بعد الزلزال، عاملو إغاثة في سوريا بين محنة شخصية وواجب تجاه الآخرين

عندما ضربت الزلازل المدمرة سوريا، وجدت الشابة السورية عائشة طعمة نفسها أمام معضلة من نوع خاص: التركيز على محنتها الشخصية والأضرار التي لحقت بها وبأسرتها بسبب الزلازل، أو الالتفات سريعا إلى احتياجات الآخرين ممن اشتدت حاجتهم إليها وإلى عملها مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
كان الاختيار واضحا وانصب تركيز وجهود عائشة طعمة على عملها مع فريق الباحثين الميدانيين للشؤون الإنسانية الشريك لأوتشا.
الزميلة شيرين ياسين، التي تقوم بمهمة ميدانية على الحدود التركية السورية مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أجرت حوارا مع عائشة طعمة أثناء عملها في مخيم كمّونة في سرمدا بريف إدلب.
يضم مخيم كمونة مئات العائلات، التي نزح بعضها بسبب الصراع، والبعض الآخر بعد أن هدم الزلزال منازلها أو ألحق أضرارا بها في المناطق المحيطة بسرمدا.
تفاصيل الحوار فيما يلي.
عائشة طعمة: أولا أنا واحدة من المتضررات. ونحن العاملون الإنسانيون، هذه ليست أول كارثة تمرّ علينا، فقد مررنا بالكارثة الأكبر منذ 12 عاما، وهذه الاحتياجات الإنسانية مستمرة منذ 12 عاما. مع الكارثة الإنسانية الحالية كنا ننتظر أن تكون لها استجابة استثنائية، لأنها أصبحت كارثة استثنائية.
ولكن كما ترون اليوم على الأرض هذه الخيام التي كما قال لكم الأشخاص القاطنون هنا إن أبواب (الخيام) تفتح بالسّحاب – هذه هي الاستجابة التي تحققت حتى اليوم بعد شهر من الزلزال.
عائشة طعمة: أولا المأوى الكريم الذي نتحدث عنه منذ 12 عاما وحتى الآن لم يتحقق على أرض الواقع كما يجب. ثانيا التعليم، اليوم نحن نتحدث كثيرا عن زواج القاصرات وضرورة التوعية حتى تعلّم العائلات الفتيات. المخيمات التي نراها لا توجد فيها مدرسة إعدادية، وحتى المدارس الابتدائية غير كافية.
كما رأيتِ قبل قليل، إذا أراد أحد غسل يديه كيف يتم نقل المياه بصعوبة. هناك حالات كثيرة بحاجة للعلاج، كانت تتحول إلى تركيا، واليوم نرجو أن يكون الزلزال سببا في بناء مستشفيات اختصاصية في شمال غرب سوريا.
لقد فقدتُ ابن عمي بسبب التحويل الطبي إلى تركيا قبل ثلاثة شهور. كان عمره 32 عاما. توجه للعلاج من السرطان في تركيا لكنه لم يعد، وقد حصل على الدور للعلاج قبل وفاته بيومين فقط على الرغم من التواصل الذي قمنا به، مثله مثل آلاف الحالات.
رفيقتي سعاد أخبرتني بأنها غير مستعدة لترك أطفالها في هذا الوضع لتلقي العلاج، وكثير من الحالات شبيهة بذلك.
عائشة طعمة: داخل الخيمة.. العائلات أولا وقبل كل شيء تعاني من فقدان الخصوصية، وأدوات النظافة الشخصية التي لا يقدرون على الحصول عليها، وعدم توفر الأواني كما ذكرت إحدى السيدات، وهي مريضة بالسكري والوجبات التي تتوزع من قبل المنظمات غير مراعية لهذه الفئة من الناس التي تشكل عددا كبيرا من الأشخاص هنا.
منذ 12 عاما حتى الآن نعاني من ظروف صعبة جدا أثرت على كثير من الأشخاص وأصبح الكثير منهم يعانون من الأمراض.
عائشة طعمة: أعمل بالمجال النفسي منذ 10 سنوات – لكن خلال هذا الشهر كنا بالميدان لم يكن من خيار آخر سوى النزول إلى الميدان لأننا كنا وحيدين ومتروكين، ولأول مرة أشعر بهذا الضياع. بعد شهر، في وقت أصبحت الدول الأخرى التي تعرّضت للزلزال تتعافى، نحن بدأنا نستنفد طاقتنا.
عائشة طعمة: حلمنا الأول والأخير هو العودة إلى منازلنا، ولكن المجتمع الدولي غير قادر على مساعدتنا على العودة إلى منازلنا التي تبعد عنا عشرات الكيلومترات. أنا لو كنت بمنزلي ومدينتي لما كانت لديّ هذه الطلبات ولا طالبت بهذه الاستجابة لذلك ننتظر استجابة فعالة تتناسب مع هذه الاحتياجات.