منظور عالمي قصص إنسانية

بيرتس يدعو طرفي القتال في السودان إلى إنهاء الاقتتال والعودة إلى الحوار

لاجئون من السودان بانتظار توزيع مساعدات حيوية في قرية كفرون التشادية قرب الحدود مع السودان.
© UNICEF/Donaig Le Du
لاجئون من السودان بانتظار توزيع مساعدات حيوية في قرية كفرون التشادية قرب الحدود مع السودان.

بيرتس يدعو طرفي القتال في السودان إلى إنهاء الاقتتال والعودة إلى الحوار

السلم والأمن

مع دخول القتال في السودان أسبوعه الخامس، جدد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس دعوته للأطراف لوقف القتال والعودة إلى مفاوضات جادة تفضي إلى وقف حقيقي لإطلاق النار.

وقدم السيد بيرتس إحاطة لمجلس الأمن اليوم الاثنين سلط فيها الضوء على آخر تطورات الوضع في البلاد.

وقال بيرتس إن الصراع لم يظهر أي بوادر على التباطؤ على الرغم من الإعلانات المتكررة لوقف إطلاق النار من كلا الجانبين. فيما لم يُظهر أي من الجانبين حتى الآن القدرة على إعلان انتصار عسكري بشكل حاسم.

وأضاف: "يطالبني الطرفان باتخاذ موقف وإدانة تصرفات الطرف الآخر. وأنا أدعو الطرفين إلى إنهاء الاقتتال والعودة إلى الحوار لما فيه مصلحة السودان وشعبه".

وشدد بيرتس على أهمية الدور الذي تلعبه مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة المدنيين والسياسيين، مؤكدا أن سلاما دائما في السودان لا يمكن رسم ملامحه إلا من خلال عملية انتقال ذات مصداقية بقيادة مدنية.

Tweet URL

وأعرب عن تقديره للجهود الإقليمية والدولية لإنهاء القتال في السودان بشكل عاجل مشددا على ضرورة تنسيق الجهود لصياغة نهج مشترك يشمل جيران السودان والمنطقة.

وقال إن الأمم المتحدة ستواصل العمل بشكل وثيق مع الشركاء في الآلية الثلاثية، والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) لدعم هذه الجهود.

ورحب بالوساطة السعودية-الأمريكية التي أدت إلى توقيع إعلان التزام بحماية المدنيين في 11 أيار/مايو، وإلى اتفاق لوقف إطلاق النار مدته 7 أيام وترتيبات إنسانية في 20 أيار/مايو، قائلا إن الاتفاق من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ الليلة.

وقال إنه سيواصل الانخراط مع قيادتي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية مع الضغط من أجل إنهاء هذه الحرب.

"الطرفان يتحملان اللوم وليس المجتمع الدولي"

وقال الممثل الخاص إن البعض ألقى باللوم على عاتق المجتمع الدولي في هذا الصراع لعدم رؤيته علامات التحذير. ويلقي آخرون باللوم على العملية السياسية، أو الاتفاق الإطاري، الذي كان يهدف إلى تشكيل حكومة بقيادة مدنية، أو المجتمع الدولي لإعطاء دور كبير في العملية لرجال مسلحين.

وأضاف: "لنكن واضحين: مسؤولية القتال تقع على عاتق أولئك الذين يخوضونه يوميا: قيادة الجانبين اللذين اختارا تسوية نزاعهما في ساحة المعركة بدلا من الجلوس على الطاولة. إن قرارهما هو الذي يعصف بالسودان. ويمكنهما إنهاء ذلك".

المدنيون يدفعون ثمنا باهظا

وقال الممثل الخاص إن المدنيين دفعوا ثمنا باهظا لهذا "العنف العبثي"، مشيرا إلى أن القتال المستمر منذ 15 نيسان/أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تسبب في مقتل "أكثر من 860 شخصا بينهم 190 طفلا وجرح 3,500 آخرين".

وقال بيرتس إن الكثيرين لا يزالون في عداد المفقودين، بينما نزح أكثر من مليون شخص لجأ أكثر من 840 ألفا منهم إلى مناطق أكثر أمنا من البلاد بينما عبر 250 ألفا الحدود السودانية.

لكن السيد فولكر بيرتس قال إن الأرقام "لا تعكس القصص المروعة لآلاف الرجال والنساء الذين هجروا منازلهم وقاموا برحلات شاقة استمرت لأيام بحثا عن الأمان عبر الحدود. ويواصل الكثيرون الانتظار لأيام وأسابيع عند المعابر الحدودية لتأمين المرور".

وأعرب عن امتنانه للبلدان التي تستقبل اللاجئين والعائدين الفارين من السودان، مشددا على ضرورة أن تظل الحدود مفتوحة لمن يبحثون عن الأمان. وضرورة تسريع الإجراءات عند المعابر الحدودية. وقال إن الأمم المتحدة تواصل العمل على تخفيف العبء على الدول المجاورة وضمان تلبية احتياجات اللاجئين بكرامة.

لاجئون سودانيون يحتمون تحت الأشجار في قرى على بعد 5 كيلومترات داخل حدود تشاد المجاورة.
© UNHCR/Aristophane Ngargoune

 

الطرفان المتحاربان لا يراعيان قوانين الحرب

وقال ممثل الأمين العام في السودان إن الأطراف المتحاربة تواصل القتال في الخرطوم ودارفور وأماكن أخرى دون مراعاة كافية لقوانين الحرب وأعرافها، مشيرا إلى تعرض المنازل والمتاجر ودور العبادة ومنشآت المياه والكهرباء للدمار أو الضرر.

وحذر من أن قطاع الصحة على وشك الانهيار مع إغلاق أكثر من ثلثي المستشفيات، وقتل وإصابة العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية، ونفاد الإمدادات الطبية، قائلا إن التقارير المتكررة عن استخدام المرافق الصحية كمواقع عسكرية "أمر غير مقبول".

وأعرب عن انزعاجه إزاء التقارير التي تتحدث عن ارتكاب عنف جنسي ضد النساء والفتيات، بما في ذلك مزاعم الاغتصاب في الخرطوم ودارفور. وقال إن الأمم المتحدة تعمل على التحقق من هذه الحالات، داعيا الأطراف المتحاربة إلى منع تكرار مثل هذا العنف.

وقال إن الأطفال يواجهون مخاوف جدية تتعلق بالحماية ولا يزالون عرضة للتجنيد والعنف الجنسي والاختطاف.

وأضاف: "تسبب القتال في جميع أنحاء البلاد في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقوض حماية المدنيين. يجب التحقيق في هذه الانتهاكات وتقديم الجناة إلى العدالة. وتواصل أسرة الأمم المتحدة الرصد والدعوة إلى إنهاء جميع الانتهاكات".

تفشي النهب والجريمة

كما أعرب فولكر بيرتس عن بالغ قلقه إزاء التقارير التي تتحدث عن تفشي نهب المنازل والشركات، والترهيب، والمضايقة، والاختفاء القسري للسكان، مشيرا إلى نهب مباني ومساكن الأمم المتحدة، بما في ذلك مجمع بعثة يونيتامس، فضلا عن كميات كبيرة من المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية.

وقال إن الإجرام يتفاقم نسبة لإطلاق سراح آلاف السجناء وتزايد انتشار الأسلحة الصغيرة. وأضاف: "كما أنني قلق بشأن التقارير التي تتحدث عن تهديدات القتل ضد النشطاء السياسيين والقادة السياسيين، واعتقال المتطوعين، وترهيب الصحفيين".

تحذير من إضفاء الطابع القبلي للعنف

وحذر الممثل الأممي من أن القتال يدمر الأرواح والبنية التحتية، فيما يهدد إضفاء الطابع القبلي للصراع بإغراق البلاد في صراع طويل الأمد.

في الجنينة بغرب دارفور- على سبيل المثال- تصاعدت الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى أعمال عنف عرقية في 24 نيسان/أبريل. وانضمت الميليشيات القبلية إلى القتال وحمل المدنيون السلاح للدفاع عن أنفسهم.

كما وردت أنباء عن بوادر مقلقة عن الحشد والتعبئة القبلية في جنوب كردفان والنيل الأزرق.

حرق مركز إيواء النازحين في مدرسة الإمام الكاظم بمدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، في 27 نيسان/أبريل 2023 في سياق القتال الدائر في السودان.
Mohamed Khalil

 

أربع أولويات رئيسية

وقال بيرتس إن الأعمال العدائية أجبرت البعثة على نقل العديد من موظفيها مؤقتا إلى بورتسودان وخارج السودان. ولكن "هذا لا يعني أننا تخلينا عن الشعب السوداني. نواصل العمل مع شركائنا السودانيين".

وقال إن الأمم المتحدة لا تزال ملتزمة بشدة بأربع أولويات فورية:

أولا، تحقيق وقف إطلاق نار مستقر بآلية للمراقبة.

ثانيا، منع تصعيد الصراع أو إضفاء طابع عرقي له،

ثالثا، حماية المدنيين وتقديم الإغاثة الإنسانية؛

رابعا، التحضير- عندما يحين الوقت- لعملية سياسية جديدة بمشاركة مجموعة واسعة من الفاعلين المدنيين والسياسيين، بمن في ذلك النساء.

وقال رئيس بعثة يونيتامس إن البعثة ومن خلال مركزها في بورتسودان، دعمت جهود فريق الأمم المتحدة القطري والشركاء في المجال الإنساني لاستعادة تدفق الإمدادات الإنسانية إلى البلاد. وأشار إلى أن أسرة الأمم المتحدة تبذل قصارى جهدها لتوسيع استجابتها في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما في المناطق التي تشتد الحاجة فيها للمساعدة.

لكن الممثل الأممي قال إن هناك حاجة ماسة إلى تمويل إضافي. وقد تم إطلاق خطة الاستجابة الإنسانية المنقحة في 17 أيار/مايو، للحصول على 2.6 مليار دولار بغرض الوصول إلى 18 مليون شخص بالمساعدات الإنسانية مقارنة بـ 15 مليونا قبل القتال.