منظور عالمي قصص إنسانية

في جلسة طارئة لمجلس الأمن حول سوريا، الأمم المتحدة تحث روسيا وتركيا على ضمان "وقف إطلاق نار جديد"

مجلس الأمن الدولي يناقش في جلسة طارئة المستجدات في سوريا
UN News
مجلس الأمن الدولي يناقش في جلسة طارئة المستجدات في سوريا

في جلسة طارئة لمجلس الأمن حول سوريا، الأمم المتحدة تحث روسيا وتركيا على ضمان "وقف إطلاق نار جديد"

السلم والأمن

عقد مجلس الأمن مساء الجمعة جلسة طارئة لبحث الوضع في سوريا، وندد عدد من الدول الأعضاء في المجلس وعلى رأسها المملكة المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالهجوم الأخير الذي شنته القوات السورية في شمال غرب سوريا والذي أدى إلى مقتل 33 جنديا تركيا على الأقل.

وشارك في الجلسة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والذي أعرب في البداية عن قلقه البالغ إزاء ما يرى بأنه تغيير في طبيعة النزاع في إدلب.

وقال الأمين العام: "إن المجلس يعي تماما الوضع الإنساني الدراماتيكي في المنطقة، وتحديدا بعد آخر عملية عسكرية. ولكن أبعد من هذا الوضع الإنساني الدراماتيكي أعتقد أنه من المهم الإقرار بأن النزاع تغيّر بطبيعته وقد شهدنا تصعيدا جديا خلال الأيام الماضية."

الأمين العام للأمم المتحدة يحضر الجلسة الطارئة لمجلس الأمن حول سوريا
الأمين العام للأمم المتحدة يحضر الجلسة الطارئة لمجلس الأمن حول سوريا

وأضاف الأمين العام أنه يرغب في اغتنام الفرصة للتعبير عن امتنانه للسفيرين الروسي والتركي على جهودهما في إتاحة تواصله مع دولتيهما أثناء متابعته للأحداث، مشيرا إلى اتصال هاتفي جرى صباح الجمعة بين الرئيسين الروسي والتركي، كما أن وفدا روسيا زار أنقرة أمس واليوم. وأضاف: "بحسب المعلومات التي وردتني، فإنه دون إيجاد حل أعتقد أن كل ذلك يخلق بيئة بحيث يخرج خطر التصعيد عن السيطرة، أخذا بالحسبان حجم القوات في إدلب ومحيطها، وهو أمر لا يمكن الاستهانة به."

وجدد السيد أنطونيو غوتيريش دعوته للحاجة إلى وقف القتال: "أنا آخذ بعين الاعتبار ليس فقط العواقب الإنسانية للقتال، فأي تصعيد بطبيعة الحال سيكون له عواقب إنسانية وخيمة، ولكن الخطر الكبير هو في إمكانية التصعيد نفسه."

ديكارلو تدعو الدول إلى تحمل مسؤولياتها ووقف العنف

وبدورها قدّمت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، إحاطة أمام مجلس الأمن، حثّت خلالها كلا من روسيا وتركيا على البناء على الاتفاقات الماضية للتوصل إلى وقف القتال وتجنيب المدنيين المعاناة التي تنتج عن التصعيد. واستعرضت التطور في الأوضاع في إدلب خلال الأيام الماضية قائلة إنه خلال الأيام التسعة الماضية قامت القوات السورية، بغطاء جوي روسي بمواصلة التقدم وسيطرت على عدد كبير من القرى جنوبي إدلب، وتواصلت الغارات الجوية على خطوط التماس والمناطق السكنية البعيدة عن مناطق القتال.

وأضافت السيّدة ديكارلو أن المجموعات المسلحة غير الحكومية شنت هجوما مضادا في شرق إدلب وأعادت السيطرة على سراقب التي استعادتها القوات الحكومية خلال الأسابيع الأخيرة. ما جرى مؤخرا قد دفع بالحكومة السورية من الانسحاب من الطريق السريع M5، وأدت القوات التركية دورا داعما في هذه العملية.

وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، تقدم إحاطة أمام مجلس الأمن حول سوريا
وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، تقدم إحاطة أمام مجلس الأمن حول سوريا

وقالت ديكارلو: "إن مليون شخص نزحوا منذ شهر كانون الأول/ديسمبر، الكثير منهم نزح أكثر من مرة. كما أن نحو 1،950 مدنيا قتلوا منذ نيسان/أبريل. والرقم الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك. كما أن معظم الوفيات من المدنيين (94% منها) ومعظمها في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة." وأشارت إلى أن مرتكبي الفظائع لا يخشون المساءلة والحساب. وأضافت: "المدنيون في إدلب يعيشون تحت تهديد يومي ويسعون للهرب من الغارات ونيران المدفعيات والهاون، هم لا يطلبون هدنة إنهم يطلبون وقفا كاملا للقتل. ونحن من مسؤوليتنا بذل الجهود لوضع حد لهذا العنف."

إدانة للتصعيد

وقبيل الجلسة، أصدرت دول الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن وهي إستونيا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وبولندا (بصفتها عضو سابق غير دائم في مجلس الأمن) بيانا طالبت فيه بوقف التصعيد العسكري في إدلب "فورا" وندد الأعضاء بالهجوم الذي أوقع ضحايا من الجيش التركي وأعربت دول الاتحاد عن تضامنها مع تركيا وقدمت تعازيها لأنقرة.

وجاء في البيان أن هذه الهجمات تبيّن أن النظام السوري، مدعوما من روسيا، يواصل استراتيجيته العسكرية بدون هوادة، ويتجاهل عواقب أفعاله على المدنيين.

بريطانيا تحذر مما وصفته وحشية العملية الروسية والتصرف غير المسؤول وإمكانية التصعيد

بدورها شددت بريطانيا في بيان سبق الجلسة على الحاجة إلى وقف لإطلاق النار ومساعدة المدنيين في الحصول على الغذاء، ودعا البيان من يشن الحملة العسكرية إلى وقفها فورا، محذرا من "وحشية العملية الروسية والتصرف غير المسؤول" وإمكانية التصعيد. ودعت بريطانيا المجلس إلى الاضطلاع بدوره في صون السلم والأمن الدوليين والسعي إلى تجنب أي تصعيد لوضعٍ يتسم بالخطورة أصلا.

كما أدانت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرفت، الهجوم الذي أدّى إلى مقتل الجنود الأتراك، وشددت على تضامن الولايات المتحدة مع تركيا.

وقالت إنه تم استهداف الجنود في نقطة مراقبة مشيرة إلى أن النظام السوري انتهك بذلك اتفاق أستانا ثلاث مرات: درعا، الغوطة الشرقية وإدلب. ودعت إلى تطبيق وقف دائم لإطلاق النار كحل لما يحدث.

من جانبه أشار المندوب التركي إلى استهداف قافلة عسكرية تركية أمس الأربعاء لمدة خمس ساعات من قبل روسيا وسوريا، مما أدّى إلى مقتل 34 جنديا. وأضاف أن سيارات الإسعاف التي هرعت إلى الموقع تعرّضت أيضا للهجوم. وقال إن ذلك يدل على الاستهداف المتعمد للجيش التركي مشيرا إلى أن لتركيا الحق في الدفاع عن النفس والردّ بالمثل.

وقال إن تركيا أظهرت أقسى درجات ضبط النفس لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة، ولكن ما يحدث هو معركة بين "الحق والباطل" وتركيا تأخذ هذه الجهود على عاتقها، على حدّ تعبيره، نيابة عن المجتمع الدولي لحماية ملايين المدنيين، معظمهم نساء وأطفال.

روسيا وسوريا ترفضان الاتهامات

الحادثة لم تكن بالقرب من موقع مراقبة، بل بالقرب من بليون، أي بعيدا عن أي موقع مراقبة كما قالت المندوبة الأميركية -- المندوب الروسي

رفض المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنيزيا، ما قالته المندوبة الأميركية بشأن ضرب الجنود الأتراك في نقطة مراقبة، وقال: "البارحة وقعت حادثة وهذه الحادثة لم تكن بالقرب من موقع مراقبة، بل بالقرب من بليون، أي بعيدا عن أي موقع مراقبة كما ذكرت المندوبة الأميركية." وأضاف أن وزير الدفاع الروسي أشار إلى أن الإحداثيات التي وصلت إلى الجانب الروسي البارحة لم تشمل المواقع التي أصيب فيها الجنود الأتراك، كما أن الجانب الروسي اتخذ جميع الإجراءات اللازمة لإجلاء المصابين والجرحى. وأضاف أن القوات الجوية الروسية لم تشارك بهجمات بالقرب من بليون في إدلب، معربا عن أسفه لمقتل الجنود الأتراك.

من جانبه قال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري: "بعد عامين من تفاهم أستانا وعام ونصف على اتفاق سوتشي، حوّل النظام التركي نقاط المراقبة الموجودة داخل سوريا التي كان الهدف منها فرض الرقابة على الإرهابيين إلى غرف عمليات ونقاط إسناد ودعم للتنظيمات الإرهابية، وخير دليل على ذلك هو مقتل الجنود الأتراك بعيدا عن نقاط المراقبة. وانطلاقا من واجبه الوطني والدستوري واستنادا إلى قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتنفيذا لتفاهمات أستانا واتفاق سوتشي، قام الجيش السوري وحلفاؤه بإطلاق عملية عسكرية دقيقة تهدف إلى تخليص أهلنا في حلب وإدلب وجوارهما من إجرام التنظيمات الإرهابية وإعادة سلطة الدولة والقانون إلى تلك المناطق التي يسيطر عليها تنظيم جبهة النصرة."