منظور عالمي قصص إنسانية

حوار مع الأخصائية النفسية الفلسطينية ليندا أحمد حوشيه

حوار مع الأخصائية النفسية الفلسطينية ليندا أحمد حوشيه

- الأستاذة ليندا أحمد حوشيه الأخصائية النفسية في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب في القدس الشرقية، مرحبا بك من إذاعة أخبار الأمم المتحدة...

أهلا بك أستاذ. تفضل. 

نستضيفك اليوم والعالم يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني طبعا. متى اكتشفت أنت شخصيا أنك مهتمة بالعمل في هذا المجال الحيوي الهام؟

أهلا بيك في البداية سيدي وأشكرك على هذه اللحظة الكريمة. اهتمامي بالعمل الإنساني، طبعا أنا إنسانة فلسطينية من سكان القدس الشرقية، وأتعرض بشكل يومي لممارسات الاحتلال والعنف وجميع الممارسات تجعل الإنسان، بطبيعة الحال، ذا توجه إنساني للمساعدة. فلنقل إن بداية اهتمامي بالقضايا الإنسانية لم يبدأ من زمن قريب، إلا أن الاهتمام الفعلي والعملي بدأ منذ سنة واحدة فقط...

هذا عندما بدأت في العمل في مركز التأهيل...؟

نعم. ثم أن مات دفعني أقرر، وأتخصص أكثر في العمل الإنساني وخدمات الصحة النفسية، هو الوضع الذي عايشته بنفسي كإنسانة فلسطينية، إذ تعرضت منازلنا للهدم من قبل قوات الاحتلال. فكنا بحاجة لدعم نفسي وفي حاجة للتدخل، أن يساعدنا أي شخص ربما لتخطي هذه الصدمة. وحقيقة وجدت من يقف معي في هذه المحنة، فأردت أن أرد الجميل، أو أن أساعد الناس بالأشياء التي تعرفت عليها. وهناك طبعا مؤسسات في فلسطين تعنى بهذه التدخلات، تدخل وقف الأزمات، وخطط الطوارئ والإسعاف الأولي، إلى آخره. فعندما تعرضت منازلنا للهدم من قبل قوات الاحتلال، وقد كانت 11 منزلا في عائلتنا المقربة، وجدنا هناك مساعدة كبيرة صراحة من قبل المؤسسات الحقوقية ومؤسسات الضمير، وأخرى اجتماعية ساعدتنا كلها لتخطي تلك المرحلة. ومن هنا بدأ اهتمامي يزداد أكثر، في هذه النقطة التي كانت تحولا حقيقيا في حياتي، بأن أنتمي للعمل الإنساني.

الآن وأنت تعملين في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب في القدس الشرقية هل من قصة خاصة ربما تحبين أن تشاركينها معنا؟  

الأسماء كثيرة والحالات كثيرة، أختار لك حالة من الحالات الصعبة التي تعاملنا معها في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، وهي حالة كانت تعرضت لصدمة قوية، أولا بسبب الإصابة المباشرة بعيار نياري في جسد هذا الشباب. وقد تعرض للنزف والسحل والتعذيب أثناء الإصابة وقد كان طفلا لا يتعدى الستة عشر عاما في ذلك الوقت؛ وقدم للمحاكمة وتعرضت هذه الاسرة هذه لفترة من البلبلة والاضطراب والصعوبات التي تواجهها مثل هذه الأسرة بطبيعة الحال، لو تعرض أحد أبنائها لهذا النوع من الاعتقال الظالم. طبعا هذا الطفل تعرض لحبس منزلي لمدة لا تزيد عن ستة أشهر، فيتم إيقافه في المنزل أو في منزل أحد العائلات القريبة. في أثناء الحبس المنزلي يكون الطفل ممنوعا منعا باتا أن يخرج من المنزل بأي شكل من الأشكال، إلا في حالات محددة يسمح له بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، مثل الذهاب للطبيب أو أي شيء معين، ولساعات محددة فقط. وفي هذه الفترة لا يمكنني أنا، أو أي شخص أو مؤسسة أخرى، أن نتدخل بتاتا في الحالة. وبعد أن خرج وأتم فترة الحبس تعرض هذا الطفل إلى مشكلة أو حادثة أخرى، إذ ذهاب إلى زيارة أحد أقاربه في الأردن وتعرض لحادث سير مروع للأسف. فقد أصيب إصابة مباشرة في وجهه وتشوه كبير وأجرى الكثير من العمليات وعاد بعدها من الأردن، بعد تعرضه لصدمتين كبيريتين. الحمد لله اشتغلنا مع هذا الطفل، واشتغلت أنا شخصيا معه، وقدمت له العلاج النفسي المناسب، وقدمت لأسرته هذا العلاج أيضا، والحمد لله استطاع أن يتجاوز هذه المحنة.      

دعيني أسألك هل تجدين، كامرأة، خصوصية ما في هذا المجال؟ هل تواجهين ربما عقبات محددة لكونك امرأة متخصصة نفسية؟

الصعوبات التي نواجهها ليس فقط كوني امرأة أو رجل؛ الصعوبات التي نواجهها نحن كأخصائيين نفسيين هي مثل النظرة والثقافة المجتمعية التي تجهل معنى الأخصائي النفسي؛ ووصمة المجتمع في التعامل مع هذا الأخصائي النفسي. فلدينا في القدس الشرقية مثلا طبيعة الثقافة المجتمعية صعبة بعض الشيء. فعندما يتحدث الواحد عن حاجته لأخصائي أو طبيب نفسي تجد أن الناس "تجفل" قليلا. لكن بعد التدخلات قمنا بها كمركز للعلاج الصحي لضحايا التعذيب، الحمد لله اختلف الوضع كليا. أصبح هناك تقبل من الناس، وأصبح هناك طلب على خدمات العلاج النفسي بشكل متكرر ومستمر. أنا الآن أزور الأطفال وأزور العائلات في أوقات النهار وتكون الأم هي الموجودة في البيت وليس الرجل. فبالعكس تجد أنهم يرحبون بوجود امرأة وليس رجل.

الأستاذة ليندا، أخيرا، هل من رسالة تبعثينها من القدس الشرقية فلسطين لكل العالم وللمحيط الإقليمي، حول هذه المناسبة، مناسبة الاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني؟

القدس الشرقية هي في حاجة ماسة لتدخل من قبل الأخصائيين المختلفين سواء كانوا أخصائيين حقوقيين أو نفسيين، وجميع التخصصات يمكن أن تتدخل، فوضع القدس الشرقية وضع صعب، فالثقافة المجتمعية صعبة، والقيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على القدس الشرقية تقيد السكان هناك، تقيد الحركة، تقيد العمل، وتقيد الدراسة. توجد نسبة كبيرة من التسرب في المدارس، ونحن قمنا بعمل ورشات توعوية كبيرة في المدارس حول أهمية الدراسة مع أولياء الأمور وأصحاب القرار ومع الطلاب أنفسهم. وكثير من الناس الذين نجلس معهم لا يعرفون حقوقهم. فمثلا أنا كإنسان تعرض إبني للاحتلال قد لا أعرب ما يتوجب علي أن أقوم به. لذلك هناك حاجة التوعية والتثقيف والتدخل بالفعل. مثلا القدس الشرقية لا توجد فيها أماكن ترفيهية، فعلى سبيل المثال يتركز عملي في قرية العيسوية، ولا يوجد هناك مكان ترفيهي واحد يذهب إليه الأطفال. ومن حق الأطفال أن يذهبوا للترفيه سواء كان ملعبا أو ناديا أو غيره. أقل حقوق هؤلاء الأطفال غير موجودة. والنساء؛ النساء بحاجة إلى التوعية، بحاجة إلى التثقيف وبحاجة إلى التمكين. وبحاجة إلى دعم فعال، وإلى دعم المرأة اقتصاديا. إذن هناك حاجة لتكاتف وتعاون من أجل أن نخرج بالقدس الشرقية  من هذه المعاناة التي تعانيها.             

الأستاذة ليندا أحمد حوشيه الأخصائية النفسية في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب في القدس الشرقية، شكرا جزيلا لك.

شكرا؛ شكرا لك سيدي.

تنزيل

الفلسطينية ليندا أحمد حوشيه بدأت العمل في مجال العون الإنساني كأخصائية نفسية في مركز لعلاج وتأهيل ضحايا التعذيب في القدس الشرقية. ورغم أنها أكملت حتى الآن سنة واحدة فقط من العمل لكن تجربة ليندا قادتها للتعامل مع حالات لأكثر من 60 طفلا ممن احتاجوا لعونها واهتمامها التخصصي.

في حوار خاص لأخبار الأمم المتحدة، بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي خصصته المنظمة الأممية هذا العام لدورة "المرأة في العمل الإنساني"، تقول ليندا أحمد حوشيه إنها لم تواجه صعوبات في تقبل المجتمع لها كامرأة متخصصة في الصحة النفسية. وتجد أنهم "يرحبون بوجود امرأة" متخصصة أكثر.  

غير أن الإشكال الأكبر الذي واجهته، تقول ليندا، هو "النظرة والثقافة المجتمعية التي تجهل معنى الأخصائي النفسي"، ووصمة المجتمع في التعامل معها أو معه، "فعندما يتحدث الواحد عن حاجته لأخصائي أو طبيب نفسي تجد أن الناس تجفل قليلا"، حسب تعبيرها.  

الصوت
حافظ خير
مدة الملف
6'51"
مصدر الصورة
OCHA