منظور عالمي قصص إنسانية

العقيد عايد الأحمد خلايلة: عمل الشرطة الأممية الإنساني محفوف بالمخاطر، فقدنا زملاء -- وكسبنا ثقة المجتمع

صورة العقيد الأردني عايد الأحمد كبير مستشاري الشرطة في بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا (أنسميل). 11-11-2019
Shirin Yaseen/UN news
صورة العقيد الأردني عايد الأحمد كبير مستشاري الشرطة في بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا (أنسميل). 11-11-2019

العقيد عايد الأحمد خلايلة: عمل الشرطة الأممية الإنساني محفوف بالمخاطر، فقدنا زملاء -- وكسبنا ثقة المجتمع

شؤون الأمم المتحدة

ضباط شرطة الأمم المتحدة، أصحاب القبعات الزرقاء، هم أعضاء فعّالون في شرطة بلدهم الذي ينتدبهم للعمل مع الأمم المتحدة. أحدهم العقيد د. عايد الأحمد خلايلة الذي حلّ ضيفا على مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك خلال أسبوع الاحتفال بشرطة الأمم المتحدةـ ويشغل د. الأحمد منصب كبير مستشاري الشرطة في بعثة دعم ليبيا (أنسميل) ويتمتع بخبرة طويلة في العمل الشرطي.

د. الأحمد خدم في مناطق عديدة مثل البوسنة والهرسك وهايتي والآن هو كبير مستشاري الشرطة في بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا، يحمل شهادة الدكتوراة في الحقوق وبدأ انخراطه في شرطة الأمم المتحدة منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.

أخبار الأمم المتحدة أجرت الحوار التالي مع د. عايد الأحمد خلايلة:

تعمل كشرطي منذ سنوات طويلة، لا بد أنك تحب عملك كثيرا.

لم أكن أرغب في إفشاء هذا السر، أنا أحب عملي كثيرا فقد اخترت العمل الشرطي بصدق لأنه يستهويني منذ الصغر، وبالتالي اخترت دراسة الحقوق بالرغم من قدرتي على دراسة موضوعات أخرى لكنني كنت أحب الشرطة ورغبت بالانضمام إليها منذ نعومة أظافري.

لكن ما الذي جعلك تحب هذه المهنة وترغب فيها منذ الصغر؟

لسان حالي كأي طفل آخر، فقد كنت أحب لعبة "الشرطي واللص" وكنت أتابع أدوار الشرطة على التلفزيون وإلقاء القبض على المجرمين، من هنا نبعت هذه المحبة ورغبت في أن تكون مهنتي عندما أكبر.

كيف استطعت الانخراط في عمل الأمم المتحدة وأنت شرطي في الأردن؟

هذه النقطة تُحسب إلى الأردن وإلى الأمم المتحدة على حدّ سواء. الأمم المتحدة لديها نظام شفاف وعادل في استقطاب الكفاءات. إضافة إلى أن وزارة الداخلية والشرطة الأردنية لديهما الرغبة في المساهمة في عمليات حفظ السلام في العالم وتقديم الخدمات الإنسانية أينما تطلب الأمر، وهما يشجعان على الانضمام إلى هذه المهمات رغم أنهما على دراية بخطورة المشاركات وأنها تؤدي إلى نقص في تقديم الخدمات على المستوى الوطني.

ما هي المسؤوليات الملقاة عليكم كشرطة في الأمم المتحدة؟

معظم بعثات الأمم المتحدة لديها مكوّنات شرطة تختلف مهامها ومسؤولياتها حسب نوع البعثة. بعض البعثات المختصة بحفظ السلام تكون أكبر وتقع على عاتقها مهمّات مراقبة وتسيير الدوريات بشكل يومي وتغطية مناطق الاختصاص والمراقبة والتدريب.

العمل الشرطي يتمتع بخصوصية معينة رغم صعوبته الفريدة من نوعها والتي تؤدي إلى الإدمان على تنفيذ الواجبات

أما البعثات الأخرى مثل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا فهي بعثة سياسية خاصة، ومكوّن الشرطة بها صغير. ومن مهماتنا تقديم الدعم الاستشاري لوزارة الداخلية والشرطة الليبية وتنسيق الجهود الدولية والعمل مع الشركاء وأي دولة أو منظمة ترغب في تقديم الدعم للشرطة الليبية.

كيف تركت الأوضاع في ليبيا؟

بالتأكيد وتحديدا في طرابلس هناك حرب في جنوب طرابلس وقلوبنا مع المواطنين، لديهم مشكلة حتى في التنقل خارج ليبيا لأن المطار تقريبا معطّل بالكامل. الخدمات التي تقدمها البعثة في ليبيا تتأثر بالحالة الأمنية وتؤثر على المنظمات الإنسانية وإيصال الدعم الإنساني لمستحقيه، ونحاول بكل ما في وسعنا، وحتى أكون منصفا نجد تجاوبا من الأطراف المتصارعة: المطلوب هو تقديم دعم إنساني للمحتاجين ويقومون فعلا بالتجاوب. هناك أمثلة كثيرة على القدرة على الوصول لتقديم الخدمات للمحتاجين رغم أن ذلك لا يلبي طموحنا، ونتمنى أن تتمكن مختلف منظمات الأمم المتحدة في ليبيا من تقديم خدماتها بكامل كفاءتها وفعاليتها.

ما مدى خطورة العمل في ليبيا؟

حسب ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا فإن الدعم يجب أن يُقدم لأجهزة الشرطة. وقد كانت الأوضاع قبل شهر نيسان/أبريل تسمح بتقديم الدعم داخل طرابلس ثم إلى مختلف المناطق والمدن الليبية وحاولنا الامتداد إلى خارج طرابلس وتنفيذ عدّة زيارات إلى الشرق سواء على مستوى قيادة البعثة أو مكوّن الشرطة في البعثة. للأسف ما حدث من هجوم على موكب وآليات الأمم المتحدة وإصابة زملائنا فقد خسرنا ثلاثة زملاء في هذا الحادث الأليم. وهناك زميلان ما زالا يخضعان للعلاج إلى الآن. مما ترك أثرا سلبيا على الاستمرار في تقديم الخدمات، سواء في قسم الشرطة أو مكوّنات البعثة أو سائر منظمات الأمم المتحدة الأخرى.

 بعض المعارضين لوجودنا وقدومنا كان يشير لنا بحركات تدل على أنه "ستُقتلون" لكن فهموا بعد ذلك طبيعة عملنا

إن التحديات والخطورة الأمنية في مناطق النزاع تكون دائما وأبدا أكبر من المناطق الآمنة، ونحن نعلم منذ البداية منذ انضمامنا إلى الأمم المتحدة سواء في ليبيا أو غيرها من المناطق الأكثر خطورة وسخونة، ولكن هناك رغبة بتقديم الدعم والمساعدة رغم الخطر.

تنقلت من دولة لأخرى. هل هناك اختلاف في التعامل مع السكان المحليين؟

هناك تدريب نتلقاه كموظفين انضموا إلى أي بعثة ويتلاءم التدريب مع حالة البعثة ومع عادات وتقاليد السكان في منطقة الاختصاص، هذه السياسة متبعة في بعثة الأمم المتحدة في كل المناطق. أحد إيجابيات هذه السياسة أنه تكون لديك فكرة مسبقة عمّا يجب أن تفعله وعمّا يجب أن تتجنبه والتحديات المفروضة والأمور التي يجب تفاديها للحفاظ على خصوصية المجتمع، ولذا رغم اختلاف المناطق التي خدمت بها إلا أننا تمكنا من الانخراط مع تلك المجتمعات وكنّا قريبين جدا منها.

هل هناك من ينظر إليكم وكأنكم أجانب غير مرغوب بوجودكم؟

في ليبيا لا نرتدي الزيّ الرسمي، لكن في المهمّات السابقة بالتأكيد كنا نرتدي الخوذات الزرق. وشعار الأمم المتحدة يساعدنا على القيام بواجباتنا وتقديم الخدمات، ونحن محايدون وليس لدينا أي توجهات أو انتماءات ولكننا نطبق قرارات دولية، ونستمد ولايتنا من المجتمع الدولي ومن الدول الأعضاء. فالأمم المتحدة في نهاية المطاف مكونة من الدول الأعضاء ومجلس الأمن الذي يمنحنا الولاية وهي تعكس رغبة المجتمع الدولي، وبالتالي نحن ننفذ رغبة المجتمع الدولي وليس رغبة دولة واحدة.

الأمم المتحدة لديها نظام شفاف وعادل في استقطاب الكفاءات إضافة إلى أن وزارة الداخلية والشرطة الأردنية لديهم الرغبة في المساهمة في عمليات حفظ السلام

ولذلك فإن شعار الأمم المتحدة والخوذات الزرقاء التي نرتديها تعطينا المصداقية ونحن نختلف عن الدعم الذي يقدم من بعض الدول، لكن في المقابل هناك فئات معينة وجهل في المجتمعات لا يزال ينظر إلى كل دعم أجنبي يقدم أو كل وجود أجنبي على أراضيهم أنه نوع من الاحتلال والاستغلال والتدخل في الشؤون الداخلية.

في هايتي مثلا، عندما نزلنا من الطائرة وركبنا الحافلات إلى مقرّنا، كان بعض المعارضين لوجودنا وقدومنا. كان يشير لنا بحركات تدل على أنه "ستُقتلون" لكن فهموا بعد ذلك طبيعة عملنا وشاهدوا التقدم الذي حدث، وأنا هنا أتحدث عن أول مهمة حفظ سلام للأمم المتحدة في هايتي، ثم أنشأنا علاقات جيدة معهم وكانت لدينا ذكريات جميلة مع أبناء المجتمع.

ما النصائح التي تقدمها لمن يرغب بأن يلتحق بالشرطة وتحديدا شرطة الأمم المتحدة؟

العمل في الأمم المتحدة عمل إنساني بحت وفريد من نوعه. وأنا أشجع الآخرين على السعي إلى العمل في الأمم المتحدة، وقد عملت في الشرطة الأردنية وهو محل فخر واعتزاز. وأنا أشجع زملائي ومن يسمعنا في المؤسسات الدولية أو لا يزال على الطريق للعمل في الشرطة أن ينضم إلى الأمم المتحدة لأنه عمل فريد من نوعه.

شعار الأمم المتحدة والخوذات الزرقاء التي نرتديها تعطينا المصداقية

كل من دخل الشرطة يعلم أن العمل الشرطي يتمتع بخصوصية معينة وله متعة معينة رغم صعوبته الفريدة من نوعها والتي تؤدي إلى الإدمان على تنفيذ الواجبات. ولكن يجب أن تكون على دراية أن ذلك ينعكس على شخصيتك وقد ينعكس على حياتك الخاصة أيضا.

 

الحوار الكامل مع د. عايد الأحمد في الملف الصوتي التالي:

Soundcloud