منظور عالمي قصص إنسانية

الزواج المبكر والقسري: حلقة نقاش واسعة في مجلس حقوق الإنسان

الزواج المبكر والقسري: حلقة نقاش واسعة في مجلس حقوق الإنسان

تنزيل

ما يقارب من أربعة عشر مليون فتاة يتزوجن كل عام قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة، الأمر الذي جعل من قضية الزواج المبكر والقسري للأطفال من أهم قضايا حقوق الإنسان.

في التقرير التالي نتطرق إلى حلقة النقاش التي عقدها مجلس حقوق الإنسان في جنيف حول منع  الزواج المبكر والقسري والقضاء عليه.

يحدث الزواج المبكر أو الإجباري في العديد من المجتمعات ويمارس لعدة أسباب منها تقليدية أو ثفافية أو دينية أو اقتصادية.

وفي جلسة نقاش واسعة حول هذه الظاهرة عقدت في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، حذرت نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان، فلافيا بانسيري، من التداعيات المدمرة لحقوق النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للزواج المبكر والقسري، وقالت:

" في الواقع، فإن زواج الأطفال والحمل المبكر يشكلان عقبة كبيرة أمام العمل والتعليم وغيرها من الفرص للفتيات والشابات. في كثير من الأحيان فإن الفروقات الكبيرة في السن والسلطة بين العروس وزوجها يقوضن من استقلالية الفتيات والشابات. والنتيجة هي التعرض للعنف النفسي والجسدي والاقتصادي والجنسي فضلا عن العمل القسري وما يسمى بجرائم "الشرف"، والعبودية المنزلية، والقيود المفروضة على حركتهن. "

 

ووفقا للأمم المتحدة هناك ما يقارب من مئة وأربعين مليون فتاة سيتم تزويجهن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة بحلول عام 2020، أي بمعدل تسعة وثلاثين ألف فتاة كل يوم.

وتقول بانسيري في هذا الصدد:

"في ظل غياب سبل الانتصاف القانونية، تعد الممارسات الثقافية التمييزية على أساس الآراء النمطية لأدوار المرأة والناحية الجنسية، من بين الأسباب الهيكلية لزواج الأطفال والزواج القسري.  إن الآباء قد يشعرون بأن الزواج المبكر هو وسيلة لمنع العلاقات قبل الزواج التي من شأنها أن تجلب العار على العائلة، وإذا قاوموا فإنهم سيتعرضون لضغوط اجتماعية حادة. إن الفقر وانعدام الأمن وغير ذلك من أسباب تعد من العوامل المساهمة الرئيسية، حيث غالبا ما ينظر إلى الزواج باعتباره وسيلة لضمان السلامة، والكفاف الاقتصادي، للفتيات والنساء."

 

وتشكل الأزمات السياسية التي تعاني منها بعض البلاد سببا في تزايد هذه الظاهرة، كالوضع في سوريا حيث كان الصراع الذي تعاني منه البلاد من أهم التحديات التي تواجهها الحكومة السورية للقضاء على كافة أشكال الزواج المبكر والقسري كما تقول نادين عيسى، من البعثة السورية الدائمة لدى جنيف:

" من أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة السورية للقضاء على كافة أشكال الزواج المبكر والقسري هي سيطرة بعض العادات والتقاليد في بعض المناطق الريفية التي تتساهل مع هذه الأنماط من الزواج، وما تتعرض له الفتيات السوريات في مخيمات اللجوء خارج سوريا من مخاطر الزواج المبكر والقسري الذي يندرج أحيانا تحت بند الاتجار، بالإضافة إلى تأثير العقوبات الاقتصادية الأحادية المفروضة على سوريا من قبل بعض الدول الغربية والإقليمية التي أضرت بالمستوى المعيشي لعدد كبيرة من الأسر السورية بما قد يدفع بعض الأسر لتزويج بناتها مبكرا للتخفيف من الأعباء المادية."

 

السيد أيمن صادق، مدير برنامج منطقة صعيد مصر، من منظمة  Plan International

أشار إلى أن ظاهرة الزواج المبكر في مصر لا تزال مرتفعة في المناطق الريفية، على الرغم من تعديلات قانون الطفل المصري والذي شمل رفع سن الزواج إلى  الثامنة عشرة من العمر، وذكر أن الزواج مرتبط بالثقافة والتقاليد وفي بعض الأحيان بسبب الضغوط الاقتصادية، وللقضاء على هذه الظاهرة، قال السيد صادق:

"أول استراتيجية مهمة هو النهج الاجتماعي الشامل الذي يقوده المجتمع، وهي أفضل المداخل الفعالة في كسر حاجر الصمت في زواج الأطفال، من خلال التركيز والتوعية في هذه الآثار الضارة لهذه الممارسة، ودعم قادة المجتمعات المحلية. وكذلك استخدام منهج التمكين للفتيات والمرأة باستخدام مجموعات التمكين، وهو مفهوم متوائم مع الثقافة المصرية خاصة في القرى حيث يميل الأشخاص لتبادل الخبرات والمشاكل، مثال على ذلك من مجموعات التمكين هو " المرأة العربية تتكلم" وهي منهجية لتمكين المرأة والفتيات وتنمية كوادر ليكونوا عوامل التغيير داخل المجتمع."

 

وأكد السيد صادق على أن الرجل له دور رئيسي في إحداث تغيير حقيقي تجاه هذه الظاهرة، وقال:

"التجربة في مصر وفي الدول الأخرى أثبتت أنه بدون الفتيان والرجال لا يمكن أن يكون هناك تغيير حقيقي، ولا يمكن أن يكون هناك دور في وضع حد للزواج القسري وزواج الأطفال لذلك فإن إدماج الفتيان والرجال الذين يدركون الدور السلبي لزواج الأطفال مهم جدا."

وفي حين تعمل الأمم المتحدة على وضع الأجندة التنموية لما بعد عام 2015، دعا المجتمعون إلى ضمان إدراج الأطفال والزواج القسري ضمن تلك الأهداف، لتسليط الضوء على هذه الظاهرة والعمل على القضاء عليها.

التقرير من اعداد بسمة البيطار -البغال

مصدر الصورة