منظور عالمي قصص إنسانية

نظرة على عام 2012

نظرة على عام 2012

تنزيل

أهلا بكم مستمعينا في كل مكان في أول لقاء معكم في عام جديد نتمنى لكم فيه كل خير وسلام. مع بداية عام جديد نستعرض الماضي القريب وبعض أهم ما مر بنا في عام 2012.

من أبرز أحداث العام الماضي تغيير وضع فلسطين في الأمم المتحدة.

بأغلبية مائة وثمانية وثلاثين عضوا ومعارضة تسعة وامتناع إحدى وأربعين دولة عن التصويت أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بمنح فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل التصويت:

"إن كل صوت يؤيد مسعانا اليوم هو صوت نوعي وشجاع. وكل دولة تمنح التأييد اليوم لطلب فلسطين نيل مكانة دولة غير عضو تثبت بذلك دعمها المبدئي والأخلاقي للحرية وحقوق الشعوب والقانون الدولي والسلام. إن تأييدكم اليوم لمسعانا سيبعث رسالة مبشرة لملايين الفلسطينيين على أرض فلسطين وفي مخيمات اللاجئين في الوطن والشتات، وللأسرى مناضلى الحرية في السجون الإسرائيلية، بأن العدالة ممكنة وأن الأمل مبرر، وأن شعوب لاعالم لا تقبل باستمرار الاحتلال، ولهذا نحن هنا اليوم

نيابة عن إسرائيل تحدث ممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة رون بروسور.

"اسمحوا لي أن أقول لكم ما يفعله هذا القرار القيام به. هذا القرار ينتهك التزاما أساسيا ملزما، شهدت عليه العديد من الدول الموجودة هنا اليوم. وهو الالتزام بأن جميع القضايا العالقة في عملية السلام يجب أن تحل فقط من خلال المفاوضات المباشرة. هذا القرار يرسل رسالة مفادها أن المجتمع الدولي مستعد لغض الطرف عن اتفاقات السلام. وبالنسبة لشعب إسرائيل، يثير هذا الأمر سؤالا بسيطا: لماذا الاستمرار في تقديم تضحيات مؤلمة من أجل السلام، في مقابل قطعة من الورق، لن يحترمها الطرف الآخر؟"

بعد اعتماد القرار حث الأمين العام بان كي مون الطرفين على تجديد التزامهما تجاه السلام.

"إن موقفي كان دائما متسقا وهو أنني أؤمن بأن للفلسطينيين حق إنشاء دولتهم المستقلة وأؤمن بأن من حق إسرائيل العيش في سلام وأمن مع جيرانها، ولا يوجد بديل عن المفاوضات لتحقيق ذلك. إن تصويت اليوم يؤكد الحاجة الملحة لاستئناف مفاوضات ذات مغزى، علينا أن نعطي دفعة جديدة لجهودنا المشتركة من أجل ضمان أن دولة فلسطين المستقلة الديموقراطية المتصلة وذات السيادة والقادرة على الاستمرار تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل الآمنة."

* * *

مازالت الأزمة السورية تتصدر الاهتمام الدولي، وصل عدد اللاجئين السوريين المسجلين إلى أكثر من خمسمائة ألف شخص وزادت أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية العاجلة داخل البلاد.

ومازال الوضع معقدا، فلم تنجح الجهود المختلفة في حله.

في منتصف العام أنشأ مجلس الأمن الدولي بعثة من المراقبين الدوليين العسكريين غير المسلحين.

روبرت مود كان رئيس البعثة:

"نحن ضيوف في بلدكم، ونتطلع إلى أن يتم استقبالنا والتعامل معنا باعتبارنا ضيوفا، سنفعل كل ما يمكننا لدعم الشعب السوري في بناء مستقبل أفضل."

ولكن تلك الضيافة لم تطل، عملت البعثة في سوريا وعلقت أنشطتها واستئنفتها إلى أن انتهت مدة ولايتها دون أن يجددها مجلس الأمن الدولي في ظل خلافات أعضائه بين راغب في التمديد ورافض إلا إذا تراجع مستوى العنف.

لحل الوضع في سوريا عـُين أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان مبعوثا خاصا مشتركا للأمم المتحدة والجامعة العربية.

وقبيل انتهاء ولايته أعلن أنه لن يستمر في منصبه لأن زيادة عسكرة الوضع في سوريا وعدم اتحاد أعضاء مجلس الأمن الدولي غيـّر الظروف الملائمة للقيام بدوره بشكل فعال.

"في الوقت الذي يحتاج فيه الشعب السوري بشدة إلى العمل، يتواصل تبادل وإطلاق الاتهامات في مجلس الأمن الدولي. إن إعلان جنيف الذي أيدته مجموعة العمل المعنية بسوريا في الثلاثين من يونيو حزيران قدم اتفاقا دوليا حول إطار عمل الانتقال السياسي، وكان يتعين تأييد ذلك بشكل آلي في مجلس الأمن وأن يبني عليه المجتمع الدولي عمله. بدون ضغط دولي جاد وهادف، بما في ذلك من قوى المنطقة، سيكون من المستحيل لي أو لأي شخص آخر أن يدفع الحكومة السورية أولا وأيضا المعارضة إلى اتخاذ الخطوات الضرورية لبدء العملية السياسية."

عينت بعدها الجامعة العربية والأمم المتحدة الديبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي ليكون ممثلا خاصا مشتركا.

ومازالت الرحلات المكوكية والجهود التي يبذلها للمساهمة في إنهاء الأزمة في سوريا مستمرة.

في إفادة له أمام الجمعية العامة أكد الإبراهيمي عدم جدوى الحل العسكري.

"الحل العسكري سيغرق سوريا في عملية مدمرة، سيكون التعافي منها صعبا جدا، وسيستغرق وقتا طويلا جدا، مع عواقب وخيمة بالنسبة للمنطقة برمتها. ووفقا للمنطق العسكري السائد، فكل السوريين سيخسرون. وسنخسر جميعا".

* * *

في المداولات السنوية رفيعة المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تعقد في سبتمبر أيلول، تجلت التغيرات التي طرأت على بعض دول العالم العربي فيمن مثلها في المحفل الدولي.

في قاعة الجمعية العامة وقف الرئيس المصري محمد مرسي.

"وسوف نستمر في العمل لوضع حد لمعاناة شعب سوريا وإتاحة الفرصة كي يختار بإرادته الحرة بعد أن ينتهي هذا النظام الذي يقتل شعبه ليل نهار، سيختار الشعب السوري بإرادته الحرة نظاما للحكم يعبر عنه ويضع بلاده في مكانها في مصاف الدول الديموقراطية."

الرئيس التونسي منصف المرزوقي اقترح آلية جديدة لمحاربة الديكتاتورية.

"إننا ندعو منظمة الأمم المتحدة إلى إعلان الديكتاتورية آفة سياسية اجتماعية، يتعين على كل شعوب الأرض السعي للقضاء عليها، كما ندعو المنظمة إلى تطوير مؤسساتها لتكون أكثر نجاعة في تحقيق برنامج طموح، لكنه ليس أكثر طوباوية من برنامج القضاء على الجدري أو شلل الأطفال".

* * *

في عام 2012 أصبحت التلميذة الباكستانية مالالا يوسف زاي رمزا عالميا لحق كل فتاة في التعليم. تعرضت مالالا لمحاولة اغتيال بسبب مواقفها المدافعة عن حق الفتيات في التعليم والمنتقدة لحركة طالبان في هذا المجال.

الأمين العام بان كي مون:

"أظهر الإرهابيون أن أكثر ما يخيفهم هو فتاة تحمل كتابا."

عقدت الأمم المتحدة فعاليات خاصة لتأكيد الدعم لمالالا وحقوق الفتيات بأنحاء العالم، واستنكرت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة ليلى زروقي استهداف من تطالب بالحق في التعليم في مجتمع بدأ دينه بكلمة "اقرأ":

"بنت لم تتجاوز الرابعة عشرة تستهدف ويخطط لقتلها ويرسل لها من هو مختص كما قالت حركة طالبان في استهداف الرأس للقضاء عليها، لماذا؟ لأنها طالبت بحقها في التعليم في مجتمع ينتمي إلى دين بدأ بكلمة اقرأ، في مجتمع ينتمي إلى دين رسوله صلى الله عليه وسلم قال (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد، اطلبوا العلم ولو في الصين) عندما كان الوصول إلى الصين مثل الوصول إلى المريخ أو القمر. كيف يعقل أن يحدث هذا في مجتمع ينتمي إلى هذا الدين وهذه الثقافة؟ لقد نشأنا وترعرعنا وأهلنا دفعونا إلى التعليم وحثونا على الدراسة باسم مبادئ وتعاليم ديننا وتقاليدنا. كيف يحدث ذلك؟"

* * *

ساهمت الأمم المتحدة في إنهاء الأزمة في اليمن ودعم العملية الانتقالية هناك.

وفي جلسة عقدها مجلس الأمن عن بناء السلام تحدث بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة عن العناصر المهمة لمنع الارتداد إلى الصراع وجعل الدول والمجتمعات أكثر صمودا، واستشهد بالوضع في اليمن:

"إن دعمنا لعملية التحول في اليمن يظهر كيف تسعى الأمم المتحدة لتطبيق النهج الجامع. إن مستشاري الخاص أشرك طائفة من جماعات المعارضة والشباب والنساء ومنظمات المجتمع المدني مما مهد الطريق لمشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني ووضع أسس المراحل اللاحقة لعملية التحول."

* * *

شهدت ليبيا أول انتخابات حرة وشفافة منذ خمسين عاما. ساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إقامة أماكن التصويت وصناديق الاقتراع، فيما أزال برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الألغام مائة وثمانين ألف عبوة متفجرة بأنحاء البلاد للمساعدة في إحلال الاستقرار ومنع تهريب الأسلحة في المنطقة.

* * *

عانت مالي المجاورة من عدم الاستقرار والاضطرابات. وبعد انقلاب عسكري أطاح بالحكومة استغلت جماعات إسلامية متطرفة الفراغ في السلطة للسيطرة على شمال البلاد. تدفق اللاجئون بمنطقة الساحل التي تعاني من الجفاف وتفشي الفقر.

حث الاتحاد الأفريقي مجلس الأمن الدولي على تأييد التدخل العسكري لتحرير شمال مالي من المتطرفين.

أنطونيو تيتي المراقب الدائم للاتحاد الأفريقي لدى الأمم المتحدة:

"تقف مالي على مفترق الطريق، إن الوقت مهم. نحتاج إلى العمل بسرعة وتوجيه رسالة واضحة وقوية حول عزم المجتمع الدولي ودعمه للجهود المبذولة بقيادة أفريقية."

وتبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2085 لعام 2012، والذي يأذن بنشر بعثة دعم دولية في مالي بقيادة أفريقية لفترة أولية مدتها عام واحد.

ووفقا للقرار ستدعم البعثة السلطات المالية في استعادة مناطق الشمال من إقليمها، الواقعة تحت سيطرة الجماعات المسلحة الإرهابية والمتطرفة.

* * *

منطقة الساحل الأفريقية ككل تعاني من عدة تحديات، وفي جلسة وزارية عقدها مجلس الأمن الدولي حول السلم والأمن في المنطقة تحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن الوضع الإنساني الصعب بالمنطقة.

"إن أضواء الإنذار بمنطقة الساحل مازالت تومض، إن الاضطراب السياسي والأنشطة الإرهابية والاتجار بالمخدرات وتهريب السلاح ينتشر عبر الحدود ويهدد الأمن والسلم. وتزيد ظروف الطقس القاسية والاقتصاديات الضعيفة هذا المزيج السام من الهشاشة والضعف. لقد تأثر في هذا العام وحده نحو ثمانية عشر مليونا وسبعمائة ألف شخص من انعدام الأمن الغذائي، ويتعرض أكثر من مليون طفل تحت سن الخامسة لخطر سوء التغذية المزمن. إن حكومات وشعوب منطقة الساحل بحاجة إلى دعمنا الكامل."

* * *

في أواخر العام وبالعاصمة القطرية الدوحة اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بتغير المناخ على فترة التزام جديدة ببروتوكول كيوتو، وجدول زمني صارم لاعتماد اتفاق دولي شامل بحلول عام 2015.

وقالت كريستيانا فيغيريس الأمينة التنفيذية للاتفاقية إن مؤتمر الأطراف في الدوحة كان تاريخيا وإن على الحكومات إظهار إرادة سياسية أكبر لإحداث التغيير.

وقالت الأمينة التنفيذية إن جميع الدول اتفقت في الدوحة على تقديم وثيقة تفصل فيها خفضها لانبعاثات الكربون قبل ستة أشهر من مؤتمر التغير المناخي المقرر في عام 2015.

* * *

قبيل انعقاد مؤتمر الدوحة ضربت العاصفة القوية ساندي منطقة الكاريبي وشرق الولايات المتحدة الأميركية وتسببت في خسائر بشرية ومادية.

بالنسبة لمقر الأمم المتحدة بنيويورك المطل على نهر الشرق أو East River ، فتم إغلاقه لثلاثة أيام بعد أن تضرر طابقه السفلي خاصة نتيجة العاصفة.

أشار رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فوك يريميتش، إلى الأضرار الهائلة التي سببتها العاصفة.

وقال إنه يتعين بناء أحياء كاملة، وقطاعات كبيرة من البنى التحتية الخاصة بالزراعة والطاقة والنقل في المناطق المتضررة، وأشار إلى صلة الإعصار ساندي بالتغير المناخي قائلا:

"إن الأحداث الجوية المتطرفة، والتي يسببها الاحتباس الحراري، ليست سوى مظهر واحد لحقيقة واقع التغير المناخي. إنها قضية هامة جدا تتطلب منا العمل معا بشكل وثيق بدرجة أكبر، حتى يتم التصدي لها على نحو ملائم. سأحضر أنا والأمين العام المؤتمر المقبل لتغير المناخ في الدوحة، وأحث الدول الأعضاء، بكل احترام على المشاركة فيه، بأعلى المستويات الممكنة".

* * *

بنهاية عام 2012 انتهت بعض الأزمات وتستمر أخرى...تغلب العالم على تحديات لتظهر غيرها لا محالة...وتبقى الأمم المتحدة المنتدى الدولي الرئيسي لمناقشة التحديات ومحاولة حلها.

في نهاية اللقاء لكم منا أخلص الأمنيات بعام أفضل وعالم أكثر أمنا وسلاما.

شكرا لكم ولمساعد الإنتاج نبيل ميداني، كنتم معكم ريم أباظة.

الاستماع للبرنامج