منظور عالمي قصص إنسانية

سوريا: تحديات إنسانية هائلة، ولجنة التحقيق تنهي زيارتها الأولى للبلاد  

طفلان يقفان في مركز استقبال للعائلات النازحة التي وصلت حديثا إلى مدينة الرقة.
© UNICEF/Muhannad Aldhaher
طفلان يقفان في مركز استقبال للعائلات النازحة التي وصلت حديثا إلى مدينة الرقة.

سوريا: تحديات إنسانية هائلة، ولجنة التحقيق تنهي زيارتها الأولى للبلاد  

المهاجرون واللاجئون

أفاد العاملون الإنسانيون التابعون للأمم المتحدة على الأرض في سوريا أن تحديات هائلة لا تزال قائمة في البلاد بسبب انعدام الأمن وتدمير البنية التحتية، بما في ذلك استعادة خدمات المياه والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى.

في مؤتمر صحفي عقد في نيويورك اليوم الخميس، أعطى المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك سد تشرين في حلب مثالا على تلك التحديات، إذ إن السد  لا يزال غير قابل للتشغيل منذ تعرضه للضرر في الصراع قبل حوالي شهر. وقال دوجاريك إن الاشتباكات مستمرة أيضا في المنطقة، مما أدى إلى قطع وصول المياه والكهرباء المنتظم لأكثر من 410 آلاف شخص في مدينتي منبج وكوباني.

وأضاف: "يخبرنا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أيضا أن الأعمال العدائية المستمرة في أجزاء من محافظة حلب تؤدي إلى تقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية، وبالطبع تعطيل عمليات الإغاثة".

وقال دوجاريك إن العديد من المرافق الصحية والتغذوية في شمال غرب البلاد لا تزال مغلقة، حيث تضررت العديد منها بشدة بسبب القصف في الأشهر الأخيرة، "بينما نفد التمويل لدى البعض الآخر". وقال إن الأمم المتحدة وشركاءها يواصلون دعم الاستجابات الصحية، بما في ذلك تسليم الأدوية ومستلزمات علاج الصدمات واللقاحات، "لكن الصحة لا تزال تشكل تحديا كبيرا في جميع أنحاء سوريا".

وفي جميع أنحاء البلاد، يحتاج ما يقرب من 15 مليون شخص إلى دعم صحي إنساني وما زال ما يقرب من 13 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد. وقال دوجاريك إن الأمم المتحدة وشركاءها يواصلون المساعدة "حسبما تسمح الظروف الأمنية واللوجستية".

أول زيارة للجنة التحقيق الأممية

وفي خبر متصل، اختتم عضو لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا، هاني مجلي، زيارته الأولى إلى سوريا اليوم - قاد خلالها فريقا من اللجنة. واتخذ خطوات حاسمة لتعزيز الحوار والمشاركة مع الحكومة السورية المؤقتة الجديدة من خلال اجتماعاته مع المسؤولين، بما في ذلك من وزارتي العدل والخارجية.

ورحب مجلي باستعداد السلطات الجديدة لمواصلة التعاون مع اللجنة في زياراتها المستقبلية، وهو "ما يمثل تحولا كبيرا حيث رفضت الحكومة السابقة السماح للجنة بالوصول إلى البلاد منذ بداية ولايتها".

وأشاد مجلي بالسلطات الجديدة لتحسينها حماية المقابر الجماعية والأدلة في مراكز الاحتجاز، وشجعها على مواصلة هذه الجهود. كما زارت اللجنة دمشق والمناطق المحيطة بها، بما في ذلك مراكز الاحتجاز التي كانت محور تحقيقات اللجنة منذ عام 2011، فضلا عن مواقع المقابر الجماعية.

وفي هذا السياق، قال مجلي: "الوقوف في زنازين ضيقة بلا نوافذ، لا تزال مليئة بالرائحة الكريهة والمميزة بمعاناة لا يمكن تصورها، كان بمثابة تذكير صارخ بالروايات المروعة التي وثقناها على مدى ما يقرب من 14 عاما من التحقيقات. لا ينبغي تكرار هذه الانتهاكات مرة أخرى ويجب محاسبة المسؤولين عنها".

وفي اجتماعات اللجنة مع السوريين، بما في ذلك العائدون بعد سنوات من المنفى، لاحظ مجلي شعورا متجددا بالتفاؤل والحرص على المشاركة في سوريا جديدة مبنية على أسس تحترم حقوق الإنسان.

وأكدت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية في اجتماعاتها مع اللجنة على الحاجة الملحة للدعم الدولي لضمان انتقال ناجح في سوريا. وفي هذا الصدد، أكد مجلي على أهمية تسهيل جهود إعادة البناء، "بما في ذلك تعليق العقوبات القطاعية المفروضة على السلطات السابقة".

وأضاف: "هناك شعور واضح بالارتياح بين السوريين. بعد عقود من الحكم القمعي، تم رفع الخوف، والشعور الجديد بالحرية ملموس. تحدث الناس إلينا عن شعورهم بالفخر لأول مرة منذ عقود. وبصفتي شخصا حقق في المجازر في سوريا في الثمانينيات، فأنا أفهم بعمق كم انتظر السوريون هذه اللحظة. ورغم أن الوقت القادم مليء بالتحديات، إلا أننا نأمل أن يجتمع السوريون معا لبناء البلد الذي طالما تطلعوا إليه".

جدير بالذكر أن مجلس حقوق الإنسان أنشأ لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في عام 2011 للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان منذ آذار/مارس من ذلك العام.

نداء إنساني موسع

أكدت المنظمة الدولية للهجرة التزامها بمساعدة الشعب السوري "في هذه اللحظة التاريخية حيث تتعافى الأمة مما يقرب من 14 عاما من الصراع". وقالت إنها ستقدم خبرتها العميقة في مجال المساعدات الإنسانية والتعافي لمساعدة المجتمعات الضعيفة في جميع أنحاء البلاد من خلال العمل مع جميع الشركاء "للمساعدة في بناء مستقبل أفضل لسوريا".

هذا ما جاء على لسان مديرتها العامة إيمي بوب في بيان صحفي وسعت فيه المنظمة نداءها الإنساني سوريا إلى 73.2 مليون دولار أمريكي لمساعدة أكثر من 1.1 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد خلال الأشهر الستة المقبلة، فيما تدخل سوريا فترة انتقالية بعد سقوط حكومة بشار الأسد.

يأتي ذلك النداء لتوسيع نطاق النداء السابق بقيمة 30 مليون دولار في كانون الأول/ديسمبر الذي كان يركز على احتياجات الشتاء المتزايدة في شمال غرب سوريا، حيث تعيد المنظمة تأسيس وجودها داخل سوريا.

وقالت المنظمة إن الأموال ستُستخدم لتوفير مواد الإغاثة الأساسية والنقود والمأوى والحماية والمياه والصرف الصحي والنظافة والخدمات الصحية، فضلا عن دعم التعافي المبكر للأشخاص أثناء التنقل، بما في ذلك النازحون العائدون إلى البلاد.

وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تم تسجيل عودة ما يقرب من نصف مليون نازح إلى شمال غرب سوريا بحلول نهاية عام 2024. وكانت سنوات الصراع قد أدت إلى مقتل مئات الآلاف الأشخاص، ونزوح ملايين آخرين داخل سوريا أو خارج حدودها.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إنها تعيد أيضا تنشيط "مصفوفة تتبع النزوح" لضمان توفر تقييمات الاحتياجات والتنقل على مستوى البلاد، ودعم دورة البرنامج الإنساني لعام 2025 بقيادة الأوتشا. وأشارت إلى أن هذه خطوة حاسمة وعاجلة لتحديد الخطط الإنسانية والتنموية القادمة.

منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024، وصلت عمليات المنظمة الدولية للهجرة داخل سوريا إلى أكثر من 80 ألف شخص من خلال توفير مواد الإغاثة الشتوية، و170 ألف شخص من خلال خدمات المياه والصرف الصحي الطارئة، و15 ألف شخص من خلال المساعدات النقدية متعددة الأغراض.