منظور عالمي قصص إنسانية

منظمة اليونيسف تقول إن الاستهلاك المفرط في الدول الغنية يدمر بيئات الأطفال على مستوى العالم

تضرر أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال شرق بنغلاديش من الفيضانات العارمة.
© UNICEF
تضرر أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال شرق بنغلاديش من الفيضانات العارمة.

منظمة اليونيسف تقول إن الاستهلاك المفرط في الدول الغنية يدمر بيئات الأطفال على مستوى العالم

المناخ والبيئة

غالبية الدول الغنية تخلق ظروفا غير صحية وخطيرة ومضرة للأطفال في جميع أنحاء العالم. هذا وفقاً لأحدث تقرير نشره اليوم الثلاثاء مكتب أبحاث اليونيسف - إينوسنتي.

ويقارن التقرير، الذي يحمل عنوان "بطاقة تقرير إينوسنتي 17: الأماكن والمساحات"، بين 39 دولة عضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي في توفير بيئات صحية للأطفال. ويتميز بمؤشرات مثل التعرض للملوثات الضارة بما في ذلك الهواء السام ومبيدات الآفات والرطوبة والرصاص؛ والوصول إلى الإنارة والمساحات الخضراء والطرق الآمنة؛ ومساهمات البلدان في أزمة المناخ واستهلاك الموارد وإلقاء النفايات الإلكترونية.

يشير التقرير إلى أنه إذا تم استهلك الموارد في جميع دول العالم بالمعدل الذي يستهلكه الناس في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ودول الاتحاد الأوروبي، فستكون هناك حاجة إلى ما يعادل 3.3 كواكب مماثلة للأرض لمواكبة مستويات الاستهلاك. أما إذا كان الجميع يستهلك الموارد بالمعدل الذي يقوم به الناس في كندا ولوكسمبورغ والولايات المتحدة، فستكون هناك حاجة إلى خمسة كواكب مماثلة للأرض على الأقل.

بينما تتصدر إسبانيا وأيرلندا والبرتغال اللائحة بشكل عام، فإن جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي تخفق في توفير بيئات صحية لجميع الأطفال عبر جميع المؤشرات. ولدى بعض أغنى البلدان، بما في ذلك أستراليا وبلجيكا وكندا والولايات المتحدة، تأثير شديد وواسع النطاق على البيئات العالمية، كما أنها تحتل مرتبة منخفضة بشكل عام في إنشاء بيئة صحية للأطفال داخل حدودها. في المقابل، فإن الدول الأقل ثراءً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي في أمريكا اللاتينية وأوروبا لها تأثير أقل بكثير على العالم الأوسع.

وقالت جونيلا أولسون، مديرة مكتب الأبحاث في اليونيسف - إينوسنتي: "لا تخفق غالبية الدول الغنية في توفير بيئات صحية للأطفال داخل حدودها فحسب، بل إنها تساهم أيضاً في تدمير بيئات الأطفال في أجزاء أخرى من العالم. في بعض الحالات نشهد دولاً توفر بيئات صحية نسبياً للأطفال في الداخل بينما تكون من بين أكبر المساهمين في الملوثات التي تدمر بيئات الأطفال في الخارج".

تعد محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري واحدة من أكبر بواعث الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تسبب تغير المناخ.
© Unsplash/Ella Ivanescu
تعد محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري واحدة من أكبر بواعث الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تسبب تغير المناخ.

النتائج الرئيسية الأخرى للتقرير

ووجد التقرير أن أكثر من 20 مليون طفل في هذه المجموعة من البلدان لديهم مستويات مرتفعة من الرصاص في دمائهم، وهو من أخطر المواد البيئية السامة.

فنلندا وأيسلندا والنرويج من بين الدول الأفضل من حيث توفير بيئة صحية لأطفالهم، لكنها من بين الدول الأسوأ للعالم بأسره، في ظل ارتفاع معدلاتها من الانبعاثات والنفايات الإلكترونية والاستهلاك.

في أيسلندا ولاتفيا والبرتغال والمملكة المتحدة، يتعرض طفل من كل 5 أطفال للرطوبة والعفن في المنزل؛ بينما في قبرص والمجر وتركيا يتعرض أكثر من طفل من كل 4 أطفال لهذه المخاطر.

كما يتنفس العديد من الأطفال هواءً ساماً خارج منازلهم وداخلها. فالمكسيك، على سبيل المثال، تفقد حوالي 3.7 سنوات من الحياة الصحية لكل ألف طفل بسبب تلوث الهواء، في حين أن فنلندا واليابان لديهما أدنى مستوى عند 0.2 سنة.

في بلجيكا، وجمهورية التشيك، وإسرائيل، وهولندا، وبولندا، وسويسرا، يتعرض أكثر من طفل من بين كل 12 طفلاً لتلوث عالٍ بالمبيدات التي لها صلة بالسرطان، بما في ذلك سرطان الدم في مرحلة الطفولة، كما يمكن أن تضر الجهاز العصبي والقلب والأوعية الدموية والجهاز الهضمي والإنجابي والغدد الصماء والدم والجهاز المناعي للأطفال.

النفايات الإلكترونية والكهربائية هي أسرع النفايات المنزلية نموا في العالم.
WHO
النفايات الإلكترونية والكهربائية هي أسرع النفايات المنزلية نموا في العالم.

خطوات لحماية الأطفال

دعت اليونيسف الحكومات على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي إلى قيادة التحسينات لبيئات الأطفال فورا، من خلال الحد من النفايات وتلوث الهواء والماء، وضمان السكن والأحياء عالية الجودة.

وقالت المنظمة إن الأطفال في الأسر الفقيرة هم أكثر عرضة للضرر البيئي من الأطفال في الأسر الغنية، مما يرسخ ويضخم أوجه الحرمان وعدم المساواة القائمة.

وقالت اليونيسف إن السياسات البيئية يجب أن تراعي الأطفال ويتعين على الحكومات وصانعي السياسات التأكد من أن احتياجاتهم مدمجة في عملية صنع القرار.

كما يجب مشاركة الأطفال بصفتهم أصحاب المصلحة الرئيسيين في المستقبل، وأشارت اليونيسف إلى أن الأطفال سيواجهون مشاكل بيئية لفترة أطول، لكنهم أيضاً الأقل قدرة على التأثير في مجرى الأحداث.

وشددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة على ضرورة أن تتخذ الحكومات والشركات إجراءات فعالة الآن للوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050. وأضافت أن التكيف مع تغير المناخ يجب أن يكون أيضاً في طليعة الإجراءات التي تتخذها الحكومات والمجتمع الدولي عبر مختلف القطاعات من التعليم إلى البنية التحتية.

وقالت السيدة أولسن: "نحن مدينون لأنفسنا وللأجيال القادمة بخلق أماكن ومساحات أفضل للأطفال لكي يزدهروا. يتسبب تراكم النفايات والملوثات الضارة والموارد الطبيعية المستنفدة في إلحاق الضرر بالصحة البدنية والعقلية لأطفالنا ويهدد استدامة كوكبنا. يجب أن نتبع سياسات وممارسات تحمي البيئة الطبيعية التي يعتمد عليها الأطفال والشباب أكثر من غيرهم".