منظور عالمي قصص إنسانية

ردود فعل متباينة بشأن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول سوريا

المندوب الدائم لليابان لدى الأمم المتحدة يلقي بيانا صحفيا بعد جلسة مجلس الأمن حول سوريا
UN Photo/Evan Schneider
المندوب الدائم لليابان لدى الأمم المتحدة يلقي بيانا صحفيا بعد جلسة مجلس الأمن حول سوريا

ردود فعل متباينة بشأن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول سوريا

السلم والأمن

بعد استماع مجلس الأمن الدولي إلى إحاطة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن المسؤولية عن الهجوم الذي وقع في دوما في سوريا قبل 5 سنوات، تباينت ردود فعل الدول الأعضاء من الترحيب إلى الاعتراض والرفض.

رحب عدد من سفراء الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي بالتقرير الذي أفاد بأن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن القوات الجوية السورية كانت مسؤولة عن هجوم بالأسلحة الكيماوية وقع في دوما في 7 نيسان / أبريل 2018.

وفي إحاطته أمام المجلس عبر تقنية الفيديو من لاهاي، قال فرناندو أرياس المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن محققي المنظمة خلصوا إلى أن مروحية واحدة على الأقل من "قوات النمر" الخاصة التابعة للجيش السوري أسقطت أسطوانتين صفراويتين، تحتويان على غاز الكلور السام المركز، على مبنيين سكنيين في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين في دوما، مما أسفر عن مقتل 43 شخصاً وإصابة عشرات آخرين بجراح.

وأضاف أرياس "تمت دراسة عدة سيناريوهات متناقضة من قبل فريق التحقيق وتحديد الهوية ووُضعت مقابل الأدلة التي تم جمعها وتحليلها. هذه الأدلة لم تثبت وتدعم صحة الاستنتاجات التي تم التوصل إليها فحسب، بل إنها أبطلت أيضاَ جميع السيناريوهات الأخرى".

وبعد جلسة مجلس الأمن، قرأ السفير الياباني لدى الأمم المتحدة إيشيكان كيميهيرو بيان الترحيب المشترك الصادر عن بلاده والإكوادور وألبانيا وفرنسا ومالطا وسويسرا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وقال كيميهيرو إن التقرير خطوة مهمة وضرورية في إثبات الحقيقة بشأن الهجوم المروع الذي وقع على دوما.

وأشاد، نيابة عن الدول السبع الأخرى المشاركة في إصدار البيان، بجهود فرق التحقيق وشجاعة ومساهمة المسعفين والشهود وجميع من شاركوا في التحقيق الدولي.

وأعربت الدول الثماني عن دعمها الكامل للعمل التي وصفته بـ "غير المتحيز والمستقل والمهني الذي قامت به منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأمانتها الفنية التي عملت بلا كلل على مر السنين في ملف سوريا".

وذكر البيان، الذي قرأه السفير الياباني أمام الصحفيين، أن التقرير يمثل الخلاصة التاسعة التي توصل إليها الخبراء المستقلون المحايدون بناء على معلومات موثوقة أفادت بأن سوريا كانت مسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية حسب تعبيره.

واستطرد السفير الياباني قائلا: "ورغم ذلك ما زلنا بعيدين عن مساءلة الجناة أو تحقيق العدالة للضحايا. يجب أن يكون هذا التقرير خطوة أخرى نحو المساءلة وكفالة العدالة لضحايا هذه الهجمات".

وأضاف أن عدم محاسبة منتهكي معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية يبعث رسالة للأطراف الأخرى مفادها أن هذه الهجمات مقبولة. وشدد على ضرورة عدم السماح بالإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي شخص تحت أي ظرف من الظروف.

وأشار السفير الياباني إلى الإفادات والتقارير المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح والمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك إحاطة اليوم. وقال إن تلك الإحاطات تفيد بأن المعلومات التي قدمتها سوريا إلى المنظمة ليست دقيقة أو كاملة. وأضاف أن عدم وجود تأكيدات بشأن تدمير مخزون الأسلحة الكيميائية في سوريا وما وصفه بفشلها المستمر في تنفيذ التزاماتها يشكل تهديدا مستمرا للسلم والأمن الدوليين.

وقال السفير الياباني إن سوريا تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية على الرغم من انضمامها إليها عام 2013. ودعت الدول الثماني سوريا مرة أخرى إلى إزالة كل العقبات والتعاون بشكل كامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والوفاء بالتزاماتها الدولية.

وأكدت هذه الدول تمسكها بموقفها حتى تؤكد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن سوريا قد اتخذت الإجراءات اللازمة للاستبعاد الكامل لإمكانية استخدام هذه الأسلحة في أي مكان وفي أي وقت وتحت أي ظروف.

رفض سوري روسي

المندوبان الدائمان لسوريا والاتحاد الروسي يتحدثان في مؤتمر صحفي بالمقر الدائم للأمم المتحدة
UN Photo/Manuel Elías

 

رفضت كل من سوريا وروسيا بشكل قاطع تقرير الفريق  التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

واعتبر الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، هذا التقرير "خدعة" تم تنظيمها بمعرفة المنظمة.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقده السفيران الروسي فاسيلي نيبينزيا والسوري بسام الصباغ، في المقر الدائم للأمم المتحدة عقب انتهاء جلسة مجلس الأمن اليوم التي تناولت التقرير الجديد.

وفي كلمة افتتاحية مقتضبة في مستهل المؤتمر الصحفي، قال السفير الروسي نيبينزيا، إن "هذا التقرير الذي تم إصداره للتو، وكما قلت في مجلس الأمن، لا نعترف به، كما أننا لا نعترف بـ "فريق التحقيق وتحديد الهويّة (IIT)" نفسه. فأعضاؤه ليسوا حتى كيميائيين".

وأوضح أنه منذ إنشاء الفريق، كان الغرض الرئيسي منه على ما يبدو "التستر على عمل عدواني غير قانوني ضد سوريا". فبدلاً من إجراء تحقيقات حقيقية، "هذا الفريق من الخبراء المزعومين يقلل من نفسه ويعيد ترجمة الاتهامات غير المبررة التي تسوقها بعض الدول،" على حد تعبيره.

وفيما يتعلق بالمنهجية، انتقد نيبينزيا التحقيقات التي تجريها الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي قال إنها "غالباً ما تستند إلى المعلومات الواردة من مصادر مفتوحة دون حتى الوصول إلى موقع الأحداث التي تقوم بتحليلها".

وقال إن استنتاجاتهم لا يمكن أن تصمد أمام أي انتقاد، مشيرا إلى أن التحقيقات لم تحترم المبدأ الرئيسي لتحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ولم تراع سلسلة الحضانة القانونية للعينات.

وفي معرض رده على أحد أسئلة الصحفيين، قال السفير الروسي:

"كانت هذه خدعة تم تنفيذها بمساعدة الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وبمساعدة المدير العام بشكل شخصي. لقد استمعت إليه اليوم. تحدث مطولاً، لكنني لم أسمع إجابة واحدة مستدامة وجادة على العديد من الأسئلة التي نطرحها. كان (خطابه) مثل حديث الأعمى مع الأصم. كان هذا شعوري اليوم. الأمر نفسه، ينطبق على زملائنا الغربيين الذين لن يستمعوا إلى أي حجج. لا يحتاجونها. لأن صورتهم للأحداث واضحة. لديهم الآن إثبات الختم في تقرير الأمانة العامة. القضية مغلقة".

لا شرعية لفريق التحقيق ولتقريره

أما السفير السوري بسام الصباغ، فركز في كلمته على مسألتين، هما قضية انعدام الشرعية ومنهجية العمل.

وقال إن هذا الفريق تشكل بطريقة غير شرعية للغاية، مشيرا إلى أن قرار تشكيله لم يؤيده سوى أقل من نصف أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حسب قوله.

أما عن منهجية العمل، فأوضح السفير الصباغ أن فريق التحقيق وتحديد الهويّة اتبع ما وصفها بمنهجية العمل الخاطئة التي استخدمتها بعثة تقصي الحقائق، مؤكدا على ما ذكره السفير نيبينزيا حول مسألة أخذ العينات والحفاظ على سلسلة الحضانة. وقال "وفقا لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، يجب أن يقوم المفتشون بهذا الأمر ويجب الحفاظ على العينات من الوقت الذي يتم فيه جمعها وحتى وصولها إلى المختبرات المعينة من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. لم يحدث هذا في حالة دوما".

العقوبات الأمريكية تعرقل وصول المساعدات الإنسانية في أعقاب الزلزال

عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين في مبنى في سرمدا، سوريا في أعقاب الزلزال المدمر.
© UNOCHA/Ali Haj Suleiman
عمال الإنقاذ يبحثون عن ناجين في مبنى في سرمدا، سوريا في أعقاب الزلزال المدمر.

 

مسألة توفير المساعدات الإنسانية عقب الزلزال المدمر كانت حاضرة أيضا في أسئلة الصحفيين اليوم الذين سألوا السفير السوري عن إمكانية فتح معابر أخرى غير باب الهوى الذي يبدو أنه تضرر جراء الزلزال.

فأكد السفير بسام الصباغ أن حكومة بلاده على استعداد للمساعدة في دعم أي دولة تريد توفير الملاجئ والإمدادات الغذائية والأدوية للسوريين في أي مكان في سوريا.

وقال: "يمكننا المساعدة، يمكننا أن ندعم، يمكننا العمل معهم. وأعتقد أن الإمكانية موجودة، إذ لدينا مطار يستقبل مساعدات إنسانية ونقطة العبور ليست بعيدة. إنها على بعد حوالي 40 كيلومترا من المطار. لذلك أعتقد أنه من الممكن (القيام بذلك). والحكومة ملتزمة بذلك".

وكانت وزارة الخارجية السورية قد أعلنت أن العقوبات الأمريكية تعرقل جهود الإغاثة الإنسانية في سوريا. وفي معرض رده على هذه النقطة وعلى قدرة الحكومة على المساعدة في توفير الإغاثة على كامل الأراضي السورية بما في ذلك "تلك التي يسيطر عليها المتمردون،" أوضح الصباغ: "أقول لكم بكل بساطة إن الكثير من طائرات الشحن الجوي رفضت الهبوط في المطارات السورية بسبب العقوبات الأمريكية والأوروبية. فحتى تلك الدول التي تريد إرسال مساعدات إنسانية، لا يمكنها استخدام طائرات الشحن بسبب العقوبات. بالطبع، قلة المعدات ونقص القدرات لدى الحكومة هو بسبب الوضع وبسبب العقوبات، لهذا السبب وجهنا نداءً لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للمساعدة في ذلك".

وأوضح الصباغ أن "سوريا كلها بحاجة إلى هذه المساعدة. في أي وقت، مهما كان ما نتلقاه، سيكون متاحا لجميع السوريين. نحن لا نفرق بين هذا وذاك. إذا قدمت دولة ما هذه المساعدة، فسيستفيد منها جميع السوريين المحتاجين إليها."

أما عن احتمال تحسن العلاقات بين سوريا وتركيا بعد المصاب الأليم الذي ألم بكلا البلدين، فقال السفير السوري، "إن الزلزال أضر بالسوريين والأتراك. هذا وضع إنساني مدمر للغاية، وكلا الشعبين يكافحان الآن من أجل البقاء".

وأضاف: "أعتقد أننا أوضحنا بشكل جلي أن كل ما (قد يتم) تجاه تحسين العلاقات بين بلدينا يجب أن يقترن بأفعال على الأرض. كانت هناك بعض اللقاءات العسكرية وكان هناك تبادل للآراء، وننتظر نتائج ملموسة على الأرض. أعتقد أنه إذا كان هناك تقدم (على هذا الصعيد)، يمكنك أن ترى تقدما في تحسين العلاقة".