منظور عالمي قصص إنسانية

خبيرة دولية تدعو إلى عدم إهمال احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في خطط الإغاثة أثناء الأزمات

هبة هجرس، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تتحدث إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
@Heba Hagrass
هبة هجرس، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تتحدث إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.

خبيرة دولية تدعو إلى عدم إهمال احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في خطط الإغاثة أثناء الأزمات

حقوق الإنسان

أعربت هبة هجرس مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عن الألم إزاء "المعاناة الشديدة" والظروف الصحية والمعيشية السيئة للأشخاص ذوي الإعاقة في المناطق التي تعاني من النزاعات والأزمات المختلفة.

وقالت هبة هجرس – في حوار مع أخبار الأمم المتحدة – إن السبيل الأمثل لحماية البشرية وحقوق الإنسان هو الجلوس إلى طاولة حوار واحدة، معبرة عن رفضها للحلول غير الإنسانية وغير السلمية.

وفي اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة الموافق اليوم الأحد 3 كانون الأول/ديسمبر، قالت الخبيرة الأممية المستقلة* "نحن متعاطفون ونقف وقفة صمت وحزن شديد على ما أصاب الأشخاص ذوي الإعاقة في أنحاء العالم كله".

وتحدثت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عن دور مكتبها في التواصل مع المنظمات الإنسانية في قطاع غزة وفي كل المناطق التي تعاني من الأزمات والمشكلات بما فيها الآثار المترتبة على التغير المناخي، لتوعية تلك المنظمات باحتياجات ذوي الإعاقة أثناء تقديم المساعدات.

التنمية المستدامة والأشخاص ذوو الإعاقة

وتولت هبة هجرس منصب المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وقالت إن من بين أولوياتها منذ توليها مهمتها إيلاء الاهتمام بأي أمر يؤدي إلى تغيير وضع الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل مفاجئ إلى الأسوأ.

وأشارت إلى أنه أثناء الكوارث المناخية مثلا لا يوجد إغاثة متخصصة لذوي الإعاقة، مؤكدة أن هذا ليس تقصيرا من منظمات الإغاثة، بل ينبع من "أننا لم نضع في الاعتبار التفاصيل التي نحتاجها في كوارث مناخية مثل التي نمر بها، أو في أزمات تحدث في الدول وعلى رأسها النزاعات المسلحة".

وتطرقت إلى وضع الأشخاص ذوي الإعاقة فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة، داعية إلى أن تكون قضايا الإعاقة هدفا رئيسيا ضمن أهداف التنمية وليس هدفا ثانويا، "أو مُخرَجا لأهداف التنمية نقيس به ما إذا حدثت تنمية أما لا"

فيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجريناه مع المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، هبة هجرس.

Soundcloud

أخبار الأمم المتحدة: أصدرتِ بيانا صحفيا مؤخرا طالبتِ فيه بوصول المساعدات الإنسانية غير المشروطة والإغاثة للأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، هل تحدثيننا أكثر عن أبرز ما تضمنته دعوتك؟

هبة هجرس: أحب أن أبدأ كلامي بالقول إنني لا أستطيع تهنئة الأشخاص ذوي الإعاقة باليوم الدولي. في الحقيقة أصدرنا بيانا بشأن اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة، قلنا فيه إن قلبنا موجوع وعقلنا وكل أحاسيسنا متألمة. 

قمة الألم أن هناك أشخاصا ذوي إعاقة في المناطق التي فيها نزاعات مسلحة والتي فيها مشاكل في هذه الفترة، حيث يعانون معاناة شديدة جدا، وظروفهم الصحية والظروف المعيشية في أسوأ حال. 

ونتفق جميعا أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم أول الناس التي تتضرر عندما تكون هناك أي مصائب سواء مصائب مناخية أو مصائب حروب وكوارث. 

ومن هذا المنطلق نبدأ اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة ونحن متعاطفون ونقف وقفة صمت وحزن شديد على ما أصاب ذوي الإعاقة في أنحاء العالم كله.

أخبار الأمم المتحدة: قلت أيضا في البيان الصادر قبل أيام بخصوص ما يحدث في غزة "إن المنطقة تشهد ارتفاعا متزايدا في معدلات الإعاقة بسبب تعرضها للنزاعات المسلحة المتكررة، بالإضافة إلى القصف الحالي، ويجب على جميع فرق الإغاثة والهيئات الدولية أن تأخذ ذلك في الاعتبار". ما هو السبيل الأمثل إذن للتعامل مع هذا الأمر؟

هبة هجرس: السبيل الأمثل طبعا وقف إطلاق النار، وأن يتم حل هذه المشاكل الدولية التي لا تنتهي. فهناك دائما مشاكل وصراعات، ودائما هناك شيء ما نختلف عليه. ولكن الطريق الوحيد لأن نحمي البشرية والإنسانية وحقوق الإنسان يتمثل في أن يعيش الجميع حياة كريمة بكرامة متأصلة، وأن نجلس إلى طاولة حوار واحدة ونتحدث لبعضنا البعض. ومن المرفوض الحلول غير الإنسانية، والحلول غير السلمية لأنه في النهاية لا بد من أن نعلي من شأن حقوق الإنسان بلا جدال.

أخبار الأمم المتحدة: هل تواصلت مثلا مع المنظمات الإنسانية في غزة أو خارج غزة لنقل هذه المطالب والمخاوف؟

هبة هجرس، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
UN News
هبة هجرس، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

هبة هجرس: الحقيقة تواصلنا مع العديد من منظمات الإغاثة والمنظمات الإنسانية في مناطق مختلفة في غزة ومناطق ودول أخرى مثل ليبيا والبلدان التي تضررت من مصائب التغيرات المناخية أيضا. في كل الظروف، نحاول التواصل معهم من أجل إعطائهم بعض الملحوظات الهامة عن كيفية التعامل مع شخص معاق أصلا أو أصبح معاقا نتيجة الحدث الذي نعلق عليه. لأن الخلاف يأتي من هل أبدأ بالشخص المعاق أصلا، أم أبدأ بالشخص من غير ذوي الإعاقة؟

وأحب أولا أن أشكر مقدمي الخدمات الإنسانية والإغاثة، الذين يقومون بجهود متواصلة ويخاطرون بحياتهم لمساعدة الناس وإنقاذهم والتخفيف من ألمهم في هذه الظروف بالغة السوء. وأقول لهم إننا نحس بمشاكلهم ونحاول التعاون معهم لإفهامهم وتوعيتهم، لأن احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة الذين هم أصلا ذوو إعاقة تختلف تماما عن المصاب الذي يصبح معاقا بعد قصف جوي أو بعد أي حرب داخلية تحدث في أي مكان على الأرض. 

يجب أن تتضمن الاستعدادات التي يقومون بها أثناء عملية الإغاثة كراسي متحركة وبعض الوسائل المساعدة حتى يتمكن الأشخاص ذوو الإعاقة من ممارسة حياتهم اليومية. لا بد أن يكون هناك تعاون تام وفهم لقضية الإعاقة نفسها حتى يستطيعوا التعامل مع ذوي الإعاقة في هذه المناطق المتضررة.

أخبار الأمم المتحدة: ذكرتِ الأشخاص الذين يصابون خلال عمليات القصف والمواجهات العسكرية، وهذا العدد يزيد مع زيادة الخسائر في هذه الأحداث التي نراها اليوم، فما هي التوصيات تحديدا في هذه النقطة مع ازدياد أعداد المصابين بإعاقات؟

هبة هجرس: يجب أن نوضح أن أي مكان يحدث فيه خلاف أو نزاعات مسلحة، تتزايد الأرقام المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة تزايدا مضطردا كبيرا جدا، ولا يتفق مع النسبة التي نعتبرها متوسطا لعدد الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي تقريبا 15 في المئة من الأشخاص في أي دولة لديهم إعاقة بشكل ما أو بوضع ما.

ولكن عندما يضاف إلى ذلك الفقر والجوع والحرمان، وفوق كل هذا أن يكون هناك نزاع مسلح يصيب الناس كأهداف بشرية في هذا الوضع، فهذا في الحقيقة يجعل تلك الأرقام تتفاقم تفاقما كبيرا. ولا نستطيع أن نذكر رقما ثابتا لأنه يتغير من مكان لآخر، وخاصة عندما نذكر أن هؤلاء كلهم أناس مدنيون، وبالتالي ليس لهم يد في كل ما يحدث. لا ذنب لهم إلا أنهم سكان ذلك المكان. 

ومن ثم فإن بداية أي حديث أو مفاوضات لرفع الضرر عن البشر، تكون عن هؤلاء الأشخاص ذوي الإعاقة الأكثر تضررا.

أخبار الأمم المتحدة: توليتِ هذا المنصب منذ فترة قصيرة. هل تحدثيننا عن أبرز الأولويات على أجندته في الفترة القادمة؟

هبة هجرس: من أبرز الأولويات التي وضعتها ضمن رؤيتي عندما توليت هذا المنصب، هو المتغيرات الدائمة، يعني قضية الأزمات المناخية، قضية الكوارث الطبيعية، قضية النزاعات المسلحة. أي وجه يغير من طبيعة وضع الأشخاص ذوي الإعاقة فجأة إلى وضع أسوأ، كان هذا من ضمن الأولويات التي رصدتها، ونويت العمل عليها بكل اهتمام، وأيضا ضرورة أن يكون لدينا نظام عالمي ودولي على هذا الصعيد. 

فاليوم عندما تحدث مشاكل مناخية، نرى أن الإغاثة عادية جدا ولا تتضمن إغاثة متخصصة للأطفال مثلا، أو للنساء الحوامل أو للأشخاص ذوي الإعاقة أو للمسنين. هو شكل واحد من الإغاثة يخدم كل الفئات الموجودة. وهذا غير كاف، وليس تقصيرا من العاملين في الإغاثة، ولكنه تقصير ينبع من أننا لم نضع في الاعتبار التفاصيل التي نحتاجها في كوارث مناخية مثل التي نمر بها، أو في أزمات تحدث في الدول وطبعا على رأسها النزاعات المسلحة.

أخبار الأمم المتحدة: ما الرسالة التي تحبين أن توجهيها في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة للمنطقة العربية وللعالم بأسره؟

هبة هجرس: أحب أن أتكلم عن التنمية المستدامة وأننا نكثف جهودنا لدخول فترة جديدة للتنمية المستدامة وأجندة 2030.

نحن كعاملين في مجال الإعاقة وكناشطين نشارك في المؤتمرات المختلفة واللقاءات على مستوى القمة في الدول المختلفة بأجندة تؤكد على أنه لابد من أن تصبح الإعاقة من الأهداف الرئيسية لهذه التنمية المستدامة، لأن ما تم في أهداف التنمية المستدامة في الفترة السابقة وشعار "لم يتخلف أحد عن الركب" وأن الأشخاص ذوي الإعاقة لن يتخلفوا عن الركب، ما حدث غير ذلك. ولم نصل في أهداف التنمية المستدامة لما هو مرضٍ، ولم نستطع تحقيق ما هو كاف. ولهذا يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر.

إن شعار مكتبي هو أننا يجب أن نضع الإعاقة على رأس القائمة. يجب علينا أن نتحرك في قضايا الإعاقة كهدف رئيسي وليس هدفا ثانويا، أو مُنتَجا أو مُخرَجا لأهداف التنمية نقيس به ما إذا حدثت تنمية أما لا. يجب أن نستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة مباشرة، وأن يصبحوا هدفا رئيسيا مباشرا للتنمية.

*******************************************************************************

*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.