منظور عالمي قصص إنسانية

المرأة السودانية وقضايا ما بعد الثورة: حوار مع الناشطتين آلاء صلاح وصفاء العاقب

نائبة الأمين العام تلتقي وفد النساء السودانيات المشاركات في اجتماعات الأمم المتحدة في إطار الاستعداد للاحتفال بالذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن 1325
UN Photo/Mark Garten
نائبة الأمين العام تلتقي وفد النساء السودانيات المشاركات في اجتماعات الأمم المتحدة في إطار الاستعداد للاحتفال بالذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن 1325

المرأة السودانية وقضايا ما بعد الثورة: حوار مع الناشطتين آلاء صلاح وصفاء العاقب

المرأة

في إطار الاستعداد للاحتفال بالذكرى العشرين لقرار مجلس الأمن 1325، وفي مسعى لتحقيق الانتقال من إعلان دول العالم التزامها بأجندة المرأة والسلم والأمن إلى مرحلة تحقيق وتنفيذ هذه الالتزامات على أرض الواقع، استضاف مقر الأمم المتحدة في نيويورك عددا من الفعاليات من بينها جلسة لمجلس الأمن حول "المرأة والسلام والأمن."

وقد شارك في هذه الفعاليات وفد سوداني مكون من أربع ناشطات يمثلن عددا من منظمات المجتمع المدني السوداني، هن سماح جاموس، صفاء العاقب، هدى شفيق، وآلاء صلاح، التي يسميها البعض بـ "رمز الثورة السودانية."

وشملت الفعاليات التي شارك فيها الوفد السوداني تقديم إحاطة إلى مجلس الأمن على لسان الناشطة آلاء صلاح، إضافة إلى لقاءات مع عدد من المسؤولين الأميين من بينهم نائبة الأمين العام للأمم المتحدة السيدة أمينة محمد.

أخبار الأمم المتحدة أجرت حوار مطولا مع اثنتين من هؤلاء الناشطات هما صفاء العاقب وآلاء صلاح تحدثتا من خلاله عن وضع وهموم النساء السودانيات ومشاركتهن السياسية في أعقاب الثورة السودانية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير.

آلاء صلاح وصفاء العاقب، ناشطتان سودانيتان شاركتا في اجتماعات مع مسؤولين أمميين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
UN News/ Abdelmonem Makki
آلاء صلاح وصفاء العاقب، ناشطتان سودانيتان شاركتا في اجتماعات مع مسؤولين أمميين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

 

صفاء العاقب: التعليم أتاح لي الفرصة لأكون صوتا للنساء وخاصة المتأثرات بالحروب

صفاء العاقب آدم أيوب، هي ناشطة في مجال النوع الاجتماعي وتعمل حاليا سكرتيرة عامة لجمعية تنمية المجتمع إضافة إلى عضويتها في مجموعة العمل لمشاركة المرأة في عملية السلام. وقد ترأست فريق النوع في محادثات سلام دارفور والتي عقدت في العاصمة النيجيرية، أبوجا في 2005.

تقول صفاء، وهي من منطقة الجنينة في غرب دارفور، إن التعليم مكّنها من أن تكون صوتا للنساء الضعيفات:

"أنا واحدة من النساء المحظوظات لأنني تعلمت وحظيت بالدراسة في كلية الاقتصاد في جامعة الخرطوم، وهذا مكنني من أن أكون ناشطة وصوتا للنساء في منطقتي، سواء كان ذلك في دارفور أو في المناطق الريفية أو تلك التي تعاني من الحروب."

الناشطة السودانية، صفاء العاقب: التعليم أتاح لي الفرصة لأكون صوتا للنساء وخاصة المتأثرات بالحروب

 

المرأة في مناطق النزاعات في دارفور

تقول صفاء العاقب إن أزمة النساء السودانيات في دارفور بدأت منذ الثمانينيات:

"قبل الحرب، مرّت دارفور بكارثة إنسانية منذ الثمانينيات، جعلت الكثير من سكان المجتمعات الدارفورية نازحين ولاجئين بسبب السياسات الاقتصادية والسياسات غير الرشيدة من الحكومات السابقة. كانت هناك معسكرات للنازحين في الخرطوم، وهو ما أسفر عن ظهور طبقة النساء بائعات الأطعمة والمشروبات. نساء قهرتهن الظروف البيئية."

 

الناشطة صفاء أيوب خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة.
UN News/ Hafiz Kheir
الناشطة صفاء أيوب خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة.

وأضافت الناشطة صفاء أن معاناة النساء الدارفوريات زادت بعد اندلاع الحرب في    في الإقليم في عام 2003، قائلة إن النساء وخاصة نساء الريف، هن أكثر القطاعات تضررا من هذه الحرب، حيث أصبحن ضحايا وصرن نازحات ولاجئات بعد أن كن منتجات وكن يمثلن العمود الفقري للزراعة والإنتاج، مشيرة إلى أن عملها في المجال الإنساني من خلال منظمتي أوكسفام وإنقاذ الطفولة أتاح لها الاطلاع عن قرب على معاناة النساء في دارفور.

ولفتت صفاء الانتباه إلى أنه في دارفور يوجد 171 معسكرا للنزوح، غالبية سكانها من النساء والأطفال، مشيرة إلى قضايا عديدة منها عمالة أطفال وعدم تمكن العديد من النساء في العودة إلى قراهن.

المرأة لابد أن تكون شريكا للرجل في مسألة بناء السلام

وشددت صفاء على ضرورة أن تكون النساء شريكات للرجال في مسألة بناء السلام، قائلة إنه من غير المعقول أن يذهب الرجال إلى مفاوضات السلام بينما تظل النساء قابعات في المنازل. وأضافت أن هذا الأمر هو ما دعاهن إلى تكوين منبر نساء دارفور للسلام بهدف المشاركة في مفاوضات السلام في أبوجا والدوحة، مشيرة إلى أن المنبر تبنى عددا من القضايا التي تهم النساء، مثل حماية النساء في معسكرات النزوح، وقضايا سيادة القانون، وإعادة الإعمار فضلا عن منع تجنيد الشباب ليكونوا وقودا للحرب. 

وشددت صفاء على أن المشاركة السياسية للنساء هي حق وليست منحة، داعية الحكومة إلى تحويل الإرادة السياسية التي أبدتها إلى أفعال تتمثل في السلام وعودة آمنة للنازحين واللاجئين في دارفور. مضيفة أن أي سلام غير شامل لن يسهم في بناء سودان متصالح.

Soundcloud

 

آلاء صلاح: الثورة السودانية جعلت قضايا الوطن جزءا من حياتنا

وقالت آلاء صلاح، الناشطة الشابة، التي مثلت صورها في الصحافة العالمية ومنصات التواصل رمزا لمشاركة الشباب والفتيات في الحراك السلمي الذي قام بتغيير النظام السياسي في بلادها إن الثورة وحدت السودانيين خلف مطالبهم وأضافت:

"الأوضاع في السودان وخاصة الأحداث التي تلت الثورة جعلت كل الناس مشغولة بقضايا الوطن وصارت السياسة جزءا لا يتجزأ من حياتنا. خرجنا إلى الشوارع وهتفنا ورددنا شعارات الثورة: حرية سلام وعدالة.. كنا واعيين ومؤمنين بقضيتنا ومطالبنا وأهدافنا وكان لابد  من أن تتحقق إرادة الشعب في نهاية المطاف."

 

الناشطة آلاء صلاح خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة
UN News/ Hafiz Kheir
الناشطة آلاء صلاح خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة

 

وأوضحت آلاء صلاح أن نضالات المرأة السودانية في سبيل المطالبة بحقوقها ليست أمرا جديدا، مشيرة إلى أن الحركة النسوية السودانية بدأت في العام 1946. وأضاف أن الثلاثين سنة الماضية شهدت قمعا لصوت المرأة وهضما لحقوقها، قائلة إن كل القوانين التي مارسها النظام السابق كانت تحد من حرية المرأة وقدرتها على أن تكون فعالة في مجتمعها.

وكانت آلاء صلاح قد دعت أعضاء المجلس إلى "الضغط على الحكومة الانتقالية وقوى إعلان الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح لدعم المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للنساء".

وأشارت آلاء إلى أن تلك الورقة كانت شاملة واستطاعت عكس وإيصال صوت المرأة في كل بقاع السودان.

آلاء صلاح: الثورة السودانية جعلت قضايا الوطن جزءا من حياتنا

 

معركتنا من أجل الخبز هي معركة من أجل حريتنا

 وقالت الناشطة الشابة إن العمل السياسي لم يكن جزءا من نشأتها داخل أسرة عادية من الطبقة المتوسطة. غير أن مشاهدتها لما يعانيه نصف سكان السودان ممن يعيشون في فقر، دفعت الكثير من الشباب والشابات إلى الانخراط في القضايا السياسية  حيث "أصبحت معركتنا من أجل الخبز هي معركة من أجل حريتنا.".

وأكدت الشابة الناشطة آلاء أن قصتها هي قصص الآلاف من الرجال والنساء السودانيين الذين خاطروا بحياتهم وسبل عيشهم للمطالبة بإنهاء الديكتاتورية. وقالت إن رحلتها التي قادتها إلى التحدث أمام مجلس الأمن قد "مهدت لها مجموعة كبيرة من النساء السودانيات اللواتي ناضلن من أجل السلام والعدالة في مجتمعاتنا لعدة عقود"؛ وأضافت "من دونهن لن أكون هنا" في مجلس الأمن الدولي.

وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في التوعية بقضايا النساء

وتحدثت آلاء صلاح عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في التوعية بقضايا النساء السودانيات، مشيرة إلى إطلاق حملة عبر تلك الوسائل أطلق عليها "حملة 50%" بهدف دعم تمثيل النساء بنسبة 50% في الحكومة وخاصة الفترة الانتقالية. وقالت إن الحملة وجدت تجاوبا وتأييدا كبيرين من قطاعات واسعة من الناس.

 

الناشطتان آلاء صلاح و صفاء أيوب خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة.
UN News/ Hafiz Kheir
الناشطتان آلاء صلاح و صفاء أيوب خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة.