منظور عالمي قصص إنسانية

ارتفاع معدل الصدمات النفسية بين سكان غزة خاصة الأطفال بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على القطاع

ارتفاع معدل الصدمات النفسية بين سكان غزة خاصة الأطفال بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على القطاع

تنزيل

سلط التقرير الذي نشرته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا قبل عدة أيام حول الاوضاع النفسية للاجئين في غزة وارتفاع نسبة الصدمات النفسية بينهم، سلط الضوء على واحدة من أخطر المشاكل التي تواجه القطاع المحاصر، وتعيق عملية التنمية البشرية التي تنفذها الأمم المتحدة عبر برامج التعليم والصحة والإغاثة. التفاصيل مع علا ياسين، مراسلتنا في غزة.

التقرير سالف الذكر، والذي جاءت نتائجه عبر مسح شامل واحصائيات دقيقة زودتها مراكز الاونروا، يؤكد أن حوادث الصدمات النفسية والاضطرابات اللاحقة للصراع ارتفعت لأكثر من مائة في المائة في أعقاب النزاع الأخير، فيما وصلت الأوضاع في غزة إلى منحدر يدمي القلوب ويتطلب تدخلا عاجلا من المجتمع المحلي.

إذاعة الامم المتحدة زارت إحدى مدارس الاونروا بمدينة غزة، والتقت عددا من الطلاب ومرشدين نفسيين، تحدثوا عن حقيقة التصدع النفسي الحادث في غزة وما يواجهه الأطفال من صدمات تؤثر على طبيعتهم وتحصيلهم العلمي. المرشد النفسي محمود النجار يقول:

"سلوك العنف لدى الطلاب بدأ يظهر عند الطلاب بشكل واضح أكثر، توترات، القلق، توترات نفسية أيضا بدأنا نلاحظها عندهم داخل البيوت، اذا الحرب الأخيرة لها أثآر نفسية كبيرة على الطلاب، ونحن دورنا كمرشدين نفسيين داخل مدارس الأونروا هو تقديم الدعم النفسي بشتى أنواعه، واستخدام الأنشطة الترفيهية للطلاب، والحديث عن مشاعرهم بشكل حر. ونستخدم عدة تقنيات في عملنا من ضمنها الارشاد الفردي، الارشاد الجماعي، التوجيه الجماعي عن طريق الحصص، أشطة ترفيهية داخل المدرسة، وداخل الفصول في بعض الاحيان".

ويضيف النجار أن برامج الدعم النفسي تضاعفت بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على غزة، وتم تكثيفها على مستوى المدرسة والعائلة لمواجهة التدهور الحاد في الوضع النفسي لسكان القطاع. وأضاف:

"هناك تواصل مستمر بينا وبين الأهالي سواء على مستوى فردي أو جماعي، لقاءات مع الاهالي، بعد الحرب عملنا دورات للأهالي لكيفية التعامل مع أولادهم في ظل الظروف الضاغطة هذا على مستوى جماعي، والحالات الفردية نستدعي اولياء الامور للتواصل في وضع آليات لمتابعة الطلاب داخل البيت عن طريق المدرسة".

الطالب أحمد عبد الهادي، خمسة عشر عاما، عبر عما يحدث معه وما يشعر به بعد الحرب الأخيرة على غزة، وتأثيرتها على حياته وتحصيله العلمي. وقال:

"في عندي إحساس إنه في أي وقت ممكن تحدث حرب، فإحساس الخوف لازال بداخلي، ومش قادر أعيش طفولتي السعيدة كباقي اطفال العالم. بالعكس، نفسي أعيش طفولتي. كيف يمكن أن أركز وأنا خائف من داخلي، متخيل أنه في أي وقت يمكن أن يجيئني الموت، أخاف على نفسي، في أي ثانية أتخيل أن هناك حرب، أي صوت يخيفني، أو دقة باب يجعلني أتخيل أنها الحرب".

أما الطالب همام أحمد، فيقول إنه كان في الصف الخامس الابتدائي أثناء عملية الرصاص المصبوب آواخر عام 2008، مطلع 2009، وإنه لم يكد يتعافى من آثارها حتى صدمته عملية عامود السحاب الإسرائيلية قبل ثلاثة أشهر، والتي أدت حسب قوله إلى انخفاض قدرته على التحصيل العلمي وعدم التركيز الذهني واضطراب النوم.

أحمد مقداد، طالب آخر، بدا متوترا خلال حديثه مع إذاعة الأمم المتحدة، ووصف مشاعره قائلا:

"أخاف وأنا نائم، في الليل، تقطع الكهرباء ويحدث برق فأشعر برعب، أنا طالب مجتهد، ولكن مع تأثير الحرب تدنى مجموعي وأشعر أنني لن أحصل على معدل جيد، ونومي فيه قلق، وتركيزي مدمر، لو حدثني أحد لا أركز، ولا أستطيع التركيز في الدراسة".

من جانبه قال عدنان ابو حسنة، المستشار الاعلامي للاونروا إن نتائج المسح الذي أجرته الأونروا تطابقت مع احصائيات صندوق الأمم المتحدة للطفولة، يونيسف، مشيرا إلى أن الأرقام أعلى من ذلك بكثير، ولكن تقاليد المجتمع الفلسطيني ترفض الافصاح عن قضايا العلاج النفسي لتقاليد معينة. وقال:

"اثنان وأربعون في المائة من الأطفال الذين يتم علاجهم في مراكز الاونروا هم دون سن التاسعة، وحسب احصائيات الاونروا هناك زيادة في معدلات اضطرابات النوم لدى الأطفال بنسبة واحد وتسعين في المائة، وأربعة وثمانون في المائة من المستجيبين للمسح يبدون مصدومين أو في حالة ذهول كما وجدنا أن خمسة وثمانين في المائة منهم يعانون من تغيرات في الشهية".

وحول ما قامت به الأونروا لمواجهة هذا الارتفاع المفاجئ والخطير في الصدمات النفسية والاضطرابات اللاحقة للصراع قال أبو حسنة:

"الأونروا قامت بزيادة معدل الارشاد النفسي الذي توفره في المدارس وأيضا من خلال الزيارات المنزلية. في نفس الوقت نناشد المجتمع الدولي تلبية الطلب المتزايد على عمل الأونروا في مجال الصحة العقلية، وهذا يتطلب من تمويل أكبر لهذا البرنامج الذي يكلفنا حتى الآن ثلاثة ملايين دولار".

غزة التي أنهكتها الحروب تعود مرة أخرى إلى بؤرة الأحداث عبر تقرير مخيف وغير مسبوق يشير إلى تدهور حاد وكبير في الصحة النفسية. الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا لمواجهة الكارثة المحققة التي قد تلحق بأجيال بأكلمها.

علا ياسين-إذاعة الأمم المتحدة-قطاع غزة