منظور عالمي قصص إنسانية

ميشيل باشيليت: أفغانستان تمر بأصعب لحظاتها وتشهد "اضطهادا منظما وممنهجا للنساء"

سيدة تسير في شوارع قريتها في مقاطعة زندجان، في أفغانستان. (صورة من الأرشيف)
© UNICEF/Shehzad Noorani
سيدة تسير في شوارع قريتها في مقاطعة زندجان، في أفغانستان. (صورة من الأرشيف)

ميشيل باشيليت: أفغانستان تمر بأصعب لحظاتها وتشهد "اضطهادا منظما وممنهجا للنساء"

حقوق الإنسان

أكدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان أن شعب أفغانستان يمر بأصعب لحظاته منذ جيل من الزمن، حيث غرقت البلاد في أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية وأزمة حقوقية عميقة في أعقاب سنوات من الصراع، ومنذ استيلاء طالبان على السلطة في آب / أغسطس من العام الماضي.

وفي إحاطتها أمام مجلس حقوق الإنسان اليوم الأربعاء، قالت ميشيل باشيليت: "اسمحوا لي أن أكون واضحة: ما نشهده اليوم في أفغانستان هو اضطهاد منظم وممنهج للنساء."

انعدام حقوق المرأة

وكانت باشيليت قد زارت أفغانستان في آذار/ مارس والتقت بممثلي سلطات الأمر الواقع. كما التقت ببعض النساء المميزات، بما في ذلك طبيبات وصحفيات وموظفات في الخدمة المدنية وعاملات في المنظمات غير الحكومية، لمناقشة آفة عدم المساواة بين الجنسين في البلاد. واثنت أمام المجلس على شجاعتهن في المطالبة بحقوقهن وسط تحديات لا يمكن تصورها.

وقالت المفوضة السامية إن وضع النساء في البلاد حرج، حيث يستمر الحظر على التعليم الثانوي للفتيات، مما يحرمهن من المستقبل جيد. كما لفتت الانتباه إلى عدد من المراسيم الأخرى التي تؤثر على حقوق النساء والفتيات، بما في ذلك تطبيق قانون الحجاب الصارم ووضع قيود شديدة على حريتهن في التنقل. وقالت باشيليت إن فرص مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية باتت معدومة.

وتؤثر القيود على حرية حركة المرأة سلباً على جميع جوانب حياتها تقريباً، بما في ذلك قدرة النساء وأطفالهن على الوصول إلى الخدمات الصحية وسبل العيش والمساعدات الإنسانية. كما تواجه النساء الأفغانيات السيناريو الأسوأ الذي تخوف منه الكثيرون بشكل متسارع.

وقالت المفوضة السامية: "يسعى الأفغان الشجعان - رجالا ونساء - إلى بناء مجتمع متساوٍ وعادل تُحترم فيه حقوق الجميع. كما أخبرتني النساء خلال زيارتي: "نريد التحدث إلى طالبان بأنفسنا. نحن نعرف ما يحتاجه شعبنا". وأدعو سلطات الأمر الواقع إلى احترام التزاماتها بحقوق المرأة، وإقامة حوار هادف على وجه السرعة مع النساء الأفغانيات، والاستماع إلى أصواتهن."

نساء في غرفة انتظار في عيادة بأفغانستان.
© UNICEF/Alessio Romenzi
نساء في غرفة انتظار في عيادة بأفغانستان.

المصالحة وحماية المدنيين

من جهة أخرى، أكدت باشيليت على أهمية العفو العام الذي منح للمسؤولين السابقين في الحكومة السابقة وأعضاء قوات الأمن، كخطوة مهمة نحو المصالحة بعد عقود عديدة من الحرب. ولكنها عبرت عن قلقها من أن دائرة حقوق الإنسان التابعة لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان (يوناما) لا تزال تتلقى تقارير موثوقة عن اعتقالات تعسفية واحتجاز وسوء معاملة وقتل خارج نطاق القانون - لا سيما من يرتبطون بالحكومة السابقة ومؤسساتها.

وتواصل بعثة يوناما أيضا تسجيل آثار الهجمات على المدنيين. ففي نيسان / أبريل وحده، أسفرت سلسلة من الهجمات بعبوات ناسفة عن مقتل وجرح مدنيين في المدارس ودور العبادة والأسواق وأثناء وجودهم في وسائل النقل العام. كما تعرضت الأقليات العرقية والدينية لهجمات مباشرة. وقالت باشيليت: "أذكر سلطات الأمر الواقع بمسؤوليتها عن حماية جميع الأفغان الخاضعين لسيطرتها".

أزمات متقاطعة

على الرغم من الالتزامات العلنية المتكررة لحركة طالبان باحترام حقوق الإنسان، إلا أنها تقلص الحيز المدني بسرعة وبشكل كبير منذ عودتها إلى السلطة. وكان للقيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع السلمي، والحق في المشاركة في الشؤون العامة، تأثير مخيف على الأفراد والمجتمعات. وقالت المفوضة السامية: "أحث سلطات الأمر الواقع على فتح مساحة مدنية. إن الصحافة الحرة والمستقلة التي تمكن الصحفيين من العمل بأمان ستكون أساسية في هذا الصدد."

ما زال للأزمات الإنسانية والاقتصادية المتقاطعة آثار مدمرة على حياة جميع الأفغان. فمع زيادة معدلات البطالة، يواجه 93 في المائة من جميع الأسر مستوى مرتفعاً من انعدام الأمن الغذائي مع تأثير متباين ومدمر على أكثر الأسر ضعفاً، ألا وهي الأسر التي تعولها إناث ومسنون وأشخاص ذوو إعاقة وأطفال.

كما أن الوصول إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك الرعاية الصحية آخذ في التناقص. فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هناك حوالي 18.1 مليون شخص بحاجة إلى خدمات صحية، بما في ذلك 3.19 مليون طفل دون سن الخامسة.

وأضافت باشيليت: "مما يضاعف من كل هذا الغياب الصارخ للآليات الوطنية العاملة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، مما يحد بشدة من القدرة على توفير الحماية الأساسية للشعب الأفغاني، وخاصة الفئات الضعيفة مثل الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والنازحين داخليا والأقليات ومجتمع الميم."

مراقبة الانتهاكات والخروج من الأزمة

وعبرت المفوضة السامية عن انزعاجها الشديد من قيام سلطات الأمر الواقع بحل اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، وهي الآلية الوطنية الرئيسية التي تقدم الدعم للأفغان الذين يواجهون انتهاكات حقوق الإنسان. وحثت على إنشاء آلية مستقلة لحقوق الإنسان يمكنها تلقي الشكاوى من عامة الشعب، ويمكن أن تعرض المشاكل والحلول على سلطات الأمر الواقع.

وفي الختام، شددت المفوضة السامية على أن طريق الخروج من الأزمة سوف يتطلب "عملاً متضافراً من قبل سلطات الأمر الواقع، ومساحة متجددة للمجتمع المدني، ودعم المجتمع الدولي، من أجل دعم حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية لجميع الأفغان"، ودعت مجلس حقوق الإنسان إلى الالتزام بتحقيق ذلك على وجه السرعة.