منظور عالمي قصص إنسانية

إيران: حقوقيون يشككون في ملابسات إعدام المصارع نويد أفكاري ويشيرون إلى "التجاهل الصارخ" للحق في الحياة

صورة من شيراز، إيران.
UNsplash/Ali Barzegarahmadi
صورة من شيراز، إيران.

إيران: حقوقيون يشككون في ملابسات إعدام المصارع نويد أفكاري ويشيرون إلى "التجاهل الصارخ" للحق في الحياة

حقوق الإنسان

أدان اليوم خبراء حقوق إنسان* بشدة الإعدام بإجراءات موجزة للمصارع الإيراني نويد أفكاري في إيران، ودفنه سرّا في الليل دون إخطار مسبق لأسرته، وما سبقه من اعترافات قسرية كان قد قال نويد إنها انتُزعت منه تحت التعذيب.

وفي بيان صدر اليوم الاثنين، أكد الخبراء أن إعدام نويد أفكاري في 12 أيلول/سبتمبر هو "تجاهل صارخ للحق في الحياة، من خلال عمليات الإعدام بإجراءات موجزة" ودعوا المجتمع الدولي للردّ بقوة على هذه الإجراءات من جانب إيران.

إعدام رياضي لتحذير السكان

وبحسب الخبراء، يأتي إعدام أفكاري ضمن سلسلة من أحكام الإعدام التي صدرت في سياق الاحتجاجات في 2018 و2019. وقال الخبراء: "إنه لأمر مقلق للغاية أن السلطات استخدمت، على ما يبدو، عقوبة الإعدام ضد رياضي، كتحذير لسكانها في مناخ من الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة"، وقدم الخبراء التعازي لأسرة أفكاري.

وإعدام أفكاري هو ثاني إعدام مرتبط بالاحتجاجات في الشهرين الماضيين، وقال الخبراء: "يثير التكرار المقلق لعقوبات الإعدام الصادرة بحق المتظاهرين مخاوف بشأن ردّ السلطات المستقبلي على الاحتجاجات وأي تعبير عن الرأي المعارض أو المخالف".

احتجاج.. اعتقال.. تعذيب

شارك نويد أفكاري في احتجاجات شيراز في عام 2018. واعتُقل في 17 أيلول/سبتمبر 2018، بتهمة قتل حارس أمن. ومن ثمّ حكم عليه بالإعدام بموجب "القصاص" في محكمة الجنايات في فارس. وفي محاكمة منفصلة، أدان الفرع الأول للمحكمة الفرعية في شيراز، أفكاري، بتهمة "المحاربة" أي حمل السلاح لإزهاق الأرواح أو تخريب الممتلكات أو نشر الذعر بين العامة، وحُكم عليه بالإعدام للمرة الثانية.

أفزعتنا مزاعم التعذيب الخطيرة التي لم يتم التحقيق فيها، وتم بثّ اعترافاته القسرية عبر التلفزيون الحكومي، واستخدام المحاكمات السرية وخلف الأبواب المغلقة -- الخبراء

وقد اشتكى نويد أفكاري للقضاء، واتهم المسؤولين بضربه بشدة على ذراعيه وساقيه وبطنه وظهره بالعصي والهراوات، وأنهم غطّوا رأسه بكيس بلاستيكي وخنقوه إلى درجة شعر بأنه سيموت، وصبّوا كحولا في أنفه.

وقال الخبراء: "لقد أفزعتنا مزاعم التعذيب الخطيرة التي لم يتم التحقيق فيها، وتم بثّ اعترافاته القسرية عبر التلفزيون الحكومي، واستخدام المحاكمات السرية وخلف الأبواب المغلقة". وفي نيسان/أبريل 2020، أيّدت المحكمة العليا حكم الإدانة بجريمة القتل العمد، وحكم الإعدام المصاحب له بموجب "القصاص"، بينما كان حكم الإعدام في "المحاربة" الذي أمرت به محكمة الثورة قيد الاستئناف.

وشكك الخبراء بتلك المحاكمات: "إذا كان أفكاري مذنبا بالقتل، فلمَ تمت محاكمته خلف الأبواب المغلقة، ومن خلال استخدام الاعترافات القسرية المنتزعة تحت التعذيب؟".

رجل ينظر إلى النجوم من دير غاشين كارافانساري في إيران، بعيدا عن المدن التي تثير فيها القمع المميت للمتظاهرين، الذي يثير قلق الأمم المتحدة.
Unspalsh/Mohamad Babayan
رجل ينظر إلى النجوم من دير غاشين كارافانساري في إيران، بعيدا عن المدن التي تثير فيها القمع المميت للمتظاهرين، الذي يثير قلق الأمم المتحدة.

إعدام سرّي وعدم إبلاغ الأسرة

بحسب القانون الإيراني، تسمح أحكام الإعدام "بالقصاص" لأسرة الشخص المدان بطلب العفو من عائلة الضحية. وكانت أسرة أفكاري قد وصلت لتوّها إلى مطار شيراز بغرض الاجتماع مع عائلة القتيل، عندما تم إبلاغها أن عقوبة الإعدام نُفذت في 12 أيلول/سبتمبر.

يثير التكرار المقلق لعقوبات الإعدام الصادرة بحق المتظاهرين مخاوف بشأن ردّ السلطات المستقبلي على الاحتجاجات -- الخبراء

ويحق للأفراد أيضا زيارة عائلية أخيرة قبل الإعدام، وهو حق حُرمت منه الأسرة. ودُفن نويد أفكاري سرّا في الليل، ولم يُسمح للعائلة سوى برؤية وجهه في وقت لاحق.

وقال الخبراء إن مجرى الأحداث في قضية نويد أفكاري يثير شكوكا جدية حول صحة أساس التهمة الموجهة إليه بالقتل: "الإعدام السري المتسارع، والاعتراف القسري تحت التعذيب كدليل وحيد، وعدم احترام المتطلبات المحلية للمصالحة، والحرمان من الزيارة العائلية الأخيرة، كل ذلك يشير إلى وجود محاولة من قبل السلطات للتعجيل بإعدامه".

وحثّ الخبراء السلطات الإيرانية على احترام التزاماتها وفق القانون الدولي ووقف جميع عمليات الإعدام بحق المتظاهرين على الفور.

وشدد الخبراء على الطبيعة القاسية واللاإنسانية والمهينة لعقوبة الإعدام: "نذكّر مرة أخرى أنه إذا كانت عقوبة الإعدام ستستخدم في البلدان التي لم تلغها بعد، فإن القانون الدولي يتطلب عدم فرضها إلا بعد إجراءات تفي بأعلى مستوى من احترام المحاكمة العادلة ومعايير الإجراءات القانونية الواجبة".

كما يتطلب الحكم بالإعدام في قضايا أخطر الجرائم أن يُفرض فقط في جريمة القتل العمد.

*الخبراء الحقوقيون هم

جاويد رحمن، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية؛ أغنيس كالامار، المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء، أو بإجراءات موجزة أو تعسفا؛ كليمنت فول، المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمّع السلمي وتكوين الجمعيات؛ نيلز ميلزر، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ أيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير.

يشكل المقررون الخاصون جزءاً مما يسمى بالإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان. والإجراءات الخاصة هي أكبر هيئة للخبراء المستقلّين في نظام حقوق الأمم المتّحدة، وهي التسمية العامة لآليّات المجلس المستقلّة المعنيّة بالاستقصاء والمراقبة والرصد. والمكلفون بولايات في إطار الإجراءات الخاصة هم من خبراء حقوق الإنسان الذين يعيّنهم مجلس حقوق الإنسان كي يعالجوا إمّا أوضاعًا محدّدة في بلدان محدّدة، وإمّا قضايا مواضيعيّة على مستوى العالم كلّه. وهم ليسوا من موظّفي الأمم المتّحدة وهم مستقلّون عن أيّ حكومة ومنظّمة. ويقدّمون خدماتهم وفق قدراتهم الفرديّة ولا يتقاضَون أجرًا لقاء العمل الذي يقومون به.