منظور عالمي قصص إنسانية

"الرقص والصحة والعافية": منظمة الصحة العالمية تدرس العلاقة بين الفنون وصحة الإنسان

رقصة هندية في مناسبة لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان
UN Photo/JC McIlwaine
رقصة هندية في مناسبة لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان

"الرقص والصحة والعافية": منظمة الصحة العالمية تدرس العلاقة بين الفنون وصحة الإنسان

الصحة

يمكن لممارسة الفنون أن تكون ذات "فائدة خاصة للصحة العقلية والبدنية للإنسان"؛ هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لأوروبا بعد بحث نتائج ما يفوق الـ 900 مطبوعة عالمية. 

المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأوروبا، الدكتور بيروسكا أوستلين يقول في معرض تقديمه للتقرير الأممي الجديد إن إدخال الفن في حياة الناس، عبر أنشطة تشمل الرقص والغناء وزيارة المتاحف وحضور الحفلات الموسيقية "يوفر بعدا إضافيا لكيفية تحسين الصحة البدنية والعقلية".

ويوضح الدكتور بيروسكا أوستلين أن الأمثلة المذكورة في هذا التقرير الأول من نوعه من المنظمة تسلط الضوء على "الطرق التي تمكِّن الفنون من مواجهة التحديات الصحية "الشريرة" أو المعقدة مثل السكري والسمنة والمرض العقلي." ويشرح الدكتور أوستلين أن هذه الأمثلة تنظر إلى مسألة "الصحة والعافية في سياق مجتمعي أكثر اتساعا" وتقدم حلولا لمشاكل صحية لم تنجح الممارسة الطبية التقليدية في معالجتها بشكل فعال حتى الآن، حسب قوله.

ويستعرض التقرير الذي أطلق اليوم الإثنين في فنلندا أنواع "الأنشطة الفنية" التي تسعى إلى تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض، فضلا عن إدارة وعلاج الصحة البدنية والعقلية ودعم الرعاية في مراحل العمر المتقدمة. 

الفنون والصحة مدى الحياة

من قبل الولادة وحتى نهاية الحياة، يمكن للفنون أن تؤثر إيجابيا على صحة الإنسان، حسب تقرير جديد للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا.  فالأطفال الصغار الذين يقرأ لهم والداهم قصص ما قبل النوم "ينعمون بنوم أطول أثناء الليل ويتحسن تركيزهم في المدرسة" صباحا. كما يمكن للتعلُّم المستند على المسرح والدراما، بين زملاء الدرس، أن يدعم قدرة شباب المدن والحضر اليافعين على "اتخاذ القرارات بطريقة مسؤولة وتعزيز عافيتهم الصحية وتقليل تعرضهم للعنف". وفي مراحل أخرى متأخرة من العمر، يمكن للموسيقى أن تدعم ملكة الإدراك لدى المصابين بالخرف – إذ توصل التقرير إلى أن "ممارسة الغناء تحديدا تحسِّن قدرات الانتباه" وتدعم الذاكرة "التسلسلية" والقدرات التنفيذية لدى الناس.

فنون في الرعاية الصحية

في بيئات الرعاية الصحية، مثل المستشفيات والعيادات، يمكن استخدام الأنشطة الفنية لإكمال أو تعزيز برامج العلاج. فمثلا:

  • تم التوصل إلى أن الاستماع إلى الموسيقى أو ممارسة الفن تخفف من الآثار الجانبية لعلاجات السرطان، بما في ذلك النعاس وقلة الشهية وضيق التنفس والغثيان؛

  • الأنشطة الفنية في ظروف الطوارئ، بما في ذلك أنشطة الموسيقى والحرف اليدوية وعروض المهرج، تقلل القلق والألم وضغط الدم، خاصة لدى الأطفال، ولدى الوالدين أيضا.

  • تم التوصل، مرارا وتكرارا، إلى أن الرقص تحديدا يقدم تحسينات صحية واضحة في نتائج القدرة الحركية لدى المصابين بمرض باركنسون.

  • ويسلط التقرير الضوء على أن بعض "التدخلات الفنية" لا تسفر فقط عن نتائج جيدة، بل يمكنها أن تكون أيضا "أقل تكلفة مقارنة بالعلاجات الطبية الحيوية المتعارف عليها." فبإمكانها أن تحتوي على العديد من العوامل المعززة للصحة في آن واحد (مثل الرياضة البدنية ودعم الصحة العقلية) كما أن تأثيراتها السلبية منخفضة للغاية. ولأن التدخلات الفنية هذه يمكن تصميمها بما يتناسب وخلفيات المرضى الثقافية المختلفة، لتكون قادرة أيضا على توفير سبل لإشراك الأقليات أو المجموعات التي يصعب الوصول إليها.

توصيات لصانعي السياسات الصحية

وتبحث العديد من البلدان الآن في تضمين وتبني "برامج الأنشطة الفنية والوصفات الاجتماعية" حيث يمكن لأطباء الرعاية الأولية أن يوجهوا مرضاهم نحو الانخراط في أنشطة فنية، على ضوء الفوائد التي يستعرضها التقرير الأممي الجديد.

وقد قدم التقرير عدة ملاحظات توجيهية لصانعي القرار في السياسات العامة في القطاع الصحي وخارجه، لوضعها في الاعتبار، من بينها ضمان توافر وإتاحة برامج الفنون من أجل الصحة داخل المجتمعات المحلية ودعم المنظمات الفنية والثقافية في جعل الصحة والرفاه جزءا من عملها. كما تتضمن تعزيز الوعي العام بالفوائد الصحية لتضمين الفنون، وإدراج أنشطتها في تدريب العاملين في الرعاية الصحية. كما ينصح التقرير بالاستثمار في مزيد من البحوث، لا سيما في توسيع نطاق استخدام الفنون في التدخلات الصحية، وتقييم تنفيذها.

 

وقد اعتمد التقرير في استعراضه للفوائد الصحية للفنون، سواء بالمشاركة النشطة أو المتلقية، على خمس فئات عريضة للفنون: فنون الأداء (الموسيقى والرقص والغناء والمسرح والفيلم) والفنون البصرية (الحرف والتصميم والرسم والتصوير)؛ فنون الأدب (الكتابة والقراءة وحضور المهرجانات الأدبية) والثقافة (زيارة المتاحف والمعارض وحضور الحفلات الموسيقية والمسرح) والفنون عبر الإنترنت (مثل الرسوم المتحركة والفنون الرقمية وغيرها).