منظور عالمي قصص إنسانية

أكثر من 90% من المهاجرين الأفارقة "سيكررون رحلة الهجرة إلى أوروبا، رغم المخاطر" 

 مهاجران يافعان من غامبيا  (غير مصحوبين يأحد الوالدين) يلقيان نظرة على الخريطة بعد عبورهما إلى إيطاليا في عام 2016. (ملف)
© UNICEF/Ashley Gilbertson
مهاجران يافعان من غامبيا (غير مصحوبين يأحد الوالدين) يلقيان نظرة على الخريطة بعد عبورهما إلى إيطاليا في عام 2016. (ملف)

أكثر من 90% من المهاجرين الأفارقة "سيكررون رحلة الهجرة إلى أوروبا، رغم المخاطر" 

المهاجرون واللاجئون

أظهرت دراسة جديدة للأمم المتحدة نشرت يوم الاثنين أن 93% من الأفارقة ممن يسافرون إلى الدول الأوروبية عبر طرق غير نظامية، سيفعلون ذلك مرة أخرى ، رغم المخاطر المهددة لحياتهم التي يواجهونها في كثير من الأحيان.

ويهدف تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان "القفز على الأسوار: أصوات المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين إلى أوروبا" لفهم الأسباب التي تجعل الأفراد من هذه الفئة يضعون أنفسهم في أيدي مهربي البشر، ويعرضونها لمخاطر أخرى في سبيل عبور الحدود ، ليتخذوا قرار مغادرة أوطانهم خارج إجراءات الهجرة الرسمية في المقام الأول. 

التقرير الذي أجرى مقابلات مع 1970 مهاجرا من 39 دولة إفريقية في 13 دولة أوروبية، أعلن جميعهم أنهم وصلوا إلى أوروبا (عبر وسائل غير قانونية وليس لأسباب متعلقة باللجوء أو الحماية) توصل إلى بعض الاستنتاجات غير المتوقعة.

أغلب المهاجرين كانت لديهم وظائف مستقرة وتعليم أفضل

وتوصل التقرير إلى أن الحصول على وظيفة لم يكن الدافع الوحيد للهجرة بالنسبة لهؤلاء، إذ  إن المهاجرين غير الشرعيين ليسوا جميعهم "فقراء" في إفريقيا، ولم تكن مستويات تعليمهم متدنية. فحوالي 58% منهم كانوا يعملون في وظائف أو كانوا يتلقون تعليمهم في المدارس قبل مغادرتهم أوطانهم، وكان معظم العاملين منهم يحصلون على "أجورا تنافسية".

غير أن حوالي نصف العاملين قالوا أيضا إنهم لم يكونوا يكسبون أجورا كافية. في الواقع، بالنسبة للثلث ممن تمت مقابلتهم، لم يكن حصولهم أو احتمال حصولهم على أجور مجزية في بلدانهم الأصلية، ليمنعهم من  القيام برحلة الهجرة. ويوضح التقرير أن كل من تم استطلاعهم قد قضوا ثلاث سنوات على الأقل في التعليم، أكثر من أقرانهم.

وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر إن "تقرير القفز على الأسوار يسلط الضوء على أن الهجرة هي انعكاس لحالة تقدم التنمية في كل أنحاء أفريقيا، وإن كان ذلك التقدم غير متكافئ وليس بالسرعة الكافية لتلبية تطلعات الناس". وأضاف مدير البرنامج أن الدراسة تبرز عاملين هما "العوائق التي تحول دون الوصول إلى الفرص، و"انعدام الخيارات"، باعتبارهما العاملان الحاسمان في حسابات هؤلاء الشباب" وقراراتهم. 

وأكد مدير الوكالة الأممية أنه "ومن خلال تسليط الضوء على ما يدفع الناس إلى الهجرة عبر القنوات غير النظامية وما يمرون به في ذلك، تساهم دراسة القفز على الأسوار هذه في مناقشة شديدة الأهمية حول دور حركة البشر في تعزيز التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة وأفضل الأساليب لحكمها".

 قارب يحمل لاجئين ومهاجرين من جميع أنحاء إفريقيا ينتظرون انقاذهم بواسطة سفينة مراقبة بحرية في ليبيا.
© UNHCR/Hereward Holland
قارب يحمل لاجئين ومهاجرين من جميع أنحاء إفريقيا ينتظرون انقاذهم بواسطة سفينة مراقبة بحرية في ليبيا.

ما يقوله المهاجرون:

إليكم هنا بعض المقتطفات حول ما قاله بعض المهاجرين في مقابلاتهم مع باحثي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقد حجبنا أسماءهم الأخيرة للمساعدة في حماية هوياتهم.

"إذا كان لديك أسرة، فعليك أن تضمن حصولهم على الطعام والمأوى والدواء والتعليم. وأنا لدي ابنة صغيرة، وقد يتساءل الناس عن أي نوع من الآباء يسافر ويترك زوجته وابنته الرضيعة. ولكن أي أبٍّ سأكونه إذا بقيت معهم ولم أستطع توفير الحياة الكريمة لهم؟ " يريما

"إن أي فكرة لمحاولة تقليل حجم الهجرة تكون في النظر إلى أسبابها، وهي تلك السياسات الحاكمة التي تحاصر الناس بالفقر، والتي لا تتقوم بتطوير أي شيء، فالمدارس التي لا وجود لها، وفشل في الصحة، والفساد والقمع. وكل هذا يدفع الناس إلى الهجرة " - سيرج

"في غضون خمس سنوات ، أرى نفسي وقد عدت إلى وطني الأم. خمس سنوات جيدة، لا يرى أفراد عائلتي بعضهم البعض، ثم في يوم ما آت سنلتقي بعضنا البعض. وعندما أعود إلى وطني، لا أعتقد أنني سأعود" إلى المهجر مرة أخرى" - ماهامادو

"كان الأمر كله لأجل أن أكسب المال. تفكيري في أمي وأبي، وأختي الكبرى، وأختي الصغرى وعن مساعدتي لهم، كان هو السبب الضاغط، والهجرة إلى أوروبا. "- دريسا

"شعور بالعار" يبقي المهاجرين الأفارقة في أوروبا

وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن الشعور بالعار أو الخجل من "فشلهم في مهمتهم" – أي إرسال ما يكفي من المال إلى أسرهم في بلادهم – برز أيضا كعامل رئيسي يتسبب في بقاء المهاجرين في أوروبا ليواصلوا عملهم هناك.

وحسب الدراسة، كان حوالي 53% قد حصلوا على دعم مادي من أسرهم أو أصدقائهم من أجل القيام برحلة الهجرة، ويقوم حوالي 78% من هؤلاء بإرسال الأموال فور وصولهم إلى أوروبا. 

كما يشير التقرير إلى اختلافات أساسية بين الرجال والنساء من حيث تجربة الهجرة، ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الفجوة في الأجور بين الجنسين التي تكون لصالح الرجال في إفريقيا "تنعكس بشكل كبير في أوروبا، حيث تكسب النساء 11% أكثر، مقارنةً بحصولهن على دخل أقل بنسبة 26% في أفريقيا".

وتوضح الدراسة التي أجراها البرنامج أن نسبة أعلى من النساء يرسلن الأموال إلى أسرهن في أفريقيا، حتى لو لم يكن يحصلن على دخل كاف. ولكن عندما يتعلق الأمر بالجريمة، فإن النساء يعانين أكثر  من تعرضهن للجرائم مقارنة بالرجال، ويواجهن حالات اعتداء جنسي أعلى بكثير.

لابد من توسيع الفرص والخيارات المتاحة في أوطان المهاجرين 

ويصف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دراسته "القفز على الأسوار" على أنها "دعوة صريحة لمواصلة توسيع الفرص والخيارات في أفريقيا مع تعزيز فرص الانتقال من الهجرة" غير الخاضعة للنظم "إلى" الخاضعة للنظم "، بما يتماشى مع الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والهجرة العادية."

التقرير هو الثاني في سلسلة تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التي توثق رحلات الشباب الأفارقة، حيث استكشف التقرير الأول ما الذي يدفع البعض إلى أحضان التطرف العنيف.