منظور عالمي قصص إنسانية

السودان: اليونيسف تؤكد مقتل 9 أطفال على الأقل وتناشد توفير ضمانات أمنية لمواصلة الدعم الإنساني

يتلقى الأطفال في السودان مكملات غذائية لعلاج سوء التغذية. (أرشيف)
© UNICEF/Shehzad Noorani
يتلقى الأطفال في السودان مكملات غذائية لعلاج سوء التغذية. (أرشيف)

السودان: اليونيسف تؤكد مقتل 9 أطفال على الأقل وتناشد توفير ضمانات أمنية لمواصلة الدعم الإنساني

المساعدات الإنسانية

تسعة أطفال في عداد القتلى و55 جريحاً يافعاً جراء الاشتباكات الدائرة في السودان منذ 15 نيسان / أبريل. هذه هي الحصيلة الأولية التي وافانا بها السيد عمار عمار مدير الإعلام والمناصرة في مكتب اليونيسف الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم الأربعاء، فيما توقع أن يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير وسط شح الإمدادات الأساسية والمعلومات بسبب المعارك الضارية.

وأكد السيد عمار أن الوضع الإنساني كان كارثياً حتى قبل الأزمة الحالية، حيث كان يعاني أكثر من ثلاثة ملايين طفل من سوء التغذية. ودعا إلى إرساء هدنة إنسانية وتقديم الضمانات للمنظمات الإغاثية حتى يتسنى لها القيام بعملها وتوفير الدعم للأشخاص الأكثر ضعفاً الذين يقبعون حيث رحمة البنادق.

المزيد في الحوار التالي.

Soundcloud

 

أخبار الأمم المتحدة: السيد عمار عمار، مر حوالي أسبوعين على الاشتباكات المسلحة في السودان، في البداية ما آخر التطورات على الارض وما تأثيرها على الأطفال؟

عمار عمار: شكراً جزيلاً على الاستضافة. بالنسبة للتطورات على الأرض، الوضع الانساني طبعاً سيء جدا، رأينا الاشتباكات العنيفة خلال الأيام التسعة الماضية التي تركت أثراً بالغاً على ملايين الأشخاص في السودان ومن ضمنهم شريحة كبيرة من الأطفال، وخاصة في المناطق التي شهدت اشتباكات عنيفة بين الأطراف المتصارعة.

للأسف الشديد، تسعة أطفال حتى الآن لقوا حتفهم بالإضافة إلى 55 طفلا أصيبوا بجروح مختلفة. وبالطبع، من المرجح أن يزداد العدد مع استمرار المعارك. وأيضا هناك جانب مهم، في وضع الاشتباكات الحالية هناك صعوبة كبيرة للتحقق من المعلومات، وبالتالي ممكن أن يكون عدد الأطفال المصابين، أو الذين قضوا نتيجة لهذه الاشتباكات أكبر بكثير.

ولكن بالإضافة إلى الوفيات والإصابات بين الأطفال، هناك أيضاً عوامل أخرى تؤثر بشكل كبير عليهم وعلى صحتهم بشكل خاص، بما في ذلك في مجال الصحة النفسية. هؤلاء الأطفال موجودون في مناطق الاشتباكات، ويسمعون أصوت الرصاص والمدافع والقنابل. فهذه الاشتباكات تولد ضغوطاً نفسية شديدة لديهم، وتؤثر على صحتهم النفسية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من العائلات التي كانت محاصرة ولا تستطيع الخروج الى أماكن أكثر أمناً، أو الخروج للتزود بالمواد الأساسية. هناك شح بشكل أساسي في المواد الغذائية في السودان ووصولها إلى المناطق الحضرية التي تشهد اشتباكات. والوضع أكثر سوءاً بالنسبة للعائلات المحاصرة أو التي لا تستطيع مغادرة أماكن الاشتباكات حيث إنها تعتمد بشكل أساسي على ما كان موجودا لديها في البيت لتعتاش. فهناك تقارير عن نقص في الغذاء والمياه والأدوية. هناك أيضاً عدم إمكانية للوصول إلى المستشفيات بالنسبة للأشخاص الذين تعرضوا للإصابات.

وهذا يوصلنا إلى نقطة مهمة أيضا. فيما يتعلق بالمستشفيات، هناك العديد منها أصبحت خارج الخدمة بسبب الاستهداف أو بسبب عدم قدرة الموظفين على الوصول إليها أو عدم وجود المواد الكافية لإسعاف الجرحى. وبالتالي هذا عامل إضافي ممكن أن يؤثر على حياة الأشخاص، وخاصة الأطفال الذين هم بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة.

أخبار الأمم المتحدة: بالحديث عن المواد الأساسية، كما تعلم معظم المحال التجارية مغلقة ويصعب إدخال الإمدادات إلى البلاد، ولاسيما الغذائية منها. كيف يبدو المشهد على الصعيد الغذائي في السودان؟

عمار عمار: المشهد صعب للغاية بعد تسعة أيام من الاشتباكات الضارية. كانت جميع الأسواق في المناطق التي تشهد اشتباكات مقفلة، وبالتالي هناك عدم إمكانية للوصول حتى يتزود الأشخاص بالمواد الأساسية لهم ولأسرهم ولأطفالهم. أيضاً هناك جانب آخر مهم، خاصة بالنسبة للنساء الحوامل والمرضعات والأطفال ما دون السنتين، والذين هم بحاجة إلى حمية خاصة كي يبقوا بصحة جيدة. أي نقص في هذه المواد الأساسية التي يحتاجونها سيعرضهم إلى خطر مضاعف، وخاصة فيما يتعلق بسوء التغذية.

إذا نظرنا إلى موضوع سوء التغذية على سبيل المثال، قبل الأزمة كان السودان من أكثر الدول في العالم التي فيها سوء تغذية. كان هناك أكثر من ثلاثة ملاين طفل يعانون بالفعل من سوء التغذية، منهم 611 ألفاً يعانون من سوء التغذية الحاد ومن ضمنهم 50 ألفاً بحاجة إلى رعاية علاجية مكثفة ومستمرة حتى يتحسن وضعهم.

العديد من مراكز التغذية أو المستشفيات المتخصصة موجودة في مناطق الاشتباكات أو أقفلت بسببها، وبالتالي هناك عدد كبير من الأطفال الذين لا يستطيعون الوصول إلى هذه الأماكن، وهي حاجة ماسة لأننا نعلم أن الأطفال المصابين بسوء التغذية يجب أن يتبعوا برنامجاً مكثفاً لكي يستردوا صحتهم رويدا رويدا.

الأخطر هنا أن هناك 1700 طفل من هؤلاء الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، لديهم أيضاً مضاعفات صحية. هؤلاء الأطفال بحاجة إلى رعاية مستمرة على مدار الساعة. لذا فإن أي استهداف أو خلل بالخدمات المقدمة لهؤلاء الأطفال ستعرضهم لخطر الوفاة بشكل مباشر.

بوجود الاشتباكات وشح المواد الأساسية، للأسف الشديد، واستهداف المستشفيات أو إقفالها، من المرجح جداً أن يكون هناك عدد كبير من الوفيات بين هذه الفئة من الأطفال.

أم وابنها يجلسان على سرير مع ناموسيات معالجة بمبيدات الحشرات طويلة الأمد وزعتها اليونيسف وشركاؤها في ولاية كسلا بالسودان.
© UNICEF/Mojtba Moawi Mahmoud
أم وابنها يجلسان على سرير مع ناموسيات معالجة بمبيدات الحشرات طويلة الأمد وزعتها اليونيسف وشركاؤها في ولاية كسلا بالسودان.

أخبار الأمم المتحدة: بالنسبة للأعداد، هل لديكم إحصاءات عن عدد الأطفال المتأثرين والنساء الحوامل الذين لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات والمواد الأساسية؟

عمار عمار: للأسف الشديد بسبب الوضع الميداني على الأرض والوضع الأمني، ليست هناك إمكانية للتحقق من المعلومات وإجراء التقييمات اللازمة للوقوف بشكل أساسي على هذه الأعداد. لكن من المؤكد جداً أن الأعداد بمئات الآلاف أو بالملايين، وخاصة في الولايات التي تشهد اشتباكات، وهي ليست فقط الخرطوم. هناك اشتباكات في مناطق أخرى من ضمنها دارفور.

كان هناك 15.8 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من ضمنهم 8.5 مليون طفل. هناك 11 مليون شخص بحاجة إلى خدمات المياه الصالحة للشرب والإصلاح البيئي.

وبالتالي تشكل هذه الاشتباكات أزمة إنسانية فوق أزمة إنسانية أخرى. أصبح لدينا الآن أزمة معقدة. لذا نتوقع للأسف الشديد- بناء على المعطيات التي كانت متوفرة سابقاً حتى قبل اندلاع الأزمة- أن الوضع سيزداد سوءاً بالنسبة لهذه الفئات.

أخبار الأمم المتحدة: هل لك أن تحدثنا قليلاً عن عمل اليونيسف وشركائها، ماذا تفعل المنظمة للتخفيف من معاناة المدنيين؟

عمار عمار: طبعاً اليونيسف تعمل في السودان منذ أكثر من 72 عاماً في مجالات مختلفة، وخاصة فيما يتعلق بالأطفال: في التعليم وفي الصحة واللقاحات وبرامج حماية الطفل وبرامج أخرى.

فيما يتعلق بالبرامج التي تقوم بها اليونيسف خلال النزاع الحالي، قمنا بتقديم مياه صالحة للشرب لأحد المستشفيات في الفاشر بشمال دارفور، بالإضافة إلى المواد الصحية والجراحية إلى عدد من المستشفيات في الخرطوم لتتمكن من الاستجابة للاحتياجات الهائلة الناتجة عن الاشتباكات، وخاصة بين الجرحى.

بالإضافة إلى ذلك، هناك نقطتان أساسيتان. كمية الدعم المقدمة تعتبر قليلة مقارنة بالاحتياجات الهائلة الموجودة حالياً في السودان. ولكن حتى تقوم اليونيسف وأي من المنظمات الإغاثية الأخرى بعملها بشكل كامل كما يجب، هناك شرطان أساسيان يجب توفيرهما. أولا، أن تكون هناك هدنة إنسانية تمكن المنظمات الإنسانية من الوصول والقيام بعملها. والشق الثاني هو الضمانات الأمنية الكاملة للمنظمات الإنسانية حتى تقوم بعملها على أرض الميدان. يجب على الأفرقاء الموجودين على أرض الميدان أن يقوموا بتنفيذ هذين الشرطين لصالح الأطفال والأشخاص المتضررين من النزاع لأن الاحتياجات الإنسانية هائلة.

فمتى توفر هذان الشرطان، يمكن لليونيسف والمنظمات الأخرى أن تقوم بعمل أكبر حتى تكون هناك استجابة كبيرة وأوفر للاحتياجات الهائلة والموجودة للأسف حالياً في السودان.

مبنى إداري وسكني في شارع الستين (جنوب الخرطوم) وتبدو عليه آثار القصف والدمار نتيجة تعرضه للقصف.
Mohammed Shamseddin
مبنى إداري وسكني في شارع الستين (جنوب الخرطوم) وتبدو عليه آثار القصف والدمار نتيجة تعرضه للقصف.

أخبار الأمم المتحدة: كيف أثرت إعادة تموضع الأمم المتحدة في السودان على عملياتكم، وماذا تفعل اليونيسف لحماية موظفيها على الأرض؟

عمار عمار: إعادة التموضع هذه كانت بشكل أساسي لتخفيف المخاطر على الموظفين الناتجة عن القتال المستمر. ولكن سيبقى لليونيسف فريق موجود على أرض الميدان لكي يتابع البرامج الإنسانية والتجهيز للاستجابات الطارئة الناتجة عن الاشتباكات.

هذا يرتبط بشكل أساسي بالهدنة التي تكلمنا عنها ومسألة الضمانات الأمنية المقدمة من قبل جميع الأطراف للمنظمات الإنسانية.

أخبار الأمم المتحدة: يشعر الكثيرون ممن يتابعون الوضع في السودان بالإحباط لما يرونه من معاناة بشرية، ماذا يمكن لهم أن يقوموا به لمساندة الشعب السوداني والمجتمع الإنساني في البلاد؟

عمار عمار: طبعاً كما تفضلت، كان الوضع الإنساني كارثياً حتى قبل الأزمة، وأصبح كارثياً بشكل أكبر بعد الأزمة، أي أنه مأساة فوق مأساة إنسانية. فالاحتياجات الإنسانية الموجودة على أرض الميدان هائلة جداً، ويجب تكاتف جميع الجهود الدولية مع المنظمات الموجودة ومع الفرق العاملة على الأرض كي تكون هناك استجابة أكبر لجميع الاحتياجات لكي نستطيع الوصول إلى جميع الأشخاص المتضررين، وخاصة الأطفال الذين هم أكثر عرضة للخطر والضرر خلال هذه الأوقات ومساعدتهم بشكل أساسي.

يمكن لجميع الأشخاص والأطراف أن يقوموا طبعاً بتقديم المساعدة لليونيسف لكي نقوم بعملنا ونوفر هذه المساعدة للأطفال.