منظور عالمي قصص إنسانية

سعاد التلسي: كيف يرى الرجل العربي امرأة عربية تغتصب ولا يفعل شيئا

سعاد التلسي: كيف يرى الرجل العربي امرأة عربية تغتصب ولا يفعل شيئا

تنزيل

شاركت المغربية سعاد التلسي في اجتماعات وضع المرأة التي عقدت مؤخرا في مقر الأمم المتحدة.

وخلال حوار إذاعي مع مي يعقوب، تحدثت التلسي عما تقوم به من خلال مركز الحسينة في لندن لدعم المرأة العربية المهاجرة، وتحدثت عن زواج القصرات الذي لم يكن أصلا موجودا خلال نشأتها. كما أعربت عن الحزن الكبير لما يصيب المرأة السورية والعراقية، مستنكرة بشدة موقف الرجال العرب السلبي مما يجري، وداعية الجميع إلى عدم انتظار الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات لحماية المرأة العربية بل أخذ المبادرة والتحرك لتغيير الواقع.

المزيد في الحوار الإذاعي التالي:

=-=-

إذاعة الأمم المتحدة: شاركت في الأمم المتحدة في اجتماعات وضع المرأة، عرفينا أكثر عن نفسك، مع من تعملين ومن مثلت في لجنة وضع المرأة؟

سعاد التلسي: أولا شكرا على الدعوة. أنا سعاد التلسي. نتيجة الهجرة المغربية في الستينات إلى بريطانيا وبعد ما قدم أبي في 78 19 إلى هنا (لندن). درست الحقوق وانخرطت في ميدان المطالبة بالحقوق والمساواة للجالية المغربية الموجودة في كانزينشون بلندن منذ أن كان عمري 17 عاما. في 1985 أسسنا مركز الحسنية الذي يخدم المرأة المغربية لأنني لمست أنه كان هناك فراغ ما بين الخدمات والمساعدات الموجودة والمرأة المغربية بسبب عدم فهم اللغة والتقاليد المختلفة والدين، مما جعل من الصعب على المرأة أن تتكيف مع الواقع. ولكن في أوائل التسعينيات، بدأنا نرى الكثير من الأخوة والأخوات اللبنانيين والفلسطينيين بعد مجزرة صبرا وشاتيلا، دخلوا إلى هذا الحي كلاجئين ومن بعد هذه المجزرة جاء السودانيون ومن ثم العراقيون والجزائريون بعد الحرب الأهلية. لذلك غيرنا دستور المركز، وأصبح مركز الحسنية يخدم المرأة العربية  أو المرأة الناطقة بالعربي مهما كان دينها أو جنسيتها. لا نفرق بين النساء. أي امرأة تتكلم بالغلة العربية، أهلا وسهلا بها.

إذاعة الأمم المتحدة: ما هي الخدمات التي تقدمونها من خلال هذا المركز؟

سعاد التلسي: المركز له أنشطة كثيرة. أنشطة ضد العنف ونشتغل كثيرا في هذا المجال. نساعد أية امرأة تتعرض للعنف المنزلي . بعض النساء يتزوجن ويبقين مع الزوج المعنِف...، فعملنا مع منظمات نسائية أخرى في بريطانيا وغيرنا القانون. والقوانين الهجرة البريطانية الحالية تقول إنه إذا كانت المرأة تعاني وفي شرطة وفي دكاترة يشهدون فلا داعي أن تبقى في منزل المعنف، يمكن أن تخرج وتأخذ حريتها. كذلك نعمل مع البنات الصغيرات، نساعدهن على مواصلة الدراسة ونريد أن نقضي على زواج القاصرات.

إذاعة الأمم المتحدة: هذه مشكلة كبيرة، رهيبة مقيتة. هل هناك من دعم مجتمعي يساعدكن على تكريس هذه الفكرة، أي على منع زواج القاصرات؟

سعاد التلسي: هناك عمل كبير. أولا نحن نعمل في الحي الذي نحن موجودون فيه حيث المغاربة أكثر عددا، يشكلون حوالي 8000 نسمة. وكما تعرفون أن الحقوق المغربية في مدونة الأسرة ودستور 2011 أعطيا المساواة، وأكدا على أن زواج القاصرات ممنوع كليا. فهذا ساعدنا أن نقنع بعض العائلات أن زواج القاصرات ضد القانون البريطاني ولكنه أيضا ضد القانون المغربي. فكما تعرفون كثير من الناس لا يعترفون بشيء أسمه جنسية وتقاليد، يعترفون فقط بدين اسمه الإسلام، إسلام مختلف عن الذي أنا غرفته وتربيت فيه، إسلام ممكن أن يدفع الأطفال إلى الزواج دون أن يفهموا هذه المسؤولية الكبيرة. في الحقيقة، نستغرب كيف أن الإنسان عاش في بريطانيا 30 أو 35 أو 40 سنة، وتغيرت الأمور وتغيرت التقاليد وتغيرت الأفكار، فوجدنا نفسنا وكأننا نعيش في قديم الزمان.

إذاعة الأمم المتحدة: تقصيدين بالرغم من وجودهم في بريطانيا ما زالت هذا الفكرة، أن زواج القاصر شيء عادي أو مقبول؟

سعاد التلسي: "مش مازالت" هي تولدت.. تولدت حديثا، "مش مازالت" لأن الجيل الذي أنا عشت فيه وتربيت فيه، لم يكن زواج القاصرات موجودا فيه.

إذاعة الأمم المتحدة: تقولين أن في القديم كان الوضع أفضل؟

سعاد التلسي: نعم نعم. أظن أن الجالية العربية أو المسلمة تغيرت بعد حوادث الحادي عشر من أيلول /سبتمبر.

إذاعة الأمم المتحدة: هل كان هناك انكماش أو تقوقع؟ إلى ماذا تعزين هذا الأمر؟

سعاد التلسي: أنا أظن أنها المشاكل السياسية الموجودة في العالم العربي والمجازر التي شهدناها والإعلام والإرهاب.. كل هذا أسباب حولت الشباب إلى التفكير بطريقة غير معقولة. طبعا ليس كل الشباب ولكن بعضهم. لذلك فمن المهم أن نعمل مع الأطفال من المستوى الشعبي. سهل أن يتكلم الشخص في الامم المتحدة ويطلق إعلانا أن سنعمل كذا وكذا ولكن العمل اليومي مع هؤلاء الأطفال ومع هؤلاء الأمهات مهم جدا إذا أردنا أن نغير شيئا ما في وضع الاليات العربية الموجودة في أوروبا.

إذاعة الأمم المتحدة: مع من تعملون؟ هل الأمم المتحدة تدعمكم؟ أم أنتم منظمات لها مقرها الخاص وميزانيتها الخاصة؟

سعاد التلسي: ليس لدينا أي دعم من الأمم المتحدة، تدعمنا جمعيات خيرية بريطانيا ونقدم لهم الشكر، فلنا 30 سنة في الميدان ولدينا موظفون, كما نتلقى دعمنا من المجلس البلدي المحلي في كانزينشون وأحيانا من وزارة الهجرة المغربية تساعدنا إذا كان في برنامج معين بخصوص الشيخوخة، فمشكلة الدعم، هي مشكلة يومية لدينا في المنظمة مثل كل المنظمات الخيرية في المنظمة.

إذاعة الأمم المتحدة: خلال مشاركتك الآن في الدورة 59 ، ماذا طرحتي في الاجتماعات؟ هل عرضت الواقع؟ هل تحدثت عما يمكن فعله لمساعدتكن في إطار عملكن؟

سعاد التلسي:... الذي أعرفه أن إعلان بيجين لم يتكلم عن المرأة المهاجرة كثيرا، ونعرف أن 190 مليون إنسان في العلم هم مهاجرون و50% من هؤلاء هم من النساء، فكيف غفل إعلان بيجين تماما عن هذا العدد الكبير. فالمرأة المهاجرة لها مكانها الخاص في العالم ولا بد أن يكون لها مكانها الخاص في السياسية والسياسة الأممية.

إذاعة الأمم المتحدة: الأهداف الإنمائية الجديدة والتي تسمى الآن بأهداف التنمية المستدامة لما بعد عام 2015 تركز أيضا على قضايا المرأة والمناصفة وحماية المهاجرين. هل سنحت لك الفرصة للاطلاع على بعض منها وهل تعتبرين أنها أفضل مما سبق؟

سعاد التلسي: لم أكن هنا من قبل، هذه المرة الأولى التي أشارك في اجتماعات لجنة المرأة، فلا يمكن لي أن أتحدث عما سبق، ولكن ما شهدته هذه السنة: أولا كنت أنتظر نشاطات أكثر من العالم العربي وكنت أنتظر ورشات عن المأساة التي تعاني منها المرأة العربية خصوصا السورية والعراقية والجزرة الجارية.. وأظن أن هناك نقصا في هذا المجال. فأنا لا أريد أن أقول إن الأمم المتحدة  أو العالم له مسؤولية لديه مسؤولية، فنحن مسؤولون عن أنفسنا، وكيف يرى الرجل العربي امرأة عربية تغتصب ولا يقول أي شيء؟!؟ فهذا الأمر يؤسف ويحزن!

إذاعة الأمم المتحدة: هل هناك نقص في الشهامة؟ لماذا برأيك الرجل العربي كما ذكرت الآن لا يتحرك عندما يرى امرأة تغتصب؟

سعاد التلسي: لا أعرف لماذا، فبعضهم يغتنم الفرص. وأنا لدي أصدقاء من الأمم المتحدة ذهبوا كمراقبين إلى الحدود اللبنانية السورية والعراقية وشاهدوا كيف تتعذب النساء. فأين شهامة الرجل العربي ليحمي المرأة؟ فأي امرأة هي أمه وأخته وابنته! فلنقف! يجب ألا ننتظر الأمم المتحدة أو أي جهة أخرى لتحمي المرأة العربية ! نحن نحمي المرأة العربية لنا مسؤولية تجاهها، هذه المرأة التي تبيع جسدها لتحصل على قليل من الخبز لتطعم ابنها أو بنتها، هؤلاء النساء المعذبات في المخيمات... كفى! كفى من العذاب الذي تعرضت له المرأة العربية منذ الأربعينات، منذ الحرب العالمية الثانية.. فإذا كانت لبنانية أو فلسطينية أو عراقية أو مغربية أو جزائرية، بالنسبة لي أنا سعاد كلنا عرب فيا ليت أن تتحرك المرأة العربية وتتكلم بصوت واحد. أتكلم وي اريت تسمعني المرأة العربية الموجودة في باريس أو في لندن التي تتسوق لدى "غوتشي" وغيره  وتفكر في المرأة التي ليس لها ولو دينار من أجل أن تشتري الخبز وترى إذا كان ممكن أن تحمي أختها.

إذاعة الأمم المتحدة: سعاد التلسي شكرا جزيلا على هذه الدعوة على هذه الصرخة النابعة من القلب، على أمل أن يصل صوتك إلى مسمع الرجال والنساء العرب نتمنى لك استمرار المسيرة والنضال لمساعدة العربيات في لندن وربما في أمكان أخرى. شكرا جزيلا..

سعاد التلسي: شكرا..