منظور عالمي قصص إنسانية

الروهينجا....أزمة مركبة: اللجوء وانعدام الجنسية

الروهينجا....أزمة مركبة: اللجوء وانعدام الجنسية

تنزيل

بعد أن قتل والدها وأمها وأخواتها، ذهبت الطفلة ذات الخمسة عشر عاما لتبحث عن أي شخص من أقاربها فوجدت طفلين في التاسعة والرابعة من أبناء خالتها، ضمتهما إلى حضنها وانطلقت بهما في رحلة طويلة سيرا على الأقدام لمدة 11 يوما حتى وصلت إلى "الأمان".

عندما قابلها كانت تضمهما إلى حضنها وكانا ينادونها بـأمي، وقالت له: سأعتني بهما إلى أن أموت.

هي: طفلة من الروهينجا، وهو: محمد أبو عساكر المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الموجود في بنغلاديش للمشاركة في الجهود المكثفة للاستجابة لأزمة الروهينجا. تحدث معنا أبو عساكر عبر خط هاتفي متقطع عن مأساة مئات آلاف الأشخاص الذين يعانون من أزمة مركبة: اللجوء وانعدام الجنسية.

محمد أبو عساكر: أزمة اللاجئين الروهينجا فريدة لعدة أسباب، أولا لأنهم لاجئون وعديمو الجنسية في نفس الوقت، لا يحملون أي مستندات تثبت انتماءهم لأي دولة. قابلت أشخاصا منهم لا يعرفون تاريخ ميلادهم. إنها أزمة مركبة. كما أن هذه الأزمة تعد أسرع أزمات النزوح من دولة إلى أخرى. خلال شهري سبتمبر وأكتوبر كان معدل النزوح 10 آلاف يوميا. هناك أكثر من 620 ألف لاجئ من الروهينجا وصلوا إلى بنغلاديش من ميانمار منذ 25 أغسطس/آب الماضي. الأوضاع مزرية للغاية، الناس يخرجون من ديارهم بدون أي شيء، يسيرون لمسافات طويلة وأيام عديدة وكانوا يختبئون بين الأدغال.

أخبار الأمم المتحدة: وراء الأرقام التي نسمع عنها في التقارير بشر لكل منهم تجربة صعبة أو حياة تضررت أو دمرت، ما الذي يمكن أن تقوله لنا عن هذه التجارب؟

محمد أبو عساكر: الموضوع أكبر بكثير من القول إن وراء كل شخص قصة. بعض النساء يتحدثن عن تجارب تقشعر لها الأبدان. هناك امرأة قتل زوجها وثلاثة من أبنائها أمام أعينها، بقيت هي وابنتها وتعرضا للضرب قبل أن تغتصب هذه السيدة اغتصابا جماعيا، وتمكنت من الهرب بأعجوبة بعد أن كانت على وشك الموت. تخيلي هذه المرأة الموجودة الآن وحدها مع ابنتها، ووضعها النفسي والصحي الصعب جدا. هناك أيضا طفلة لا يتجاوز عمرها 15 عاما قتل والداها وأخواتها. وعندما كانت تبحث عن أحد من أفراد أسرتها، وجدت طفلين من أبناء خالتها، فتاة في التاسعة من العمر وولدا في الرابعة. حملت هذين الطفلين وأصبحت بحكم الواقع أما لهما. تخيلي أن هذه الطفلة سارت على قدميها مع هذين الطفلين لمدة 11 يوما إلى أن وصلت إلى بنغلاديش حافية. سألتها: كم عمرك؟ فقالت: 18 عاما. قلت لها: كيف تعرفين عمرك؟ قالت: لأنني كبرت. ولكنني أعتقد أن عمرها لا يتجاوز الخامسة عشرة. كانت تضم الطفلين إلى حضنها وهم ينادونها بـماما، وقد أصبحت أما لهما بحكم الواقع والظروف. وقالت: سأبقيهما في حضني إلى أن أموت حتى لو كلفني ذلك ألا أتزوج. هذه مأساة كبيرة. مثل هذه الطفلة، هناك 5600 عائلة من الروهينجا الآن في بنغلاديش يعيلهم أطفال تحت سن الثامنة عشرة.

أخبار الأمم المتحدة: تجارب صعبة للغاية، ما الذي تفعله الأمم المتحدة ومفوضية شؤون اللاجئين لدعم الأطفال واللاجئين بشكل عام ليتعافوا مما تعرضوا له من عنف نفسي وجسدي؟

محمد أبو عساكر: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين رفعت من استجابتها للأزمة، ورفع كفاءتها على مستوى الموظفين من 50 موظفا إلى أكثر من 250، وتسيير جسر جوي من 15 طائرة محملة بأكثر من 1500 طن متري من المساعدات غير الغذائية. ونقوم بتقديم الخدمات على مستوى العيادات الطبية، فقدمنا استشارات طبية لأكثر من 35 ألف عائلة. مستوى سوء التغذية بين الأطفال مرعب للغاية، بعضهم يصل بدون تناول أي طعام على مدى أيام. الأطفال الذين قابلتهم كانوا عبارة عن هياكل عظمية. وقمنا بالمفوضية بمتابعة 25 ألف حالة للأطفال. كما نوفر المأوى للأسر، لأن هناك تكدسا رهيبا في تجمعات اللاجئين. الاستجابة بطيئة مع الاحتياجات الملحة والكبيرة ولأن أعدادا كبيرة جدا وصلت في وقت قصير للغاية. ما نقدمه مهم جدا لأنه يوفر الحماية للنساء وللأطفال الذين يعاني معظمهم من اضطرابات نفسية نظرا للمشاهد المروعة التي رأوها أمام أعينهم والرحلة الصعبة التي خاضوها وصولا إلى بنغلاديش. ما نقدمه مهم ولكنه غير كاف فالاحتياجات كبيرة للغاية على الأرض، فالأسر تخرج بدون أي شيء. أكثر الأسر التي كانت تحمل مقتنيات معها ورأيتها بنفسي، كانت أسرة تحمل طبق الطعام الذي يأكلون فيه.

أخبار الأمم المتحدة: رسمت لنا صورة من أرض الواقع، ما هو الشيء الآخر الذي تريد أن يعرفه الناس عن أزمة الروهينجا؟

محمد أبو عساكر: بمناسبة فترة الأعياد، أود القول إن هناك لاجئين لا يملكون أي شيء يحتاجون إلى الطعام والنوم بأمان. هذه مسؤولية أخلاقية وإنسانية تجاه أي إنسان على وجه الأرض. من المهم التبرع ولو بأي مبلغ. كنت دائما في أي أزمات أخرى أقول إن أي مبلغ يحدث فرقا في حياة اللاجئين، ولكن ما وجدته هنا صراحة أن دولارا واحدا يحدث فرقا في حياة أسرة واحدة، إذ إنه يكفي لتوفير قوتها لمدة يوم.

مصدر الصورة