وبما أن هذه هي منطلقات أدوار، لم يكن العمل الإنساني موضوعا في البرنامج "نحن نقول لا تطعمنا سمكة بل علمني كيف أصطاد السمك". وهذا يشير إلى منهج التنمية وليس إلى منهج الإغاثة أو العمل الإنساني. عندما دخلنا منطقة جيم في 2011، لاحظنا صعوبة الحديث عن "العنف القائم على نوع الجنس" والعنف ضد المرأة والتمكين الاقتصادي وإعطاء مشاريع إنتاجية مدرة للدخل فيما يتم هدم بيوت هذه النساء.

خضرة التي تسكن في أحد التجمعات انهدم منزلها ثلاث مرات

كننا ننزل إلى الميدان ونقدم الدعم النفسي والاجتماعي ولكن كنا في المقابل نسمع شكاوى النساء عن هدم بيتوهن، وهدم الثروة الحيوانية والزراعية حول منازلهن، والتي كانت تدر عليهن الدخل بما في ذلك الحليب والجبن واللبن الذي يغذي أولادهن وبناتهن. هذا ما أحدث تحولا لدى "أدوار" لتضيف العمل الإنساني تحت البرنامج الاجتماعي من منطلق إيمانها أنه من الصعب أن نتحدث عن تنمية دون أن تشتغل على العمل الإنساني.

"أدوار" تختلف عن أوتشا في وجهة نظرها ومنجها. فهي لا تفصل العمل الإنساني عن التنمية.

خضرة بعد أن انهدم بيتها 3 مرات، استطاعت أدوار أن تعطيها مشروعا مدرا للدخل وزرعت وربت الدواجن حول بيتها. هذا التحول الذي أحدثته أدوار في حياة خضرة. كما أننا وفرنا لها طرودا غذائية والأدوية. وحماتها الحجة نعمة التي لا تعاني من مشاكل في أذنيها ولا تستطيع شراء سماعة، أدوار اشترت لا سماعات. كما وفرنا لابنة خضرة قسط الجامعة في جامعة القدس المفتوحة التي أعطت فرص تعليم كثيرة للفتيات في فلسطين خاصة في المناطق المهمشة التي تعمل بها "أدوار".

وهكذا عندما لمست أدوار في عملها هذه المواقف، دخّلت العمل الإنساني في منهجها وبقوة. ولكن شعرت أدوار بالصدمة من منظمات تعمل في مجال العمل الإنساني ولكن لا تدعمها. انصدمت عندما علمت أن منظمات العمل الإنساني لا تدعم العمل الإنساني كثيرا؛ مما حدا بأدوار للتوجه إلى القطاع الخاص، واستطعنا إبرام اتفاقيات بشأن العمل الإنساني.

قصة الخان الأحمر:

كل البلد حكيت فيها في الإعلام. والقصة هي أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ يضغط على سكان الخان الأحمر ليتهجروا من قريتهم، فيأخذوا بيوتهم وأراضيهم.

ذهبت إلى خيمة التضامن التي تقام في فلسطين في هذه المواقف والتي يجلس فيها الرجال دائما. الكل يعرفني هناك، فأنا مديرة مؤسسة تساعد المحتاجين. أذهب إلى خيمة الرجال قليلا ومن ثم أتوجه إلى خيم النساء وبيوتها. الحكومة الفلسطينية بعد أن تم تهديد هذه القرية بالتهجير، أصدرت قرارا بتوزيع الماء والطعام على السكان. ولكن النساء قالت لي إنهن "لم يحصلن على شيء". يعني حتى السندويشات التي كانت توزع لدعم صمود الناس، كانت توزع على الرجال والناس الجالسة في الخيمة فقط ولم تكن تصل إلى النساء.

"أدوار" اتصلت مباشرة بأهل الخير والناس الميسورين. وبما أن كل سكان محافظة الخليل من الإسلام، فأدوار تتوجه إلى هذه الفئة من منطلق الزكاة وأهميتها وأهمية مساعدة المحتاجين والصدقة وإلى ما هنالك. وتوزع ما يتكرمون به على النساء.

كما تتعامل سحر أيضا مع الكنائس والمؤسسات المسيحية في القدس. وتلك المنظمات الكنسية غير الربحية "تحترمني كثيرا وتقدرني" كما تقول سحر، و"يدعمونني ويرسلون إليّ المساعدات الطبية وأدوات النظافة والإسعافات الأولية والمساعدات الغذائية. وأنا بالتالي أقدمها للنساء."

قصة مدرسة جب الديب:

هدمَ الاحتلال مدرسة جب الديب التي تقع في المنطقة جيم. هناك تجمعات في هذه المنطقة يصل عدد سكانها إلى 300 نسمة، وأخرى تضم حوالي ألف نسمة، كما هناك تجمعات تضم حوالي 7 آلاف. وتعمل "أدوار" في كل هذه التجمعات. لأنها تؤمن أن سرّ صمود الشعب الفلسطيني هو النساء.

ومثالا على ذلك تسرد لنا سحر ما قالوه لها الرجال أنفسهم في "مسافر يطّا" جنوب محافظة الخليل، وهي منطقة مهمشة تعمل مؤسسة أدوار على مساعدة أهلها:

"لولا أن نسائنا هن من يرعين الغنم وهن اللواتي يزرعن ويعملن في المنزل وهن اللواتي يبنين معنا زريبة الحيوانات، وهن اللواتي يرتين الثياب، لكُنّا نحن الرجال قد سلمنا أراضينا للمستوطنين".

إذا للمرأة الفضل في إنجاز كل هذه الأدوار المعقدة والصعبة. إذ استطاعت أن تبقي البيت موجودا على هذه الأرض على الرغم من هذه الممارسات. إذا هي سرّ الصمود من خلال استراتيجيات التكيف والصمود التي تخلقها استطاعت أن تثبت الأرض

وهذا إيمان "أدوار". إذا بما أن المرأة هي سر صمود الشعب الفلسطيني يجب استهدافها. كثير من النساء يقولن لي: يكفي أنك تأتين إلى هنا وتستمعين إلينا".

أجلس معهن على الأرض، على الفرش. يضعن أحيانا بعض الزبدة والخبز. فآكل معهن وفريقي. وندردش سويا. كنّ يقولن لي: لا نريد منك شيئا ولمن يكفي أنك جئت لتزورينا واستمعت إلينا."  

تنزيل

الدكتورة سحر يوسف القواسمي، هي المديرة العامة لمؤسسة "أدوار" التي تتخذ من محافظة الخليل بفلسطين مقرا لها.  

تأسست أدوار منذ عام 2010 للعمل على تغيير النوع الاجتماعي في الواقع الفلسطيني من خلال تمكين النساء والفتيات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما شرحت الدكتورة سحر في حوار خاص مع الزميلة مي يعقوب بمناسبة #اليوم_العالمي_للعمل_الإنساني الذي يركز هذا العام على أهمية دور النساء في هذا السياق.

الصوت
أخبار الأمم المتحدة
مدة الملف
13'59"
مصدر الصورة
Photo credit: ADWAR