منظور عالمي قصص إنسانية

مسؤول أممي: الجيش الإسرائيلي يستخدم أسلحة ثقيلة في الضفة الغربية ويحمي المستوطنين مرتكبي العنف

مخيم نور شمس للاجئي فلسطين، قرب طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة. الصورة تظهر الدمار الناجم عن عملية إسرائيلية استمرت 55 ساعة بين يومي 18 و21 أبريل 2024.
UNRWA
مخيم نور شمس للاجئي فلسطين، قرب طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة. الصورة تظهر الدمار الناجم عن عملية إسرائيلية استمرت 55 ساعة بين يومي 18 و21 أبريل 2024.

مسؤول أممي: الجيش الإسرائيلي يستخدم أسلحة ثقيلة في الضفة الغربية ويحمي المستوطنين مرتكبي العنف

حقوق الإنسان

قال مدير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة إن القوات الإسرائيلية تتصرف "كما لو أن هناك صراعا مسلحا" في الضفة الغربية، مشددا على أن عام 2023 كان "صعبا للغاية" بالنسبة للضفة الغربية.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، أفاد أجيث سونغاي بأن القانون المعمول به في الضفة الغربية هو إطار تنفيذ قانون حقوق الإنسان، مما يعني أن القوة التي يمكن للجيش الإسرائيلي استخدامها تقتصر على هذا الإطار القانوني. 

وأضاف "لا يوجد صراع مسلح في الضفة الغربية، لكن طبيعة هذه العمليات والتوغلات التي يجريها الجيش الإسرائيلي تشير إلى أنه يستخدم عددا هائلا من الجنود، والطائرات بدون طيار، وأحيانا الطائرات المقاتلة التي تقوم بإسقاط القنابل، والقذائف المحمولة على الكتف، بمعنى آخر أسلحة ثقيلة تستخدم عموما في نزاع مسلح، وليس في تنفيذ القانون".

وقال سونغاي إن الوضع في الضفة الغربية "كان سيئا للغاية" حتى قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر، حيث تم تسجيل أعلى عدد للقتلى منذ بدء الأمم المتحدة تسجيل الضحايا عام 2003.

وأضاف "شهدنا أيضا ارتفاعا كبيرا في الانتهاكات الأخرى. على سبيل المثال، عنف المستوطنين، والاستخدام المفرط للقوة من قبل القوات الإسرائيلية، والاستخدام غير الضروري للقوة، وهدم المنازل وإخلاؤها".

وأكد أن شدة تلك الانتهاكات وتواترها زاد بشكل كبير بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، قائلا "إذا تحدثنا عن عدد الأشخاص الذين قتلوا أو جرحوا، إما بسبب هذه التوغلات واسعة النطاق التي قام بها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وخاصة في طولكرم وجنين ونابلس، وأحيانا في أريحا وأجزاء أخرى أيضا، فإن هذا الرقم سيرتفع. ارتفع عدد المعتقلين من الضفة الغربية بشكل كبير. ويوجد الآن ما يقرب من 9000 شخص محتجز من الضفة الغربية".

عمليات هدم المنازل والنزوح، رصدها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير أصدره هذا الأسبوع أظهر أن 836 مبنى تم هدمه في الضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأن عدد الأشخاص الذين تأثروا بذلك بلغ 519,078 شخصا، فيما نزح بفعل تلك الأعمال 1845 شخصا.

تصاعد هجمات المستوطنين

وقال مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة "نرى الآن خوفا كبيرا بين سكان الضفة الغربية"

ونبه إلى أن أن سكان الضفة يشعرون بالقلق بشكل منتظم بشأن التوغلات، والمداهمات، والاعتقال والاحتجاز، وعنف المستوطنين، والقيود الكبيرة على الحركة التي تؤثر على حياتهم اليومية.

وأضاف أن " مصدر قلقنا الأكبر يتلخص في التصاعد الذي نشهده في أعمال العنف، وخاصة من قِبل المستوطنين المتجرئين. فنظرا لأن الاهتمام يتركز على غزة، فإنهم يشعرون بالجرأة"

وأشار إلى غياب هائل للمحاسبة، وانتشار الإفلات من العقاب على الانتهاكات التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

ومن الأمور التي رصدها مكتب المفوض السامي بحسب سونغاي هو أن الجيش الإسرائيلي يوفر الأمن للمستوطنين الذين يهاجمون الفلسطينيين، مضيفا "في كثير من الأحيان وجدناهم متفرجين. وفي كثير من الحالات، قاموا بتسهيل هذه الهجمات. وفي كثير من الحالات، بدأنا نرى أن المستوطنين يرتدون أيضا ملابس الجيش الإسرائيلي، لذلك من الصعب جدا التمييز بين الاثنين".

فراغ في الحماية

وأشار المسؤول الأممي إلى أنه من مصادر القلق الأخرى بالنسبة لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان هي القيود على الحركة والاعتقالات والاحتجاز. وقال سونغاي إن الناس لا يستطيعون التنقل بين المدن والبلدات والمجتمعات داخل الضفة الغربية، وهو ما كان له تأثير كبير على الاقتصاد، والهياكل الأسرية، والمجتمع الفلسطيني.

ونبه إلى أن هناك فراغا فيما يتعلق بحماية الفلسطينيين في الكثير من الحالات في الضفة الغربية.

وقال إنه "في حالات عنف المستوطنين، على سبيل المثال، من المتوقع أن يذهب الفلسطينيون ويقدمون شكوى إلى الشرطة الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي الموجود داخل المستوطنات الإسرائيلية. بالنسبة لي، هذا لا معنى له. عندما يتعرض (الفلسطينيون) لهجوم من قبل المستوطنين الإسرائيليين، كيف تتوقع أن يدخل فلسطيني إلى داخل مستوطنة إسرائيلية تعتبر بالفعل مخيفة للغاية بالنسبة له ليشتكي؟"

ولفت إلى أن هجمات المستوطنين في العام الماضي وهذا العام أكثر تنظيما، ممن يهاجمون مجموعات البلدات والقرى والمجتمعات الفلسطينية، وقد يتم استخدام الحجارة والعصي أو الأسلحة بما في ذلك الأسلحة النارية والبنادق.

وأضاف "هنالك شهدنا العديد من حالات إطلاق النار على الفلسطينيين، وإصابتهم، وفي العديد من الحالات، قتلهم أيضا".

(أرشيف) بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، زاد الإبلاغ عن تعرض  مزيد من الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية للتهجير وسط تصاعد عنف المستوطنين والقيود المفروضة على الحركة.
UNRWA
(أرشيف) بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، زاد الإبلاغ عن تعرض مزيد من الأسر الفلسطينية في الضفة الغربية للتهجير وسط تصاعد عنف المستوطنين والقيود المفروضة على الحركة.

تضييق مساحة المجتمع المدني

وتطرق مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى دور المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي، منبها إلى أن السنوات القليلة الماضية شهدت "تقلصا هائلا" للمساحة الممنوحة لمنظمات المجتمع المدني.

واستشهد بما قامت به إسرائيل قبل عامين بتصنيف ست منظمات غير حكومية لحقوق الإنسان كمنظمات إرهابية دون دليل.

وأشار إلى أن المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية "تواجه أيضا مثل هذه التهديدات"، مضيفا "على سبيل المثال، عندما هددت الحكومة الإسرائيلية بفرض ضريبة بنسبة 65 في المائة على أي أموال واردة من الخارج، كان ذلك بغرض الضغط على مساحة المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية".

وشدد على أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تواصل العمل مع تلك المنظمات الفلسطينية والإسرائيلية، وتحث الدول الأعضاء على عدم التخلي عنهم ومواصلة تمويلها.

وتحدث المسؤول الأممي أيضا عن التحديات التي تواجه مكتب حقوق الإنسان في العمل على الأرض. وأشار إلى رفض منح الموظفين الدوليين التابعين للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة تأشيرة دخول منذ حوالي ثلاث سنوات. 

وقال "كان الوضع الأمثل لو كنا في غزة والضفة الغربية إلى جانب الموظفين الوطنيين. تشكل السلامة والأمن في الضفة الغربية مصدر قلق كبير".

عمال محتجزون في إسرائيل

وتطرق المسؤول الأممي إلى وضع العمال الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية المحتجزين في إسرائيل. وقال إنه عندما وقعت هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر داخل إسرائيل، تم احتجاز آلاف العمال من غزة الذين كانوا في الضفة الغربية وإسرائيل. 

وأضاف أنه بعد ذلك تم إطلاق سراح عدد منهم عبر معبر كرم أبو سالم إلى غزة، لكن "ليس لدينا صورة كاملة عن عددهم، وعدد الذين ما زالوا رهن الاحتجاز".

وأكد سونغاي أن العديد من المعتقلين قدموا روايات متسقة عن تعرضهم لسوء المعاملة والإهانة والاعتداء الجنسي والتعذيب. 

ولفت إلى أن أولئك العمال المحتجزين لا يستطيعون الوصول إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر كما كانوا يفعلون في الماضي، وليس لديهم إمكانية الوصول إلى عائلاتهم، أو الوصول أو اللجوء إلى القانون. وقال إنه "بالنسبة للعديد منهم، لا نعرف مكان احتجازهم".