منظور عالمي قصص إنسانية

ستيفاني وليامز تدعو مجلس الأمن إلى دعم ليبيا "بالأفعال" كي لا تنزلق البلاد نحو مزيد من "الانقسام والفوضى"

طفل يعدو بين الأنقاض والحطام في بنغازي بليبيا
© UNICEF/Giovanni Diffidenti
طفل يعدو بين الأنقاض والحطام في بنغازي بليبيا

ستيفاني وليامز تدعو مجلس الأمن إلى دعم ليبيا "بالأفعال" كي لا تنزلق البلاد نحو مزيد من "الانقسام والفوضى"

السلم والأمن

دعت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالإنابة، ستيفاني وليامز، مجلس الأمن إلى تقديم الدعم إلى الدولة الأفريقية، ليس فقط بالكلمات، بل بالأفعال أيضا، مشيرة إلى أن ليبيا تمر بمنعطف خطر وتقف عند نقطة تحوّل حاسمة.

جاء ذلك خلال إحاطة افتراضية قدمتها رئيسة أونسميل بالإنابة، أمام مجلس الأمن، صباح الأربعاء بتوقيت نيويورك، لعرض آخر التطورات السياسية والاقتصادية والإنسانية في ليبيا.

وقالت وليامز إن مساعدة مجلس الأمن ستحدد ما إذا كانت البلاد ستنزلق إلى أعماق جديدة من الانقسام والفوضى أو تتقدم نحو مستقبل أكثر ازدهارا.

مواجهات في محيط سرت

واستعرضت ستيفاني وليامز آخر التطورات على الأرض، حيث تستمر المواجهة المضطربة حول سرت، مما يعرّض حياة سكان المدينة البالغ عددهم 130 ألف شخص للخطر، فضلا عن البنية التحتية النفطية الحيوية للبلاد والتي تشكل شريان الحياة الاقتصادي. وقالت وليامز:

"في حين ظلت الخطوط الأمامية هادئة نسبيا منذ حزيران/يونيو، تواصل القوات المسلحة العربية الليبية والقوات الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني الاستفادة من المساعدة المؤسفة للجهات الراعية الأجنبية في تخزين الأسلحة والمعدات المتطورة".

Tweet URL

وأفادت وليامز بأنه منذ إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة في 8 تموز/يوليو، هبطت حوالي 70 رحلة إعادة إمداد في المطارات الشرقية لدعم القوات المسلحة العربية الليبية، وتم إرسال 30 رحلة لإعادة الإمداد إلى المطارات في غرب ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني. ورست حوالي تسع سفن شحن في الموانئ الغربية لدعم حكومة الوفاق الوطني، وثلاث سفن لدعم القوات المسلحة العربية الليبية. وتابعت تقول:

"يمثل النشاط المذكور أعلاه انتهاكا مقلقا لسيادة ليبيا، وانتهاكا صارخا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ناهيك عن الالتزامات التي تعهد بها المشاركون في مؤتمر برلين. وتواصل البعثة تلقي تقارير عن الوجود واسع النطاق للمرتزقة والأجانب، مما يزيد من تعقيد الديناميكيات المحلية وفرص التوصل إلى تسوية في المستقبل".

وبحسب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قُتل، حتى 24 آب/أغسطس، ما مجموعه 61 شخصا وأصيب 113 بجراح، منهم 107 من المدنيين. في حين أن معدل الحوادث بسبب الأفخاخ قد انخفض، بما في ذلك العبوات الناسفة والألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب.

انتشار كوفيد-19 يفاقم الأزمة

ارتفع عدد حالات الإصابة الموثقة  بمرض كـوفيد-19 في ليبيا لأكثر من الضعف، خلال الأسبوعين الماضيين، وبلغ عدد الحالات 15،156 وتم تسجيل 250 وفاة حتى الأول من أيلول/سبتمبر.

من الضروري أن تتعاون السلطات الليبية بشفافية في معركتنا المشتركة للسيطرة على هذه الجائحة الرهيبة -- ستيفاني وليامز

وقالت وليامز إن ما يفاقم الأزمة هو النقص المستمر في قدرات الاختبار، ومرافق الرعاية الصحية المناسبة، وتعقّب المخالطين، وهذا يعني أن حجم انتشار الجائحة في ليبيا ربما يكون أكبر من ذلك بكثير.

كما أن أنظمة الرعاية الصحية على وشك الانهيار الكامل، بعد أكثر من تسعة أعوام من الصراع، وليس بإمكانها الاستجابة للثقل الإضافي الذي يضعه مرضى كوفيد-19 جنبا إلى جنب مع الحفاظ على الخدمات الصحية العادية، بما في ذلك برنامج تحصين الأطفال.

وشددت وليامز على وقوف الأمم المتحدة والشركاء على الخطوط الأمامية لدعم السلطات الوطنية عبر توفير المستلزمات الصحية ومعدات الحماية الشخصية. ودعت السلطات الليبية إلى ضرورة التعاون "بشفافية في معركتنا المشتركة للسيطرة على هذه الجائحة الرهيبة".

انقطاع الكهرباء

مع ارتفاع الأسعار العالمية للوقود، يزداد كذلك نقص الوقود المحلي مما يؤثر سلبا على قطاعات متعددة من الاقتصاد، بما في ذلك الكهرباء. وفي العاصمة، غالبا ما يظل السكان دون كهرباء لمدة تصل إلى 20 ساعة يوميا.

ودعت وليامز إلى فك الحصار عن منشآت النفط الليبية المفروض منذ كانون الثاني/يناير، أولوية قصوى.

وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، فقد وصلت المنظمات الإنسانية لأكثر من 243 ألف شخص وقدّمت المساعدات لهم منذ بداية السنة. وهذا يشمل دعم 66 ألف نازح داخليا، و119 ألف شخص من الضعفاء والمتضررين بسبب الصراع، والعائدين حديثا لديارهم، و58 ألف شخص من المهاجرين واللاجئين.

و يُقدّر عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية في ليبيا في عام 2020 بأكثر من مليون شخص، وأعربت وليامز عن قلقها إزاء "مواصلة المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء محاولة عبور البحر المتوسط مما يعرّض حياتهم لخطر شديد".

قضية المهاجرين تبعث على القلق

هذا العام، حاول أكثر من سبعة آلاف شخص عبور البحر المتوسط، مات منهم أكثر من 300 شخص. وتفيد التقارير بالتأخر في جهود الإنقاذ والإنزال، وهو ما يسلط الضوء على الحاجة لمراجعة نهج الدول الأوروبية في التعامل مع هذه الأزمة.

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أنه لا يمكن اعتبار ليبيا ملاذا آمنا للإنزال من السفن، فالكثير من المهاجرين واللاجئين الذين تم اعتراضهم في البحر عادوا إلى ليبيا وتم وضعهم في مراكز الاحتجاز.

وحتى 21 آب/أغسطس، وضع 2،400 مهاجر ولاجئ في مراكز احتجاز رسمية في ليبيا، حيث تعرّضوا لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. والكثير غيرهم موجودون في مراكز احتجاز غير رسمية لا تصل الأمم المتحدة إليها.

Tweet URL

التطورات السياسية

في 21 آب/أغسطس، أصدر كل من رئيس المجلس الرئاسي، فايز السرّاج، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بيانات منفصلة تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار عن المنشآت النفطية والعودة إلى العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.

لا أزال متفائلة لأنه مع وجود نقاط تقارب عديدة بين البيانين، قد تكون لدينا فرصة للمضي قدما فيما يتعلق بالمناقشات السياسية والأمنية الليبية -- سيتفاني وليامز

وأعربت وليامز عن تفاؤلها بهذه الخطوة:

"لا أزال متفائلة لأنه مع وجود نقاط تقارب عديدة بين البيانين، قد تكون لدينا فرصة للمضي قدما فيما يتعلق بالمناقشات السياسية والأمنية الليبية وفي نفس الوقت الانخراط مع القوى السياسية والعسكرية الرئيسية الأخرى في جميع أنحاء البلاد".

وعلى الجبهة العسكرية، واصلت أونسميل المحادثات مع وفود كلا الجانبين تحت رعاية اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ونقلت مجالات التقارب التي تم تحديدها سابقا للتكيف مع التطورات الجديدة على الأرض.

وأوضحت أنه منذ 8 تموز/يوليو حتى اليوم، عُقدت ثلاثة اجتماعات افتراضية مع حكومة الوفاق الوطني، واجتماعين مع القوات المسلحة العربية الليبية في محاولة للحث على خفض تصعيد فوري.

وقالت في ختام كلمتها: "السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو من خلال الحوار والتسوية التي تؤدي إلى حل سياسي شامل وتتوج بانتخابات وطنية".

ليبيا متمسكة بالسلام

من جانبه، شدد مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، طاهر السنّي، على موقف بلاده المتمسك بالسلام والاستقرار وتجنيب ليبيا إراقة الدماء. وذكّر مجلس الأمن بأن الاستجابة لدعوات الحوار والتسوية وخفض التصعيد كانت إيجابية في مناسبات عديدة.

وقال السنّي إن إعلان الهدنة انبثق عن مسؤولية وطنية وسياسية وبسبب الأزمة المستمرة في البلد وفي المنطقة بشكل عام وخاصة خلال جائحة كوفيد-19، والتي بدأت تنتشر على نطاق واسع وبشكل سريع في ليبيا.

وقال: "إذا لم نعالج هذه القضايا ونعمل معا لإيجاد حلول مناسبة لتلك التحديات، ستحمل هذه العوامل آثارا سلبية وأكثر دمارا وتهدد الأمن والسلام الدوليين".

ودعا السني إلى نزع السلاح عن سرت والجفرة، وانسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من المدينتين ومن جميع أنحاء ليبيا لاستعادة السيادة الليبية بالكامل، وإعادة فتح جميع حقول النفط.

وأشار إلى أن الخسائر الناجمة عن إغلاق الحقول والمنشآت النفطية بلغت تسعة مليارات دولار، فضلا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية للمرافق النفطية.