منظور عالمي قصص إنسانية

طارق متري: التحدي الأكبر في ليبيا هو التحدي الأمني وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان

طارق متري: التحدي الأكبر في ليبيا هو التحدي الأمني وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان

تنزيل

على هامش زيارته إلى نيويورك، شارك طارق متري الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في معرض للوسائط المتعددة يدور حول التقدم والتحديات التي تواجهها المرحلة الانتقالية في ليبيا. الزميلة مي يعقوب زارت المعرض وأجرت الحوار التالي مع طارق متري.

يمكنم الاستماع إليه عبر النقر على أيقونة "استماع" في الأعلى على يمين الصفحة، وفيما يلي نص الحوار.

1- نبدأ من المعرض الذي يدور حول "التقدم والتحديات في ليبيا". ما أبرز ما استوقفك من الأعمال التي يضمها المعرض؟

المعرض يعطي صورة عما تحاول بعثة الأمم المتحدة أن تقوم به لكن الأهم من بعثة الأمم المتحدة يعطي صورة عما يختلج في صدور الليبيين أنفسهم، يعطي صورة عن تطلعات الليبيين، عن آلام الليبيين أيضا وعن نجاحاتهم لا سيما في إجرائهم بمساعدة الأمم المتحدة انتخابات في موعدها، انتخابات نزيهة وحرة والأهم من نزاهتها وحريتها أنها أطلقت بين الناس طاقات وساهمت في تمكينهم من المشاركة في صنع مصائرهم بأنفسهم. الديمقراطية هي أكثر من الانتخابات، هي ذاك الوعي بأن الناس جميعا متساوون من حيث حقوقهم في المشاركة في صنع مصائر بلادهم.

 2- لنتقل بالحديث عن الواقع في ليبيا. ما هي أوجه التقدم والتحديات التي ترصدها بعثة الأمم المتحدة للدعم في الميدان؟

التحدي الأكبر هو التحدي الأمني لا يختلف اثنان في هذا لأن عملية بناء الأجهزة الأمنية وجمع السلاح من كتائب الثوار عملية مازالت في بدايتها، لكن هناك أيضا تحدي استئناف حياة اقتصادية نشطة في ليبيا فهناك مشاريع كثيرة توقفت. وهناك ثالثا بناء الدولة، فالحكم البائد لم يترك مؤسسة تعمل في ليبيا، فالمؤسسات كلها تحتاج إلى إعادة بناء. هذه هي التحديات. هناك تقدم حقيقي على صعيد بناء المؤسسات على صعيد توفير الأمن، على صعيد عملية سياسية تبدأ من صياغة الدستور والاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات عامة. تقدم حقيقي ولكنه غير كافي. والناس يطالبون بالمزيد ومن حقهم أن يطالبوا.

3- لقد تحدثت للتو عن صياغة الدستور وبناء المؤسسات. ماذا عن مسار المصالحة الوطنية ؟

مازال العمل جاريا من أجل أقناع كل الجهات المعنية بأن المصالحة الوطنية لا يمكن أن تتأخر. فهناك من يقول أن وقت المصالحة لم يحن بعد أما نحن فنصر على القول أن استأخار المصالحة الوطنية قد يؤخر أيضا العملية السياسية وقد يعرض البلاد للاهتزازات كثيرة نحن بغنى عنها. لكن هناك بعض الالتباسات حول المصالحة الوطنية يجب تبديدها حتى يقتنع الكثيرون بأنها حاجة لا تحتمل الانتظار. أول الالتباسات هو أن المصالحة عفوا عاما عن جرائم الماضي. هناك جرائم ارتكبت في عهد معمر القذافي لا يمكن القبول بأن يفلت أصحابها من العقاب لكن معاقبة مرتكبي تلك الجرائم هي من عمل القضاء. إذا المصالحة ليست عفوا لكن المصالحة هي نوع من ضرب الصفح عن خلافات بين جماعات استطاع الحكم البائد أن يؤججها. فالمصالحة تماما هي رد على الشقاق الذي أحدثه الحكم البائد. المصالحة أيضا هي ضرورة للتنمية، هناك طاقات ليبية كبيرة مشتتة في جهات العالم، لا سيما في مصر وتونس وهي ترغب في العودة لكن من غير مصالحة قد لا تعود. هناك أيضا جماعات ليبية كثيرة لديها شعور بالغبن وبأنها وصمت بمواقف سياسية لبعض الناس فيها مما أدى تعديات كثيرة وانتهاكات. ولا بد أيضا لهذه الجهات من أن تنصف. وكما قلت إنصاف الجماعات لا يعني الصفح عن المجرمين.

4- في هذا الإطار، أنت تتحدث عن جماعات، ماذا عن  مطالب جماعات الأمازيغ وعن مطالب الطوارق وغيرها ؟

طبعا الأمازيغ يطالبون بحقوق ثقافية لغوية فلنسميها كذلك وهم قادرون على التعبير عنها بقوة وهم ممثلون في المؤتمر الوطني العام تمثيلا فاعلا، أما الطوارق فمشكلتهم أكثر تعقيدا، لا سيما وأنهم محرومون من التمثيل السياسي لأن أعضاء المؤتمر الوطني المنتخبين من الطوارق قد أبطلت عضويتهم بقرار من هيئة النزاهة والوطنية. وهناك مشكلات تدور حول الهوية والجنسية وحقوق المواطنة يثيرها هؤلاء الناس ومعهم التبو ونحن نقوم بكل ما نستطيع من جهد لكي نلفت نظر الجهات الرسمية الليبية لضرورة معالجة هذه القضايا وإنصاف ما يمكن إنصافه. والمصالحة الوطنية التي أشرت إليها منذ قليل تتضمن أيضا إصلاح ذات البين في مناطق لا سيما في الجنوب وفي الجنوب الشرقي من ليبيا التي حدثت فيها نزاعات بين الجماعات، بين التبو والعرب مثلا، هناك النزاع الذي جرى بين أهل مصراته وتورغة في الشمال ولا بد أيضا من مصالحة تزيل أثار هذا النزاع وتعيد الحد الأدنى من الحقوق لأصحابها.

5- أريد أن أسأل عن وضع المرأة. هناك خوف على حقوق المرأة وتقويض مشاركتها في الشأن العام. ليس فقط في ليبيا بل في جميع بلدان الربيع العربي. ما الذي تقوم به بعثة الأمم المتحدة لرفع التوعية حيال حقوق المرأة؟

إن الحركة النسوية في ليبيا ما زالت في طورها الأول لكنها فاعلة مؤثرة. هناك 18 % من أعضاء المؤتمر الوطني هم من النساء وهذه نسبة محترمة إذا ما قورنت ببلاد كثيرة شرقا وغربا شمالا وجنوبا. ومنذ أيام معدودة ألفت النساء الأعضاء في المؤتمر الوطني مجموعة برلمانية إذا جاز التعبير للعمل من أجل تعزيز المشاركة السياسية للمرأة ونحن نقف إلى جانبهن. طبعا احتمالات الانتكاس تبقى موجودة في أي مجتمع في ليبيا أو في غير ليبيا لكن أنا واثق بأن النساء المناضلات لن يتساهلن ولن يتنازلن عن حقوقهن ولا عن أدوارهن.

 6- لا بد من السؤال عن محاكمة سيف الإسلام القذافي وعبدالله السنونسي. البعض يقول إن هذه المحاكمة لن تتم بشكل عادل في ليبيا، ما هو رأيكم؟

لا رأي لي في هذا الموضوع. إن مهمتنا نحن في الأمم المتحدة هو تذكير السلطات الليبية بتوفير الشروط اللازمة لإجراء محاكمة عادلة وسنستمر في لفت نظر السلطات الليبية بضرورة احترام التزاماتها الدولية وتوفير تلك الشروط.

7- أخيرا أود الإشارة إلى الأزمة في مالي. هل هناك تخوف من تأثير هذه الأزمة على ليبيا مع أنكم لا تتشاطرون حدودا جغرافية مع مالي؟

إن عدم وجود حدود بين مالي وليبيا لا قيمة له. هناك أراضي النيجر والعبور من وإلى النيجر، الحدود في تلك المنطقة الصحراوية من شمال مالي حتى جنوب ليبيا ليست حدودا بالمعنى المتعارف عليه وهناك جماعات كثيرة تعيش في أكثر من بلد. طبعا من الطبيعي أن يخشى البعض انتقال العنف المالي ّ إلى ليبيا لكن يجب عدم التسرع وهناك من يبالغ في تحميل ليبيا مسؤولية كل ما يجري وهناك من يقول إن السلاح في الجزائر أتى من ليبيا، ربما كان ذلك صحيحا أو غير صحيح الله أعلم. أنا من الذين يحذرون من المبالغة، من الخلط، أفهم افتراضات البعض، أفهم مخاوف البعض، لكن المخاوف لا تبرر الهلع ولا تبرر المبالغة.

 شكرا طارق متري، الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا.