منظور عالمي قصص إنسانية

دعوة لقادة جنوب السودان: أوقفوا الهجمات على المدنيين واعطوا الأولوية للانتقال السلمي

بنتيو ، عاصمة ولاية الوحدة في جنوب السودان.
EC/ECHO/Anouk Delafortrie
بنتيو ، عاصمة ولاية الوحدة في جنوب السودان.

دعوة لقادة جنوب السودان: أوقفوا الهجمات على المدنيين واعطوا الأولوية للانتقال السلمي

حقوق الإنسان

دعت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان القادة السياسيين في البلاد إلى اغتنام الفرصة لإعادة ضبط مسار البلاد نحو السلام والتحول الديمقراطي والازدهار، بعد ما يقرب من خمس سنوات من التأخير في تنفيذ اتفاقية السلام المُنشطة لعام 2018.

جاءت هذه الدعوة في بيان صدر في ختام زيارة عضوين في اللجنة إلى جنوب السودان في الفترة من 14 إلى 18 شباط/فبراير الحالي. وقد عقد العضوان مؤتمرا صحفيا اليوم الجمعة في مقر بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في جوبا.

وقال المفوض بارني آفاكو إن المعاناة في جميع أنحاء البلاد لا تزال هائلة "ولا تزال النساء والفتيات في جنوب السودان يواجهن عنفا جنسيا يفوق الوصف. يجب على القادة السياسيين إعادة توجيه أولوياتهم والعمل معا لوضع حد لهذا العنف غير الضروري وحماية حقوق الإنسان لجنوب السودان. سيتعثر الانتقال بدون تغيير في هذا النهج".

وقال المفوض أندرو كلافام إن لجنة حقوق الإنسان وثقت انتهاكات في جنوب السودان لسنوات عديدة، "لكننا ما زلنا نشعر بالصدمة من العنف الجنسي والهجمات المستمرة ضد المدنيين".

روايات مروعة

ووصف السيد كلافام روايات الناجين من هذه الهجمات بأنها "مروعة"، مشيرا إلى أن العديد من الأشخاص الذين قابلتهم اللجنة تعرضوا لهجمات متكررة، "وفي الوقت نفسه، يفلت المسؤولون عن الجرائم من العقاب".

زار المفوضان العاصمة جوبا وولاية أعالي النيل حيث تدير الأمم المتحدة موقعا لحماية المدنيين يعاني المسؤولون عنه في سبيل استيعاب عشرات الآلاف من الوافدين الجدد الفارين من العنف.

وأشارت المنظمات والوكالات التي تقدم الدعم الإنساني إلى أنها تعاني في سبيل تقديم المساعدة المطلوبة لعدد كبير من الأشخاص الذين يبحثون عن مأوى. وقد تسبب نقص التمويل وانعدام الأمن في طرق الإمداد إلى تعقيد الجهود الإنسانية.

وقد شملت زيارة المفوضين اجتماعات مع الناجين من انتهاكات حقوق الإنسان، وأعضاء المجتمع المدني، وكبار الوزراء والمسؤولين الحكوميين، والقضاة المدنيين، والقضاة العسكريين، والدبلوماسيين، ووكالات الأمم المتحدة وبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.

وقد أخبر ناجون من أعمال العنف في أعالي النيل المسؤوليْن قصصا مروعة عن الهجمات الشرسة التي تعرضوا لها. "اختبأت العائلات الخائفة في الأدغال لعدة أيام واضطرت إلى المشي أميالا للوصول إلى بر الأمان".

 

أم تعد الطعام الذي تلقته من برنامج الأغذية العالمي في مخيم دينغ دينغ للماشية، ولاية الوحدة، جنوب السودان.
© WFP/Gabriela Vivacqua

 

مسؤولون حكوميون يشاركون في الهجمات

وذكرت اللجنة أنها وثقت في العام الماضي هجمات واسعة النطاق ضد المدنيين في عدة ولايات، بما في ذلك ولاية الوحدة الواقعة جنوب البلاد حيث قاد مسؤولون حكوميون الهجمات.

وقد شاركت مجموعات مسلحة متعددة في النزاعات في ولاية أعالي النيل والأجزاء الشمالية من ولاية جونقلي، ولم تكن هناك استجابة كافية من الدولة، على الرغم من استمرار الهجمات واسعة النطاق ضد السكان المدنيين لشهور.

كما استمرت عمليات القتل خارج نطاق القضاء، التي تورط فيها كبار المسؤولين في الدولة، الذين تمتعوا بالإفلات من العقاب حتى عندما تم تصوير هذه الجرائم بالكاميرا.

وأخبر قادة المجتمع المدني ومراقبون آخرون المفوضيْن أن الفضاء السياسي والمدني في البلاد آخذ في الانكماش.

وقال المفوض كلافام: "تواصل اللجنة تحديد المسؤولين عن الجرائم الجسيمة بموجب قانون جنوب السودان والقانون الدولي. ونحتفظ بقائمة سرية بالأسماء ونجمع ونحتفظ بالأدلة ضدهم والتي يمكن استخدامها في الملاحقات القضائية المستقبلية من قبل المحكمة المختلطة أو غيرها من آليات المساءلة المناسبة. سنحدد بعض الأفراد الذين يتحملون المسؤولية عن أحداث معينة تم تناولها في تقريرنا هذا وفي التقرير الأممي القادم، ونأمل أن تتخذ الحكومة خطوات لمحاسبتهم".

 

عانى جنوب السودان سنوات من التخلف والفساد والصراع.
UNMISS/Amanda Voisard

 

حاجة لمزيد من الإرادة والتصميم

في آب/أغسطس 2022، وقعت أطراف اتفاق 2018 المعاد تنشيطه، على تمديد ترتيبات الحكم الانتقالي لمدة عامين، وبالتالي تأجيل الانتخابات المقررة إلى أواخر عام 2024.

وكان الرئيس سلفا كير قد أعلن التزامه- خلال زيارة البابا فرانسيس إلى البلاد في وقت سابق من هذا الشهر- باستئناف محادثات السلام مع الجماعات المسلحة غير الموقعة على اتفاق 2018.

وقال المفوض أفاكو: "في زيارتنا لجنوب السودان قبل عام واحد، حذرنا من أن البلاد كانت تمر بنقطة تحول، بالنظر إلى الوقت المحدود المتبقي لتنفيذ الأجزاء الحاسمة من اتفاق السلام. وعلى الرغم من تمديد الفترة الانتقالية الآن، لا يزال هناك قدر هائل من العمل الذي يتعين القيام به لدفع عملية السلام. مواطنو جنوب السودان يتشوقون لرؤية المزيد من الإرادة والتصميم بين قادتهم لمعالجة مسألة حقوق الإنسان".

يشار إلى أن هذه الزيارة هي الحادية عشرة لأعضاء اللجنة إلى جنوب السودان، ومن المقرر أن تقدم اللجنة تقريرها عن الحالة في جنوب السودان إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف في آذار/مارس 2023.