منظور عالمي قصص إنسانية

مهرجان الأمم المتحدة السينمائي الأول في لبنان، فرصة لتوعية الجمهور إزاء المخاطر التي يتكبدها اللاجئون

مهرجان الأمم المتحدة السينمائي الأول في لبنان، فرصة لتوعية الجمهور إزاء المخاطر التي يتكبدها اللاجئون

تنزيل

احتفاء بيوم الأمم المتحدة، عقدت منظومة الأمم المتحدة في لبنان مهرجانا سينمائيا يعتبر الأول من نوعه في لبنان والمنطقة من أجل نشر التوعية حيال أهداف التنمية المستدامة وأيضا ما تقوم به المنظمات الأممية لمساعدة للاجئين والمجتمعات المضيفة والتخفيف من خطاب الكراهية السائد.

للوقوف على بينة من تفاصيل هذا الحدث، أجرت الزميلة مي يعقوب حوارا مع ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ميراي جيرارد، التي تطرقت إلى أحد الأفلام التي عرضت خلال المهرجان ويحكي قصة عائلة من الطبقة الوسطى أجبرتها الظروف على الفرار من الحرب السورية والرحلة الخطرة التي قامت بها للوصول إلى "بر الأمان" أوروبا.. لتفاجئ بأن معاناتها لم تنتهِ هناك...

المزيد في الحوار التالي:

عقدت منظومة الأمم المتحدة في لبنان مهرجان الأمم المتحدة السينمائي الأول في لبنان والمنطقة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أرجو منك أولا أن تلقي الضوء على بعض من الأهداف الرئيسية لهذا الحدث؟

image
سيدة ميراي جيرارد: الهدف الرئيسي لهذا الحدث هو الاحتفال بيوم الأمم المتحدة في لبنان، وتسخير هذه الفرصة لعرض 13 فيلما مختلفا خلال يومين. وقد نظم من قبل مركز الأمم المتحدة للإعلام، بمشاركة جميع وكالات وبرامج الأمم المتحدة السبعة والعشرين في لبنان. قد كانت فرصة جيدة لتوعية جمهور من فئات مختلفة من المجتمع حيال أهداف الأمم المتحدة. ركزنا كثيرا على أهداف التنمية المستدامة، وأوضحنا من خلال الأفلام التي لم تكن مصنوعة من قبل الأمم المتحدة ولكن من قبل مخرجين من جنسيات مختلفة، على موضوعات أتاحت لنا الفرصة لتسليط الضوء على عمل الأمم المتحدة في منطقتنا. على سبيل المثال، قضايا التشريد والتنمية. وعقدنا حلقة نقاش تخللتها أسئلة وأجوبة من الجمهور عقب كل فيلم.

إذاعة الأمم المتحدة: بعض من هذه الأفلام التي أشرت إليها تناولت محنة اللاجئين في إطار الصراعين السوري والعراقي. من وجهة نظر المفوضية، هل تعتقدين أن الجمهور يدرك جيدا مدى صعوبة الرحلات التي يخوضها اللاجئون؟ وهنا أريد أن أشير إلى خطاب الكراهية الذي للأسف كان ومازال منتشرا في بعض الأماكن في جميع وسائل الإعلام، الأمر الذي أضاف في الواقع مزيدا من المعاناة على محنتهم.

image
سيدة ميراي جيرارد: بكل تأكيد. فقد سعينا بكل عزم إلى إدراج موضوع اللاجئين في هذا المهرجان. وظهر ذلك من خلال الفيلم الأول الذي افتتح المهرجان ويسمى "العبور" وهو يحكي قصة عدة عائلات سورية غادرت من القاهرة بمصر وعبرت البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. والفكرة من ذلك كانت بالفعل لإظهار الناس التي نسرد أرقامها في إحصائياتنا.  والناس على بينة من عدد اللاجئين في المنطقة، ويسمعون عن ظاهرة وصولهم إلى أوروبا.

هذه المرة، سمعوا عنها من خلال قصة عائلة من الطبقة المتوسطة. فأحد أفرادها صحفي، وآخر صيدلي، وآخر موسيقي. أناس ذو كرامة ويعيشون حياتهم، أجبروا على الفرار من سوريا بسبب الحرب. كانوا في خطر، فلاذوا بالفرار. عاملوهم على أنهم "بضائع بشرية" على متن تلك القوارب واستغلهم المهربون، لأنه لم يكن لديهم خيار آخر سوى وضع أنفسهم في أيدي المهربين لعبور البحر الأبيض المتوسط.

كان ذلك بمثابة حمام بارد للجمهور. أعتقد أن الناس أدركوا محنة اللاجئين، ووضعوا أنفسهم في مكانهم، خاصة وأنهم يبدون حقا مثلهم، وحياتهم مماثلة لحياتهم، ولكن فجأة تغيرت أحوالهم، بدءا بالحرب في أوطانهم إلى المخاطر في عرض البحر. وأدرك الناس أن محنتهم لم تنته بوصولهم إلى أوروبا!!

يصاب الفارون بالاكتئاب. فهم يتنقلون من مركز لجوء إلى آخر، ويعبرون العديد من البلدان. ثم فجأة يدركون أنهم ينتظرون وينتظرون ليتم النظر بوضعهم من قبل السلطات. الصدمة تؤثر عليهم بشكل أقسى بالمقارنة مع ما يشعرون به أثناء فرارهم حيث لم يكن لديهم الكثير من الوقت للتفكير بوضعهم.

بعد نقاش الفيلم شعر الحضور بالصدمة حقا لرؤية تلك الحالات التي نشهدها في الأخبار اليومية ولكن لا يتماهون بالضرورة معها.

الفيلم جعل الناس يدركون أن ذلك يمكن أن يحدث للجميع. لذلك، فهي مشكلة الجميع. ويمكننا فعل شيء حيال ذلك.

image
إذاعة الأمم المتحدة: أود أن أتطرق إلى عمل المفوضية في لبنان. فلبنان يستضيف أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد مواطنيه، كيف تعالجون هذا الوضع وما الذي تطلبونه؟

سيدة ميراي جيرارد: الوضع كما أبرزتِه صعب للغاية في لبنان حيث لدينا أكثر من مليون لاجئ بالنسبة لحوالي أربعة ملايين ونصف مواطن لبناني. إذا، لكِ أن تتخيلي التهديدات على الديموغرافيا. لا يوجد أي مكان آخر في العالم لديه مثل هذه النسبة العالية من اللاجئين للفرد الواحد. إنه تحد كبير بالنسبة لبلد صغير مثل لبنان كان سخيا جدا في استقبال جميع الفارين من الحرب، وهو الآن يتساءل كيف يمكنه التكيف مع هذا الوضع لفترة أطول من ذلك ومع هذا العدد الكبير من اللاجئين، ومع اقتصاد يتدهور بسبب الحرب المجاورة.

نحن الآن في وضع حرج حيث ارتفعت كراهية الأجانب لأن الناس يعانون من البطالة، ويواجهون الاقتصاد منخفض النمو، وصعوبة في الحصول على ما يكفي من المياه أو الكهرباء في بعض القرى النائية. عليك أن تجد سببا لمشاكلك، والسبب هو دائما الأجانب. لذلك ما نحاول القيام به في لبنان في الوقت الراهن كأسرة أممية واحدة هو إبقاء الناس معا في هذا الوقت العصيب بدلا من تقسيمهم، بدلا من كراهية الأجانب. ونحاول إبطاء ذلك من خلال مشاريع مشتركة تعود بالفائدة على كل الفئات اللبنانية المضيفة واللاجئين أنفسهم، حتى يتمكن الناس من التعامل مع الصعوبات لفترة أطول. لأنه لن يتم وقف إطلاق النار في سوريا غدا. ولن نرى عودة النازحين إلى ديارهم غدا، قد يستغرق الأمر بضع سنوات. فماذا نفعل خلال هذه السنوات وكيف نحافظ على المجتمعات معا ونتجنب الاشتباكات المجتمعية؟

نحن بحاجة إلى مزيد من الدعم للبنان، والمزيد من الدعم لمنظومة الأمم المتحدة لأن اللاجئين أصبحوا أكثر فأكثر عرضة للخطر. فقد تراكمت عليهم الديون، ولا يستطيعون دفع فواتيرهم، و دفع الإيجار. ونفدت جميع مدخراتهم.  70٪ من اللاجئين تحت خط الفقر الآن، وهذا مقلق. علينا تغيير الوضع ليتمكن الناس من العمل مؤقتا لإطعام أسرهم، ليكونوا مستقلين وألا يعتمدوا فقط على مساعدتنا. في الوقت نفسه، نحن بحاجة إلى دعم المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك الخدمات الصحية، وخدمات التعليم، وإمدادات المياه، كي يساهم ما نستثمر به في البنية التحتية، في تنمية البلاد، ويسهم في توفير الخدمات للسكان بشكل عام وليس فقط للاجئين. لذلك نأمل أن نتمكن من الحفاظ على التضامن لفترة أطول قليلا.

شكرا لك سيدة جيرارد. آمل في أن يكون المهرجان السينمائي فرصة لمفوضية شؤون اللاجئين ووكالات الأمم المتحدة الأخرى في لبنان لرفع التوعية حيال الأمم المتحدة وأهدافها. شكرا جزيلا!

مصدر الصورة