منظور عالمي قصص إنسانية

فرنسا تدعو إلى حد أدنى للأجور في أوروبا، وألمانيا وروسيا تحذران من ظلم عالمي

سيدة تعمل في مكتبها بشركة تصدير.
World Bank/Arne Hoel
سيدة تعمل في مكتبها بشركة تصدير.

فرنسا تدعو إلى حد أدنى للأجور في أوروبا، وألمانيا وروسيا تحذران من ظلم عالمي

التنمية الاقتصادية

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تغيير أساسي في عالم العمل، بما في ذلك الحد الأدنى للأجور على مستوى الاتحاد الأوروبي، مشددا على ضرورة معالجة الفجوة المتزايدة بين من يملكون المصادر والثروات في المجتمع ومن لا يملكون. 

في خطاب مدته 45 دقيقة أمام مؤتمر منظمة العمل الدولية في جنيف، أكد ماكرون أن تراكم الثروة في أيدي قلة قليلة جراء العولمة قد خلق "قانون الغاب"، حسب تعبيره، مما فتح الباب أمام تنامي الأفكار القومية المضرة وكره الأجانب وخيبة الأمل من الديمقراطية. 

وقال الرئيس الفرنسي: "اقتصاد السوق الذي نعيش فيه أقل اشتراكية بكثير مما أردنا في نهاية الحرب العالمية الثانية ... إنه يؤدي إلى تراكم أكبر للدخل وهيمنة الشركات. وهذه أزمة قد تبدو أقل حدة لأن الضحايا ليس لديهم صوت عال، فهم مشتتون وليسوا موحدين، ولم نشهد بعد حربا نتيجة لذلك، لكن الأزمة موجودة". 

مؤكدا أن العالم يواجه "أزمة عميقة" تعادل مستوى عدم اليقين في أعقاب الحربين العالميتين عامي 1919 و1944، حذر الرئيس الفرنسي من أنه في مثل هذه الحالات، بدت النظم الاستبدادية وأنها تقدم حلولا سهلة، مثل بناء الجدران لحماية شعوبها من انتشار الرأسمالية وإنهاء التعاون بين الدول. 

ودفاعا عن التضامن الدولي ومكافحة عدم المساواة، دعا السيد ماكرون إلى إنشاء حد أدنى للأجور في الاتحاد الأوروبي. وحذر من أن عدم القيام بذلك من شأنه أن يدفع العمال في عدد أكبر من دول الاتحاد إلى المغادرة بأعداد كبيرة للعمل في مكان آخر من بلدان الاتحاد التي يوجد بها حد أدنى مضمون للأجور، مثل فرنسا وألمانيا. 

وبالإشارة إلى نجاح هذا الترتيب الاقتصادي في فرنسا، الذي كان جيدا مقارنة بالبلدان التي جاء منها العمال، قال ماكرون "لم نبن أوروبا من أجل ذلك". 

ألمانيا: العمل ليس سلعة والفقر يهدد الرخاء في كل مكان

من جهتها، أثنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على قيم منظمة العمل الدولية التي تؤكد على أن دور الاقتصاد هو خدمة الشعوب وليس العكس. 

وبينما هنأت المستشارة الألمانية منظمةَ العمل الدولية على جهودها لجعل عالم العمل مكانا أكثر عدالة منذ تأسيسها بعد الحرب العالمية الأولى، شددت السيدة ميركل على أن الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى.  

واستدلت ميركل على ذلك بقضية عمالة الأطفال، مشيرة إلى أنه من بين 152 مليون طفل أجبروا على العمل على الصعيد العالمي، شارك حوالي 73 مليون شخص في أنشطة خطرة.  

وفي هذا الصدد حثت ميركل مندوبي الدول الأعضاء على إنهاء هذه الآفة على مستوى العالم بحلول عام 2025، وذلك في إطار مبادرة منظمة العمل الدولية.  

وقالت "هذا بالتأكيد أمر غير مقبول وعلينا أن نتصدى له معا. في هذا العالم المترابط بشكل وثيق، يتعين علينا بذل مزيد من الجهود لتحويل النمو الاقتصادي إلى تقدم اجتماعي، يشارك فيه كل فرد، وأيضا الأطفال". 

وتابعت المستشارة الألمانية قائلة إن العولمة خلقت ظلما أدى إلى استغلال 232 مليون مهاجر من العمال في قطاعات مثل البناء والعمل المنزلي، في حين يعيش 700 مليون شخص في فقر، على الرغم من أنهم يعملون. 

وقرأت ميركل من إعلان منظمة العمل الدولية، الذي كتب عام 1944، مرددة أن "العمل ليس سلعة. الفقر في أي مكان يشكل خطرا على الرخاء في كل مكان. تتطلب الحرب ضد العوز القيام بنشاط قوي داخل كل دولة وبجهد دولي مستمر ومتضافر". 

روسيا تؤكد ضرورة الاستجابة لاحتياجات العمال

أما رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، فكرر بدوره التأكيد على أهمية التعاون المستمر بين الدول، محذرا مما آلت إليه عصبة الأمم قبل الحرب العالمية الثانية. وشدد على أن بنيان البيئة الدولية "هشة للغاية". 

ودعا رئيس وزراء روسيا إلى فهم مشترك للتحديات التي تواجه مكان العمل الحديث، في إشارة إلى تكنولوجيا السيارات بدون سائق التي تخاطر بجعل ملايين سائقي سيارات الأجرة والشاحنات عاطلين عن العمل. 

واستحضر ميدفيديف تجربة روسيا الخاصة مع الثورة قبل أكثر من 100 عام، مؤكدا على أن الاستجابة لاحتياجات العمال ومطالب المجتمع أمر بالغ الأهمية، لأن تجاهلها "يؤدي إلى تداعيات مؤلمة"، حسب تعبيره. 

وقال إن الشيء نفسه ينطبق على بعض الدول، وكذلك الاقتصاد العالمي والنظام العالمي للعلاقات بشكل عام.