منظور عالمي قصص إنسانية

وفد أردني يشارك في جلسة بالأمم المتحدة حول المشكلة العالمية للمخدرات ويطلع على تجارب الدول الأخرى في مكافحتها

وفد أردني يشارك في جلسة بالأمم المتحدة حول المشكلة العالمية للمخدرات ويطلع على تجارب الدول الأخرى في مكافحتها

تنزيل

شاركت وفود من أنحاء العالم في الجلسة التي عقدها الاتحاد البرلماني الدولي تحت عنوان: "مشكلة المخدرات العالمية: تقييم وتعزيز الاستجابة العالمية"،  لتبادل الخبرات والتجارب  حول كيفية معالجة ومكافحة تلك الآفة والتحديات التي تواجه تلك الدول.

وفي لقاء مع إذاعة الأمم المتحدة، تحدث النائب الأردني الدكتور خالد محمود البكار، رئيس كتلة وطن النيابية، ورئيس الوفد الأردني، عن تلك المشكلة في الأردن وحجم امتدادها كما أشار إلى أزمة اللاجئين وما رافقها من تحديات اقتصادية واجتماعية ودور البرلمان الأردني في احتواء تلك الآفة.

المزيد في الحوار الذي أجرته الزميلة بسمة البيطار-البغال مع الدكتور البكار:

سؤال: الدكتور خالد البكار، كيف تقيم مشكلة المخدرات في الأردن؟

النائب البكار: خلال العشرين أو الثلاثين سنة الماضية، كان الأردن دولة عبور، لكن الظروف السياسية والاقتصادية التي مر بها نتيجة لاستضافته لما يزيد عن مليوني لاجئ سواء كانوا من أشقائنا السوريين أو العراقيين أو غيرهم، فضلا عن الذين قدموا بقصد العلاج أو خدمات أخرى، حمّل الأردن أعباء كبيرة. لذلك فإن الظروف الأمنية قادت إلى تحد كبير وأدت إلى ظهور حالات تعاطي واتجار في المخدرات نتيجة لارتفاع مستوى البطالة، حيث إن جيل الشباب الذي لم يجد فرص عمل أو حياة كريمة اضطر لاتجاهات أخرى لتعبئة هذا الفراغ، أو ليشعر أو يتناسى ولو جزئيا المشاكل التي يعاني منها.

كما أن تنوع اللاجئين وعددهم الذين دخلوا للأردن، لا يمكن لبلد مثل الأردن باقتصاده وموارده المحدودة أن يوفر فرص عمل لأكثر من مليوني لاجئ، أغلبية هؤلاء اللاجئين من الشباب وتتراوح أعمارهم بين 40-60 عاما وعلينا أن نوفر لهم فرص عمل حتى لا يتجهوا اتجاهات أخرى. نتيجة لتلك الظروف، أصبح الأردن اليوم بلد مقصد وغزت المخدرات للأسف الشديد المؤسسات التعليمية مثل المدارس والجامعات وغيرها.

سؤال: ما هو دوركم في هذا الشأن؟

النائب البكار: كبرلمانيين، نحن نختلف عن بعض الدول العالمية التي تجد فيها خلافا حول هل تتعامل مع المخدرات كضرر اجتماعي ولا بد من تجريم من يتعاطى المخدرات أم لا.

في الأردن لا توجد تلك المشكلة، حيث الكل أجمع أنه يجرم من يتعاطى المخدرات أو يتاجر بها أو ينقلها أو يزرع الحشيش أو غيره، ويجرم بالقانون. القانون حقيقة عُدل أربع مرات، وآخره هو قانون "المخدرات والمؤثرات العقلية" وهو بين يدي اللجنة القانونية في مجلس النواب. يتميز هذا القانون بإعطاء فرصة للمتعاطي للمرة الأولى حيث لا يسجل عليه قيد جرمي أو أمني، وتبقى القضية عند إدارة متخصصة شكلت عام 1973 وهي إدارة أمنية تتبع إدارة مكافحة المخدرات، كما هناك حوالي ثلاثة مراكز لمعالجة المدمنين، حيث يبذل الأردن جهودا كبيرة في هذا السياق.

دورنا كبرلمانيين أيضا في الجانب التشريعي وفي الرقابة على الحكومة للتخفيف من الأسباب التي تقود المواطن للانحراف باتجاه المخدرات وذلك من خلال مناقشتنا للموازنة العامة. نسعى دائما أن تكون حصة التنمية من الموازنة حصة كبيرة، وذلك لتوفير أكبر قدر ممكن من فرص العمل وتقليل احتمالية انحراف تلك الأجيال في التعاطي المخدرات.

image
سؤال: أين تكمن التحديات؟

النائب البكار: أهم تحد في الأردن هو التحدي الاقتصادي.  الأردن اليوم يدفع ما يقارب خمس ميزانيته ككلفة استضافة اللاجئين السوريين وحدهم، ناهيك عن باقي اللاجئين وما نتحمله من بنى تحتية يتم استغلالها استغلالا سيئا ويجب أن نتابع تحديثها وصيانتها، وهذا كله يشكل تكلفة على ميزانية الدولية.

مجموع ما تلقى الأردن من المجتمع الدولي من مساعدات، يكاد لا يكفي أكثر من نصف هذا العبء لذلك النصف الآخر تتحمله خزينة الدولة. هذا أدى إلى ضعف فرص العمل وزيادة نسبة البطالة والفقر والذي أدى إلى ضعف وتغيير البنية والقيم الاجتماعية في المجتمع التي تربى عليها وعاش عليها.

إذا التحدي الأول هو اقتصادي والآخر هو تحدي اجتماعي كبير نتيجة لتغير المنظومة الاجتماعية بشكل عام. الأردن ينظر بقلق للمستقبل إذا ما استمر هذا الأمر وتركت البلاد أمام تلك الظواهر.

إذا كانت الجهود العالمية اليوم لم تحقق الأغراض المطلوبة منها بشأن مكافحة المخدرات، فكيف للأردن أن يعيش وحيدا الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة ومطلوب منه أن يحارب هذه الظاهرة سواء على الأراضي الأردنية أو حتى في الدول المجاورة حيث ترتفع نسبة التهريب نظرا للظروف الراهنة في الدول المجاورة مما يضعف مسؤولية الأمن على الجانب الأردني.

نؤمن إيمانا مطلقا بأن هذه القضية بحاجة إلى جهود جبارة ومكافحة ولا يمكن أن نتهاون مع تلك المشكلة لأن مجتمعنا لا يتحمل أي مزيد من الانهيار سواء في بنائه المجتمعي أو السياسي.

سؤال: أشرت في مداخلتك خلال الاجتماع إلى مراكز قوة متغلغلة تعيق الجهود للحد من المشكلة؟

النائب البكار: بكل تأكيد أن المال هو عصب الحياة ويؤثر تأثيرا كبيرا في القرار السياسي لحد ما، وللأسف الشديد فإن المخدرات هي الوسيلة الأسرع لكسب المال ومن يكسب المال يضحي بجزء كبير من هذا المال في سبيل كسب التأييد السياسي، مما قاد بعض صناع القرار السياسي ولا أعمم، إلى الوقوع في منظومة الفساد مما أدى إلى تسهيل بمن يتاجر ومن يزرع تلك الحشائش ويروج لها وغيرها.

عندما تتوفر لتلك الشريحة من المروجين أو المزارعين الحماية اللازمة من كبار مالكي رؤوس الأموال، سيعظم هذا من الجهود التي نحتاجها في سبيل الحد من هذه الظاهرة وانتشارها. لأنه وكما تعلمين عندما نتعامل فقط مع مروجين دون أن يكون لهم إسناد سياسي قوي ستكون المهمة أسهل، ولكن عندما نتعامل مع صناع قرار وأياد خفية تدير هذه العمليةـ سيضاعف من الجهود المطلوبة ويعظم من الثمن الذي نحتاجه في تلك القضية.

سؤال: هل باعتقادك أنه يمكن بلورة استراتيجية موحدة عالمية في هذا الشأن؟

النائب البكار: أعتقد أن هناك قواسم مشتركة نستطيع أن نعظمها ما بين الدول الموقعة والمصادقة على اتفاقية الحد من انتشار المخدرات، ولكن كاتفاقية موحدة وشاملة يتفق عليها الجميع هو أمر صعب، لأن هناك بعض الدول لا زالت لا تنظر لهذه القضية على أنها تحد كبير وهي رافد من روافد الاقتصاد الوطني ويعتبرون أن الاستخدام الخاطئ له هو ذنب من يتعاطى وليس ذنب المنتج. لا أستطيع أن أجد قواسم مشتركة بين الأردن وهولندا على سبيل المثال، فكيف أستطيع أن أبلور استراتيجية أو خطة موحدة بين كل الدول، لكن نستطيع أن نعظم القواسم المشتركة ونضع محددات قدر الإمكان ونعالج القضايا المصاحبة، فالقضية لا تتعلق فقط بقضية المخدرات بل المشاكل الناجمة عن استخدام المخدرات، مثل الإجرام والعنف والانفلات الأمني والانحراف السلوكي عند بعض الشباب، وهي قضايا ونقاط تستوقفنا ويجب أن نفكر مليا كيف نخفف من الأسباب السلبية لتلك القضية مع تعاطي المخدرات، إن سلمنا أن بعض الدول لا تنظر إلى هذه القضية هي مشكلة يجب محاربتها.

مصدر الصورة