منظور عالمي قصص إنسانية

تصحيح الخطأ من خلال دعم آلاف الناجين من الاعتداءات الجنسية في إعادة بناء حياتهم بفضل صندوق أممي

إحدى ضحايا الاغتصاب في جنوب السودان تروي محنتها في مكان لم يكشف عنه بالقرب من بلدة بانتيو. (ديسمبر 2018)
UNMISS/Isaac Billy
إحدى ضحايا الاغتصاب في جنوب السودان تروي محنتها في مكان لم يكشف عنه بالقرب من بلدة بانتيو. (ديسمبر 2018)

تصحيح الخطأ من خلال دعم آلاف الناجين من الاعتداءات الجنسية في إعادة بناء حياتهم بفضل صندوق أممي

حقوق الإنسان

حصل حوالي 3,340 من النساء والأطفال والرجال، الكثيرون منهم من الضحايا، على الدعم للتعافي من آفة الاستغلال والاعتداء الجنسيين التي نتجت عن أفعال بعض موظفي الأمم المتحدة أو المساعدة على وضع حد لها، وذلك بفضل الصندوق الاستئماني الذي أنشئ عام 2016 . واليوم الجمعة، عقد اجتماع في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، لتسليط الضوء على التقدم المحرز والتأثير المحقق خلال عامين، وجمع تعهدات جديدة من الدول الأعضاء.

وفي افتتاح الجلسة قالت جين بيغل، وكيلة الأمين العام لشؤون الإدارة "على مر السنين، خلال رحلاتي، طاردني العديد من المقابلات مع النساء والفتيات، الرجال والفتيان الذين ترك العنف الجنسي ندوبا عليهم، وتعرضوا للوصم أحيانا من قبل مجتمعاتهم المحلية"، مضيفة أن "الشجاعة والمرونة اللتين أبدياهما المتضررون لإعادة بناء حياتهم، ألهمتها".

وأكدت أن "الأمم المتحدة تتحمل مسؤولية فريدة في وضع معيار عالمي لمنع هذا الانتهاك والاستجابة له والقضاء عليه ومعالجة آثاره".

وفي الربع الأول من عام 2019، وفقا لآخر الأرقام الصادرة في الثلاثين من أيار/مايو، سجلت الأمم المتحدة ما مجموعه 37 ادعاء بالاستغلال والاعتداء الجنسيين (SEA) ضد موظفين بالأمم المتحدة، بمن فيهم مدنيون ومن يرتدون الزي الرسمي بعمليات حفظ السلام والوكالات والصناديق والبرامج. حتى الآن، لا تزال معظم هذه الادعاءات قيد التحقيق.

صندوق لإعادة بناء الكرامة

ويعد الصندوق الاستئماني لدعم ضحايا الاستغلال الجنسي والاعتداء الجنسي واحدا من العديد من المبادرات التي وضعتها الأمم المتحدة على مدار السنوات الماضية للتصدي لآفة الاستغلال الجنسي وإساءة معاملة الضعفاء داخل منظومة الأمم المتحدة. والغرض من الصندوق هو تمويل مساعدة الناجين والأطفال المولودين نتيجة الاستغلال والاعتداء الجنسيين من قبل موظفي الأمم المتحدة.

ومنذ عام 2016، ساعد المال الذي توفر للصندوق - مليونا دولار أمريكي - في تنفيذ العديد من مشاريع التمكين المدرة للدخل.

حتى الآن، تم جمع معظم الأموال من خلال مساهمات تقدمت بها 19 دولة، ولكن أيضا من خلال مدفوعات محتجزة من الأفراد الذين أُثبتت ادعاءات الاستغلال الجنسي والاعتداء الجنسي ضدهم، وقدرها 400,000 دولار أمريكي.

يوجد حاليا ستة مشاريع سارية:

- ثلاثة في جمهورية الكونغو الديمقراطية قدما الدعم لكسب الرزق وساعدا في تعزيز شبكات الشكاوى المجتمعية.

- اثنان في جمهورية إفريقيا الوسطى سيقدمان الدعم والمساعدة القانونية للضحايا خلال العامين المقبلين.

- واحد في ليبيريا.

وأوضحت وكيلة الأمين العام أنه "قد تم تقديم مقترحات إضافية وهي قيد المراجعة، ويجري تطويرها لتوفير مساعدة ودعم إضافيين في جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى".

وقد استفاد حوالي 3340 شخصا من المشاريع المنفذة حتى الآن.

وأشارت بيغل إلى ثلاثة دروس رئيسية مستفادة من أول عامين من عمليات الصندوق، وهي: أهمية اتباع نهج يركز على الضحايا؛ أهمية المساهمات المالية المرنة وغير المخصصة وغير المحددة زمنيا من الدول الأعضاء؛ وأهمية دمج المشروعات في البرامج الحالية، بدلا من المبادرات التي تقام لمرة واحدة.

معالجة الفجوات

من ناحيتها أوضحت جين كونورز، مناصرة حقوق الضحايا، أن "الاستغلال والاعتداء الجنسيين من قبل موظفي الأمم المتحدة هما خطأ على نطاق المنظومة". وأكدت أنه "حتى الآن، دعم الصندوق مشاريع في سياقات حفظ السلام أو البعثات الأممية، لكنه مورد يجب أن يتاح الوصول إليه على نطاق واسع عبر نظام الأمم المتحدة وأن تستفيد منه الضحايا خارج سياق البعثات".

ويقوم مكتب المناصرة حاليا بإجراء مسح تجريبي للخدمات الخاصة بالضحايا، بما في ذلك الدعم القانوني والطبي والسلامة والمأوى ودعم سبل العيش المتاحة في ثمانية بلدان، ويتم توسيع هذا العمل ليشمل بلدانا أخرى.

" نحدد الثغرات والتشابكات والدروس المستفادة وأفضل الممارسات للحصول على معلومات أساسية حتى نوجه الموارد نحو تحسين هذه الخدمات"، قالت كونورز، داعية الدول الأعضاء إلى "رعاية وتنمية" الصندوق.

مكافحة الاستغلال والاعتداء الجنسيين في الأمم المتحدة من جميع الزوايا

تركز استراتيجية الأمين العام التي تم إطلاقها في عام 2017 أولا على معالجة هذه القضية داخل منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك حفظة السلام، بالإضافة إلى أولئك المكلفين من قبل الأمم المتحدة بتنفيذ برامج معينة. ويغطي ذلك أكثر من 90,000 فرد في أكثر من 30 كيانا بالإضافة إلى أكثر من 100,000 من الأفراد النظاميين(ممن يرتدون الزي الرسمي).

وأوضح نائب رئيس الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، ميروسلاف ينتشا، الذي حضر أيضا اجتماع الجمعة، أن الأمم المتحدة تحارب الاستغلال والاعتداء الجنسي من خلال ثلاث زوايا:

  • - الوقاية، مع التدريب الإلزامي قبل نشر جميع الأفراد النظاميين، على سبيل المثال.
  • - الإنفاذ، من خلال آليات الشكاوى والتحقيقات والعمليات التأديبية لضمان المساءلة الكاملة.
  • - الإجراءات العلاجية، بما في ذلك دعم الضحايا.

ولمعالجة الزاوية الثالثة والأخيرة، أكد السيد ينتشا، أن الصندوق الاستئماني يعد أداة رئيسية لقيادة هذا الجهد والوقوف إلى جانب الضحايا والأطفال المولودين نتيجة الاستغلال والاعتداء الجنسي، وشكر جميع الدول الأعضاء على دعمها للصندوق وإعطاء صوت للضحايا وتمكينهم ومجتمعاتهم.

وأكد ممثلون من أكثر من عشرة بلدان دعمهم لآلية تعبئة الموارد والمشاريع التي نتجت عنها. كما وعد آخرون بتمويل إضافي قريبا.