منظور عالمي قصص إنسانية

بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر، الأمين العام يؤكد أن تزايد الفقر يمثل "إدانة أخلاقية لعصرنا"

أسرة بلا مأوى في يانغون في ميانمار لديها القليل من هياكل الدعم الاجتماعي التي يمكنها التعويل عليها.
ILO Photo/Marcel Crozet
أسرة بلا مأوى في يانغون في ميانمار لديها القليل من هياكل الدعم الاجتماعي التي يمكنها التعويل عليها.

بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر، الأمين العام يؤكد أن تزايد الفقر يمثل "إدانة أخلاقية لعصرنا"

أهداف التنمية المستدامة

في رسالة بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إنه لأول مرة منذ عقدين من الزمن، نشهد، تزايدا في معدلات الفقر المدقع. وتحيي الأمم المتحدة هذا اليوم الدولي في 17 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام. 
 

ووصف الأمين العام مستويات الفقر الحالية بأنها "إدانة أخلاقية لعصرنا"، مشيرا إلى وقوع نحو 120 مليون شخص فريسة للفقر، خلال العام الماضي، بعد أن عصفت جائحة كـوفيد-19 بالاقتصادات والمجتمعات.

وقال السيد غوتيريش إن التعافي غير المتوازن زاد من تعميق أوجه اللامساواة بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها. وبات التضامن عُملة نادرة – في وقت تبدت فيه حاجتنا الماسة إليه، على حد تعبيره.

معركتان

يجب أن تكون مكافحة الفقر أيضا معركة ضد عدم المساواة.

وقال الأمين العام إن التفاوت في إمكانية الحصول على اللقاحات، مثلا، يسمح بتنامي السلالات المتحوّرة وتوحُّشها، وهو بذلك يحكم على العالم بملايين الوفيات الجديدة ويطيل أمد التباطؤ الاقتصادي الذي يمكن أن تصل تكلفته إلى تريليونات الدولارات. 

وأضاف قائلا: "لا بد أن نضع حدا لهذا الأمر المشين وأن نتصدى لحالات المديونية الحرجة ونضمن تدفق الاستثمار الموجّه لجهود التعافي إلى البلدان التي هي في أمس الحاجة إليه".

القضاء على الفقر هو أول أهداف التنمية المستدامة لعام 2030
© UNICEF/UN039294/Popov
القضاء على الفقر هو أول أهداف التنمية المستدامة لعام 2030

 

"البناء بشكل أفضل"

ودعا الأمين العام إلى أن نبني من أجل المستقبل بشكل أفضل، قائلا إن ذلك يقتضي نهجا ثلاثي المحاور إزاء التعافي العالمي يتمثل فيما يلي:

أولا، نحن بحاجة إلى إرادة سياسية أقوى وشراكات أمتن لكفالة الحماية الاجتماعية للجميع بحلول عام 2030 والاستثمار في إكساب الأيدي العاملة المهارات الجديدة اللازمة للمهن التي يوفرها الاقتصاد الأخضر المتنامي. 

وشدد على ضرورة أن نستثمر في توفير فرص العمل الجيدة للمشتغلين باقتصاد الرعاية، وهو أمر يعزّز مزيدا من المساواة ويضمن للجميع الرعاية الكريمة التي يستحقونها، على حد تعبيره.

تمكين النساء

ثانيا، يجب أن يكون التعافي شاملاً للجميع - فالتعافي غير المتكافئ يترك جانباً كبيراً من البشرية بعيداً عن الركب، ويزيد بذلك من ضعف الفئات المهمّشة ويجعل بلوغ أهـداف التنمية المستدامة أبعد منالا من ذي قبل.

"أعداد النساء اللاتي يعِشن في فقر مدقع تتجاوز بكثير أعداد الرجال. وحتى قبل انتشار الجائحة، كان أغنى 22 رجلا في العالم تجتمع لهم ثروات تفوق ما تمتلكه نساء أفريقيا جميعاً - ولم تزد هذه الهوة إلا اتساعاً منذ بدء الجائحة. ومن البديهي ألا يكون لنا بالتعافي قِبل إذا ما سخّرنا له النصف فقط مما نمتلك من إمكانات".

ولذلك دعا الأمين العام إلى أن توجه الاستثمارات الاقتصادية لتلبية احتياجات النساء رائدات الأعمال، وأن تزيد من تنظيم القطاع غير الرسمي، وتركّز على التعليم والحماية الاجتماعية وتوفير خدمات رعاية الطفل والرعاية الصحية والعمل اللائق للجميع، فضلا عن سدّ الفجوة الرقمية ببعدها الجنساني العميق، على حد تعبيره.

بناء الزخم

ثالثا، لابد أن يكون التعافي مستداما - فنحن بحاجة إلى بناء عالم له القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات، يخلو من انبعاثات الكربون ويحقّق التعادل بين ما ينبعث منه من غازات الدفيئة وما يزيله منها.

وحث الأمين العام الجميع على أن نصغي بقدر أكبر بكثير إلى الرأي والإرشاد الذي يقدّمه الفقراء، وأن نعالج الأوضاع المسيئة لكرامتهم ونحطم الحواجز التي تحول في كل مجتمع دون إدماج الجميع. وأضاف قائلا:

"فلنتكاتَف، اليوم وكل يوم، من أجل إنهاء الفقر وإيجاد عالم تسوده العدالة، يتمتع فيه الجميع بالكرامة وتتوافر لهم الفرص".

يعيش غالبية الناس في مدغشقر في فقر مدقع.
ILO/Marcel Crozet
يعيش غالبية الناس في مدغشقر في فقر مدقع.

 

تقديم المساعدة على الأرض

في رسالته بالمناسبة، تحدث مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر عن العديد من المبادرات الجارية لمساعدة المجتمعات على البناء بشكل أفضل، مشيرا إلى الخطة الاستراتيجية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2022-2025 باعتبارها "تعهدا جريئا لانتشال 100 مليون شخص من الفقر متعدد الأبعاد".

وتطرق إلى أهمية الوصول إلى الطاقة المتجددة في سبيل خلق وظائف خضراء لائقة، مجددا التزام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الطموح بالعمل مع الشركاء لتزويد 500 مليون شخص إضافي بإمكانية الحصول على طاقة نظيفة وبأسعار معقولة بحلول عام 2025.

تجديد الالتزامات

يعود تاريخ اليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى 17 تشرين الثاني/أكتوبر 1987، عندما تجمع أكثر من 100 ألف شخص في تروكاديرو في باريس - حيث تم التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 – بهدف تكريم ضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع.

وأعلن المشاركون في التظاهرة أن الفقر انتهاك لحقوق الإنسان، وأكدوا الحاجة إلى ضمان احترام هذه الحقوق، واضعين التزاماتهم على نصب تذكاري - تمت إزاحة الستار عن نسخ طبق الأصل منه في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في حديقة مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

ومنذ ذلك الحين، ظل الناس يتجمعون سنويا في 17 تشرين الأول/أكتوبر لإظهار تضامنهم مع الفقراء.
 

القضاء على الفقر المدقع والجوع. المصدر: البنك الدولي / جيمي مارتن
القضاء على الفقر المدقع والجوع. المصدر: البنك الدولي / جيمي مارتن