منظور عالمي قصص إنسانية

الأمين العام للأمم المتحدة يجيب على أسئلة الشباب حول قضايا تهمهم أبرزها المناخ والصراعات والصحة

أرشيف: غريتا ثونبرغ (وسط الصورة)،  ناشطة مناخية سويدية، تنضم إلى نشطاء المناخ الشباب في تظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة (الجمعة 30 أغسطس 2019)
UN Photo/Manuel Elias
أرشيف: غريتا ثونبرغ (وسط الصورة)، ناشطة مناخية سويدية، تنضم إلى نشطاء المناخ الشباب في تظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة (الجمعة 30 أغسطس 2019)

الأمين العام للأمم المتحدة يجيب على أسئلة الشباب حول قضايا تهمهم أبرزها المناخ والصراعات والصحة

المناخ والبيئة

هل يمكن معالجة تغيّر المناخ؟ وهل سيتحقق وقف إطلاق نار عالمي؟ هذه بعض الأسئلة التي وجهها شباب إلى الأمين العام للأمم المتحدة  في فعالية افتراضية، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لأول اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي عقد في العاصمة البريطانية لندن يوم 10 كانون الثاني/يناير 1946.

 

تركزت الأسئلة حول ما يشغل بال الشباب وصغار السن في عصرنا هذا، لاسيّما في ظل جائحة كـوفيد-19 وصراعات تتسبب بنزوح الملايين حول العالم، يفاقمها تغيّر المناخ. وفي سياق كلمته في الحدث الافتراضي الذي استضافته المملكة المتحدة، أجاب الأمين العام عن أسئلة الشباب التي شملت ما يلي:

كيف يمكن الاستفادة من دروس الاستجابة لكوفيد-19 في معالجة التغيّر المناخي حتى نحقق اتـفاق باريس للمناخ وأهداف التنمية المستدامة؟

الأمين العام: عندما ينظر المرء إلى ما يحدث اليوم في العالم، سيرى أننا ننفق تريليونات الدولارات الأميركية أو الجنيهات أو اليورو، ننفقها على دعم الاقتصادات التي تواجه التأثير الكبير لجائحة كوفيد-19 فيما يتعلق بالوظائف وعدم المساواة وغيرها من الجوانب التي تقوّض اقتصاداتنا ومجتمعاتنا. وعندما ننفق هذه التريليونات فإننا نقترض لأمور متعلقة بالمستقبل، ويجب أن نتأكد أن هذه التريليونات تُنفَق على التعافي من كوفيد-19 ولكن أيضا على التحديات التي يفرضها تغيّر المناخ.

يمكننا أن نستخدم نفس الأموال لبناء محطات طاقة تعمل بالفحم أو بناء الطاقة المتجددة، كما بإمكاننا أن نستخدم نفس الأموال لدعم الصناعات المتسببة بالتلوّث، أو لخلق وظائف جديدة. ثمّة طرق عديدة بإمكاننا من خلالها تنظيم تعافينا وجعله أكثر استدامة وشمولية، مع تقليل انعدام المساواة في نفس الوقت والتصالح مع الطبيعة ومع كوكبنا لنتأكد من أن بإمكاننا أن نكافح تغيّر المناخ وأننا لن نسمح بارتفاع درجات الحرارة لأكثر من 1.5 درجة مئوية في نهاية القرن (مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية) وأن بإمكاننا الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية في منتصف القرن لنتأكد من أننا ننقذ كوكبنا.

عبر الاتصال المرئي عبد بُعد، الأمين العام أنطونيو غوتيريش يشارك في فعالية افتراضية بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لأول اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي عُقد في لندن عام 1946
UN Photo/Mark Garten
عبر الاتصال المرئي عبد بُعد، الأمين العام أنطونيو غوتيريش يشارك في فعالية افتراضية بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لأول اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي عُقد في لندن عام 1946

 

السيّد الأمين العام، لقد دعوتَ إلى وقف عالمي لإطلاق النار العام الماضي، 1% من سكان العالم اضطروا إلى ترك منازلهم بسبب الصراع والاضطهاد. الحاجة لوقف إطلاق نار عالمي ملحة أكثر من أي وقت مضى، ومهمة لتحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالسلام والعدالة. ما التقدم الذي أحرز وهل تعتقد أن وقف إطلاق النار العالمي قد يصبح واقعا؟

الأمين العام: إننا نحرز تقدما في العديد من المواقع. إذا رأيتم في سوريا فإن وقف إطلاق النار صامد نوعا ما على الرغم من أن الوضع بعيد كل البُعد عن الكمال وعلى العكس لا نزال نسير ببطء باتجاه حل سياسي. لدينا وقف إطلاق نار في ليبيا وتوصلنا إلى اتفاق سلام في السودان. ووقف إطلاق النار في جنوب السودان صامد بشكل متقطع.

معظم الصراعات، داخلية ولكن ثمّة الكثير من الدول التي تتدخل وتعقّد الأمور -- الأمين العام

إننا نحرز بعض التقدم، ولكن الحقيقة هي أنه في الكثير من الجوانب الأخرى تستعر الصراعات، انظروا إلى اليمن حيث نرى كوارث إنسانية كبيرة بسبب الصراع ولكن أيضا بسبب تغيّر المناخ وكوفيد-19. الحقيقة هناك أمران صعبان رئيسيان يعيقان طريقنا نحو السلام ووقف إطلاق النار في العالم.

أولا: انعدام الثقة. إن انعدام الثقة يقف عائقا أمام اجتماع الناس والتوصل لاتفاقيات ووقف الصراع.

وثانيا: المفسدون. معظم الصراعات التي لدينا داخلية، ولكن ثمّة الكثير من الدول التي تتدخل وتعقّد الأمور. انظروا لما يحدث في ليبيا. يجعل المفسدون الأمر صعبا للغاية أمام المضيّ قدما بعد تحقيق وقف إطلاق النار باتجاه حل سياسي. نحتاج للتأكد من أننا قادرون على وضع حدّ لمثل هذا التدخل من الدول التي تقوّض إمكانية اجتماع الأشخاص المنخرطين في صراع داخل دولتهم.

ولهذا السبب، فإن من الضروري أن يتحد مجلس الأمن ومن المهم أن تقدر القوى الكبرى على تجاوز خلافاتها القائمة والعمل معا لفرض نظام لضمان ألا يكون هناك إفلات من العقاب كما نرى اليوم، وضمان أن يفهم الناس والمفسدون ضرورة وقف تقويض إمكانية إحلال السلام. نحتاج إلى مجلس أمن قوي يقدر على اتخاذ قرارات وعلى تنفيذها.

عدد من الأطفال الجنود تم تحريرهم في يامبيو بجنوب السودان في 2018.
UNMISS/Isaac Billy
عدد من الأطفال الجنود تم تحريرهم في يامبيو بجنوب السودان في 2018.

كيف نتأكد من أن الفضاء الإلكتروني معدّ بشكل أفضل لتمكين النساء من القيادة والحفاظ على سلامتهن من العنف؟

الأمين العام: عند النظر إلى التكنولوجيات الحديثة وخاصة التكنولوجيا الرقمية، نرى إمكانيات هائلة ولكن في نفس الوقت ثمّة مخاطر كبيرة. أولا يجب أن نكافح من أجل العدالة وأحد الجوانب الرئيسية لتحقيق ذلك هو ضمان ربط نصف شعوب العالم بالإنترنت (لأنهم غير متصلين بالإنترنت في الوقت الحالي). أحد أهـداف التنمية المستدامة يدعو إلى إتاحة الإنترنت بحلول عام 2030 للجميع في كل مكان. ولكن في نفس الوقت، جمعنا الشركات والحكومات والعلماء ولدينا الآن خارطة طريق للتعاون الرقمي بهدف تجنّب المخاطر التي تخلقها هذه التكنولوجيا الحديثة.

على سبيل المثال، تؤجج بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خطاب الكراهية. يجب وضع بروتوكولات تسمح باحترام حرية التعبير ولا تسمح بنشر خطاب الكراهية الذي يحضّ على العنف. في نفس الوقت، نرى تقويض الأمن الإلكتروني وأشخاصا يستخدمون الإنترنت لتعريض أمن الدول والشركات والأفراد وحقوق الإنسان للخطر.

رأينا أنماطا من التحكم بحقوق الإنسان. لذلك علينا إرساء القواعد والقوانين والبروتوكولات إما عبر الاتفاقيات الدولية أو بطريقة أكثر عملية عبر أشكال التعاون الدولي بين الأطراف المتعددة وتحديد الخطوط الحمر وأفضل الممارسات للتأكد من أن هذه التكنولوجيات تصبح قوة من أجل الخير وألا تُستخدم لتقويض تماسك المجتمعات.

ما تقييم الأمين العام لإمكانية تحقيق تغطية صحية شاملة عالمية بحلول عام 2030 أخذا بعين الاعتبار أننا لا نزال نستجيب لجائحة كوفيد-19، وما الذي تحتاج الدول والعالم لفعله من أجل تحقيق ذلك؟

الأمين العام: أحد دعاة الوحدة الأوروبية الذي ألهمني دائما يُدعى جان موني. وقد سُئل في إحدى المرّات عمّا إذا كان متفائلا أو متشائما إزاء إحدى القضايا، تماما كسؤالك بشأن ما إذا كان ممكنا أو من غير الممكن التوصل إلى تغطية صحية شاملة في 2030. كانت إجابته هي أنا لستُ متفائلا ولستُ متشائما. أنا مصمم. وأنا هنا أقول لك إنني مصمم على فعل كل ما بوسعي لحشد المجتمع الدولي من أجل أن تصبح التغطية الصحية الشاملة واقعا في 2030. وعلينا جميعا أن نقوم بنفس الشيء.

إن قلوبنا تنفطر عندما نرى معاناة الكثير من الناس – خاصة أثناء الجائحة – ولكن ليس فقط بسبب كوفيد-19 بل جميع أنواع الأمراض الأخرى. الكثير من الناس ليست لديهم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية. هذا أمر لا يُطاق على الإطلاق.

في إطار التغطية الصحية علينا ألا ننسى الصحة النفسية -- الأمين العام للأمم المتحدة

من الأولويات الأساسية لكل حكومة ولكل دولة، وللمجتمع الدولي بأكمله هو كفالة حق التغطية الصحية للجميع. لهذا السبب، نحتاج لحشد الموارد الدولية، ونحتاج لحشد التضامن الدولي ولكن علينا أن نطلب من الحكومات أيضا مكافحة الفساد واعتماد إجراءات حوكمة جيدة واستخدام الإجراءات المالية المناسبة وتحديد ميزانياتها بشكل صحيح ومنح الأولوية للتغطية الصحية.

وضمن التغطية الصحية علينا ألا ننسى الصحة النفسية. أحد الأمور التي تفطر قلبي أنني أرى في هذه الأوقات مع كوفيد-19 أن الصحة العقلية تتعرض للتهديد حول العالم، ولا يتم فعل سوى القليل لدعم الأشخاص الذين يعيشون في هذه الظروف. إن الصحة النفسية هي الجانب المنسي للتغطية الصحية ومن المهم جدا - بدون أي وصم - ضمان أن تكون الصحة النفسية إحدى الأولويات في إجراءاتنا وأن تصبح التغطية الصحية الشاملة واقعا للجميع يشمل جميع جوانب الصحة الجيدة من بينها الصحة النفسية.

وفي ختام الفعالية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى إعطاء صوت للشباب، مشيرا إلى أنه تم تجاهل الشباب في الماضي، قبل أن يدرك القادة السياسيون في لحظة ما أن عليهم أن يتحدثوا مع الشباب. وشدد على ضرورة الإصغاء أكثر للشباب ومنحهم الأدوات لإحداث أثر في المجتمعات، وأخذ آرائهم بعين الاعتبار في تحديد السياسات واتخاذ القرارات.