منظور عالمي قصص إنسانية

مسؤول أممي: الانسحاب الإسرائيلي من خان يونس قد يحسن الوضع ولكنه قد يكون استعدادا للتوغل في رفح

جيمي ماكغولدريك القائم بأعمال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، يلتقي ممثلين عن الهلال الأحمر الفلسطيني في رفح، جنوب قطاع غزة.
OHCA/oPt
جيمي ماكغولدريك القائم بأعمال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، يلتقي ممثلين عن الهلال الأحمر الفلسطيني في رفح، جنوب قطاع غزة.

مسؤول أممي: الانسحاب الإسرائيلي من خان يونس قد يحسن الوضع ولكنه قد يكون استعدادا للتوغل في رفح

السلم والأمن

أعرب جيمي ماكغولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة عن الأمل في أن يُحسن انسحاب القوات الإسرائيلية من خان يونس، جنوب غزة الوضع في تلك المنطقة بالنسبة للسكان، ولكنه أعرب عن القلق من أن يكون ذلك استعدادا للتوغل المقترح في رفح.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة شدد ماكغولدريك على أهمية توفر الظروف الملائمة لتستعد الأمم المتحدة، قبل الاقتحام المحتمل لرفح، بمخزون كاف من المساعدات لتلبية احتياجات السكان. 

وبسؤاله عما إذا لم يكن لديه أمل في إمكانية تجنب حدوث ذلك التوغل، أعرب عن اعتقاده بأن الأهداف الإسرائيلية للحرب ستتفوق على أي أهداف إنسانية. وقال "أعتقد أننا يجب أن نكون في وضع يسمح لنا بالاعتراف بأن الحرب لم تنته بعد بالنسبة لهم".

فيما يلي النص الكامل للحوار مع جيمي ماكغولدريك المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة الذي تحدث معنا عبر دائرة الفيديو من القدس.

أخبار الأمم المتحدة: ما تعليقك على انسحاب قوات إسرائيلية من مناطق في جنوب غزة؟

جيمي ماكغولدريك: أعتقد أنهم غالبا ما أنهوا هذه المرحلة من العملية العسكرية في خان يونس. هم يسحبون الألوية من هناك. نأمل أن يعني ذلك أن المنطقة ستكون أكثر أمانا وربما يمكن للناس أن يبدأوا في العودة إلى المناطق التي أتوا منها. لكن ذلك يثير القلق أيضا، فربما أنهم (القوات الإسرائيلية) يخرجون لإعادة تجميع صفوفهم والاستعداد للتوغل المقترح في رفح. قد يكون هذا هو أحد الأسباب الأخرى أيضا. 

 أخبار الأمم المتحدة: ذكرت أن إسرائيل قدمت عدة التزامات لزيادة دخول المساعدات إلى غزة استجابة أيضا للطلبات المتكررة من الأمم المتحدة، وتحدثت عن سبعة التزامات. ما أكثرها أهمية؟ 

جيمي ماكغولدريك: أعتقد أن أهمها هو فتح مزيد من المعابر ومزيد من خطوط الإمداد إلى غزة. في الوقت الحالي نحن مقيدون للغاية فيما يمكننا جلبه. لدينا نقطة عبور رئيسية واحدة فقط هي كرم أبو سالم إلى رفح، والتي تسمح لنا بإدخال 250 شاحنة في اليوم. نحن بحاجة إلى إدخال ما يزيد عن 500 شاحنة يوميا. ومن أجل القيام بذلك، طالبنا منذ اليوم الأول بإتاحة المزيد من خطوط الإمدادات. في الوقت الحالي، من خط الإمداد من الأردن نتلقى 100 شاحنة فقط في الأسبوع، فيما يجب أن تدخل ما بين 30 و50 شاحنة يوميا. ثم في الشمال، أسدود، الميناء الحديث الذي يعمل بشكل جيد للغاية، نطالب بفتحه مرة أخرى (للمساعدات). هذا يمكن أن يجلب لنا 100 شاحنة أخرى في اليوم. هذا بالإضافة إلى معبر كرم أبو سالم، سيوفر لنا ما يقرب من 500 شاحنة في اليوم، بما سيلبي الاحتياجات على الأرض، والأهم في الشمال، حيث توجد مجاعة وشيكة. 

أخبار الأمم المتحدة: من اتصالاتك مع الجانب الإسرائيلي. متى سيتم تنفيذ هذه الالتزامات، ومتى تعتقد أن سكان غزة سيبدأون في الشعور بتأثيرها؟ 

 جيمي ماكغولدريك: نأمل أن يحدث ذلك بسرعة. وقد قيل لنا في اجتماعاتنا يوم الجمعة إن هذه الأمور والاستعدادات تجري في الوقت الراهن. ونعلم أنه كان هناك اجتماع أمس في الأردن مع جميع الأطراف من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والقوات المسلحة الأردنية، للتوصل إلى طريقة ما لمعالجة خط الإمداد المحدود الذي لدينا الآن.

وبالمثل، فإننا نضغط مع الإسرائيليين لمعرفة متى يمكن فتح ميناء أسدود لدخول مزيد من الإمدادات ومباشرة إلى معبر إيريز أو إحدى نقاط العبور الأخرى إلى الشمال. وأعتقد أن ذلك سيسمح لنا بزيادة سريعة جدا في كمية الغذاء التي تدخل إلى غزة. في الوقت الحالي، نُدخل ما يتراوح بين 10 و20 شاحنة فقط في أي يوم إلى الشمال، ولكننا بحاجة إلى إدخال 30 شاحنة يوميا بدون انقطاع، حتى نتمكن من معالجة انعدام الأمن الغذائي الخطير وخاصة المجاعة الوشيكة بين الفئات الأكثر ضعفا هناك. 

أخبار الأمم المتحدة: الالتزامات الإسرائيلية تتراوح من "التخطيط إلى النية إلى الضمانات"، فهل هي كافية لإحداث القفزة النوعية التي دعت إليها الأمم المتحدة في إدخال المساعدات ولتجنب المجاعة التي تلوح في الأفق في غزة؟

 جيمي ماكغولدريك: ما لدينا على الطاولة الآن هو هذه التطورات التي وُعدنا بها. وكما تتذكرون، فقد جاءت على خلفية حملة مناصرة طويلة قمنا بها نحن والفريق القُطري (فريق الأمم المتحدة في فلسطين) للضغط من أجل فتح مزيد من نقاط العبور وتعزيز خطوط الإمداد والدفع من أجل تحسين نظام الإخطار والتنسيق والتفاعل بشكل أفضل مع الجيش الإسرائيلي. للأسف، جاء ذلك نتيجة الحادثة الخطيرة للغاية عندما قُتل سبعة من أعضاء منظمة المطبخ المركزي العالمي، وأيضا نتيجة الدفع على الجانب السياسي من جانب الرئيس (الأمريكي) جو بايدن والمكالمات الهاتفية مع رئيس الوزراء (الإسرائيلي) نتنياهو. أعتقد أن كل هذه العوامل مجتمعة في نفس الوقت تقريبا خلال أسبوع واحد، سمحت لنا بالبدء في الحصول على بعض هذه التنازلات، إذا جاز التعبير، التي كنا نطلبها لبعض الوقت. 

من المهم ألا نتوقع تطبيقها جميعا على الفور، ولكن يمكننا البدء في العمل عليها. والأهم من ذلك هو أن هذا الإعلان العلني (من جانب إسرائيل) يسمح لنا بضمان الحصول على (تلك الالتزامات)، ومن ثم يمكننا العودة والدفع من أجل تطبيقها. هناك الآن وفود رفيعة المستوى في المنطقة وأيضا في تل أبيب، تضغط من أجل عدد من القضايا، بما في ذلك كل هذه الوعود أو التنازلات الجديدة التي حصلنا عليها. 

منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جيمي ماكغولدريك (الثاني من اليسار) يزور مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة.
© WHO

أخبار الأمم المتحدة: ذكرتَ أن إسرائيل اعترفت في الأيام الأخيرة بالحجم الهائل للمعاناة في غزة وقدرتها هي نفسها على تسهيل زيادة المساعدات. هل هذا دليل آخر يثبت أن الأمم المتحدة كانت دائما على أهبة الاستعداد للقيام بكل ما في وسعها ولكن كانت هناك الكثير من القيود المفروضة عليها؟ وفي تقييمك لماذا يكن ذلك واضحا للسلطات الإسرائيلية من قبل: المعاناة الهائلة في غزة وقدرتها على تيسير دخول الإغاثة؟

جيمي ماكغولدريك: أعتقد أن على المرء إدراك أن هناك أكثر من إسرائيل واحدة. أعني، أنها ليست جسما واحدا متجانسا. هناك الجانب السياسي للأمور، والذي يميل كثيرا إلى اليمين الآن. هناك أيضا مجلس الحرب الذي يضم أشخاصا كانت لديهم أهداف حرب جادة للغاية بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر المأساوية. ثم هناك مجتمع مدني يضغط بشدة من أجل إطلاق سراح الرهائن، وهذ هو الجزء المشترك بين المجتمع المدني الإسرائيلي والسياسيين.

 ثم هناك الجيش، والجيش نفسه به التنسيق، والاتصال، والإدارة، ولدينا كوغات Cogat  (وهي مؤسسة تنسيق الأنشطة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية)، وهي الهيئة التي نتعامل معها على أساس منتظم. لذلك هناك العديد من الأجزاء المجزأة، وعلينا أن نجد طريقة لإقناعهم أو حملهم على تفهم عملنا. وقد حدث ذلك ببطء ولكن بثبات. وأعتقد أن ذلك جاء كنتيجة مباشرة للأدلة التي أظهرناها عن أن مزيدا من الأطفال يموتون في الشمال بسبب سوء التغذية والهزال. وقد رأيت ذلك بنفسي في مستشفى كمال عدوان قبل أسبوعين. رأيت عمق معاناة الناس وجناح الأطفال بالمستشفى، هذا شيء ينبغي ألا يحدث في العصر الحالي. 

هناك العوامل السياسية والدفع والمناصرة من أعلى المستويات مثل الرئيس بايدن والفريق الذي جاء إلى المنطقة من أجل هذا الغرض. وأعتقد أن هناك اعترافا عاما بأنه لم يتم إحراز تقدم. وقد بدأنا نرى تفهما لذلك من مختلف الجهات في إسرائيل، تفهما لما يتعين عليهم فعله والسماح لنا بعمل المزيد من أجل سكان غزة. ولا ينبغي أن يشعروا (في إسرائيل) بالريبة وعدم الثقة ويجب أن يتفهموا أن سبب وجودنا هناك وما نحاول القيام به هو لإنقاذ الأرواح فقط ولا شيء آخر. 

أخبار الأمم المتحدة: ومع هذه الالتزامات، إذا تم تنفيذها جميعا، فما هي التحديات الأخرى التي تقلقك بشأن تقديم المساعدات؟ 

 جيمي ماكغولدريك: ما نواجهه الآن هو وضع غير مستقر للغاية ويتسم بالنشاط العسكري العدائي. ملايين الناس يعانون، ويحتاج الجميع في قطاع غزة إلى نوع من الدعم منا. قضية النظام العام مهمة، لأن الناس يائسون للغاية وعندما يرون شاحنات المساعدات يوقفونها وينهبونها. وهذا يعني أن بعض المساعدات الغذائية لا تصل إلى جميع الأشخاص المحتاجين إليها. لذا من المهم بالنسبة لنا تحقيق الاستقرار، والسبيل لذلك هو غمر المنطقة بالطعام في كل مكان. الاستقرار سيُسهل لنا تقديم المساعدة. 

لدينا مخزون يكفي يومين أو ثلاثة فقط ولكن علينا تغيير ذلك. يجب أن تتوفر لدينا كميات هائلة من الطعام لأننا نعلم أن التوغل في رفح قادم ويجب أن نكون قادرين على تخزين الإمدادات مسبقا. ولكننا الآن لا يمكننا فعل ذلك. 

أخبار الأمم المتحدة: عندما تقول إننا نعلم أن التوغل في رفح قادم، أليس لديك أي أمل في احتمال تجنب ذلك، في أن الجانب الإسرائيلي بدأ يصغي ويستجيب بشكل إيجابي للضغوط العالمية؟ 

جيمي ماكغولدريك: أعتقد أنهم يستمعون إلى ذلك. لكنني أعتقد أن لديهم أيضا أهدافا للحرب، والتي أعتقد أنها ستتفوق على أي أهداف إنسانية. يجب ندرك أن الحرب لم تنته بعد بالنسبة لهم. وأعتقد أن الانسحاب من خان يونس يهدف إلى إعدادهم لما هو قادم. 

بالنسبة للإسرائيليين الذين يطالبون بعودة الرهائن، هناك نسبة كبيرة في أي استطلاع للرأي العام تؤيد بشدة نهاية هذه العملية من خلال التوجه إلى رفح. بالنسبة لنا لا نريد أن نكون جزءا من أي عملية لنقل السكان، ولكن علينا أن نكون مستعدين لاحتمال مغادرة الناس لرفح، لأن هناك أماكن قليلة جدا يمكنهم الذهاب إليها. 

نحن نكافح حقا لنتمكن من النقل المسبق لما يكفي من الإمدادات والمواد غير الغذائية والمأوى والمياه- خاصة في هذا الوقت من العام الذي تبدأ فيه درجات الحرارة في الارتفاع- وتوفير الدعم الصحي المتنقل والحماية. كل هذه الأمور تمثل مشاكل كبيرة بالنسبة لنا، ونحن لا نملك القدرة والموارد اللازمة للوفاء بذلك في الوقت الحالي. 

نحن نكافح حقا من أجل الاستعداد. لذلك نأمل في أن نتمكن مع زيادة خطوط الإمداد وفتح مزيد من نقاط العبور إلى الشمال، ومن غمر المنطقة بالغذاء والإمدادات الأخرى، لنكون مستعدين لأي شيء يأتي بعد ذلك.